أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/التوحيد/الكلام في التوحيد/الإمام الباقر عليه السلام
قال وهب بن وهب القرشي: سمعت الصادق عليه
السلام يقول: قدم وفد من فلسطين على الباقر عليه السلام فسألوه عن مسائل فأجابهم، ثم سألوه عن الصمد فقال: تفسيره فيه الصمد
خمسة أحرف، فالألف دليل على إنيته، وهو قوله عزوجل: شهد الله أنه لا إله إلا هو،
وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس، واللام دليل على إلهيته بأنه هو الله،
والالف واللام مدغمان لا يظهران على اللسان ولا يقعان في السمع، ويظهران في الكتابة
دليلان على أن إلهيته لطيفة خافية لا يدرك بالحواس، ولا يقع في لسان واصف، ولا
اذن سامع لان تفسير الاله هو الذي أله الخلق عن درك مائيته وكيفيته بحس أو بوهم،
لا بل هو مبدع الاوهام وخالق الحواس، وإنما يظهر ذلك عند الكتابة فهو دليل على
أن الله سبحانه أظهر ربوبيته في إبداع الخلق، وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم
الكثيفة، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه، كما أن لام الصمد لا تتبين ولا
تدخل في حاسة من حواسه الخمس، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر له ما خفي ولطف، فمتى تفكر
العبد في مائية الباري وكيفيته أله فيه وتحير ولم تحط فكرته بشئ يتصور له، لأنه
عزوجل خالق الصور، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنه عزوجل خالقهم، ومركب أرواحهم في أجسادهم،
وأما الصاد فدليل على أنه عزوجل صادق، وقوله صدق وكلامه صدق، ودعا عباده
إلى اتباع الصدق بالصدق، ووعد بالصدق دار الصدق، وأما الميم فدليل على ملكه، وأنه
الملك الحق، لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه، وأما الدال فدليل على دوام ملكه، وأنه
عزوجل دائم تعالى عن الكون والزوال، بل هو الله عز وجل مكون الكائنات الذي كان بتكوينه
كل كائن.
ثم قال عليه السلام: لو وجدت لعلمي الذي
آتاني الله عزوجل حملة لنشرت التوحيد والاسلام والايمان والدين
والشرائع من الصمد، وكيف لي بذلك ولم يجد جدي
أمير المؤمنين عليه السلام حملة لعلمه حتى كان يتنفس الصعداء ويقول على المنبر:
سلوني قبل أن تفقدوني فإن بين الجوانح مني علما جما، هاه هاه، ألا لا أجد من يحمله،
ألا وإني عليكم من الله الحجة البالغة، فلا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا
من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور.
ثم قال الباقر عليه السلام: الحمد
لله الذي من علينا ووفقنا لعبادته الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا
أحد، وجنبنا عبادة الاوثان، حمدا سرمدا وشكرا واصبا. وقوله عزوجل: لم يلد ولم
يولد يقول الله عزوجل: لم يلد فيكون له ولد يرثه ملكه، ولم يولد فيكون له والد يشركه
في ربوبيته وملكه، ولم يكن له كفوا أحد فيعازه في سلطانه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 3 / صفحة [ 224 ]
تاريخ النشر : 2023-04-13