النمط الأول
النمط الثاني
اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الاخبار
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
الصحافة الكردية بين الأمس واليوم
المؤلف:
جودت هوشيار
المصدر:
السلطة الخامسة
الجزء والصفحة:
ص 138-142
2025-05-20
30
الصحافة الكردية بين الأمس واليوم
يعود الفضل في تحديد يوم الصحافة الكردية والاحتفال به في الثاني والعشرين من شهر نيسان من كل عام الى الأكاديمي الراحل الدكتور معروف خزندار، الذي عثر في أوائل السبعينات من القرن الماضي على نسخة أصيلة من جريدة "كردستان" التي صدرت في العاصمة المصرية القاهرة في 22/4/1898 من قبل مقداد مدحت بدرخان كأول جريدة كردية في التأريخ، وكانت تطبع بأربعة الآف نسخة، وهو رقم كبير حتي بالنسبة للصحف الكردية في يومنا هذا.
لعبت الصحافة الكردية منذ ظهورها وعلى مدى أكثر من قرن دورا تأريخياً مجيدا في ايقاظ الوعى القومي وبلورة أهداف الحركة التحررية الكردية والتعبير عن الأماني القومية والتطلعات الانسانية لأمة مجزأة ومضطهدة والدعوة الى اشاعة الديمقراطية، كما اسهمت على نحو مؤثر وفعال في نشر المعارف الحديثة والأفكار الاصلاحية مثل العدالة الاجتماعية والمساواة وضمان الحريات الأساسية وسيادة القانون، وتوسيع قاعدة التعليم المجاني والدفاع عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل وتحديث المجتمع في كافة مجالات الحياة.
ان الرسالة الوطنية والانسانية التي نهضت بها الصحافة الكردية خلال قرن ونيف كانت تستدعى ان تكون صحافة رأى في المقام الأول، شأنها في ذلك، شأن الصحافة المعبرة عن طموحات وتطلعات الشعوب المناضلة الأخرى من اجل نيل حقوقها المشروعة و على النقيض من الصحافة الغربية التي نشأت وتطورت كصحافة خبر.
كانت الصحف والمجلات الكردية في بداية نشأتها وحتى عهد قريب بسيطة في تحريرها واخراجها تهتم بالرأي قبل المظهر والشكل وتعبر بصورة مباشرة عن رأى الجهة التي تمثلها او تنطق بأسمها او رأى ناشرها الذي كان في معظم الأحيان احدى الشخصيات السياسية او الاجتماعية أو الثقافية الكردية المعروفة (أبناء الأمير بدرخان بيره ميرد، الأخوين حزني وكيو موكريانى...الخ)، وكان عدد لا بأس به من الأدباء المتطوعين، يعملون في تلك الصحف والمجلات او يسهمون في تحريرها من دون أجر او مكافأة وكان العمل الصحفي جهادا حقيقيا من اجل نشر المبادئ والتعبير عن وجهات النظر المختلفة، التي كانت غالبا ما تتعارض مع السياسات الرجعية والشوفينية لحكومات الدول التي تتقاسم كردستان، لذا فقد تحمل الصحفيون الكرد الرواد مخاطر المهنة بكل جدارة وقدموا التضحيات الجسام وتعرضوا الى الملاحقة والقمع وشتى صنوف الترهيب. وعلى الرغم من ان مقص الرقيب كان مسلطا على الصحافة الكردية في معظم الأحيان، وكانت الرقابة مزاجية، حيث تسمح أو تمنع نشر ما تشاء، الا ان مصير كثير من تلك المطبوعات الدورية، كان الغلق لفترات مختلفة او الغاء الامتياز.
لذا، ليس من قبيل المصادفة ان الجريدة الكردية الأولى (کردستان) تأسست في المنفى، وفي مدينة (القاهرة) تحديدا واضطرت تحت ضغط السلطات العثمانية التعسفية الى نقل مقرها من العاصمة المصرية الى جنيف اولا ثم الى مدن اوروبية اخرى، حيث كانت السلطات العثمانية تلاحق الجريدة من دولة الى اخرى مستخدمة نفوذها السياسي والدبلوماسي لدى الدول المضيفة للجريدة الكردية الأولى.
واذا كان آل بدرخان قد استطاعوا وبشق الأنفس اصدار (31) عددا من جريدتهم الرائدة، الا ان ثمة عشرات الصحف والمجلات الكردية التي لم يصدر منها سوى عدد واحد أو بضعة اعداد، بسبب ضعف الامكانات المادية او محاربة السلطات لها وندرة الكوادر الصحفية المؤهلة لأدارتها.
وغنى عن البيان ان الصحافة الكردية ولدت وتطورت في خضم الحركة التحررية الكردية وعبرت اصدق تعبير عن مبادئ هذه الحركة واهدافها وكانت دائما في خدمة قضايا الشعب والوطن، ورغم الظروف الشاذة، التي رافقت نشأتها وتطورها، الا انها أدت دورا تاريخيا بالغ الأهمية.
اما اليوم، فأن التجربة الديمقراطية التي يمر بها شعبنا في كردستان العراق والتطور الملحوظ في تقنية الصحافة وتغير مفهوم الرسالة الصحفية، قد أدى الى وضع صحافتنا أمام تحديات جديدة وجادة، فقد تغير العالم من حولنا كثيرا في العقدين المنصرمين وحدثت تطورات مذهلة في وسائل الاتصال الجماهيري وظهرت وسائل جديدة في مقدمتها البث التلفزيوني الفضائي والأنترنيت الصحافة و الالكترونية، التي تستقطب اليوم اهتمام المشاهدين و تستحوذ على الجزء الأكبر من اوقات راحتهم وتنافس وسائل الإعلام التقليدية ومنها الصحافة المقروءة وتتفوق عليها من حيث القدرة على النقل الآني الحي للحدث لحظة وقوعه.
هذه الوسائل الجديدة التي تنقل المضامين والأفكار والأحداث عن طريق الصوت والصورة في آن معا وبسرعة الضوء، متخطية الحواجز الجغرافية والسياسية، حولت كوكبنا الى قرية عالمية - حسب تعبير العالم الكندي مارشال ماكلوهان - وجعلت من الإعلام السمعي - البصرى قوة مؤثرة تسهم في تكوين وتغيير قناعات الرأي العام وأداة ضغط هائل على الحكومات وصانعي القرارات ووسيلة من وسائل الديمقراطية المباشرة (التي تتميز باستخدام التلفزيون الفضائي والأنترنيت في استجلاء اراء الناس وردود فعلهم ازاء الأحداث المهمة والقضايا القضايا الحساسة واتخاذ القرارات في ضوء ذلك).
وقد اضطرت الصحافة المطبوعة في الدول المتقدمة الى تغيير سياساتها وتوجهاتها تحت تأثير التطور التكنولوجي وظروف ومتطلبات العصر الراهن، واستطاعت أن تتكيف مع التطورات الجديدة في مجال الاتصال الجماهيري بأتباع وسيلتين:-
الأولى اللجوء الى التخصص، حيث اخذ كل مطبوع دوري سواء اكان على شكل جريدة او مجلة يخاطب جمهورا معينا له هوايات واهتمامات محددة أو يتوجه الى فئة معينة من حيث الجنس والعمر - او اصحاب مهن متشابهة مثل الأطباء، المهندسين المحامين رجال الأعمال - او يتخصص في مجال معين من مجالات العلوم والتكنولوجيا، وما الى ذلك.
والثانية: التركيز على الأحداث والوقائع المحلية المهمة وعلى الأخبار التي تهم القراء والمعلومات التي تساعدهم على تكوين وبلورة ارائهم وقناعاتهم بأساليب ومعالجات تتسم بالحيوية والتشويق وقادرة على اثارة فضولهم بما تقدمه من تفسيرات تفصيلية للوقائع الأنية على درجة عالية من الدقة والموضوعية، وبذلك اصبحت الصحافة المطبوعة عنصرا مكملا للإذاعة والتلفزيون، حيث تعزز ما تبثه المحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية من اخبار وبرامج مختلفة.
و تشهد الصحافة الكردية المطبوعة اليوم انتعاشا كبيرا وتعمل في اجواء مختلفة تماما عن العهود السابقة ويتمثل ذلك في هذا الكم الهائل من الصحف والمجلات الدورية الصادرة في الاقليم التي باتت محط انظار زوار، کردستان، كما يتجلى في تقنية الطباعة الحديثة نسبيا واساليب التصميم الفني والاخراج الصحفي، وان كان هذا التطور متواضعا قياسا الى التطور الحاصل في الدول المتقدمة وعدد من دول المنطقة وبخاصة دول الخليج ولبنان، ولكنه تطور ملحوظ اذا اخذنا بعين الاعتبار ندرة الكوادر الكردية الفنية المؤهلة في مجال تقنية الصحافة المتقدمة.
بيد ان هذا التوسع الأفقي والتطور التقني لم يتحولا بعد الى تطور نوعي في المستوى المهني للصحافة الكردية فهي ما تزال أسيرة التقاليد الصحفية القديمة والاراء الجاهزة اي انها صحافة رأى أو بتعبير ادق صحافة مقالات قبل ان تكون صحافة خبر، في زمن اخذ هذا النوع من الصحف والمجلات يتراجع بل يختفى حتى في الدول النامية - ناهيك عن الدول المتقدمة لأن صحف الرأي اصبحت عاجزة عن استقطاب اهتمام الجمهور القارئ والتفاعل معه، و غير قادرة على منافسة وسائل الإعلام السمعية البصرية.
يقال احيانا ان التطور اللاحق للصحافة الكردية، يرتبط بظهور الصحافة الأهلية المستقلة صحافة القطاع الخاص في الاقليم الى جانب الصحافة الرسمية والحزبية، ولكن علينا أن لا ننسى ان الصحفيين في الغرب ناضلوا طويلا من اجل التحرر من سيطرة رأس المال الموظف في الصحافة وان القيود التي كانت تفرضها الجهات الممولة
للصحف على ما ينشر فيها من مواد لم تكن بأي حال من الأحوال اهون من قيود الصحافة الموجهة من قبل الحكومات القمعية والأنظمة الاستبدادية، ولقد اثمر نضال الصحفيين في الغرب عن مكاسب مهمة، لعل في مقدمتها مساهمة الصحفيين في ادارة المؤسسات الصحفية واستقلال هيئة التحرير عن الادارة واصحاب الصحف. وقد ادى ذلك الى تغيير مفهوم حرية الصحافة التي لا تقتصر على حرية التعبير وابداء الرأي، بل يشمل ايضا ضرورة اعلام المواطن على اكمل وجه ممكن بكل ما يمس حياته ومستقبله وتوفير المعلومات التي تمكنه من الوصول الى قناعات محددة بشأن قرارات السلطة والتعبير عنها عبر شتى الوسائل وبضمنها الانتخابات العامة الحرة النزيهة وهذا تحول بالغ الأهمية من مبدأ حرية الصحافة الى مبدأ حق المواطن في الإعلام وهو حق يعكس الرغبة المتزايدة في معرفة الوقائع كل الوقائع المهمة، وفي ضوء هذه الحقائق يمكننا أن ندرك الأسباب الحقيقية وراء عزوف القارئ الكردستاني عن معظم ما ينشر في صحافتنا المحلية ما عدا بعض الحالات المحددة عندما يكون هناك احداث بارزة او قرارات لها علاقة بهمومه وحياته اليومية وبخاصة ما يتعلق منها بالخدمات والسكن والتعليم والأسعار وانظمة الخدمة والتقاعد وما شابه ذلك.
ان التقنية الحديثة وحدها غير كافية لجعل الصحافة الكردية المطبوعة صحافة مقروءة على نطاق واسع. والبعض من اهل الصحافة والمثقفين الكرد يعزو ذلك الى قلة الكوادر الصحفية المؤهلة والمتخصصة وتدنى القدرة الشرائية للمواطنين عموما والمثقفين منهم على وجه الخصوص، الذين يشكلون الجمهور القارئ الأكبر لصحافتنا المطبوعة، وهذا صحيح جزئيا وبقدر تعلق الأمر بندرة الكوادر الصحفية المؤهلة، أما القدرة الشرائية فقد ارتفعت اليوم كثيراً في السنوات الأخيرة ومع ذلك لا نجد أقبالا كبيراً على قراءة ومتابعة الصحف عموما ما عدا بعض الصحف واسعة الانتشار في الاقليم التي تستقطب اهتمام القراء، خاصة حين تنشر بعض الأخبار والموضوعات المحلية الساخنة ذات المساس المباشر ببعض جوانب الحياة اليومية للمواطنين أو ما يثير اهتمامهم وفضولهم في حين ان الكثير من الصحف والمجلات الأخرى تتكدس في الأكشاك والمكتبات دون ان تثير اي اهتمام لدى القراء، ومع ذلك، فهي مستمرة بالصدور، وهذا الأمر يثير تساؤلات عن مصادر تمويلها ويقال ان البعض منها صحف حزبية تدعي الاستقلالية.
القارئ الكردستاني قارئ ذكى ونهم وله اهتماماته الفكرية والحياتية وارائه الخاصة في كل ما يتعلق بحياته اليومية ومستقبله وفى ما يجرى من حوله وفي العالم من احداث، لذا فأن المواد الصحفية المملة والبعيدة عن ميوله وهمومه ومشاكله لا تهمه كثيرا، كما أن الوسائل الإعلامية الأخرى الإذاعة التلفزيون الأنترنيت قادرة على تغطية الأحداث الخارجية بشكل اسرع واكثر تشويقا وجاذبية من الصحافة المحلية المطبوعة. لذا فأن القارئ على حق دائما لأنه حين يقتني اي صحيفة أو مجلة محلية، يتوقع أن يجد فيها ما يثير اهتمامه ويشبع فضوله وما يسهم في اعطاء صورة حقيقية للواقع المعاش.
صحيح ان صحافتنا الكردستانية تتطور اليوم بخطى حثيثة نحو مزيد من التطور النوعي وتعمل في اجواء هادئة ومستقرة الى حد كبير وفى اطار المصلحة العامة والقيم العليا للمجتمع الكردستاني ولا تخضع لأية رقابة او قيود رسمية، ولكنها صحافة تغلب عليها الصفة الحكومية أو الحزبية، ولا توجد الا صحف اهلية قليلة مستقلة فعلا، ولا يرجع ذلك الى اسباب سياسية، بل الى اسباب تجارية في المقام الأول، لأن الصحف الأهلية صحف خاسرة تجاريا من دون الدعم الحزبي، ولكن مع ذلك، فأن الصحافة الكردية ما زالت وفية لتقاليدها الوطنية والنضالية المجيدة، ولكننا نطمح أن تكون ايضا صحافة معاصرة - صحافة خبر ورأى في ان معا واداة فعالة للرقابة الشعبية المستقلة على نشاطات السلطة التنفيذية وان تنهض بدور أكبر في تطوير التجربة الديمقراطية في كردستان.