أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الإيمان والكفر/الايمان/الإمام الصادق (عليه السلام)
علي بن
إبراهيم، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن القاسم بن بريد قال: حدثنا أبو عمرو الزبيري، عن أبي عبد الله
(عليه السلام) قال: قلت له: إن للايمان درجات ومنازل، يتفاضل المؤمنون فيها عند
الله؟ قال: نعم، قلت: صفه لي رحمك الله حتى أفهمه، قال: إن الله سبق بين المؤمنين
كما يسبق بين الخيل يوم الرهان ، ثم فضلهم على درجاتهم في السبق إليه، فجعل كل
امرئ منهم على درجة سبقه، لا ينقصه فيها من حقه ولا يتقدم مسبوق سابقا ولا مفضول
فاضلا، تفاضل لذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها ولو لم يكن للسابق إلى الايمان فضل
على المسبوق إذا للحق آخر هذه الأمة أولها، نعم ولتقدموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى
الايمان الفضل على من أبطأ عنه ولكن بدرجات الايمان قدم الله السابقين وبالابطاء
عن الايمان أخر الله المقصرين لأنا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من
الأولين وأكثرهم صلاة وصوما وحجا وزكاة وجهادا وإنفاقا ولو لم يكن سوابق يفضل بها
المؤمنون بعضهم بعضا عند الله لكان الآخرون بكثرة العمل مقدمين على الأولين ولكن
أبى الله عز وجل أن يدرك آخر درجات الايمان أولها، ويقدم فيها من أخر الله أو يؤخر فيها من قدم الله.
قلت:
أخبرني عما ندب الله عز وجل المؤمنين إليه من الاستباق إلى الايمان، فقال: قول
الله عز وجل: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا
كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ
وَرُسُلِهِ } [الحديد: 21] وقال: "
السابقون السابقون أولئك المقربون (الواقعة ١٠ و ١١) " وقال: "
والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم
ورضوا عنه (التوبة: ١٠٠) " فبدأ بالمهاجرين الأولين على درجة سبقهم، ثم ثنى
بالأنصار ثم ثلث بالتابعين لهم بإحسان، فوضع كل قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم
عنده، ثم ذكر ما فضل الله عز وجل به أولياءه بعضهم على بعض، فقال عز وجل: "
تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات - إلى
آخر الآية - (البقرة: ٢٥٣) " وقال: " ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض (الاسراء:
٥٥) " وقال: " انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر
تفضيلا (الاسراء: ٢١) " وقال: " هم درجات عند الله (آل عمران: ١٦٣)
" وقال: " ويؤت كل ذي فضل فضله (هود: ٣) " وقال: " الذين
آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله (التوبة:
٢٠) " وقال: "
فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما * درجات منه ومغفرة ورحمة (النساء: ٩٦)
" وقال: " لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من
الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا (الحديد: ١٠) " وقال: " يرفع الله الذين
آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات (المجادلة: ١١) " وقال: " ذلك
بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار
ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح (التوبة: ١٢٠) " وقال:
" وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله (البقرة: 110) " وقال: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن
يعمل مثقال ذرة شرا يره " فهذا ذكر درجات الايمان ومنازله عند الله عز وجل.
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج2 ، ص 40
تاريخ النشر : 2023-10-11