حتى يكونَ تعامُلُكَ معَ زوجَتِكَ وأبنائكَ أكثرَ هدوءاً بعدَ عودَتِكَ مِنَ العَملِ وأنتَ تشعُرُ بالإرهاقِ والمزاجِ السيّءِ، عليكَ أنْ تُهَيّأَ نفسَكَ عِبرَ برنامجٍ ذاتيٍّ تنتقي مُفرداتِهِ بما يُناسِبُ قناعاتِكَ ويُساعِدُكَ في تحويلِ مِزاجِكَ مِن جَوِّ العَمَلِ إلى الجَوِّ الأُسريِّ، ويجعلُكَ تتواصَلُ معَ أفرادِ أُسرَتِكَ بصورةٍ هادئةٍ ومُتَّزِنَةٍ.
فمِنَ المألوفِ أنْ يعودَ الزوجُ أو الزوجةُ إلى منزلِهما بعدَ يومٍ طويلٍ مِنَ العَمَلِ، ومِنَ المؤسِفِ أنَّهُما ينقلانِ ما يحمِلانِهِ مِن تَعَبٍ وتَوتُّرٍ في العَملِ إلى المنزلِ، فيدخُلُ أحدُهما -أو كلاهُما-وهوَ ما زالَ في أجواءِ العَملِ ودوامَتِهِ ومُثقَلٌ بضغوطِ المَهَامّ.
وحتى يتجاوزَ الإنسانُ تأثيرَ الإرهاقِ بعدَ العَمل ِعليهِ أنْ يُدرِكَ عِدَّةَ مسائِلَ: -
- إنَّ الاندفاعَ والعَصَبيّةَ تُجَرّدُ الإنسانَ الكثيرَ مِنَ الصّفاتِ الإنسانيةِ كالصَّبرِ وحُسنِ الإصغاءِ والرؤيةِ السَّليمةِ والصائبةِ والحِكمَةِ.
- إنَّ الخضوعَ لتأثيرِ الإرهاقِ يجعلُ الفردَ سهلَ الوقوع ِفي مُثيراتِ الغَضَبِ وسريعَ الانفعالِ بصورةٍ تجعلُ صغائرَ الأمورِ كبيرةً، وقد يُصبحُ دونَ أنْ ينتَبِهَ كثيرَ الصُّراخِ والتَّحَدُّثِ بنبرةٍ غاضبةٍ.
- إنَّ الالتفاتَ الى الإرهاقِ يُحوِّلُ الفردَ الى مُتظَلِّمٍ، فهوَ يَشعُرُ بأَنَّهُ يُقدِّمُ عطاءً لا يَجِدُ أحداً يَعبَأُ بهِ وهذا يُشعِرُ الزوجَ أوِ الزوجةَ بالتَظَلُّمِ والإحباطِ.
- رُبّما هُناكَ مسائلُ أُخرى يجِبُ عليكَ إدراكُها تدفَعُكَ الى التفكيرِ الجَادِّ في التزامِ برنامَجٍ يجعَلُكَ مُستَعِدّاً في دخولِكَ للمنزلِ بدونِ أنْ تكونَ تحتَ تأثيرِ التوتُّرِ.
- الدخولُ للمنزلِ بمزاجٍ عَصبيٍّ يجعلُكَ مُندَفِعاً في فتحِ محكَمَةٍ لضبطِ ورَصدِ المشاكِلِ أو لفَتحِ مَلفَّاتٍ لا تَهُمُّ الأُسرةَ كالتَّحَدُّثِ عَن مشاكلِ العَملِ مثلاً أو تكونُ حسّاساً إزاءَ أيِّ حديثٍ تتكَلَّمُ بهِ زوجَتُكَ!
ذكرَ أحَدُ الباحثينَ بأنَّ هناكَ زوجيِن لجَئا إلى مُستَشارةٍ أُسريّةٍ لتلافي تأثيرِ الإرهاقِ على المزاجِ؛ فقدَمَتْ لهُما نصيحةً مُفيدةً وبرنامجاً لتجاوزِ الإرهاقِ بعدَ العَمَلِ، نصحتْ الزوجَ بأنْ يدخُلَ المنزلَ مِنَ البابِ الخَلفِيِّ بدلاً مِنَ البابِ الأماميِّ عندَ عودتهِ مِنَ العَمَلِ، ثُمَّ يأخذُ حمّاماً لمُدَّةِ خَمسَ عشرةَ دقيقةً للاسترخاءِ، كانَ لهذا فائدتانِ: الأولى: هيَ مساعَدَتُهُ على الاسترخاءِ بَدَنيّاً وعَقليّاً، والأَهَمُّ مِن ذلكَ هوَ تنبيهُهُ إلى أنَّ زوجتَهُ لا تُشارِكُهُ طبعَهُ الاندفاعيَّ، أي لا تكونُ سبَباً في إثارَةِ عَصَبِيَّتِهِ .
هناكَ العديدُ مِنَ البرامجِ المفيدةِ التي تُساعِدُكَ في تقليلِ التَّوتُّرِ والإرهاقِ ولن يستغرقَ منكَ بضعَ دقائقَ قبلَ أَنْ تدخُلَ منزلَكَ، فما عليكَ إلّا أنْ تأخُذَ وقتاً كافياً لتهدئةِ أعصابِكَ والتَّنفُّسِ بعُمقٍ والاسترخاءِ، وذَكِّرْ نفسَكَ بأنَّ ساعاتِ العَملِ قد مَضَتْ وأنَّهُ قد حانَ وقتُ تنشيطِ النّفسِ وتهدئةِ الأعصابِ...و إذا كانَ الأمرُ مُمكِناً فاجلسْ في حديقةٍ حتى تسترخي أو في مكانٍ يُتيحُ لكَ التأمُّلَ أو قراءةَ القُرآنِ أو الاستماعَ الى مقاطعَ لمُدرِّبٍ في التنميةِ البشريّةِ أو تناولَ عصيرٍ أو شُربَ شيءٍ ما ... فإنَّ المُهِمَّ هوَ توفُّرُ الرغبةِ الصادقةِ في الاسترخاءِ وتهدئةِ الأعصابِ مِن مُنطَلَقِ الإدراكِ الواعي لأَهَمِّيتهِ في تجاوزِ تأثيرِ الإرهاقِ قبلَ دخولِكَ المنزلِ.