القانون العام
القانون الدستوري و النظم السياسية
القانون الاداري و القضاء الاداري
القانون الاداري
القضاء الاداري
القانون المالي
المجموعة الجنائية
قانون العقوبات
قانون العقوبات العام
قانون العقوبات الخاص
قانون اصول المحاكمات الجزائية
الطب العدلي
التحقيق الجنائي
القانون الدولي العام و المنظمات الدولية
القانون الدولي العام
المنظمات الدولية
القانون الخاص
قانون التنفيذ
القانون المدني
قانون المرافعات و الاثبات
قانون المرافعات
قانون الاثبات
قانون العمل
القانون الدولي الخاص
قانون الاحوال الشخصية
المجموعة التجارية
القانون التجاري
الاوراق التجارية
قانون الشركات
علوم قانونية أخرى
علم الاجرام و العقاب
تاريخ القانون
المتون القانونية
أحكام التعويض عن الإخلال العقدي
المؤلف:
زهراء صاحب محمد سعداوي
المصدر:
دور المصلحة في مشروعية الاخلال بالالتزام العقدي
الجزء والصفحة:
ص 90-99
2025-05-07
1110
التعويض طبقا للقواعد العامة للمسؤولية المدنية يكون على نوعين: فقد يكون عيناً أو نقداً، إلا أنه أعطي للقاضي السلطة التقديرية في تحديد طريقة التعويض، تبعا لطبيعة الضرر وظروف القضية، فهناك أضرار تمكن المتضرر من طلب إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل وقوع الضرر وعلى المحكمة في هذه الحالة الحكم بهذا الشكل من أشكال التعويض و هو ما يسمى بالتعويض العيني . وهنالك تعويض بمقابل يلجأ اليه القاضي بمقابل قصد تغطية الضرر الذي أصاب المضرور لعدم إمكانية تعويضه عينياً.
ولما تقدم سنعالج هذا الموضوع بثلاث مقاصد الأول : أشكال التعويض، والثاني : التلازم بين الفسخ والتعويض في نطاق الإخلال العقدي، والثالث : التعويض الإتفاقي وأثره على الإخلال الفعّال .
المقصد الأول
أنواع التعويض
يعتبر التعويض حقاً لكل مضرور (1)، فللقاضي السلطة التقديرية في تحديد طريقة التعويض، والتعويض يكون على نوعين :
التعويض العيني : الحكم بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل وقوع الضرر، حيث يعمل على أن يؤدي إلى محو الضرر تماما وذلك بإلزام المتسبب فيه بإزالته، وعلى نفقته خلال مدة معينة.
التعويض النقدي : يتمثل التعويض النقدي في الحكم للمتضرر بمبلغ من النقود نتيجة ما أصابه من ضرر ، حيث تحدد المحكمة آلية الدفع، ويلجأ القاضي إلى التعويض النقدي خصوصا في مجال الأضرار البيئية في الحالات التي لا يمكن إعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل، كون أن الضرر يكون نهائياً لا يمكن إصلاحه ، كأن ترتطم ناقلة نفط في مياه البحر فتؤدي إلى القضاء على كل الكائنات البحرية، ففي مثل هذه الحالة يصعب إعادة الحال إلى ما كان عليه من قبل وقوع الضرر.
إذا كان الضرر شرطاً لا بد منه من حيث كونه قاعدة عامة لقيام التعويض فإن إثباته يقع على المدعي أي المضرور إعمالاً لقاعدة البيئة على من ادعى واليمين على من انكر ، لكن في حالات معينة قد يعفى المضرور من إثبات الضرر على اعتبار أن هذا الضرر مفترض مادية وللمضرور إثبات الضرر بكافة طرق الإثبات بما في ذلك البيئة والقرائن لأن الضرر واقعة ويشترط لقيام المسؤولية التقصيرية في أن يكون الفعل من قبيل الخطأ، فالمسؤولية في هذا القانون لا تقوم كقاعدة عامة الا إذا كان الفعل خطأ (2) . ويقع عبء الإثبات على من يدعي الواقعة أو العمل، وبالتالي يكون عبء إقامة الدليل على عائق المريض المتضرر بوصفه المدعي في الدعوى بوجه المدين أي يجب على المتضرر (الدائن) أن يثبت أن المدين قد أخل، وأن هناك ضررا لحق به من جراء ذلك الإخلال، وان الصلة السببية التي تربط بينهما ثابتة.
فمن الضروري إذا التأكد من أن المدين إرتكب خطأ وعلى الدائن أن يقيم الدليل بداية على وجود موجب على عاتق المدين . يعد موجب إثبات الخطأ من أهم العناصر في الدعوى كونه يشكل الخطوة الحاسمة نحو الحصول على التعويض العادل عن الأضرار الناتجة عن الأخطاء العقدية، وإن عدم إقامة الدليل الـوافـي علـى خـطـأ المدين والرابطة السببية بينه وبين الضرر سيحرم الدائن المتضرر من حقه في التعويض خاصة وأن محور ونطاق الإتفاق العقدي خاص وواسع جدًا ومن الطبيعي أن ينتج عنه أخطاء متعددة والأخطاء الإنسانية وغيرها التي من المحتمل أن تشكل عائقاً أمام الدائن لصعوبة إثباتها (3) .
إن المعيار الذي يستند إليه القاضي لتحديد متى يعد المدين مخطأ، هو طبيعـة التزام المدين هل هو التزام بنتيجة ام التزام بوسيلة ببذل عناية) فإذا كان التزام المدين بنتيجة يعد مخطا إذا لم تتحقق النتيجة المتفق عليها الا إذا اثبت المدين أن السبب الاجنبي هو من كان حائلا بينه وبين تحقيق النتيجة، أو القوة القاهرة، فالناقل يلتزم بإيصال الراكب سالما الى المكان المقصود فإذا لم يستطيع الناقل من النقل بسبب أجنبي كما لو قطعت طرق المواصلات بسبب فيضان أو عصيان مسلح أو انتشار وباء فلا يعد الناقل مخطأ لأن عدم تحقق النتيجة كان لسبب لا دخل للناقل فيه.
اما إذا كان التزام المدين ببذل عناية فانه يعد منفذا لالتزامه إذا بذل العناية المطلوبة منه قانونا او اتفاقا وان لم تتحقق النتيجة، فالطبيب في الغالب يلتزم تجاه مريضه ببذل عناية فلا يكون مسؤولا إذا بذل القدر المطلوب من العناية حتى لو مات المريض (4) . علما بأنه إذا اختار الدائن المطالبة بالتعويض وليس إنهاء العقد بعد اخلال المدين، فان تقدير هذا التعويض يكون من قبل المحكمة بحسب الأصل، ويسمى عندئذ التعويض القضائي.
المقصد الثاني
التلازم بين الفسخ والتعويض في نطاق الإخلال العقدي
قبل الدخول في حالة التعويض عن الإخلال لابد أن نطرح فكرة التلازم بين طلب الفسخ مع التعويض . ففي العقود الملزمة للجانبين، وجب على الدائن أن يطلب فسخ العقد قبل طلب التعويض في حالة واحدة فقط وهي إذا كان محل الالتزام فيها هو اعطاء أو تسليم واستلم المدين الشيء وأراد الدائن استرداد العين وكذلك أن يطلب التعويض إن كان له مقتضى ولا يجوز له ان يسترد العين قبل فسخ العقد لأنّ يد المدين يعد شرعيا في هذه الحالة بسبب العقد وان الفسخ يزول به هذه الصفة بأثر لذلك أن هناك رجعي تلازم بين الفسخ وطلب الاسترداد والتعويض من حيث التحقق بحيث لا يمكن المطالبة بالتعويض والاسترداد الا مع الفسخ او بعد الفسخ وأن هذا الحكم تقتضيه محل الالتزام وليس طبيعة الفسخ وطلب التعويض من حيث التحقق اصلا اي أن الارتباط بينهما في هذه حالة اجبارية تقتضيه محل الالتزام . ولكن إذا كان محل الالتزام هو القيام بالعمل سنرى انه لا يوجد اي تلازم بينهما أي أن معيار محل الالتزام هو الفاصل والمقياس المعرفة وجود التلازم بين الفسخ وطلب التعويض من عدمه (5).
غير ان إمكانية اجماع الفسخ المسبق للعقد مع التعويض أمر مسلم به، وفقا لما نص عليه القانون في الفقرة الأولى من المادة (177) من القانون المدني العراقي بالقول .... ان يطلب الفسخ مع التعويض ان كان له مقتض. كما لا بد من الإشارة الى ان الاغلب في الفسخ المسبق ان يصاحبه تعويض، ذلك لان ليس كل اخلال يصدر من المدين يبيح للدائن طلب الفسخ المسبق للعقد، نظراً لخصوصية هذا النوع من الفسخ، أي لا بد من أن يتصف بشيء من الجسامة، وللقاضي السلطة في ذلك، كما لو كان ما نفذ منه المدين من التزامه الجزء الأقل وامتنع عن انجاز عمله بالشكل الكامل أو اتخذ الطريقة المعيبة في التنفيذ فبهذا الإخلال لابد من ان يمنح الحق للدائن الفسخ المسبق للعقد ويلازمه في ذلك التعويض عن الأضرار التي تعرض لها نتيجة لذلك الإخلال وطالما كان وقت التنفيذ من الأمور الجوهرية بالنسبة للدائن وبمقتضى ذلك أنه لا يكون للدائن ان يطالب بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة للإخلال الذي حصل من قبل الدين بشكل مستقل، مالم يسبقه المطالبة بالفسخ المسبق للعقد، وهنا يلاحظ التلازم بين التعويض والفسخ المسبق، فلا يحكم له بالتعويض الا بعد مطالبته بفسخ العقد، وصدور حكم بفسخه، وقد اكدت محكمة التمييز الاتحادية هذا التوجه بالقول ..... وان طلب التعويض يجب ان يكون بعد فسخ العقد....) (6) .
أما في القانون الإنكليزي فإنه يجوز للدائن أن يفسخ العقد بإرادته المنفردة ولا يجوز الجمع، فحيث يفسخ العقد لا يجوز المطالبة بالتعويض، فمتى ما فسخ الدائن العقد على إثر اخلال مدينه لا يجوز له أن يطالب هذا المدين بتعويض الأضرار التي أصابته من جراء هذا الإخلال هذا وفقاً للمعنى الدقيق للفسخ، وإن كان العمل قد جرى على التجاوز عن هذا المعنى في بعض الحالات وإجازة طلب التعويض رغم الفسخ على أساس أن المقصود به هو اعتبار العقد منتهياً إلا بالنسبة للحق في التعويض كما ان حق الدائن في فسخ العقد ابتساراً ينشأ تلقائياً وما يترتب عليه من تعويض ينشأ تلقائياً من واقعـة اخلال المدين للعقد، ويقتصر دور القضاء عند رفع الدعوى إليه، على تقرير فيما إذا كان الدائن محقاً في فسخ عقده تبعاً الى سلوك المدين وتقرير فيما إذا كان هذا السلوك يعتبر واقعة مشكلة لإخلال المدين لعقده ام لا (7) .
إن مضمون مبدأ التعويض الكامل للضرر يتحدد بان تقدير التعويض يجب إن يكون بقدر الضرر منظوراً إليه عبر المضرور ، ويجب على القاضي النظر بدقة إلى جميع الظروف الخاصة بالمضرور أو المتعلقة بالضرر الذي أصابه وبوجه خاص نتائج الضرر الماضية والحاضرة والمستقبلية على أن لا يأخذ بالحسبان عنصراً خارجاً عن الضرر لأن في ذلك مخالفة لمبدأ التعويض الكامل للضرر (8) . كما إن التعويض الكامل لم يعد الشكل الضروري لجبر الضرر في العصر الحديث، فالمشرع والأطراف والقضاء يعرفون اليوم جبرا للضرر عن طريق صور أخرى للتعويض لا تبلغ التعويض الكامل، ولا تجد معيارها وحسب في مدى الضرر الذي لحق بالمضرور ولكن في اعتبارات أخرى اجتماعية متعلقة بالعدالة. لذا نجد بعض التشريعات الحديثة قد أخذت تتجه إلى عدالة التعويض وليس بالضرورة أن يكون كاملا والبعض منها قد هجرت مبدأ التعويض الكامل بنصوص صريحة، كما هو الحال في قانون الالتزامات السويسري، حيث أجاز إنقاص التعويض عدالة إذا كان الخطأ يسيرا أو موارد المدين محدودة (9)
يرتبط التعويض ارتباطا وثيقا بالعوامل الذاتية التي تصاحب حصوله والظروف التي ينشأ فيها، فالضرر هو الواجب اخذه بالحسبان عند تقدير التعويض الا انه ليس هو العنصر الوحيد الذي يدخل في حسابه ، فالغاية الأساسية للتعويض هي اصلاح الضرر فقط ، وحتى يكون التعويض فعالا وعادلا يجب ان ينظر له من زوايا متعددة فمرة يتم النظر الى الضرر فقط كما في التعويض الكامل ومرة أخرى ينظر الى الضرر والظروف المتعلقة بالمسؤول والمتضرر كما هو الحال في التعويض العادل ، وهذا يقتضي وجوب الاعتداد أيضا بكل العناصر الشخصية للطرفين كجسامة الخطأ وثراء كل منهما ، وعوامل أخرى يمكن أن تؤدي الى تخفيض التعويض (10)
بناءً على ما تقدم فإن مقدار التعويض الناتج عن الإخلال في تنفيذ العقد (الفعال) إذا كان أكبر من الأضرار الواقعة التي تلحق بالدائن، فانه يتعارض مع تحقيق الفعالية التي تبنتها نظرية الإخلال الفعّال لأنه يدفع المدين الى التنفيذ حتى إذا كانت كلفته تتجاوز الأرباح الصافية لجميع الأطراف، ولذا، فعندما يكون الإخلال الفعال ممكناً ويكون التعويض الناتج عنه مغطياً لجميع الأضرار الفعلية، ولا فائدة من الإخلال والعائد الربحي الناتج عنه والذي هو أكبر بكثير من المقدار المطلوب لتعويض الطرف المتضرر عن الخسارة اللاحقة، قد يعمل على التخوف من الإخلال ويدفع الى التنفيذ غير الفعال (11) . والتي تتضمن عدم جواز حصول المضرور على تعويض أقل من الضرر الذي أصابه فتحكمها جملة محاذير ، فمن جهة لا يجوز الحكم للمضــرور بمبالغ تعويض رمزية ، فالضرر أما يوجد أو لا يوجد ، وكون التعويض رمزياً يجعل حكم القاضي غير مرغوب فيه خاصة في الحالة التي لا يطلب الخصوم ذلك ، أما إذا طلب المضرور بأن يكون التعويض رمزياً فذلك أمر فيه استجابة لطلبات الخصوم التي تحكم الدعوى المدنية فالمضرور الذي يطالب بتعويض رمزي يكون قد قدر لوحده التعويض المستحق له واكتفى بأن يكون رمزياً خاصة في الأضرار الأدبية التي أصابته فيجد في نفسه الرغبة بعدم المتاجرة في شعوره وكرامته وينبغي الاستجابة إلى طلبه ، إذ سنلاحظ فيما بعد أن طلبات الخصوم تعد قيداً على سلطة القاضي في تحديد مقدار التعويض (12) .
المقصد الثالث
التعويض الإتفاقي وأثره على الإخلال الفعّال
التعويض الاتفاقي يدرجه المتعاقدون في عقودهم من أجل ضمان تنفيذها ويلزم بموجبه المتعاقد الذي يخل بالتزامه بأداء معين يدفعه الى الطرف الآخر ، فالهدف منه ضمان وكفالة تنفيذ الالتزامات واحترامها (13).
ويهدف التعويض الإتفاقي بصورة اصلية الى ضمان تنفيذ الالتزام في حال تحقق الإخلال به و التعويض الإتفاقي يهدف كذلك الى تعويض الطرف الذي تعرض للإخلال، على ذلك فالشرط الجزائي هو تقدير للتعويض من قبل أطراف العقد وهو جزاء للمسؤولية ويتم تحديده جزافا من قبل أطراف التعاقد الذين يقدرون حجم الأضرار التي من المتوقع حصولها في المستقبل بسبب عدم تنفيذ الالتزام (14) " بعد التعويض الإتفاقي اتفاقاً سابقاً على وقوع الضرر ، طالما أن التعويض الإتفاقي يعتبر اتفاقا فيجب أن تتوافر فيه الأركان العامة الواجب توافرها في أي اتفاق أو عقد ، وهي الرضا المحل ، السبب ، وهذا الإتفاق يرد غالبا ضمن شروط العقد الأصلي ، ولكن لا شيء يمنع من أن يكون في اتفاق لاحق لهذا العقد محل التعويض الإتفاقي غالبا ما يكون دفع مبلغ من النقود ، ولكن هذا لا يمنع من أن يكون محله شيئا آخر غير النقود ، كأن يكون محله القيام بعمل أو الامتناع عن القيام بعمل وقد يكون محله اشتراط استحقاق جميع أقساط الدين عند التأخر عن دفع أحدها في تاريخ استحقاقها المتفق عليه ، أو الاستحقاق المؤجر للمنشآت التي أقامها المستأجر في المأجور بسبب تأخره عن التسليم عن انتهاء عقد الإيجار (15).
إن من مزايا التعويض الإتفاقي هو أنه يحدد كمسؤولية سواء كان مقدار التعويض المتفق عليه أقل من الضرر الناتج من عدم تنفيذ الالتزام وبالتالي يخفف من المسؤولية، أو قد يكون الهدف منه تشديد المسؤولية في حالة زيادة في مقدار التعويض المتفق عليه من الضرر الموجود بسبب عدم تنفيذ الالتزام أو في تأخيره. وتبعا للقواعد العامـة فــي التعويض على الدائن إثبات الضرر الناتج لكي يتم استحقاقه ، إلا أننا نجد أن في التعويض الإتفاقي يعمل على إعفاء الدائن من إثبات الضرر " ، وبالتالي يتم استحقاقه بمجرد الإخلال بالعقد (16).
تبنى التشريع العراقي التعويض الإتفاقي او ما يعرف بالشرط الجزائي بنص المادة (170/1) من القانون المدني العراقي بأنه : ( يجوز للمتعاقدين ان يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد في اتفاق لاحق ويراعى في هذه الحالة احكام 168 و 256 و 257 و 258) .
وما نود الإشارة إليه بأن حالات المطالبة بالتعويض الإتفاقي شائعة في عقود بيع العقار ، إلا أن الموقف التشريعي من التعهد الناقل للملكية ما نصت عليـه المــادة (1127) من القانون المدني العراقي على ( التعهد بنقل ملكية عقار يقتصر على الالتزام بالتعويض إذا أخل احد الطرفين بتعهده سواء اشترط التعويض في التعهد ام لـم يشترط ( .. وعلى ذلك لا يرتب عقد بيع العقار قبل التسجيل أي آثار سوى أنه يلقى على عاتق الناكل مسؤولية أداء التعويض للطرف الثاني ) وقد استقر القضاء العراقي (17) ، بأن التعهد بنقل ملكية العقار الذي تم خارج دائرة التسجيل العقاري ليس عقد طالما بيع لم يسجل في الدائرة المختصة وهذا عقد غير مسمى ينشأ منذ البداية بهذا الوصف ويرتب بذمة من يخل به التعويض ومصدر هذا التعويض هو التعهد الذي نصت عليه المادة (1127) من القانون المدني العراقي. وفي هذا السياق فإن التعويض الإتفاقي يكون على محورين للمطابة بالتعويض :
المحور الأول (صحة البند (الإتفاقي) : إذا كان البند الإتفاقي حول التعويض لتعهد نقل ملكية عقار مشمول بأحكام المادة (151) من القانون المدني العراقي والتي تنص على : (إذا وعد شخص بأن يجعل الغير يلتزم بأمر فانه لا يلزم بوعده ولكن يلزم نفسه، ويجب عليه أن يعوض من تعاقد إذا رفض الغير أن يلتزم ، ويجوز له مع ذلك أن يتخلص من التعويض بان يقوم هو نفسه بتنفيذ الالتزام الذي وعد به إذا كان ذلك في استطاعته من غير أن يضر بالدائن. فإن التعويض الإتفاقي يمكن العمل به والبند الإتفاقي صحيح وهذا ما توجه به القضاء العراقي في قرار له تضمنت حيثياته على أنه (18): قيام المدعى عليه ( ح ) باع الى المدعي ( ي ) العقار موضوع الدعوى ، وبموجب العقد المؤرخ في 10 / 5 / 2000 بمبلغ خمسمائة وخمسين الف دينار ، وكان العربون المستلم مائتين وخمسين الف دينار، وتضمنت الفقرة ( ثالثا ) من العقد انه إذا امتنع الفريق الأول عن اجراء التقرير أو نكل عن البيع بأية صورة كانت فانه يكون ملزما بإعادة العربون الى الفريق الثاني وما عدا ذلك يتعهد بتأديته تضمينات الى الفريق الثاني قدرها مبلغ العربون ، وحيث إنّ العقار غير عائد الى المدعي عليه لذا فالمقتضى اعمال احكام المادة ( 151 ) من القانون المدني ، ولما كان الطرفان قد اتفقا مسبقا على أن يكون التعويض عند النكول بقدر العربون المدفوع والبالغ مائتين وخمسين الف دينار ، وبالتالي يلزم اعمال الشرط الاتفاقي بموجب احكام المادتين : م (169) مدني والمادة (170) مدني من القانون المذكور سيما وان هذا الشرط غير مخالف الأحكام النظام العام .
المحور الثاني (عدم صحة البند (الإتفاقي) : حيث أن التعهد ببيع عقار إذا تضمن شرطاً جزائياً فلا يمكن الحكم بمبلغه، لأن عقد بيع العقار غير المسجل بعد باطلاً، ولذا فإن الشرط الجزائي الموجود فيه يكون باطلاً أيضا (19) . وهذا الموقف للعقارات المباعة خارج إطار الشكلية القانونية المرسومة بوجوب تسجيلها في دائرة التسجيل العقاري وغير مشفوعة بأحكام المادة (151) من القانون المدني العراقي .
بناءً على ما تقدم فإن المطالبة بالتعويض الإتفاقي تشترط المطالبة بالفسخ اولا كما إن فاعلية البند الإتفاقي لها اوضاعها الخاصة بشمولها بنص المادة (151) من عدمه في حالة البيوع العقارية الخارجية . كما أن الإخلال الفعال في نطاق عملية نقل الملكية العقاري من الممكن أن تجد لها حيزاً في التطبيق طالما يمكن أن يشمل التعويض عن المسؤولية العقدية جبر الضرر والتعويض عن الخسارة المالية والكسب الفائت . وهذا الأمر يعطي المدين الجرأة الكافية لتجعله يقدم على الإخلال بالعقد متى كان هذا الإخلال فعالاً (إقتصادياً).
______________
1- ولد عمر طيب، تأمين المسؤولية عن المنتجات، مجلة الدراسات القانونية، الجزائر ، ص 142
2- د. إبراهيم الدسوقي ابو الليل ، تعويض الضرر في المسؤولية المدنية ، مطبوعات جامعة الكويت ، 1995 ، ص 75
3- د. محمد رايس ، المسؤولية المدنية الأطباء في ضوء القانون الجزائري، دار هومه ، الجزائر ، 2007 ، ص 176
4- عامر زغير ، سلطة الادارة في انهاء القرارات السليمة ، رسالة ماجستير ، كلية الحقوق ، جامعة النهرين ، 2001، ص 88 .
5- د. حسن على ذنون ، النظرية العامة للفسخ في الفقه الإسلامي و القانون المدني ، مطبعة نهضة بمصر ، 1964 ، ص 19 .
6- حكم محكمة التمييز الاتحادية المرقم (443 / هم.م / 2008) في 3/8/2008(غير منشور).
7- د. ظافر حبيب جبارة، نظرية الجحود المبتسر للالتزامات العقدية في النظام القانوني الأنكلوامريكي مجلة العلوم القانونية، العدد الأول ، مجلد 30 ص 5.
8- محمود جلال حمزة ، وظيفة التعويض في المسؤولية المدنية بين النظرية والتطبيق مجلة المحامون ، نقابة المحامين السورية ، العدد ، آب السنة 50 ، 1985، ص 1003.
9- دمائة محمد ، المعايير التشريعية والقضائية لعدالة التعويض ، مجلة العلوم الإنسانية المجلد 4، العدد 2، 2011 ، ص 2 .
10- د. اياد جاد الحق ، مدى لزوم الخطأ كركن من اركان المسؤولية التقصيرية في مشروع القانون المدني الفلسطيني - دراسة تحليلية ، مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الإسلامية ، المجلد 20 ، العدد الأول ، 2012 ، ص 66 .
11- E. Allan Farnsworth, Contracts, th ed., Aspen publisher, .., p. A£1.
12- د. انور سلطان، النظرية العامة للالتزام ، الجزء الأول ، مصادر الالتزام ، دار المعارف ، القاهرة ، 1965 ، ص 535.
13- د. احمد ابراهيم حسن الاصول الرومانية لفكرة الشرط الجزائي، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية 2007 ، ص 344 .
14- ابراهيم سيد احمد، الشرط الجزائي في العقود المدنية بين القانونين المصري والفرنسي، الطبعة الأولى المكتب الجامعي الحديث، الاسكندرية ، 2003 ، ص241
15- د. زهدي يكن ، شرح قانون الموجبات والعقود ومقارنته بالقوانين الحديثة ، الجزء الخامس ، الطبعة الأولى ، منشورات المكتبة العصرية ، بيروت ، 1998 ، ص 111 .
16- أسامة الحموي الشرط الجزائي وسلطة القاضي في تعديله - دراسة مقارنة في الفقه الإسلامي ، الطبعة الأولى ، مطبعة الزرعي ، دمشق، ص 56
17- في قرار صادر عن محكمة التمييز الإتحادية بالعدد 4344 في 2010/12/22 ، ( لدى عطف النظر على الحكم المميز وجد انه صحيح وموافق للقانون ذلك ان موضوع دعوى المميز عليه المدعي هو طلبه منع معارضة المميز له بالانتفاع بالعقار وحيث ان المميز يتمسك بتعهد بالبيع أبرمه مع ابن المالك ويدفع بأن هذا التعهد موقوف على إجازة المالك وان الاخير أجاز هذا التعهد ودون أن يلاحظ أن هذا التعهد ودون أن يلاحظ أن هذا التعهد حتى لو كان قد أبرم مع المالك (المدعي) فأنه من العقود الباطلة التي لا تنتج اي اثر لان عقد بيع العقار هو من العقود الشكلية التي لا تنعقد إلا بالتسجيل في السجل العقاري لذا فأن دفوعه غير واردة قانوناً في هذه الدعوى وعلى ذلك تكون دعوى المدعي قد أقيمت على اساس قانوني ) . منشور على موقع قاعد التشريعات العراقية ( خيار البحث للمادة (3) من قانون التسجيل العقاري ( الأحكام المرتبطة .
18- قرار صادر عن محكمة التمييز الإتحادية العراقية ، بالعدد 843 ، في 2007/6/19 . منشور على موقع مجلس القضاء الأعلى محرك البحث للمادة (170) .
19- القرار رقم 98/3/3908 في 1998/11/8 الذي جاء فيه ان المميز عليه لا يملك العقار المبيع المطالب عنه بالتعويض موضوع الدعوى فيكون هذا العقد باطل بطلانا مطلقا اضافة الى تخلف ركن الشكلية فيه وهو التسجيل بدائرة التسجيل العقاري لذا فانه لا ينعقد ولا يفيد الحكم أصلا ولا يصلح أساساً للمطالبة بالتعويض فكان على محكمة البداءة رد دعواه إذ إن التعويض الاتفاقي طبقا للمادة (168) من القانون المدني العراقي لا يكون الاً في العقود الصحيحة.
نقلا عن : القاضي لفته هامل العجيلي، المختار من قضاء محكمة التمييز القسم الثاني، مطبعة الكتاب ، 2012، ص 146-147.
الاكثر قراءة في القانون المدني
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
