الوضع الليلي
انماط الصفحة الرئيسية

النمط الأول

النمط الثاني

النمط الثالث

0
اليوم : السبت ٠٣ جمادى الأولى ١٤٤٧هـ المصادف ۲٥ تشرين الأول۲۰۲٥م

أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر
أحاديث وروايات عامة
أحداث الظهور وآخر الزمان
الأخذ بالكتاب والسنة وترك البدع والرأي والمقايس
الأخلاق والآداب
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
التقوى والعمل والورع واليقين
التقية
التوبة والاستغفار
الجنة والنار
الحب والبغض
الحديث والرواية
الخلق والخليقة
الدنيا
الذنب والمعصية واتباع الهوى
الشيعة
العقل
العلم والعلماء
الفتنة والفقر والابتلاء والامتحان
القلب
المعاشرة والمصاحبة والمجالسة والمرافقة
الموت والقبر والبرزخ
المؤمن
الناس واصنافهم
أهل البيت (عليهم السلام)
بلدان واماكن ومقامات
سيرة وتاريخ
عفو الله تعالى وستره ونعمته ورحمته
فرق وأديان
وصايا ومواعظ
مواضيع متفرقة
الفقه وقواعده
الاسراء والمعراج
الإيمان والكفر
الأنصاف والعدل والظلم بين الناس
الاسلام والمسلمين
الاطعمة والاشربة
أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
تفرق الناس عن أمير المؤمنين وتخاذلهم بعد حرب الخوارج...
تاريخ النشر : 2025-10-25
كتاب الغارات لإبراهيم الثقفي عن محمد بن إسماعيل ، عن نصر بن مزاحم ، عن عمر بن سعد ، عن نمير بن وعلة ، عن أبي الوداك : أن علي بن أبي طالب عليه السلام لما فرغ من حرب الخوارج ، قام في الناس بنهروان خطيبا فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد ، فإن الله قد أحسن بكم وأحسن نصركم ، فتوجهوا من فوركم هذا إلى عدوكم من أهل الشام.
فقاموا إليه فقالوا : يا أمير المؤمنين نفدت نبالنا ، وكلت سيوفنا ، ونصلت أسنة رماحنا ، وعاد أكثرها قصدا ، ارجع بنا إلى مصرنا نستعد بأحسن عدتنا ، ولعل أمير المؤمنين يزيد في عدتنا عدة من هلك منا ، فإنه أقوى لنا على عدونا . وكان الذي ولي كلام الناس يومئذ الأشعث بن قيس .
وعن إبراهيم بن العباس عن ابن المبارك البجلي [ عن بكر بن عيسى ] عن الأعمش عن المنهال بن عمرو [ عن قيس بن السكن أنه ] قال : سمعت عليا عليه السلام يقول ونحن بمسكن : يا معشر المهاجرين " ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين " [ 21 - المائدة : 5 ] فبكوا [ فتلكأوا " خ ل " ] وقالوا : البرد شديد . وكان غزاتهم في البرد . فقال : إن القوم يجدون البرد كما تجدون . قال : فلم يفعلوا وأبوا ، فلما رأى ذلك منهم قال : أف لكم ، إنها سنة جرت عليكم .
وسمعت أصحابنا عن أبي عوانة عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن قال : قال علي عليه السلام : " يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين " فاعتلوا عليه فقال : أف لكم ، إنها سنة جرت .
وعن إبراهيم بن العباس عن ابن المبارك عن بكر بن عيسى عن عمر ابن عمير الهجري عن طارق بن شهاب : أن عليا عليه السلام انصرف من حرب النهروان ، حتى إذا كان في بعض الطريق نادى في الناس فاجتمعوا ، فحمد الله وأثنى عليه ورغبهم في الجهاد ودعاهم إلى المسير إلى الشام من وجهه ذلك ، فأبوا وشكوا البرد والجراحات ، وكان أهل النهروان قد أكثروا الجراحات في الناس .
فقال : إن عدوكم يألمون كما تألمون ، ويجدون البرد كما تجدون ! ! فأعيوه وأبوا ، فلما رأى كراهيتهم ، رجع إلى الكوفة وأقام بها أياما وتفرق عنه ناس كثير من أصحابه ، فمنهم من أقام يرى رأي الخوارج ، ومنهم من أقام شاكا في أمرهم .
وعن محمد بن إسماعيل عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن نمير ابن وعلة عن أبي الوداك قال : لما أكره علي الناس على المسير إلى الشام أقبل بهم حتى نزل النخيلة ، وأمر الناس أن ينزلوا معسكرهم ، ويوطنوا على الجهاد أنفسهم ، وأن يقلوا زيارة أبنائهم ونسائهم حتى يسيروا إلى عدوهم .
وبهذا الإسناد عن أبي الوداك : أن الناس [ أ ] قاموا بالنخيلة مع علي عليه السلام أياما ، ثم أخذوا يتسللون ويدخلون المصر . فنزل وما معه من الناس إلا رجال من وجوههم قليل ، وترك المعسكر خاليا ، فلا من دخل الكوفة خرج إليه ، ولا من أقام معه صبر ! ! فلما رأى ذلك دخل الكوفة في استنفاره الناس .
وعن محمد بن إسماعيل عن نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن نمير العبسي قال : مر علي عليه السلام على الشغار من همدان فاستقبله قوم فقالوا : أقتلت المسلمين بغير جرم ، وداهنت في أمر الله ، وطلبت الملك ، وحكمت الرجال في دين الله ؟ لا حكم إلا لله . فقال عليه السلام : حكم الله في رقابكم ، ما يحبس أشقاها أن يخضبها من فوقها بدم ، إني ميت أو مقتول ، بل قتلا ، ثم جاء حتى دخل القصر .
وعن إبراهيم بن قادم عن شريك عن شعيب بن غرقدة عن المستظل ابن حصين قال ، قال علي عليه السلام : يا أهل الكوفة ، والله لتجدن ولتقاتلن على طاعته ، أو ليسوسنكم قوم أنتم أقرب إلى الحق منهم فليعذبنكم وليعذبنهم الله .
وعن محمد بن إسماعيل عن يزيد بن معدل عن ابن وعلة عن أبي الوداك قال : لما تفرق الناس عن علي بالنخيلة ودخل الكوفة ، جعل يستفزهم على جهاد أهل الشام حتى بطلت الحرب تلك السنة .
وعن زيد بن وهب أن عليا عليه السلام قال للناس وهو أول كلام له بعد النهروان وأمور الخوارج التي كانت فقال : يا أيها الناس ! استعدوا إلى عدو في جهادهم القربة من الله ، وطلب الوسيلة إليه ، حيارى عن الحق لا يبصرونه ، وموزعين بالكبر والجور ، لا يعدلون به ، جفاة عن الكتاب ، نكب عن الدين ، يعمهون في الطغيان ، ويتسكعون في غمرة الضلال ، فأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ، وتوكلوا على الله وكفى بالله وكيلا ، وكفى بالله نصيرا .
قال : فلم ينفروا ولم ينتشروا ، فتركهم أياما حتى أيس من أن يفعلوا ، ودعا رؤوسهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي يثبطهم ، فمنهم المعتل ومنهم المنكر وأقلهم النشيط ، فقام فيهم ثانية فقال : عباد الله ! ما لكم إن أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ثوابا ؟ وبالذل والهوان من العز خلفا ؟ وكلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة ، يرتج عليكم [ حواري ] فتبكون ، فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون ، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون ، لله أنتم ! ما أنتم إلا اسود الشرى في الدعة ، وثعالب رواغة حين تدعون ، ما أنتم بركن يضال به ولا زوافر عز يعتصم إليها .
لعمر الله لبئس حشاش نار الحرب أنتم . إنكم تكادون ولا تكيدون ، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون ، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون . إن أخا الحرب اليقظان ، أودى من غفل ، ويأتي الذل من وادع ، غلب المتخاذلون والمغلوب مقهور ومسلوب .
أما بعد ، فإن لي عليكم حقا ولكم علي حق ، فأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة ، والنصح لي في المشهد والمغيب ، والإجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم .
وأما حقكم علي فالنصيحة لكم ما صحبتكم ، والتوفير عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا ، وتأديبكم كي تعلموا ، فإن يرد الله بكم خيرا تنزعوا عما أكره ، وترجعوا إلى ما أحب تنالوا ما تحبون وتدركوا ما تأملون .
وعن الفضل بن دكين عن أبي عاصم الثقفي عن أبي عون الثقفي قال : جاءت امرأة من بني عميس [ عبس " خ " ] وعلي عليه السلام على المنبر فقالت : يا أمير المؤمنين ثلاث بلبلن القلوب [ عليك ] قال : وما هن ؟ قالت : رضاؤك بالقضية ، وأخذك بالدنية ، وجزعك عند البلية . قال : ويحك إنما أنت امرأة ، انطلقي فاجلسي على ذيلك . قالت : لا والله ما من جلوس إلا في ظلال السيوف .
وبإسناده عن بكر بن عيسى : أن عليا عليه السلام كان يخطب الناس ويحضهم على المسير إلى معاوية وأهل الشام ، فجعلوا يتفرقون عنه ، ويتثاقلون عليه ويعتلون بالبرد مرة وبالحر أخرى.
وبإسناده عن [ قيس بن ] أبي حازم قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : يا معشر المسلمين ، يا أبناء المهاجرين ! انفروا إلى أئمة الكفر وبقية الأحزاب وأولياء الشيطان ، انفروا إلى من يقاتل على دم حمال الخطايا ! ! !
فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة ، إنه ليحمل خطاياهم إلى يوم القيامة لا ينقص من أوزارهم شيئا .
قال إبراهيم : وحدثنا بهذا الكلام من قول أمير المؤمنين عليه السلام غير واحد من العلماء .
وعن إسماعيل بن أبان الأزدي عن عمرو بن شمر عن جابر عن رفيع عن فرقد البجلي قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : ألا ترون يا معاشر أهل الكوفة ؟ والله لقد ضربتكم بالدرة التي أعظ بها السفهاء فما أراكم تنتهون ، ولقد ضربتكم بالسياط التي أقيم بها الحدود فما أراكم ترعوون ، فما بقي إلا سيفي ، وإني لأعلم الذي يقومكم بإذن الله ، ولكني لا أحب أن آتي تلك منكم .
والعجب منكم ومن أهل الشام ، إن أميرهم يعصي الله وهم يطيعونه ، وإن أميركم يطيع الله وأنتم تعصونه !
إن قلت لكم : انفروا إلى عدوكم [ في أيام الحر ، قلتم هذه حمارة القيظ .
وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء ] قلتم القر يمنعنا . أفترون عدوكم لا يجدون القر كما تجدونه ؟ ولكنكم أشبهتم قوما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله : انفروا في سبيل الله فقال كبراؤهم : لا تنفروا في الحر . فقال الله لنبيه : ( قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ) [ 81 / التوبة : 9 ] .
والله لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا على أن يبغضني ما أبغضني ، ولو صببت الدنيا بحذافيرها على الكافر ما أحبني ، وذلك أنه قضي فانقضى على لسان النبي الأمي : " أنه لا يبغضك مؤمن ولا يحبك كافر " وقد خاب من حمل ظلما وافترى .
يا معاشر أهل الكوفة ، والله لتصبرن على قتال عدوكم ، أو ليسلطن الله عليكم قوما أنتم أولى بالحق منهم ، فليعذبنكم وليعذبنهم الله بأيديكم أو بما شاء من عنده . أفمن قتلة بالسيف تحيدون إلى موتة على الفراش ؟ فاشهدوا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله [ يقول : ] " موتة على الفراش أشد من ضربة ألف سيف أخبرني به جبرائيل " فهذا جبرائيل يخبر رسول الله صلى الله عليه وآله بما تسمعون .
وعن محرز بن هشام عن جرير بن عبد الحميد عن مغيرة الضبي قال : كان أشراف أهل الكوفة غاشين لعلي ، وكان هواهم مع معاوية ، وذلك أن عليا عليه السلام كان لا يعطي أحدا من الفئ أكثر من حقه ، وكان معاوية جعل الشرف في العطاء ألفي درهم .
وعن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه : أن أهل دومة الجندل من كلب لم يكونوا في طاعة علي عليه السلام ولا معاوية ، وقالوا : نكون على حالنا حتى يجتمع الناس على إمام . قال : فذكرهم معاوية مرة فبعث إليهم مسلم بن عقبة فسألهم الصدقة وحاصرهم ، فبلغ ذلك عليا عليه السلام فبعث إلى مالك بن كعب فقال : استعمل على " عين التمر " رجلا وأقبل إلي . فولاها عبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي وأقبل إلى علي عليه السلام فسرحه في ألف فارس ، فما شعر مسلم بن عقبة إلا ومالك بن كعب إلى جنبه نازلا ، فتواقفا قليلا ثم اقتتلوا يومهم ذلك إلى الليل ، حتى إذا كان من الغد صلى مسلم بأصحابه ثم انصرف ، وقام مالك ابن كعب إلى دومة الجندل يدعوهم إلى الصلح عشرا فلم يفعلوا ، فرجع إلى علي عليه السلام .
وبإسناده عن أبي الكنود عن سفيان بن عوف الغامدي قال : دعاني معاوية فقال : إني باعثك في جيش كثيف فالزم لي جانب الفرات حتى تمر بهيت فتقطعها ، فإن وجدت بها جندا فأغر عليهم ، وإلا فامض حتى تغير على الأنبار ، فإن لم تجد بها جندا فامض حتى تغير على المدائن ، ثم أقبل إلي واتق أن تقرب الكوفة ، واعلم أنك إن أغرت على أهل الأنبار وأهل المدائن ، فكأنك أغرت على الكوفة ، إن هذه الغارات يا سفيان على أهل العراق ترهب قلوبهم ، وتجرئ كل من كان له فينا هوى منهم ، ويرى فراقهم ، وتدعو إلينا كل من كان يخاف الدوائر ، وخرب كل ما مررت به ، واقتل كل من لقيت ممن ليس هو على رأيك ، وحرب الأموال فإنه شبيه بالقتل وهو أوجع للقلوب .
قال : فخرجت من عنده وعسكرت ، وقام معاوية وندب الناس إلى ذلك ، فما مرت بي ثلاثة حتى خرجت في ستة آلاف ، ثم لزمت شاطئ الفرات فأسرعت السير حتى مررت بهيت ، فبلغهم أني قد غشيتهم فقطعوا الفرات ، فمررت بها وما بها عريب كأنها لم تحلل قط فوطئتها حتى مررت بصندوداء ، فتنافروا فلم ألق بها أحدا ، فمضيت حتى أفتتح الأنبار وقد أنذروا بي ، فخرج إلي صاحب المسلحة فوقف لي ، فلم أقدم عليه حتى أخذت غلمانا من أهل القرية فقلت لهم : خبروني كم بالأنبار من أصحاب علي ؟ قالوا : عدة رجال المسلحة خمسمائة ، ولكنهم قد تبددوا ورجعوا إلى الكوفة ولا ندري الذي يكون فيها قد يكون مائتي رجل . قال : فنزلت فكتبت أصحابي كتائب ، ثم أخذت أبعثهم إليه كتيبة بعد كتيبة ، فيقاتلونهم والله ويصبرون لهم ويطاردونهم في الأزقة ! فلما رأيت ذلك أنزلت إليهم نحوا من مائتين ثم أتبعتهم الخيل ، فلما مشت إليهم الرجال وحملت عليهم الخيل فلم يكن إلا قليلا حتى تفرقوا وقتل صاحبهم في رجال من أصحابه ، فأتيناه في نيف وثلاثين رجلا فحملنا ما كان في الأنبار من أموال أهلها ثم انصرفت ، فوالله ما غزوت غزوة أسلم ولا أقر للعيون ولا أسر للنفوس منها ، وبلغني والله أنها أفزعت الناس . فلما أتيت معاوية فحدثته الحديث على وجهه قال : كنت والله عند ظني بك . قال : فوالله ما لبثنا إلا يسيرا حتى رأيت رجال أهل العراق يأتون على الإبل هرابا من قبل علي عليه السلام .
وعن جندب بن عفيف قال : والله إني لفي جند الأنبار مع أشرس بن حسان البكري ، إذ صبحنا سفيان في كتائب تلمع الأبصار منها ، فهالونا والله ، وعلمنا إذ رأيناهم أنه ليس لنا بهم طاقة ولا يد ، فخرج إليهم صاحبنا وقد تفرقنا ، فلم يلقهم نصفنا ولم يكن لنا بهم طاقة . وأيم الله لقد قاتلناهم ثم إنهم والله هزمونا ، فنزل صاحبنا وهو يتلو ( فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ) [ 23 / الأحزاب : 33 ] ثم قال لنا : من كان لا يريد لقاء الله ولا يطيب نفسا بالموت فليخرج عن القرية ما دمنا نقاتلهم فإن قتالنا إياهم شاغل لهم عن طلب هارب ، ومن أراد ما عند الله فما عند الله خير للأبرار . ثم نزل في ثلاثين رجلا قال : فهممت والله بالنزول معه ثم إن نفسي أبت واستقدم هو وأصحابي فقاتلوا حتى قتلوا رحمهم الله ، فلما قتلوا أقبلنا منهزمين .
وبإسناده عن محمد بن مخنف : أن سفيان بن عوف لما أغار على الأنبار قدم علج من أهلها على علي عليه السلام فأخبره الخبر فصعد المنبر فقال : أيها الناس ! إن أخاكم البكري قد أصيب بالأنبار ، وهو مغتر لا يظن ما كان فاختار ما عند الله على الدنيا ، فانتدبوا إليهم حتى تلاقوهم ، فإن أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا .
ثم سكت عنهم رجاء أن يجيبوه أو يتكلموا أو يتكلم متكلم منهم بخير ، فلما رأى صمتهم على ما في أنفسهم ، خرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة ، [ والناس يمشون خلفه حتى أحاط به قوم من الأشراف ] فقالوا : إرجع يا أمير المؤمنين نحن نكفيك . فقال : ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم . فلم يزالوا به حتى صرفوه إلى منزله فرجع وهو واجم كئيب .
ودعا سعيد بن مسلم الهمداني فبعثه من النخيلة في ثمانية آلاف وقال : اتبع هذا الجيش حتى تخرجهم من أرض العراق . فخرج على شاطئ الفرات في طلبه حتى إذا بلغ عانات ، سرح سعيد أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني فأتبع آثارهم حتى بلغ أداني أرض قنسرين وقد فاتوه ثم انصرف .
قال فلبث علي عليه السلام ترى فيه الكآبة والحزن حتى قدم سعيد ، فكتب كتابا وكان في تلك الأيام عليلا ، فلم يطق القيام في الناس بكل ما أراد من القول ، فجلس بباب السدة التي تصل إلى المسجد ومعه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ، فدعا سعيدا مولاه فدفع الكتاب إليه ، فأمره أن يقرأه على الناس ، فقام سعيد حيث يسمع علي عليه السلام قراءته ، وما يرد عليه الناس ، ثم قرأ الكتاب :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله علي أمير المؤمنين ، إلى من قرئ عليه كتابي من المسلمين : سلام عليكم .
أما بعد ، فالحمد لله رب العالمين وسلام على المرسلين ، ولا شريك لله الأحد القيوم ، وصلوات الله على محمد والسلام عليه في العالمين .
أما بعد ، فإني قد عاتبتكم في رشدكم حتى سئمت ، وراجعتموني بالهزء من قولكم حتى برمت هزءا من القول لا يعاد به ، وخطلا لا يعز أهله ، ولو وجدت بدا من خطابكم والعتاب إليكم ما فعلت . وهذا كتابي يقرأ عليكم فردوا خيرا وافعلوه ، وما أظن أن تفعلوا والله المستعان .
أيها الناس ! إن الجهاد باب من أبواب الجنة . . . إلى آخر ما مر وسيأتي بروايات مختلفة .
ثم قال : فقام إليه رجل من الأزد يقال له : حبيب بن عفيف آخذا بيد ابن أخ [ له ] يقال له : عبد الرحمن بن عبد الله بن عفيف ، فأقبل يمشي حتى استقبل أمير المؤمنين عليه السلام بباب السدة ، ثم جثا على ركبتيه وقال : يا أمير المؤمنين ، ها أنا ذا لا أملك إلا نفسي وأخي فمرنا بأمرك ، فوالله لننفذن له ولو حال دون ذلك شوك الهراس وجمر الغضا حتى ننفذ أمرك أو نموت دونه ! فدعا لهما بخير وقال لهما : أين تبلغان بارك الله عليكما مما نريد .
ثم أمر الحارث الأعور فنادى في الناس أين من يشري نفسه لربه ، ويبيع دنياه بآخرته ، أصبحوا غدا بالرحبة إن شاء الله ، ولا يحضرنا إلا صادق النية في المسير معنا والجهاد لعدونا . فأصبح بالرحبة نحو من ثلاثمائة ، فلما عرضهم قال : لو كانوا ألفا كان لي فيهم رأي .
قال : وأتاه قوم يعتذرون وتخلف آخرون ، فقال : وجاء المعذرون وتخلف المكذبون .
قال : ومكث عليه السلام أياما باديا حزنه ، شديد الكآبة ، ثم إنه نادى في الناس فاجتمعوا ، فقام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد ، أيها الناس فوالله لأهل مصركم في الأمصار ، أكثر من الأنصار في العرب .
وساق الحديث إلى آخر ما سيأتي برواية ابن الشيخ في مجالسه عن ربيعة بن ناجد [ في أواخر هذا الباب ] .
وعن أبي مسلم قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : لولا بقية المسلمين لهلكتم .
وعن إسماعيل بن رجاء الزبيدي : أن عليا عليه السلام خطبهم بعد هذا الكلام فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه : أيها الناس المجتمعة أبدانهم المتفرقة أهواؤهم ، ما عز من دعاكم ولا استراح من قاساكم . كلامكم يوهن الصم الصلاب ، وفعلكم يطمع فيكم عدوكم . إن قلت لكم : سيروا إليهم في الحر . قلتم : أمهلنا ينسلخ عنا الحر . وإن قلت لكم : سيروا إليهم في الشتاء . قلتم : حتى ينسلخ عنا البرد . فعل ذي الدين المطول ، من فاز بكم فاز بالسهم الأخيب أصبحت لا أصدق قولكم ، ولا أطمع في نصركم ، فرق الله بيني وبينكم أي دار بعد داركم تمنعون ؟ ! ومع أي إمام بعدي تقاتلون ؟ ! أما إنكم ستلقون بعدي أثرة تتخذها عليكم الضلال سنة ، فقر يدخل في بيوتكم ، وسيف قاطع ، وتتمنون عند ذلك أنكم رأيتموني وقاتلتم معي وقتلتم دوني وكأن قد .
وعن بكر بن عيسى : أنهم لما أغاروا بالسواد ، قام علي عليه السلام فخطب إليهم فقال : أيها الناس ما هذا ؟ ! فوالله إن كان ليدفع عن القرية بالسبعة نفر من المؤمنين تكون فيها .
وعن ثعلبة بن يزيد الحماني أنه قال : بينما أنا في السوق إذ سمعت مناديا ينادي الصلاة جامعة ، فجئت أهرول والناس يهرعون ، فدخلت الرحبة فإذا علي عليه السلام على منبر من طين مجصص وهو غضبان ، قد بلغه أن ناسا قد أغاروا بالسواد ، فسمعته يقول : أما ورب السماء والأرض ثم رب السماء والأرض ، إنه لعهد النبي صلى الله عليه وآله أن الأمة ستغدر بي .
وعن المسيب بن نجبة الفزاري أنه قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : إني قد خشيت أن يدال هؤلاء القوم عليكم بطاعتهم إمامهم ومعصيتكم إمامكم ، وبأدائهم الأمانة وخيانتكم ، وبصلاحهم في أرضهم وفسادكم في أرضكم ، وباجتماعهم على باطلهم وتفرقكم عن حقكم حتى تطول دولتهم وحتى لا يدعو الله محرما إلا استحلوه ، حتى لا يبقى بيت وبر ولا بيت مدر إلا دخله جورهم وظلمهم حتى يقوم الباكيان ، باك يبكي لدينه وباك يبكي لدنياه ، وحتى لا يكون منكم إلا نافعا لهم أو غير ضار بهم وحتى يكون نصرة أحدكم منهم كنصرة العبد من سيده إذا شهد أطاعه وإذا غاب سبه ، فإن أتاكم الله بالعافية فاقبلوا وإن ابتلاكم فاصبروا فإن العاقبة للمتقين .
وعن يحيى بن صالح عن أصحابه : أن عليا عليه السلام ندب الناس عندما أغاروا على نواحي السواد ، فانتدب لذلك شرطة الخميس ، فبعث إليهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ثم وجههم فساروا حتى وردوا تخوم الشام ، وكتب علي عليه السلام إلى معاوية : إنك زعمت أن الذي دعاك إلى ما فعلت الطلب بدم عثمان ، فما أبعد قولك من فعلك . ويحك ، وما ذنب أهل الذمة في قتل ابن عفان ؟ ! وبأي شيء تستحل أخذ فئ المسلمين ؟ ! فانزع ولا تفعل واحذر عاقبة البغي والجور . وإنما مثلي ومثلك كما قال بلعاء لدريد بن الصمة :
   مهلا دريد عن التسرع إنني   *   ماضي الجنان بمن تسرع مولع
   مهلا دريد عن السفاهة إنني   *   ماض على رغم العداة سميدع
   مهلا دريد لا تكن لاقيتني   *   يوما دريد فكل هذا يصنع
   وإذا أهانك معشر أكرمهم   *   فتكون حيث ترى الهوان وتسمع
فأجابه معاوية : أما بعد ، فإن الله أدخلني في أمر عزلك عنه نائيا عن الحق ، فنلت منه أفضل أملي ، فأنا الخليفة المجموع عليه ولم تصب مثلي ومثلك ، إنما مثلي ومثلك كما قال بلقاء حين صولح على دم أخيه ثم نكث فعنفه قومه فأنشأ يقول:
    ألا آذنتنا من تدللها ملس   *   وقالت : أما بيني وبينك من بلس
    وقالت : ألا تسعى فتدرك ما مضى   *   وما أهلك الحانون والقدح الضرس
    أتأمرني سعد وليث وجندع   *   ولست براض بالدنيئة والوكس
يقولون : خذ وكسا وصالح عشيرة * فما تأمرني بالهموم إذا أمسي قال جندب بن عبد الله الوائلي : كان علي عليه السلام يقول : أما إنكم ستلقون بعدي ثلاثا : ذلا شاملا ، وسيفا قاتلا ، وأثرة يتخذها الظالمون عليكم سنة ، فستذكروني عند تلك الحالات فتمنون لو رأيتموني ونصرتموني وأهرقتم دماءكم دون دمي فلا يبعد الله إلا من ظلم . وكان جندب بعد ذلك إذا رأى شيئا مما يكرهه قال : لا يبعد الله إلا من ظلم .
وعن عمرو بن قعين قال : دعا معاوية يزيد بن شجرة الرهاوي فقال : إني مسر إليك سرا فلا تطلعن على سري أحدا حتى تخرج من أهل الشام كلها ، إني باعثك إلى أهل الله وإلى حرم الله وأهلي وعشيرتي وبيضتي التي انفلقت عني ، وفيها جل من قتل عثمان وسفك دمه ، فسر على بركة الله حتى تنزل مكة فإنك الآن تلاقي الناس هناك بالموسم ، فادع الناس إلى طاعتنا واتباعنا فإن أجابوك فاكفف عنهم واقبل منهم ، وإن أدبروا عنك فنابذهم وناجزهم وتقاتلهم حتى تبلغهم أني قد أمرتك أن تبلغ عني ، فإنهم الأصل والعشيرة وإني لاستبقائهم محب ولاستيصالهم كاره ثم صل بالناس وتول أمر الموسم .
فقال له يزيد : إنك وجهتني إلى قوم الله ومجمع الصالحين ، فإن رضيت أن أسير إليهم وأعمل فيهم برأيي وبما أرجو أن يجمعك الله وإياهم به سرت إليهم ، وإن كان لا يرضيك عني إلا الغشم وتجريد السيف وإخافة البرئ ورد العذرة فلست بصاحب ما هناك ، فاطلب لهذا الأمر غيري . فقال له : سر راشدا فقد رضيت برأيك وبسيرتك ، وكان رجلا ناسكا يتأله وكان عثمانيا وكان ممن شهد مع معاوية صفين .
فخرج [ ابن شجرة ] من دمشق مسرعا وقال : اللهم إن كنت قضيت أن يكون بين هذا الجيش الذي وجهت ، وبين أهل حرمك الذي وجهت إليه قتال فاكفنيه ، فإني لست أعظم قتال من شرك في قتل عثمان خليفتك المظلوم ولا قتال من خذله ولكني أعظم القتال في حرمك الذي حرمت .
فخرج يسير وقدم أمامه الحارث بن نمير ، فأقبلوا حتى مروا بوادي القرى ثم أخذوا على الجحفة ثم مضوا حتى قدموا مكة في عشر ذي الحجة . وعن عباس بن [سهل بن] سعد الأنصاري قال : لما سمع قثم بن العباس بدنوهم منه قبل أن يفصلوا من الجحفة وكان عاملا لعلي عليه السلام على مكة ، فقام في أهل مكة وذلك في سنة تسع وثلاثين ، فحمد الله وأثنى عليه ودعاهم إلى الجهاد وقال : بينوا لي ما في أنفسكم ولا تغروني . فسكت القوم مليا فقال : قد بينتم لي ما في أنفسكم . فذهب لينزل فقام شيبة بن عثمان فقال : رحمك الله أيها الأمير ايقبح فينا أمرك ونحن على طاعتنا وبيعتنا وأنت أميرنا وابن عم خليفتنا فإن تدعنا نجبك فيما أطقنا ونقدر عليه .
فقرب [ قثم ] دوابه وحمل متاعه وأراد التنحي من مكة ، فأتاه أبو سعيد الخدري وقال : ما أردت ؟ قال : قد حدث هذا الأمر الذي بلغك وليس معي جند أمتنع به ، فرأيت أن أعتزل عن مكة فإن يأتني جند أقاتل بهم ، وإلا كنت قد تنحيت بدمي . قال له : إني لم أخرج من المدينة حتى قدم علينا حاج أهل العراق وتجارهم يخبرون أن الناس بالكوفة قد ندبوا إليك مع معقل بن قيس الرياحي . قال : هيهات هيهات يا أبا سعيد إلى ذلك ما يعيش أولادنا . فقال له أبو سعيد : رحمك الله فما عذرك عند ابن عمك ، وما عذرك عند العرب انهزمت قبل أن تطعن وتضرب ؟ ! فقال : يا أبا سعيد إنك لا تهزم عدوك ولا تمنع حريمك بالمواعيد والأماني إقرأ كتاب صاحبي فقرأه أبو سعيد فإذا فيه :
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى قثم بن العباس : سلام عليك . أما بعد ، فإن عيني بالمغرب كتب إلي يخبرني أنه قد وجه إلى الموسم ناس من العرب ، من العمي القلوب ، الصم الأسماع ، الكمه الأبصار ، الذين يلبسون الحق بالباطل ، ويطيعون المخلوقين في معصية الخالق ، ويجلبون الدنيا بالدين ، ويتمنون على الله جوار الأبرار ، وإنه لا يفوز بالخير إلا عامله ، ولا يجزى بالسيء إلا فاعله .
وقد وجهت إليكم جمعا من المسلمين ذوي بسالة ونجدة مع الحسيب الصليب الورع التقي معقل بن قيس الرياحي ، وقد أمرته باتباعهم وقص آثارهم حتى ينفيهم من أرض الحجاز . فقم على ما في يديك مما إليك مقام الصليب الحازم المانع سلطانه الناصح للأمة ، ولا يبلغني عنك وهن ولا خور وما تعتذر منه ، ووطن نفسك على الصبر في البأساء والضراء ، ولا تكونن فشلا ولا طائشا ولا رعديدا والسلام .
فلما قرأ أبو سعيد الكتاب قال قثم : ما ينفعني من هذا الكتاب وقد سمعت بأن قد سبقت خيلهم خيله ؟ وهل يأتي جيشه حتى ينقضي أمر الموسم كله ؟
فقال له أبو سعيد : إنك إن أجهدت نفسك في مناصحة إمامك خرجت من اللائمة ، وقضيت الذي عليك من الحق ، فإن القوم قد قدموا وأنت في الحرم ، والحرم حرم الله .
فأقام قثم وجاء يزيد بن شجرة حتى دخل مكة ، ثم أمر مناديا فنادى في الناس ألا إن الناس كلهم آمنون ، إلا من عرض لنا في عملنا وسلطاننا وذلك قبل التروية بيوم .
فلما كان ذلك مشت قريش والأنصار ومن شهد الموسم من الصحابة وصلحاء الناس فيما بينهما وسألتهما أن يصطلحا ، فكلاهما سره ذلك الصلح ، فأما قثم فإنه لم يثق بأهل مكة ولا رأى أنهم يناصحونه ، وأما يزيد فكان رجلا متنسكا وكان يكره أن يكون منه في الحرم شر .
وعن عمرو بن محصن قال : قام يزيد بن شجرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد يا أهل الحرم ومن حضره فإني وجهت إليكم لأصلي بكم وأجمع وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فقد رأيت والي هذه البلدة كره الصلاة معنا ونحن للصلاة معه كارهون فإن شاء اعتزلنا الصلاة بالناس واعتزلها وتركنا أهل مكة يختارون لأنفسهم من أحبوا حتى يصلي بهم فإن أبى فأنا آبى وآبى والذي لا إله غيره لو شئت لصليت بالناس وأخذته حتى أرده إلى الشام وما معه من يمنعه ولكن والله ما أحب أن أستحل حرمة هذا البلد الحرام .
قال : ثم إن يزيد بن شجرة أتى أبا سعيد الخدري فقال : رحمك الله الق هذا الرجل فقل له لا أب لغيرك اعتزل الصلاة بالناس وأعتزلها ودع أهل مكة يختاروا لأنفسهم فوالله لو أشاء لبعتك وإياهم ولكن والله ما يحملني على ما تسمع إلا رضوان الله واحترام الحرم فإن ذلك أقرب للتقوى وخير في العاقبة .
قال له أبو سعيد : ما رأيت من أهل المغرب أصوب مقالا ولا أحسن رأيا منك .
فانطلق أبو سعيد إلى قثم فقال : ألا ترى ما أحسن ما صنع الله لك وذكر له ذلك فاعتزلا الصلاة واختار الناس شيبة بن عثمان فصلى بهم .
فلما قضى الناس حجهم رجع يزيد إلى الشام ، وأقبلت خيل علي عليه السلام فأخبروا بعود أهل الشام ، فتبعوهم وعليهم معقل بن قيس فأدركوهم وقد رحلوا عن وادي القرى ، فظفروا بنفر منهم وأخذوهم أسارى وأخذوا ما معهم ورجعوا إلى أمير المؤمنين ، ففادى بهم أسارى كانت له عند معاوية .
وقال إبراهيم : قال أمير المؤمنين عليه السلام لأهل الكوفة : ما أرى هؤلاء القوم - يعني أهل الشام - إلا ظاهرين عليكم . قالوا : تعلم بماذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : أرى أمورهم قد غلت ، وأرى نيرانكم قد خبت ، وأراهم جادين وأراكم وانين ، وأراهم مجتمعين وأراكم متفرقين ، وأراهم لصاحبهم طائعين وأراكم لي عاصين .
وأيم الله لئن ظهروا عليكم لتجدنهم أرباب سوء من بعدي ، كأني أنظر إليهم قد شاركوكم في بلادكم وحملوا إلى بلادهم فيئكم .
وكأني أنظر إليكم يكش بعضكم على بعض كشيش الضباب ، لا تمنعون حقا ولا تمنعون لله حرمة ، وكأني أنظر إليهم يقتلون قراءكم .
وكأني بهم يحرمونكم ويحجبونكم ويدنون أهل الشام دونكم ، فإذا رأيتم الحرمان والأثرة ووقع السيف ، تندمتم وتحزنتم على تفريطكم في جهادكم ، وتذكرتم ما فيه من الحفظ حين لا ينفعكم التذكار .
وعن عبد الرحمن بن أبي بكر قال : سمعت عليا عليه السلام يقول : ما لقي أحد من الناس ما لقيت . ثم بكى .
المصدر :  بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 34 / صفحة [ 46 ]
تاريخ النشر : 2025-10-25


Untitled Document
دعاء يوم السبت
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ اللهِ كَلِمَةُ الْمُعْتَصِمينَ وَمَقالَةُ الْمُتَحَرِّزينَ، وَاَعُوذُ بِاللهِ تَعالى مِنْ جَوْرِ الْجائِرينَ، وَكَيْدِ الْحاسِدينَ وَبَغْيِ الظّالِمينَ، وَاَحْمَدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدينَ. اَللّـهُمَّ اَنْتَ الْواحِدُ بِلا شَريكِ، وَالْمَلِكُ بِلا تَمْليك، لا تُضادُّ فى حُكْمِكَ وَلا تُنازَعُ فى مُلْكِكَ. أَسْأَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَاَنْ تُوزِعَنى مِنْ شُكْرِ نُعْماكَ ما تَبْلُغُ بي غايَةَ رِضاكَ، وَاَنْ تُعينَني عَلى طاعَتِكَ وَلُزُومِ عِبادَتِكَ، وَاسْتِحْقاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنايَتِكَ، وَتَرْحَمَني بِصَدّي عَنْ مَعاصيكَ ما اَحْيَيْتَني، وَتُوَفِّقَني لِما يَنْفَعُني ما اَبْقَيْتَني، وَاَنْ تَشْرَحَ بِكِتابِكَ صَدْري، وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْري، وَتَمْنَحَنِيَ السَّلامَةَ في ديني وَنَفْسي، وَلا تُوحِشَ بي اَهْلَ اُنْسي وَتُتِمَّ اِحْسانَكَ فيما بَقِيَ مِنْ عُمْرى كَما اَحْسَنْتَ فيما مَضى مِنْهُ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

زيارات الأيام
زيارةِ النّبيِّ صلى الله عليه وآله في يَومِه وهو يوم السبت
اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ رَسُولُهُ وَاَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لِاُمَّتِكَ وَجاهَدْتَ فى سَبيلِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَاَدَّيْتَ الَّذى عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ وَاَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنينَ وَغَلَظْتَ عَلَى الْكافِرينَ وَعَبَدْتَ اللهَ مُخْلِصاً حَتّى أتاكَ اليَقينُ فَبَلَغَ اللهُ بِكَ اشَرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ اَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالِ. اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ وَاَنْبِيائِكَ الْمـُرْسَلينَ وَعِبادِكَ الصّالِحينَ وَاَهْلِ السَّماواتِ وَالْاَرَضينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ مِنَ الْاَوَّلينَ وَالاخِرينَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُوِلِكَ وَنَبِيِّكَ وَاَمينِكَ وَنَجِيبِكَ وَحَبيبِكَ وَصَفِيِّكَ وَ صَفْوَتِكَ وَخاصَّتِكَ وَخالِصَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَاَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضيلَةَ وَالْوَسيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحَمْوُداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْاَوَّلُونَ وَالاخِرُونَ. اَللّـهُمَّ اِنَّكَ قُلْتَ وَلَوْ اَنَّهُمْ اِذْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ جاؤوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوّاباً رَحيماً اِلـهى فَقَدْ اَتَيْتُ نَبِيَّكَ مُسْتَغْفِراً تائِباً مِنْ ذُنُوبى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَ اْغِفْرها لي، يا سَيِّدَنا اَتَوَجَّهُ بِكَ وَبِاَهْلِ بَيْتِكَ اِلَى اللهِ تَعالى رَبِّكَ وَرَبّى لِيَغْفِرَ لى. ثمّ قل ثلاثاً: اِنّا للهِ وَاِنّا اِلَيْهِ راجِعُونَ ثمّ قل: اُصِبْنا بِكَ يا حَبيبَ قُلُوبِنا فَما اَعْظَمَ الْمُصيبَةَ بِكَ حَيْثُ انْقَطَعَ عَنّا الْوَحْيُ وَحَيْثُ فَقَدْناكَ فَاِنّا للهِ وَاِنّا اِلَيْهِ راجِعُونَ يا سَيِّدَنا يا رَسُولَ اللهِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ الطّاهِرينَ هذا يَوْمُ السَّبْتِ وَهُوَ يَوْمُكَ وَاَنَا فيهِ ضَيْفُكَ وَجارُكَ فَاَضِفْنى وَاجِرْنى فَاِنَّكَ كَريمٌ تُحِبُّ الضِّيافَةَ وَمَأْمُورٌ بِالْاِجارَةِ فَاَضِفْني وَأحْسِنْ ضِيافَتى وَاَجِرْنا وَاَحْسِنْ اِجارَتَنا بِمَنْزِلَةِ اللهِ عِنْدَكَ وَعِنْدَ آلِ بَيْتِكَ وَبِمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَهُ وَبِما اسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ عِلْمِهِ فَاِنَّهُ اَكْرَمُ الْاَكْرَمينَ. كيف يُصلّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : يقول مؤلّف كتاب مفاتيح الجنان عبّاس القُمّي عُفى عَنْه: انّي كلّما زرته (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الزّيارة بَدَأت بزيارته عَلى نحو ما علّمه الامام الرّضا (عليه السلام) البزنطي ثمّ قرأت هذِهِ الزّيارة، فَقَدْ رُوي بسند صحيح إنّ ابن أبي بصير سأل الرّضا (عليه السلام) كيف يُصلّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ويسلّم عليه بَعد الصلاة فأجابَ (عليه السلام) بقوله: اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ بْنَ عَبْدِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صِفْوَهَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَمينَ اللهِ اَشْهَدُ اَنَّكَ رَسُولُ اللهِ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ مُحمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لِاُمَّتِكَ وَجاهَدْتَ فى سَبيلِ رَبِّكِ وَعَبَدْتَهُ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ فَجَزاكَ اللهُ يا رَسُولَ اللهِ اَفْضَلَ ما جَزى نَبِيّاً عَنْ اُمَّتِهِ اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مَحَمِّد وآلِ مُحَمِّد اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اِبْرهِيمَ وَآلِ إبراهيمَ اِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.