أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/العدل/الهداية والاضلال والتوفيق والخذلان/الإمام الصادق (عليه السلام)
عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أبيه
قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: اجعلوا أمركم لله، ولا تجعلوه للناس
فإنه ما كان لله فهو لله، وما كان للناس فلا يصعد إلى الله، ولا تخاصموا الناس
لدينكم فإن المخاصمة ممرضة للقلب، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وآله: {إِنَّكَ
لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [القصص:
56] وقال: { أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس:
99] ذروا الناس فإن الناس أخذوا عن الناس وإنكم أخذتم عن رسول الله صلى الله عليه
وآله، إني سمعت أبي عليه السلام يقول: إن الله عز وجل إذا كتب على عبد أن يدخل في
هذا الامر كان أسرع إليه من الطير إلى وكره.
في نفسه من جهة حسن التربية وتراكم العمل حالة الانقياد والقبول بحسن السخاء
والجود بزوال الصورة المباينة من البخل فالاستدلال للحق إنما يوجب ظهوره على من
كان صحيح النظر واما إيمانه به و انقياده له فله سبب تكويني هو حصول الحالة أو
الملكة النفسانية الملائمة لحصوله وليس مستندا إلى اختيار الانسان حتى يوجد في
نفسه أو في غيره الانقياد والايمان بالحق من دون سببه التكويني وهو الهيئة
النفسانية المذكورة، فثبت ان للإيمان والاهتداء وغير ذلك سببا تكوينيا غير إرادة
الانسان واختياره وهو مجموع النظر الصحيح والهيئة النفسانية الملائمة الغير
المنافية للحق، فهو منسوب إلى الله سبحانه دون اختيار الانسان على حد ساير الأمور
التكوينية المنسوبة إليه تعالى.
ولذلك كانت الروايات تنسب الايمان والكفر والهداية والضلال إلى الله سبحانه
وتنفى كونها باختيار الانسان وتنهى عن الاصرار في القبول والمراء والجدال في
الدعوة إلى الحق كما يدل عليه قوله في رواية عقبة الآتية: (ولا تخاصموا الناس
لدينكم فان المخاصمة ممرضة للقلب) الحديث فإنها تثير عوامل العصبية والاباء عن
الحق واما ما ورد في الكتاب والسنة من الأوامر بحسن التربية والحث على التبليغ
والانذار والدعوة والتذكرة فإنها مقربات للانسان من الايمان والطاعة وليست بموجبة
و لا ملزمة وبالتأمل فيما ما ذكرناه يظهر معنى روايات الباب والله الهادي
(الطباطبائي).
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 166
تاريخ النشر : 2024-02-06