1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : الفيزياء الحديثة : ميكانيكا الكم :

ولادة ميكانيكا الكم: من مفكوك فورريه إلى تفسير كوبنهاجن

المؤلف:  فيرنر هايزنبرج

المصدر:  الفيزياء والفلسفة ـ ثورة في العلم الحديث

الجزء والصفحة:  ص43

2025-05-18

16

برزت الصياغة الرياضياتية الدقيقة لنظرية الكم في نهاية المطاف من خلال تطورين متباينين. انطلق الأول من مبدأ التطابق لدى بور. فإذا تخلي المرء عن مفهوم مدار الإلكترون فإنه يتعين عليه الاحتفاظ به في حدود أعداد الكم الكبيرة، أعني المدارات الكبيرة. في هذه الحالة الثانية فإن الإشعاع المنبعث عبر تردداته وشدته، يقدم صورة لمدار الكتروني؛ إنه يمثل ما يطلق عليه علماء الرياضيات مفكوك فوربيه للمدار طرحت الفكرة نفسها بحيث أن المرء ينبغي أن يدون القوانين الميكانيكية، لا باعتبارها معادلات لمواقع وسرعات الإلكترونات، بل باعتبارها معادلات لترددات وسعات مفكوك فورريه انطلاقا من هذه المعادلات وإدخال بعض التغيرات الطفيفة عليها سيكون في مقدور المرء الذي لم يفقد الأمل بعد، أن يصل إلى علاقات لتلك المقادير تتطابق مع ترددات وشدة الإشعاع المنبعث، سواء بالنسبة للمدارات الصغيرة أو الحالة الطبيعية للذرة. لقد أدى تنفيذ هذه الخطة فعلا في صيف عام 1925 إلى الصورية الرياضياتية والتي أطلق عليها ميكانيكا المصفوفات أو بوجه عام ميكانيكا الكم . لقد استعيض عن معادلات الحركة في الميكانيكا النيوتونية بمعادلات مماثلة بين المصفوفات، بل كانت تجربة مثيرة أن نجد أنه من الممكن أن نستنبط من هذا النهج الجديد العديد من النتائج المعروفة في ميكانيكا نيوتن مثل حفظ الطاقة وما إلى ذلك، كما أظهرت البحوث اللاحقة لبورن Born و جوردان Jordan وديراك Dirac أنه لا يمكن إجراء تبادل بين المصفوفات التي تمثل موضع وكمية حركة الإلكترون. تتجلى هذه الحقيقة الأخيرة في الفارق الجوهري بين ميكانيكا الكم والميكانيكا الكلاسيكية.

كان هناك تطور آخر صار على نهج فكرة دي بروي فيما يتعلق بموجات المادة، فقد حاول شرودنجر أن يضع معادلة موجية لموجات دي بروي الثابتة حول النواة. ونجح في أوائل عام 1926 في استنباط قيم الطاقة في الحالات الثابتة لذرة الهيدروجين باعتبارها قيما ذاتية كامنة Eigenvalues لمعادلته الموجية، كما تمكن من تقديم وصف أكثر عمومية لتحويل مجموعة معطاة مـــن المعادلات الكلاسيكية للحركة، إلى معادلة موجية متطابقة في مكان متعدد الأبعاد. كما استطاع في وقت لاحق أن يبرهن على صوريته لميكانيكا الموجة بأنها تعادل رياضياتيا الصورية القديمة لميكانيكا الكم.

وهكذا وصلنا في نهاية المطاف إلى صورية رياضياتية، والتي تم تحديدها بطريقتين متكافئتين، فإما أن نبدأ من العلاقات بين المصفوفات أو من المعادلات الموجية. لقد أعطت هذه الصورية القيم الصحيحة لذرة الهيدروجين: استغرق هذا أقل من عام واحد حتى اتضح أنها ناجحة أيضا مع ذرة الهليوم، و أيضا مــع المشكلات الأكثر تعقيدا للذرات الأثقل. ولكن بأي معنى قامت الصورية الجديدة بوصف الذرة؟ لم يتم حل مفارقات الثنائية بين الصورة الموجية والصورة الجسيمية لقد كانت هذه الثنائية محجوبة عن الأنظار بطريقة ما في النهج الرياضياتي.

تم اتخاذ الخطوة الأولى والمثيرة للاهتمام تجاه الفهم الحقيقي لنظرية الكـــم من قبل كل من بور وكرامرز Kramers وسلاتر Slater وذلك في عام 1924 حيث حاول هؤلاء الباحثون حل التناقض الجلي بين صورة الموجة وصورة الجسيم عبر مفهوم موجة الاحتمال تم تفسير الموجات الكهرومغناطيسية على أنهـا موجــات احتمالية وليست واقعية"، تتحدد شدة احتمالية هذه الموجات في كل نقطة يتم فيها امتصاص ذرة لكم ضوء أو بفعل (الانبعاث أدت هذه الفكرة إلى نتيجة مؤداها أن قوانين حفظ الطاقة وكمية الحركة ليست في حاجة إلى أن تكون صحيحة بالنسبة لواقعة فردية ما، بل هي قوانين إحصائية فقط وهي صحيحة فقط في المتوسط الإحصائي. هذه النتيجة لم تكن صحيحة، ومع ذلك ظل الترابط بين المظهر الموجى والمظهر الجسيمي للإشعاع أكثر تعقيدا.

إن ورقة بحث كل من بور وكرامرز وسلاتر كشفت عن سمة جوهرية للتفسير الصحيح لنظرية الكم. إنه مفهوم الموجة الاحتمالية ، وكان هذا شيئا جديدًا تماما في الفيزياء النظرية منذ نيوتن. إن الاحتمال في الرياضيات أو في الميكانيكا الإحصائية يعبر عن درجة معرفتنا بالموقف الفعلي. فعندما نرمي بحجر النرد فنحن لا نعرف تفاصيل دقيقة عن حركة أيدينا التي تحدد سقوطه، وبالتالي نقول إن احتمالية ظهور عدد محدد في عملية الرمي تلك هي واحد إلى ستة. ومع هذا كانت موجة الاحتمال عند بور وكرامرز وسلاتر تعني أكثر من ذلك، كانت تعني النزوع لشيء ما، إنها الترجمة الكمية لمفهوم الوجود "بالقوة" في الفلسفة الأرسطية. لقد قدمت شيئا ما يقف بين تصور الحدث والحدث الفعلي، وهو نوع من الواقع الفيزيائي الذي يقع في منتصف الطريق بين الإمكانية والواقع.

عندما تم تحديد الإطار الرياضياتي لنظرية الكم فيما بعد شرع بورن في معالجة فكرة موجة الاحتمال وقدم تعريفا واضحا للكم الرياضياتي في الصورية والذي كان من المفترض أن يتم تفسيره باعتباره موجة احتمال. لم يكن ثمة موجة ثلاثية الأبعاد مثل الموجات المرنة أو موجات الراديو ، بل كانت موجة متعددة الأبعاد تشكلت في المكان، وبالتالى فهي كمية رياضياتية بحتة.

في ذلك الوقت، وحتى صيف 1926 لم يكن واضحا في هذه الحالة كيف يمكن للصورية الرياضياتية أن تستخدم لوصف موقف تجريبي معطى. لقد عرفنــــا كيف يتم وصف حالات ثابتة للذرة، إلا إننا لم نعرف كيف نصف واقعة أكثر بساطة، على سبيل المثال حركة إلكترون خلال غرفة سحابية.

عندما أظهر شرودنجر في ذلك الصيف أن صوريته لميكانيكا الموجة تعادل ميكانيكا الكم رياضياتيا، حاول لفترة أن يتخلي عن الكمات و"القفزات الكمية" معـــا، والاستعاضة عن الإلكترونات في الذرات بنظريته في موجات المادة ثلاثية الأبعاد، لقد كان مصدر إلهام شرودنجر في محاولته تلك هو نتيجته، وهي أن مستويات الطاقة لذرة الهيدروجين في نظريته بدت ببساطة على أنها ترددات كامنة لموجات المادة الثابتة، لذلك تصور أنه من الخطأ أن نطلق عليها طاقات، بل هي بالأحري ترددات. بيد أن المناقشات التي جرت في خريف عام 1926 في كوبنهاجن بين بور و شرودنجر ومجموعة فيزيائيي كوبنهاجن، أظهرت أن مثل هذا التفسير لم يكن كافيا لتفسير صياغة بلانك للإشعاع الحراري.

كانت هناك دراسة مكثفة لكل المسائل المتعلقة بتفسير نظرية الكم في كوبنهاجن خلال الأشهر اللاحقة لتلك المناقشات والتي أدت في نهاية المطاف إلى موقف واضح ومرض تماما - كما يعتقد بعض الفيزيائيين إلا إنه لم يكن حلا يمكن للمرء أن يتقبله بسهولة. ما زلت أتذكر مناقشاتي مع بور لساعات طويلة استمرت لوقت متأخر من الليل، وانتهت تقريبا باليأس، في نهاية المناقشة ذهبت بمفردي أتنزه في حديقة مجاورة وقد حدثت نفسي بهذا السؤال مرارا وتكرارا هل يمكن أن تكون الطبيعة بهذا القدر من السخافة التي تبدو لنا في هذه التجارب الذرية؟ صحيح تم التعامل مع الحل النهائي عبر طريقتين مختلفتين: الأولى كانت تدور حول المسألة، فبدلا من طرح سؤال كيف يتسني للمرء أن يعبر في النهج الرياضياتي المعروف عن موقف تجريبي معطى ؟ تم وضع سؤال آخر على هذا النحو: هـل أن ما يظهر في الطبيعة من مواقف تجريبية من المحتمل التعبير عنها بالصورية الرياضياتية؟ إذا كان هذا الافتراض صحيحا فهو يؤدي بالفعل إلى قيود في استخدام تلكموا المفاهيم التي كانت أساس الفيزياء الكلاسيكة منذ نيوتن. يمكن للمرء أن يتحدث عن موضع وسرعة إلكترون ما في الميكانيكا النيوتونية، كما أنه يستطيع ملاحظة وقياس تلك المقادير. إلا إنه لا يقدر بشكل حاسم على أن يحدد كلا المقدرين معا في الوقت نفسه بدقة أكبر. في حقيقة الأمر كان حاصل ضرب هذين الخطأين في عملية التقدير تلك ليس سوى ثابت بلانك مقسوما على كتلة الجسيم. من الممكن صياغة علاقات مشابهة لمواقف تجريبية أخرى وهي تسمى عادة علاقات اللايقين Uncertainty أو مبدأ اللاتحديد .Indeterminacy. إن أحد الدروس المستفادة من هذا هو أن المفاهيم القديمة لا تتلائم مع الطبيعة بشكل دقيق. تكمن الطريقة الأخرى في مفهوم التنام لبور. فقد وصف شرودنجر الذرة بأنها نظام يتكون من نواة وموجات المادة لا من نواة وإلكترونات. كانت صورة موجات المادة تتضمن قدرا من الحقيقة وضع بور الصورتين في الاعتبار - الصورة الجسيمية والصورة الموجية - باعتبارهما وصفين متتامين لنفس الواقع ولا يحمل أي منهما إلا جزءا من الحقيقة، كان لزاما أن يكون ثمة قيودا لاستخدام مفهوم الجسيم وكذا مفهوم الموجة، وإلا لما استطاعنا أن نتجنب التناقضات. فإذا ما أخذنا بعين الاعتبار تلكموا القيود التي يمكن التعبير عنها بعلاقات اللابقين عندئذ ستختفي التناقضات.

بهذه الطريقة أصبح لدينا منذ ربيع 1927 تفسيرا متماسكا لنظرية الكم والذي يطلق عليه في كثير من الأحيان تفسير كوبنهاجن". هذا التفسير الذي تلقى اختبارا حاسما Cruaial في أثناء مؤتمر سولفاي ببروكسل خريف 1927. تلك التجارب التي كانت تؤدي دائما إلى أسوأ المفارقات والتي قام أينشتين بمناقشتها بشكل مفصل مرارا وتكرارا. تم ابتكار تجارب مثالية جديدة لاكتشاف أي تناقض ذاتي محتمل للنظرية، إلا إن النظرية أظهرت تماسكا وتوافقا مع التجارب بقدر ما نرى.

ستكون تفاصيل تفسير كوبنهاجن موضوع الفصل التالي، وينبغي التشديد هنا على أن هذا الأمر قد تطلب أكثر من ربع قرن للوصول إلى الفكرة الأولى لوجـــود كم الطاقة حتى توصلنا إلى فهم صحيح لقوانين الكم النظرية، وهذا إذا دل على شيء إنما يدل على التغير الهائل الذي حدث في المفاهيم الأساسية المتعلقة بالواقع قبل أن يتمكن المرء من فهم الوضع الجديد.

 

 

 

 

 

EN