أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام/النبي محمد صلى الله عليه واله
روي عن مجاهد عن
أبي عمرو وأبي سعيد الخدري قالا : كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وآله
إذ دخل سلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري والمقداد بن الأسود وعمار بن ياسر وحذيفة بن
اليمان وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبو الطفيل عامر بن
واثلة فجثوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله والحزن ظاهر في وجوههم
فقالوا : فديناك بالآباء والامهات يا رسول الله ، إنا نسمع من قوم في أخيك وابن
عمك ما يحزننا ، وإنا نستأذنك في الرد عليهم ، فقال صلى الله عليه وآله وما
عساهم يقولون في أخي وابن عمي علي بن أبي طالب؟ فقالوا : يقولون : أي فضل لعلي في
سبقه إلى الاسلام وإنما أدركه الاسلام طفلا؟ ونحو هذا القول ، فقال صلى الله عليه
وآله : فهذا يحزنكم؟ قالوا :
إي والله ، فقال
: بالله أسألكم هل علمتم من الكتب السالفة أن إبراهيم هرب به أبوه من الملك الطاغي
فوضعت به امه بين أثلال بشاطئ نهر يتدفق يقال له حزران ، من غروب الشمس إلى إقبال
الليل فلما وضعته واستقر على وجه الارض قام من تحتها يمسح وجهه ورأسه ويكثر من
شهادة أن لا إله إلا الله ، ثم أخذ ثوبا واتشح به وامه تراه ، فذعرت منه ذعرا
شديدا ، ثم هرول بين يديها مادا عينيه إلى السماء فكان منه ما قال الله عزوجل «
وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل
رأى إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى
كوكبا قال هذا ربي » إلى قوله : « إني برئ مما تشركون ».
وعلمتم أن موسى
بن عمران كان فرعون في طلبه يبقر بطون النساء الحوامل ويذبح الاطفال ليقتل موسى ،
فلما ولدته امه أمرها أن تأخذه من تحتها وتقذفه في التابوت وتلقي التابوت في اليم
، فقالت وهي ذعرة من كلامه : يا بني إني أخاف عليك الغرق فقال : لا تحزني إن الله
يرد ني إليك ، فبقيت حيرانة حتى كلمها موسى وقال لها : يا ام اقذفيني في التابوت
وألقي التابوت في اليم ، فقال ففعلت ما امرت به ، فبقي في اليم إلى أن قذفه في
الساحل ، ورده إلى امه برمته ، لا يطعم طعاما ولا يشرب شرابا ، معصوما ، وروي أن
المدة كانت سبعين يوما ، وروي سبعة أشهر ، وقال الله عزوجل في حال طفوليته «
ولتصنع على عيني إذ تمشي اختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر
عينها ولا تحزن » الآية.
وهذا عيسى بن
مريم قال الله عزوجل فيه : « فناداها من تحتها ألا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا »
إلى قوله : « إنسيا » فكلم امه وقت مولده ، « وقال » حين أشارت إليه فقالوا كيف
نكلم من كان المهد صبيا : « إني عبد الله آتاني الكتاب » إلى آخر الآية فتكلم عليه
السلام في وقت ولادته ، وأعطي الكتاب والنبوة ، وأوصي بالصلاة والزكاة في ثلاثة أيام
من مولده ، وكلمهم في اليوم الثاني من مولده.
وقد علمتم جميعا
أن الله عزوجل خلقني وعليا من نور واحد ، إنا كنا في صلب آدم نسبح الله عزوجل ، ثم
نقلنا إلى أصلاب الرجال وأرحام النساء ، يسمع تسبيحنا في الظهور والبطون في كل عهد
وعصر إلى عبد المطلب ، وإن نورنا كان يظهر في وجوه آبائنا وامهاتنا حتى تبين
أسماؤنا مخطوطة بالنور على جباههم ، ثم افترق نورنا فصار نصفه في عبد الله ونصفه
في أبي طالب عمي ، فكان يسمع تسبيحنا من ظهورهما ، وكان أبي وعمي إذا جلسا في ملا
من قريش تلألأ نور في وجوههما من دونهم حتى أن الهوام والسباع يسلمان عليهما لأجل
نورهما ، إلى أن خرجنا من أصلاب أبوينا وبطون امهاتنا ولقد هبط حبيبي جبرئيل في
وقت ولادة علي فقال : يا حبيب الله ، العلي الاعلى يقرء عليك السلام ويهنئك بولادة
أخيك علي ويقول : هذا أوان ظهور نبوتك ، وإعلان وحيك وكشف رسالتك ، إذ أيدتك بأخيك
ووزيرك وصنوك وخليفتك ، ومن شددت به أزرك ، وأعلنت به ذكرك ، فقم إليه واستقبله
بيدك اليمنى فإنه من أصحاب اليمين ، وشيعته الغر المحجلون ، فقمت مبادرا فوجدت
فاطمة بنت أسد ام علي وقد جاء لها المخاض ، وهي بين النساء ، والقوابل حولها ،
فقال حبيبي جبرئيل : يا محمد نسجف بينها وبينك سجفا ، فإذا وضعت بعلي تتلقاه.
ففعلت ما امرت
به ، ثم قال لي : امدد يدك يا محمد ، فمددت يدي اليمنى نحو امه فإذا أنا بعلي على
يدي ، واضعا يده اليمنى في اذنه اليمنى ، وهو يؤذن ويقيم بالحنيفية ، ويشهد
بوحدانية الله عزوجل وبرسالاتي ، ثم انثنى إليّ وقال : السلام عليك يا رسول الله ،
ثم قال لي يا رسول الله أقرء؟
قلت: اقرء فوالذي
نفس محمد بيده لقد ابتدأ بالصحف التي أنزلها الله عزوجل على آدم فقام بها ابنه
شيث، فتلاها من أول حرف فيها إلى آخر حرف فيها ، حتى لو حضر شيث لأقر له أنه أحفظ
له منه ، ثم تلا صحف نوح ثم صحف إبراهيم ، ثم قرأ توراة موسى حتى لو حضر موسى لأقر
له بأنه أحفظ لها منه ، ثم قرأ زبور داود حتى لو حضر داود لأقر بأنه أحفظ لها منه
، ثم قرأ إنجيل عيسى حتى لو حضر عيسى لأقر بأنه أحفظ لها منه ، ثم قرأ القرآن الذي
أنزله الله علي من أوله إلى آخره فوجدته يحفظ كحفظي له الساعة من غير أن أسمع منه
آية ، ثم خاطبني وخاطبته بما يخاطب الأنبياء الاوصياء ، ثم عاد إلى حال طفوليته ،
وهكذا أحد عشر إماما من نسله فلم تحزنون؟
وماذا عليكم من
قول أهل الشك والشرك بالله ؟ هل تعلمون أني أفضل النبيين؟ وأن وصيي أفضل الوصيين؟
وأن أبي آدم لما رأى اسمي واسم علي وابنتي فاطمة والحسن والحسين وأسماء أولادهم
مكتوبة على ساق العرش بالنور قال : إلهي وسيدي هل خلقت خلقا هو أكرم عليك مني؟
فقال : يا آدم لولا هذه الاسماء لما خلقت سماء مبنية ، ولا أرضا مدحية ، ولا ملكا
مقربا ، ولا نبيا مرسلا ، ولا خلقتك يا آدم ، فلما عصى آدم ربه وسأله بحقنا أن
يتقبل توبته ويغفر خطيئته فأجابه ، وكنا الكلمات تلقاها آدم من ربه عزوجل ، فتاب
عليه وغفر له فقال له : يا آدم أبشر فإن هذه الاسماء من ذريتك وولدك فحمد آدم ربه
عزوجل وافتخر على الملائكة بنا ، وإن هذا من فضلنا وفضل الله علينا فقام سلمان ومن
معه وهم يقولون : نحن الفائزون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنتم
الفائزون ولكم خلقت الجنة ، ولأعدائنا وأعدائكم خلقت النار.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 35 / صفحة [ 27 ]
تاريخ النشر : 2025-11-01