إنَّ كثيراً مِنَ الأطفالِ وخاصَّةً في سِنٍّ مُعيَّنَةٍ يتحدَّثونَ بأمورٍ هِيَ بخِلافِ الحقيقةِ في نظرِنا، الأمرُ الذي يُثيرُ سَخَطَنا الى درجةِ أنْ نلجأَ أحياناً الى ضَربهِ أو ما شابهَ ذلكَ أو تجاهُلِ ما يقولُهُ، وقد يبلُغُ الحالُ أنْ نتخيَّلَ أنَّهُ لا يقولُ الحقيقةَ والصِّدقَ غالِباً، ولكنْ ينبغي عَلينا الانتباهُ: رُبّما لم يكُنْ دافِعُهُ الكَذِب!
فكيفَ نستطيعُ أنْ نُهذِّبَ دوافِعَهُ عَنِ الكَذِبِ والمُبالغَةِ حينَما يتحدَّثُ عَن تصوُّراتِهِ ومُشاهداتِهِ؟
أولاً: تجذيرُ ثقتِهِ بنفسِهِ مِن خلالِ تقبُّلِ كُلِّ ما يُخبِرُ بهِ في البدايةِ ودونَما أنْ نُشعِرَهُ بالتفتيشِ والتَّحقُّقِ ممّا يقولُ، فنُصغِي لما يُخبِرُنا بهِ ونُشعِرُهُ بأهميّةِ ما يُخبِرُنا عنهُ؛ لأنّهُ بحاجَةٍ دَوماً الى استقطابِ ثِقَةِ أولياءِ الأمورِ والمُربّينَ حتى يُمكِنَهُ النُّموُّ بصورةٍ سَليمَةٍ.
ثانياً: الطِّفلُ دونَ سِنِّ الخامِسَةِ قد يلجَأُ إلى الكَذِبِ الخَياليِّ حيثُ لا يستطيعُ التفريق بين الحقيقةِ والخيالِ وهذا يجعلُهُ يحكي قِصَصَاً غيرَ واقعيّةٍ، ومِن جِهةٍ أُخرى كونُهُ ذا خيالٍ خَصبٍ قَد يُبالغُ فيما يتصوَّرُهُ أو يُشاهِدُهُ فلا داعٍ لتعنيفِهِ أو توبيخِهِ فلِمَرحَلَتِهِ العُمريّةِ دَخلاً بذلكَ.
ثالثاً: السَّعيُ الى مُعالجةِ اضطراباتِهِ العاطفيّةِ والنفسيّةِ بسببِ ما يشعُرُ بهِ مِن غَيرِهِ، أو وجودِ مُنافِسٍ وعدوٍّ فيلجأُ الى الكَذِبِ، فمثلًا يُتلِفُ حاجةَ أخيهِ الصغيرِ ويَنفي عَن نفسِهِ التُّهمَةَ بأنَّهُ لم يكُنِ المُتَسبِّبَ .
رابعاً: اشرَحْ لَهُ فضيلةَ قولِ الصّدقِ وإخبارِ الحقيقَةِ مِن خلالِ تقويةِ الجانبِ الدينيِّ والأخلاقيِّ لدى الأطفالِ مِن خلالِ بعضِ الحكاياتِ التي مِنَ المُمكِنِ أنْ تحكيها لطفلِكَ، والتي تُوضِّحُ الفرقَ بينَ الصّدقِ والكَذِبِ كقِصّةِ صاحبِ الأنفِ الطّويلِ (بينوكيو)
خامساً: الشعورُ بالأمانِ أفضلُ مساحَةٍ توفِّرونَها لأبنائكم، كي يبتَعِدوا عَنِ الأسبابِ التي تدفَعُهُم الى الكَذِبِ، فمتى ما أخذَ الطّفلُ نقوداً مِن جَيبِ الأبِ فلا تُحاسِبوهُ، وإنّما وفِّروا لَهُ الأمانَ بأنْ يُخبِرَكُم بأنَّهُ أخذَ مالاً مِن عندِكُم، فالعِقابُ والضَّربُ يجعلُهُ يتذرَّعُ بالكَذِبِ لإبعادِ العِقابِ.