أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/مواضيع متفرقة/شخصيات/متفرقة
أخبرنا أبو عبد
الله محمد بن محمد، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا عبد الواحد
بن عبد الله بن يونس الربعي، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عامر، قال: حدثنا المعلى
بن محمد البصري، قال: حدثنا محمد ابن جمهور العمي، قال: حدثنا جعفر بن بشير، قال: حدثني
سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر
بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام) قال: لما قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة
لهدم البيت، تسرعت الحبشة فأغاروا عليها وأخذوا سرحا لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد
المطلب إلى الملك فاستأذن عليه، فأذن له وهو في قبة ديباج على سرير له، فسلم عليه فرد
أبرهة السلام، فجعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه وجماله وهيئته.
فقال له: هل كان
في آبائك مثل هذا النور الذي أراه لك والجمال؟ قال: نعم أيها الملك، كل آبائي كان لهم
هذا الجمال والنور والبهاء. فقال له أبرهة: لقد فقتم الملوك فخرا وشرفا، ويحق لك أن
تكون سيد قومك.
ثم أجلسه معه على
سريره، وقال لسائس فيله الأعظم - وكان فيلا أبيض عظيم الخلق، له نابان مرصعان بأنواع
الدرر والجواهر، وكان الملك يباهي به ملوك الأرض -:
ائتني به، فجاء
به سائسه، وقد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له، ولم يكن يسجد لملكه،
وأطلق الله لسانه بالعربية فسلم على عبد المطلب، ولما رأى الملك
ذلك ارتاع له وظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه.
ثم قال لعبد المطلب:
فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك وكرمك وفضلك، ورأيت من هيبتك وجمالك وجلالك ما يقتضي أن أنظر
في حاجتك فسلني ما شئت، وهو يرى أنه يسأله في الرجوع عن مكة، فقال له عبد المطلب: إن
أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به فمرهم برده علي.
قال: فتغيظ الحبشي
من ذلك وقال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك وأنا قد جئت لهدم
شرفك وشرف قومك، ومكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، وهو البيت الذي يحج إليه من
كل صقع في الأرض، فتركت مسألتي في ذلك وسألتني في سرحك!
فقال له عبد المطلب:
لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، وأنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا
ربه، وللبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، وأولى به منهم.
فقال الملك: ردوا
إليه سرحه، وانصرف إلى مكة، وأتبعه الملك بالفيل الأعظم مع الجيش لهدم البيت، فكانوا
إذا حملوه على دخول الحرم أناخ، وإذا تركوه رجع مهرولا. فقال عبد المطلب لغلمانه: ادعوا
لي ابني، فجئ بالعباس، فقال: ليس هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجئ بأبي طالب، فقال: ليس
هذا أريد، ادعوا لي ابني، فجئ بعبد الله أبي النبي (صلى الله عليه وآله)، فلما أقبل
إليه قال: اذهب يا بني حتى تصعد أبا قبيس ، ثم اضرب ببصرك ناحية البحر، فانظر أي شئ
يجئ من هناك وخبرني به.
قال: فصعد عبد الله
أبا قبيس، فما لبث أن جاء طير أبابيل مثل السيل والليل، فسقط على أبي قبيس، ثم صار
إلى البيت فطاف به سبعا، ثم صار إلى الصفا والمروة فطاف بهما سبعا، فجاء عبد الله إلى
أبيه فأخبره الخبر، فقال: انظر يا بني ما يكون من أمرها بعد فأخبرني به، فنظرها فإذا
هي قد أخذت نحو عسكر الحبشة، فأخبر عبد المطلب بذلك، فخرج عبد المطلب وهو يقول: يا
أهل مكة، اخرجوا إلى العسكر فخذوا غنائمكم.
قال: فأتوا العسكر،
وهم أمثال الخشب النخرة، وليس من الطير إلا ما معه ثلاثة أحجار في منقاره ورجليه، يقتل
بكل حصاة منها واحدا من القوم، فلما أتوا على جميعهم انصرف الطير، ولم ير قبل ذلك ولا
بعده، فلما هلك القوم بأجمعهم جاء عبد المطلب إلى البيت فتعلق بأستاره وقال:
يا حابس الفيل بذي
المغمـــس * حبسته كأنه مكـــوكس
في محبس
تزهق فيه الأنفس .
فانصرف وهو يقول
في فرار قريش وجزعهم من الحبشة :
طارت قريش إذ رأت
خميسا * فظلت فردا لا أرى أنيسا
ولا أحس منهم حسيــــــــــسا
* إلا أخا لي ماجــدا نفيسا
مسودا في أهله رئيسا .
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 80
تاريخ النشر : 2024-05-10