أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الدنيا/الإمام علي (عليه السلام)
أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا
محمد بن جعفر الرزاز أبو العباس القرشي، قال: حدثنا أيوب بن نوح بن دراج، قال:
حدثنا بشار ابن ذراع، عن أخيه يسار، عن حمران، عن أبي عبد الله، عن أبيه (عليه
السلام)، عن جابر بن عبد الله، قال بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) في جماعة من
أصحابه أنا فيهم ، إذ ذكروا الدنيا وتصرفها بأهلها، فذمها رجل، فذهب في ذمها كل
مذهب، فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): أيها الذام للدنيا، أنت المتجرم
عليها، أم هي المتجرمة عليك؟ فقال. بل أنا المتجرم عليها، يا أمير المؤمنين.
قال: فبم تذمها؟ أليست منزل صدق لمن صدقها،
ودار غنى لمن تزود منها، ودار عافية لمن فهم عنها، ومساجد أنبياء الله، ومهبط
وحيه، ومصلى ملائكته، ومتجر أوليائه، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة؟ فمن
ذا يذمها؟ وقد آذنت ببينها، ونادت بانقضائها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت ببلائها
البلى، وتشوقت بسرورها إلى السرور تخويفا وترغيبا، فابتكرت بعافية، وراحت بفجيعة،
فذمها رجال فرطوا غداة الندامة، وحمدها آخرون اكتسبوا فيها الخير.فيا أيها الذام للدنيا، المغتر بغرورها،
متى استذمت إليك، أم متى غرتك، أبمضاجع آبائك من البلى، أم بمصارع أمهاتك تحت
الثرى؟ كم مرضت بيديك، وعالجت بكفيك؟ تلتمس لهم الشفاء، وتستوصف لهم الأطباء، لم
تنفعهم بشفاعتك، ولم تسعفهم في طلبتك، مثلت لك - ويحك - الدنيا بمصرعهم مصرعك،
وبمضجعهم مضجعك، حين لا يغني بكاؤك، ولا ينفعك أحباؤك.
ثم التفت إلى أهل المقابر، فقال: يا أهل
التربة، ويا أهل الغربة، أما المنازل فقد سكنت، وأما الأموال فقد قسمت، وأما
الأزواج فقد نكحت، هذا خبر ما عندنا، فما خبر ما عندكم؟ ثم أقبل على أصحابه فقال:
والله لو أذن لهم في الكلام لأخبروكم أن خير الزاد التقوى.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 594
تاريخ النشر : 2024-01-13