عن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: لو كانت الولاية المنسوبة إلى الله تعالى في الآية غير المنسوبة إلى الذين آمنوا ـ والمقام مقام الالتباس ـ كان الأنسب أن تفرد ولاية أخرى للمؤمنين بالذكر رفعا للالتباس كما وقع نظيره في نظيرها، قال تعالى: "قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ" (التوبة 61)، فكرر لفظ الإيمان لما كان في كل من الموضعين لمعنى غير الآخر، وقد تقدم نظيره في قوله تعالى: "أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ" (النساء 59)، في الجزء السابق على هذا الجزء من الكتاب. على أن لفظ "وَلِيُّكُمُ" أتي به مفردا وقد نسب إلى الذين آمنوا وهو جمع، وقد وجهه المفسرون بكون الولاية ذات معنى واحد هو لله سبحانه على الأصالة ولغيره بالتبع. وقد تبين من جميع ما مر أن القصر في قوله: "إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ" " إلخ "، لقصر الإفراد كان المخاطبين يظنون أن الولاية عامة للمذكورين في الآية وغيرهم فأفرد المذكورون للقصر، ويمكن بوجه أن يحمل على قصر القلب. قوله تعالى: "الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ" بيان للذين آمنوا المذكور سابقا، وقوله: "وَهُمْ راكِعُونَ" حال من فاعل "يُؤْتُونَ" وهو العامل فيه. والركوع هو الهيأة المخصوصة في الإنسان، ومنه الشيخ الراكع، ويطلق في عرف الشرع على الهيأة المخصوصة في العبادة، قال تعالى: "الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ" (التوبة 112) وهو ممثل للخضوع والتذلل لله، غير أنه لم يشرع في الإسلام في غير حال الصلاة بخلاف السجدة. ولكونه مشتملا على الخضوع والتذلل ربما أستعير لمطلق التذلل والخضوع أو الفقر والإعسار الذي لا يخلو عادة عن التذلل للغير. قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ" (المائدة 56)، التولي هو الأخذ وليا، و "الَّذِينَ آمَنُوا" مفيد للعهد والمراد به المذكور في الآية السابقة: "وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ"، " إلخ "، وقوله: "فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ" واقع موقع الجزاء وليس به بل هو من قبيل وضع الكبرى موضع النتيجة للدلالة على علة الحكم، والتقدير: ومن يتول فهو غالب لأنه من حزب الله وحزب الله هم الغالبون، فهو من قبيل الكناية عن أنهم حزب الله. والحزب على ما ذكره الراغب جماعة فيها غلظ، وقد ذكر الله سبحانه حزبه في موضع آخر من كلامه قريب المضمون من هذا الموضع، ووسمهم بالفلاح فقال: "(لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ـ إلى أن قال: "أُولئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (المجادلة 22). والفلاح الظفر وإدراك البغية التي هي الغلبة والاستيلاء على المراد، وهذه الغلبة والفلاح هي التي وعدها الله المؤمنين في أحسن ما وعدهم به وبشرهم بنيله، قال تعالى: "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ" (المؤمنون 11)، والآيات في ذلك كثيرة، وقد أطلق اللفظ في جميعها، فالمراد الغلبة المطلقة والفلاح المطلق أي الظفر بالسعادة والفوز بالحق والغلبة على الشقاء، وإدحاض الباطل في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فبالحياة الطيبة التي توجد في مجتمع صالح من أولياء الله في أرض مطهرة من أولياء الشيطان على تقوى وورع، وأما في الآخرة ففي جوار رب العالمين.
جاء عن شبكة رافد: السؤال: هل كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول عندما يؤذّن (أشهد أنّ علي ولي الله) الجواب: اوّلاً: ليس أشهد انّ علياً وليّ الله جزءً من الأذان والإقامة بل هو مستحب مطلقاً بعد ذكر الشهادتين، ومن يذكره في الأذان والإقامة انّما يذكره بعنوان انّه مستحب مؤكّد لا بعنوان أنّه جزء الأذان، كما نصلّي على النبيّ وآله حينما نقول (أشهد أنّ محمّداً رسول الله) حيث انّه يستحبّ الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وآله متى ما ذكر حتّى في الأذان والإقامة إذ ليس الأذان والإقامة مثل الصلاة ممّا لا يجوز فيه زيادة شيء آخر من الكلام الآدمي. ثانياً: هل كان النبي صلّى الله عليه وآله يقول في أذان الفجر (الصلاة خير من النوم) أم أنّ عمر بن الخطاب هو الذي أضافه على الأذان ثالثاً: الأحكام الشرعيّة كانت تدريجيّة ولم تشرّع دفعةً، فلعلّ أشهد انّ عليّاً وليّ الله انّما شرع في الأذان بعد واقعة الغدير حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: (من كنت مولاه فعليّ مولاه) ولم يشرع قبله إذ لم ينصب النبي صلّى الله عليه وآله عليّاً للولاية والإمامة قبل يوم الغدير على رؤوس الاشهاد، وانّما كان يذكر ذلك في مواطن ومواضع خاصّة. ويشهد لذلك انّه روى في كتاب (السلافة في أخبار الخلافة) انّ سلمان ـ وهو الصحابي الجليل ـ قال في أذانه بعد واقعة الغدير (أشهد أنّ عليّاً وليّ الله)، فشكاه بعض الصحابة إلى النبي صلّى الله عليه وآله، فقال النبي صلّى الله عليه وآله: (سمعتم خيراً)، ولعلّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يقول ذلك في الأذان والإقامة لكن يد الخيانة والحقد والتعصّب أخفى ذلك. رابعاً: لعلّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يرى مانعاً من الاجهار بقوله (أشهد انّ عليّاً وليّ الله) في الأذان والإقامة لأنّ القوم كانوا حديث عهد بالإسلام وكانت لديهم أحقاد بدريّة واُحديّة وحنينيّة تجاه أمير المؤمنين علي عليه السلام، حيث قتل آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وأبناء عشيرتهم في الحروب دفاعاً عن النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله والإسلام، وكان النبي صلّى الله عليه وآله يخشى من ارتداد القوم أو اقدامه على قتله وقتل علي عليه السلام كما حصل ذلك في العقبة بعد أن نصب عليّاً عليه السلام للإمامة والولاية فأرادوا قتل النبي صلّى الله عليه وآله ونفروا جملة في العقبة.
ان شهادة محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو علي عليه السلام لا يعني الشرك بالله تعالى، والذي يقصد الشرك به فان الله سبحانه بريء منه. جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله عز من قائل "قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَـٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ" الأنعام 19 أمر الله رسوله أن يسألهم: "أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى". ويأمره أن: "قُلْ لا أَشْهَدُ، قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ". ذكر العبارات الأخيرة في الآية له هدف نفسي هام، وهو أنّ المشركين قد يتصورون حدوث تزلزل في نفس النّبي صلَّ الله عليه وآله وسلم على أثر كلامهم، فيتركون المجلس آملين، ويبشرون أصحابهم بإمكان أن يعيد محمّد صلَّ الله عليه وآله وسلم النظر في دعوته. فهذه الجمل الصريحة الحاسمة تقضي على أمل المشركين وتحيله إلى يأس، وتبيّن لهم أنّ الأمر أعظم ممّا يظنون، وأنّه لم يداخله أدنى شك في دعوته، ولقد دلت التجارب على أنّ ذكر أمثال هذه العبارات الجازمة والحاسمة في ختام كل بحث له أثر عميق في تحقيق الهدف النهائي.
تكملة للحلقة السابقة جاء في شبكة أم الحمام عن تأملات في (أشهد أن عليا ولي الله) للأستاذ محمد عبد العال: معنى أشهد أن عليا ولي الله أو أمير المؤمنين حجة الله: هي اعتراف من القائل أو المؤذن بالولاية والإمرة والسيادة والقدوة والكمال والحجة لعلي من الله ورسوله،وأن القائل بمثابة من حضر بيعة الغدير بل قد حضر كل المعارك معه ع والدليل مذكور في نهج البلاغة من كلامه. وأنه حجة على المعاندين و النواصب فهم يعرفون أنه لا يوجد أحد من الصحابة يداني عليا في أي صفة من صفاته الشريفة لا العلم ولا التقوى، وأتذكر أن أحد البدو ستيني العمر، في شهر رمضان هذا كنت أتكلم معه عن الإيمان ثم ذكرت له حديثا لمولانا علي،فرأيته يقول (هذا الرجل عجيب كلامه).كأنه يقول: ما سمعت أوجز ولا أدق ولا أعظم من كلامه. (أشهد أن عليا على الحق حجة الله) كنت أسمع الأذان ذات يوم فسألني عقلي قائلا: ما معنى علي على الحق فقال له قلبي: يعني علي هو الدليل والعلامة على الحق والصواب وهو ثابت على نهج الرسول، ولذا صار حجة لله على الخلائق. (أمير المؤمنين) ذكر العلماء دامت بركاتهم لهذه الكلمة ثلاث معانٍ أسردها بإيجاز: أ- المعلم والمربي: فأمير كالفعل المضارع أكتب،بمعنى أنه يغذي المؤمنين بالعلم لأنه مدينة العلم لقوله (أنا يعسوب المؤمنين،والمال يعسوب المنافقين) وعلمه كالعسل الصافي لأن اليعسوب هو أمير النحل. ولقول النبي (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها). ب- الأمارة والعلامة: فحب علي والاقتداء بأفكاره وأفعاله علامة للإيمان بالرسول، وفي المقابل بغضه وعداؤه ومخالفة منهجه أمارة وعلامة على النفاق والكفر بالرسول، مصداقا لكلام النبي (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق ) وكما ورد في دعاء الندبة قول النبي (ولولا أنت يا علي لم يُعرف المؤمنون بعدي). ج- القائد والإمام: قال نبينا (علي إمام البررة، وقاتل الفجرة) وقوله (علي الصديق الأكبر) (علي الفاروق بين الحق والباطل) فلقب الإمام ولقب أمير المؤمنين لم يعطه النبي لغير علي في حياته وإلى يومنا الحاضر لا يعرف المسلمون أحدا من الصحابة بالإمام إلا مولانا علي لقول النبي.







وائل الوائلي
منذ يومين
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN