الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
القهر الاجتماعي
المؤلف:
محمد الصالح السليمان
المصدر:
الرحلات الخيالية في الشعر العربي الحديث
الجزء والصفحة:
ص81-83
24-03-2015
2733
لعلّ عقدة أخرى لا تقلّ عن عقدة الموت هي الشعور بالقهر الاجتماعي الذي يمثّله قول طرفة بن العبد في معلقته:
وَظُلمُ ذَوي القُربى أشدُّ مَضاضةً ... على المرء من وَقع الحُسام المُهنَّدِ(1)
ومحمد الفراتي شاعر عانى كثيراً في حياته من انتقاص الناس لقدره ومكانته، ولا سيما في بلده، فلم يحظ بكبير الاهتمام من الأوساط الأدبيّة، والاجتماعيّة الأمر الذي دفعه لاعتزال الناس قرابة ربع قرن، وقد كتب الفراتي ((الكوميديا السماوية)) في هذه الفترة، وربّما أراد منها أن يعوّض نفسه عمّا هضم الناس من حقّها، وأراد أن يبرز قدرته في قرض الشعر ومجاراة الأغراض الجديدة والمعاني المستحدثة، وقد تجلّى هذا الإحساس في قصيدته ((في حانة إبليس)) وفي قصيدته ((غرور الشباب)).
إنّ ما يسيطر على حسّ الفراتي في قصيدته ((في حانة إبليس)) هو محاولته بشكل خفر تارة، وبصورة واضحة تارة أخرى، إثبات علو كعبه في الشعر لا سيما أنه قد حاز صولجان الشعر من شيخ شياطين الشعر إبليس، فيقول:
أتدرِي فِيمَ جِئنا بِـ ... ـكَ في ذَا اللّيلِ مِن أهلِكْ
فعندِي مِنحةٌ مَخبو ... ءَةٌ في الغَيبِ مِن أجلِكْ
فَذا الطّاووُسُ قَد يُعطى ... لمزهُوّين بالفَنِّ
فَدونَكَ صَولجَانُ الشّعـ ... ـرِ خُذْهُ وِهبةً مِنّي(2)
وتدور قصيدة ((غرور الشباب)) حول الغاية ذاتها، فمحاولة إثبات الجدارة على نظم الجميل من الشعر والتفوّق على الأقران لم تفارق القصيدة منذ أن برز للشاعر هاتفه المتخيّل بقوله:
وإذَا هَاتفٌ ورائِي يُنادِي ... ويْكَ دَعْنَا من هَذِهِ التُّرّهاتِ
لم تزَلْ من طِرازِ شِعرِكَ هذا ... في نُزوعٍ إلى القَديمِ العَاتِي(3)
لكنّ الشاعر يطرح على ذلك الهاتف من جديد شعره الجميل، لا سيما أنّه قد جدّد في رحلته الخياليّة هذه شبابه وروحه، صوراً خلابة ينتزع بها إعجاب الهاتف فيصفه الأخير بشاعر الخلد والروض الباسم، وبلبل الشعر في حدائق الفكرة. غير أنّ حسّ القهر يطارد الشاعر فلا يتخلّص منه لأنّه يستيقظ على نهاية الحلم وكأنّ شيئاً لم يتغيّر في طباع الناس التي لا تعجب إلاّ بالسخيف من الفنّ، فيقول:
فتنبّهتُ من رُقادِي وَقد طِرْ ... تُ لحُمقِي تَوّاً إلى مِرآتِي
فإذَا الشّيبُ لا يَزالُ بفودِي ... ثُمّ كالقَوسِ لا تَزالُ قناتِي
وإذَا بي -كَذلِكَ الطّيفِ-أحيا ... بينَ نَاسٍ تَهتزُّ للتُّرّهاتِ(4)
وهكذا بقي القهر الاجتماعي حافزاً لانطلاق الفراتي في رحلته بعيداً ليلجأ إلى عالم الأحلام تارة وإلى عالم الجنّ والشياطين تارة أخرى ويحدوه في ذلك أن يقول للناس: إنّني شاعر لا يشقّ له غبار وإن عشت بعيداً فإنّ انتقاص الناس من قدري لا يقلّل من شأني أبداً وقد حزت شاعريتي من أفحل شياطين الشعر إبليس.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التبريزي، الخطيب، شرح القصائد العشر، تقديم عبد السلام الحوفي، دار الكتب العلمية، ط1، 1987،
ص: 115.
(2) الفراتي، محمد، النفحات، ص: 278.
(3) المصدر نفسه، ص: 302.
(4) المصدر نفسه، ص: 305.
الاكثر قراءة في العصر الحديث
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
