حدثنا أبو الطيب،
قال: حدثنا علي بن ماهان ، قال: حدثنا عمي ، قال: حدثنا محمد بن عمر ، قال: حدثنا ثور
بن يزيد ، عن مكحول ، قال:
لما كان يوم خيبر
خرج رجل من اليهود يقال له مرحب ، وكان طويل القامة عظيم الهامة ، وكانت اليهود تقدمه
لشجاعته ويساره.
قال : فخرج في ذلك
اليوم إلى أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فما واقفه قرن إلا قال: أنا مرحب
، ثم حمل عليه فلم يثبت له.
قال : وكانت له ظئر ،
وكانت كاهنة ، وكانت تعجب بشبابه وعظم خلقته ، وكانت تقول له : قاتل كل من قاتلك
وغالب كل من غالبك إلا من تسمى عليك بحيدرة ، فإنك إن وقفت له هلكت.
قال: فلما كثر مناوشته
، وبعل الناس بمقامه شكوا ذلك إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وسألوه أن يخرج إليه
عليا (عليه السلام) ، فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) عليا (عليه السلام) ، وقال له:
يا علي اكفني مرحبا ، فخرج إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) ، فلما بصر به مرحب أسرع
إليه فلم يره يعبأ به ، فأنكر ذلك وأحجم عنه ، ثم أقدم وهو يقول: أنا الذي سمتني
أمي مرحبا .
فأقبل علي (عليه
السلام) بالسيف ، وهو يقول: أنا الذي سمتني أمي حيدره .
فلما سمعها منه
مرحب هرب ولم يقف خوفا مما حذرته منه ظئره ، فتمثل له إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود
، فقال: إلى أين يا مرحب؟ فقال: قد تسمى علي هذا القرن بحيدرة.
فقال له إبليس:
فما حيدرة؟ فقال: إن فلانة ظئري كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه حيدرة ، وتقول: إنه
قاتلك.
فقال له إبليس:
شوها لك ، لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله ، تأخذ بقول النساء
وهن يخطئن أكثر مما يصبن ، وحيدرة في الدنيا كثير ، فارجع فلعلك تقتله ، فإن قتلته
سدت قومك وأنا في ظهرك استصرخ اليهود لك.
فرده فوالله ما
كان إلا كفواق ناقة حتى ضربه علي (عليه السلام) ضربة سقط منها لوجهه وانهزم اليهود
وهم يقولون : قتل مرحب ، قتل مرحب.
قال: وفي ذلك يقول
الكميت بن زيد الأسدي (رحمه الله) في مدحه لعلي (عليه السلام):
سقى جرع الموت ابن
عثمان بعدما * تعاورها منه وليد ومرحب .
فالوليد هو ابن
عتبة خال معاوية بن أبي سفيان ، وعثمان بن طلحة من قريش ، ومرحب من اليهود.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 3
تاريخ النشر : 2024-01-10