أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الموت والقبر والبرزخ/حضور الائمة عليهم السلام وما يعاينه المؤمن والكافر/النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
قوله عز وجل {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ
مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: 46] الذين يقدرون أنهم يلقون
ربهم اللقاء الذي هو أعظم كراماته، وإنما قال: يظنون لانهم لا يرون بماذا يختم
لهم، والعاقبة مستورة عنهم {وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 46] إلى كراماته،
ونعيم جنانه، لإيمانهم وخشوعهم، لا يعلمون ذلك يقينا
لانهم لا يأمنون أن يغيروا ويبدلوا، قال رسول
الله صلى الله عليه واله: لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة، لا يتيقن الوصول
إلى رضوان الله حتى يكون وقت نزع روحه وظهور ملك الموت له. وذلك أن ملك الموت
يرد على المؤمن وهو في شدة علة، وعظيم ضيق صدره، بما يخلف من أمواله، ولما هو عليه
من اضطراب أحواله في معامليه وعياله، وقد بقيت في نفسه مرارتها وحسراتها، واقتطع
دون أمانيه فلم ينلها، فيقول له ملك الموت: مالك تجرع غصصك ؟ قال: لاضطراب أحوالي
واقتطاعك لي دون آمالي، فيقول له ملك الموت: وهل يحزن عاقل من فقد درهم زائف واعتياض
ألف ألف ضعف الدنيا ؟ فيقول: لا، فيقول ملك الموت: فانظر فوقك، فينظر فيرى درجات
الجنة وقصورها التي يقصر دونها الاماني، فيقول ملك الموت: تلك منازلك ونعمك وأموالك
و أهلك وعيالك، ومن كان من أهلك ههنا وذريتك صالحا فهم هناك معك، أفترضى به بدلا
مما هناك؟ فيقول: بلى والله. ثم يقول: انظر فينظر فيرى محمدا وعليا والطيبين من آلهما
في أعلا عليين، فيقول: أو تراهم ؟ هؤلاء ساداتك وأئمتك، هم هناك جلاسك وآناسك،
أفما ترضى بهم بدلا ممن تفارق ههنا ؟ بلى وربي، فذلك
ما قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا
تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا } [فصلت:
30] فما أمامكم من الاهوال كفيتموها، ولا تحزنوا على ما تخلفونه
من الذراري والعيال، فهذا الذي شاهدتموه في الجنان بدلا منهم، وابشروا
بالجنة التي كنتم توعدون هذه منازلكم وهؤلاء ساداتكم آناسكم وجلاسكم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 6 / صفحة [ 176 ]
تاريخ النشر : 2024-04-02