1
القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

مُعظَمُ الآباءِ والأُمَّهاتِ ينتابُهُم شعورٌ بالقَلقِ على مَصيرِ أبنائِهِم، وهذا القَلقُ قد يكونُ مصدَرُهُ عُقلائيّاً مُبرَّراً وقد يكونُ غيرَ منطقيٍّ، وهُوَ نابِعٌ مِنَ الهواجِسِ والوساوِسِ النفسانيّةِ.

حينمَا تشعُرُ بأنَّكَ مُقَصِّرٌ تجاهَ ابنائكَ فلِهذا أنتَ قَلِقٌ ومُتَخَوِّفٌ على مصيرِهِم، فهذا يُعَدُّ مُبَرِّراً لمحاسَبَةِ الذَّاتِ ومَعرِفَةِ حقيقَةِ الحالِ.

يقولُ الإمامُ عليٌّ-عليهِ السَّلامُ-: (مَنْ قَصَّرَ فِي الْعَمَلِ ابْتُلِيَ بِالْهَمِّ)

وإذا كُنتَ تَرى بأنَّكَ غيرُ مُقَصِّرٍ، وإنَّكَ أبٌ صالِحٌ وقائمٌ بمسؤولياتِكَ تجاهَ أبنائِكَ، فإنَّ هذا مِنَ الوَسوَسَةِ والإغراقِ في تأنيبِ الضَّميرِ بدونِ مُبَرِّرٍ!

توجَّهَ أميرُ المؤمنينَ الإمامُ عليٌّ-عَليهِ السَّلامُ- يوماً بنصيحَةٍ لأحَدِ أصحابِهِ قائِلاً:

(لاَ تَجْعَلَنَّ أَكْثَرَ شُغُلِكَ بِأَهْلِكَ وَوَلَدِكَ: فَإِنْ يَكُنْ أَهْلُكَ وَوَلَدُكَ أَوْلِيَاءَ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَوْلِيَاءَهُ، وَإِنْ يَكُونُوا أَعْدَاءَ اللهِ، فَمَا هَمُّكَ وَشُغُلُكَ بأَعْدَاءِ اللهِ؟)

وهذهِ النصيحَةُ مِنَ الإمامِ هِيَ توجيهٌ لمَنْ يشعُرُ بحالةٍ مِنَ القَلَقِ غيرِ المُبَرَّرِ معَ كونهِ غيرُ مُقَصِّرٍ.

وتعيشُ بعضُ الأُمَّهاتِ حالةً مِنَ الذُّعرِ النفسيِّ الدائمِ، فَهِيَ خائِفَةٌ وقَلِقَةٌ على مصيرِ ابنِها الصغيرِ وعلى مصيرِ ابنَتِها المُتزوِّجَةِ وعلى وَضع ِولَدِها الذي تخرَّجَ حديثاً!

فهيَ مَسلوبَةُ الرَّاحَةِ والسَّكينَةِ! وهذا الشُّعورُ غيرُ مَنطقيٍّ، وعَليها أنْ تلجأَ الى الإيمانِ بقضاءِ اللهِ وقَدَرِهِ، فما مِن أحَدٍ يموتُ إلا بعدَ إذنِ اللهِ، ومَا مِن أحَدٍ يبقى بدونِ رزقٍ، ولَو أنَّ أحداً فَرَّ مِن رزقِهِ لتَبِعَهُ كما تَبِعَهُ الموتُ كما يقولُ الخَبرُ، فالرِّزقُ والموتُ بيدِ اللهِ تعالى فعَلامَ القَلقُ والخَوفُ؟!

الإيمانُ هُوَ الطريقُ الذي يجِبُ على الآباءِ والأُمَّهاتِ أنْ يستعينوا بهِ في تصحيحِ ما يخطُرُ على بالـِهِم، وأنْ لا يكونوا فريسةَ الوَساوِسِ فيَتَعرَّضونَ الى الأمراضِ، ورُبّما يفقدونَ عافيتَهُم تماماً، فما عليكم إلّا أنْ (تطرَحُوا عَنكُم وارداتِ الهُمومِ بعزائمِ الصَّبرِ وحُسنِ اليَقينِ) كما يقولُ الإمامُ عليٌّ صلواتُ اللهِ عليهِ.