إنَّ الرسولَ مُحمداً (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ) كانَ يتكلَّمُ بلسانِ الوَحيِّ وإنَّ الأئمةَ المعصومينَ الإثنَي عَشر (عليهِمُ السَّلامُ) اصطفاهُم اللهَ تباركَ وتَعالى، واختارَهم أوصياءً وأئمةً لهذهِ الأُمّةِ ليحمِلُوا العِلمَ والمعرِفةَ لكُلِّ النّاسِ، ويُرشِدوهُم الى صراطٍ مُستَقيمٍ، فكانَ أهلُ البَيتِ هُمُ القُدوةُ والأُسوةُ في خِصالِ الخَيرِ والدَّعوةِ للصَّلاحِ والإصلاحِ، فكانتِ الأُسرةُ أهمَّ طريقٍ رَكَّزَ عليهِ أهلُ البيتِ في إصلاحِ الظَّواهرِ الاجتماعيّةِ الخاطئةِ ومُعالَجةِ الإشكالياتِ التي تَعصِفُ بالأسرةِ ، ومنها :
- رفعُ الشُّكوكِ والالتباساتِ بينَ الزَّوجينِ: يُرَوى أنَّهُ أتى رَجُلٌ الى رسولِ اللهِ (صَلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ) فقالَ: هذهِ ابنةُ عَمِّي وامرَأَتي، ولا أَعلَمُ مِنها إلا خَيراً، وقد أَتَتني بِوَلَدٍ شديدِ السَّوادِ...، لا أَعرِفُ شِبهَهُ في أخوالي ولا في أجدادِي؛ فقالَ النَّبيُّ لامرأتهِ ما تقولينَ؟ قالتْ لا والذي بعثَكَ بالحَقِّ نَبيّاً ما قَارَفتُ الفاحِشةَ، فقالَ رسولُ اللهِ للرَّجُلِ: يا هذا إنَّهُ ليسَ مِن أَحَدٍ إلا بَينَهُ وبينَ آدمَ (عليهِ السَّلامُ) تسعةٌ وتسعونَ عِرقاً كُلُّها تَضرِبُ في النَّسبِ فإذا وَقَعتِ النُّطفَةُ في الرَّحِمِ اضطَرَبَتْ تلكَ العروقُ تسألُ اللهَ الشِبهَ لها، فهذا مِن تلكَ العُروقِ التي لم يُدرِكْها أجدادُكَ ولا أجدادُ أجدادِكَ! خُذي إليكِ ابنِكِ؛ فقالتْ المرأةُ فَرَّجْتَ عَنِّي يا رسولَ اللِه.
- دَعوَتُهم لبرِّ الوالدينِ وإنْ كانا غيرَ مُسلِمَينِ: كانَ هُناكَ شَابٌّ مَسيحيٌّ فأسلمَ وكانَ يتَردَّدُ على الإمامِ الصَّادقِ -عليهِ السَّلامُ-فذكرَ لهُ أنَّ أبويهِ مَسيحيَّانِ، وهُما كبيرانِ في السِّنِّ فهلَ يخرجُ عَن منزلِهما ويُفارِقُهما؟ فقالَ لهُ الإمامُ: عليكَ أنْ لا تُفارِقْهُما وأَنْ تُحسِنَ إليهِما وتَبِرَّ بِهما، وكانَ ذلكَ سَبَباً في دخولِ أَبَوَي هذا الشَّابِ للإسلامِ وتَحوُّلِ تلكَ الأسرةِ الى دينِ الإسلامِ.
- تأكيدُهُم على حُبِّ الأطفالِ والرَّحمةِ بِهِم: يُروى أنَّهُ كانَ رسولُ اللِه (صلَّى اللُه عليهِ وآلهِ وسَلَّم) يُقَبِّلُ الحَسَنَ والحُسين، فقالَ لهُ رَجُلٌ: إنَّ لي عشرةً ما قَبَّلتُ واحداً مِنهُم قَطّ، فقالَ -عليهِ السَّلامُ-: "مَن لا يَرحَمُ لا يُرحَمُ". وقِيلَ، أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ وسَلَّم) غَضِبَ وقالَ للرَّجُلِ: "إنْ كانَ اللهُ قد نزعَ الرَّحمةَ مِن قَلبِكَ فما أصنعُ بِكَ! مَن لم يَرحَمْ صغيرَنا ولم يُعزِزْ كبيرَنا فليسَ مِنّا"؛ وقالَ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلهِ) مُرَغِّباً على العَطفِ وإغداقِ المَحبَّةِ والرِّعايةِ على الأبناءِ: "مَنْ قَبَّلَ وَلَدَهُ كَتَبَ اللهُ عزَّ وَجَلَّ لهُ حَسَنةً، وَمَنْ فَرَّحَهُ؛ فَرَّحَهُ اللهُ يومَ القِيامةِ، ومَنْ عَلَّمَهُ القرآنَ دُعِيَ بالأبوينِ فيُكسَيانِ حُلَّتينِ يضئُ مِن نورِهِما وجوهُ أهلِ الجَنَّةِ.