أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/مواضيع متفرقة/شخصيات/ابو طالب (عليه السلام)
وأخبرني المشيخة
: محمد بن إرديس ، شاذان بن جبرئيل ، ومحمد بن علي الفويقي بأسانيدهم عن الشيخ
المفيد رحمهم الله يرفعه أن أبا طالب رضي الله عنه لما أراد الخروج إلى بصرى
الشام ترك رسول الله إشفاقا عليه ولم يعمد على استصحابه ، فلما ركب تعلق رسول الله
صلى الله عليه وآله بزمام ناقته وبكى وناشده في إخراجه ، فظللته الغمام ولقيه
بحيرا الراهب ، فأخبره بنبوته وذكر له البشارة في الكتب الاولى به ، وحمل له
ولأصحابه الطعام والنزل وحث أبا طالب على الرجوع به إلى أهله وقال له : إني أخاف
عليه من اليهود فإنهم أعداؤه ، فقال أبو طالب في ذلك :
إن ابن آمنة
النبي محمدا عندي بمثل منازل الاولاد
لما تعلق
بالزمام رحمته والعيس قد قلصن بالأزواد
فارفض من عيني
دمع ذارف مثل الجمان مفرق الافراد
راعيت فيه قرابة
موصولة وحفظت فيه وصية الاجداد
وأمرته بالسير
بين عمومة بيض الوجوه مصالت أنجاد
ساروا لأبعد طية
معلومة ولقد تباعد طية المرتاد
حتى إذا ما
القوم بصرى عاينوا لاقوا على شرك من
المرصاد
حبرا فأخبرهم
حديثا صادقا عنه ورد معاشر الحساد
فأما قوله : «
وحفظت فيه وصية الاجداد » فإن أبي معد بن فخار بن أحمد العلوي الموسوي قال :
أخبرني النقيب محمد بن علي بن حمزة العلوي بإسناد له إلى الواقدي قال : لما توفي
عبد الله بن عبد المطلب أبو النبي صلى الله عليه وآله وهو طفل يرضع وروي أن عبد
الله توفي والنبي صلى الله عليه وآله حمل وهذه الرواية أثبت فلما وضعته امه
كفله جده عبد المطلب ثماني سنين ، ثم احتضر للموت فدعا ابنه أبا طالب فقال له : يا
بني تكفل ابن أخيك مني فأنت شيخ قومك وعاقلهم ، ومن أجد فيه الحجى دونهم ، وهذا
الغلام ما تحدثت به الكهان ، وقد روينا في الاخبار أنه سيظهر من تمامة نبي كريم ،
وروي فيه علامات قد وجدتها فيه ، فأكرم مثواه واحفظه من اليهود فإنهم أعداؤه ، فلم
يزل أبو طالب لقول عبد المطلب حافظا ولوصيته راعيا ، وقال رحمه الله أيضا :
ألم ترني من
بعدهم هممته بغرة خير الوالدين كرام
بأحمد لما أن
شددت مطيتي لرحل وقد ودعته بسلام
بكى حزنا والعيس
قد فصلت لنا وجاذب بالكفين فضل زمام
ذكرت أباه ثم
رقرقت عبرة تفيض على الخدين ذات سجام
فقلت له : رح
راشدا في عمومة مواسين في البأساء غير
لئاه.
فلما هبطنا أرض
بصرى تشرفوا لنا فوق دور ينظرون جسام
فجاء بحيرا عند
ذلك حاسرا لنا بشراب طيب وطعام
فقال : اجمعوا
أصحابكم لطعامنا فقلنا : جمعنا القوم غير
غلام
يتيم فقال ادعوه
إن طعامنا كثير عليه اليوم غير حرام
فلما رأوه مقبلا
نحو داره يوقيه حر الشمس ظل غمام
وأقبل ركب
يطلبون الذي رأى بحيرا من الاعلام وسط
خيام
فثار إليهم خشية
لعرامهم وكانوا ذوي دهي معا وغرام
دريسا وتماما
وقد كان فيهم زبير
وكل القوم غير نيام
فجاؤوا وقد هموا
بقتل محمد فردهم عنه بحسن خصام
بتأويله التوراة
حتى تفرقوا وقال لهم ما أنتم بطغام
فذلك من أعلامه
وبيانه وليس نهار واضح كضلام
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 197 ]
تاريخ النشر : 2025-11-09