أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/علم الامام/الامام الباقر عليه السلام
أبي عن ابن
محبوب عن الثمالي عن أبي الربيع قال : حججت مع أبي جعفر عليه السلام في السنة التي
حج فيها هشام بن عبد الملك وكان معه نافع بن الأزرق مولى عمر بن الخطاب فنظر نافع
إلى أبي جعفر عليه السلام في ركن البيت وقد اجتمع عليه الناس فقال لهشام : يا أمير
المؤمنين من هذا الذي تكافأ عليه الناس ؟ قال : هذا نبي أهل الكوفة هذا محمد بن
علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات.
فقال نافع :
لآتينه ولأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو وصي نبي قال : فاذهب إليه
فاسأله لعلك تخجله فجاء نافع حتى اتكأ على الناس فأشرف على أبي جعفر عليه السلام
فقال : يا محمد بن علي إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وقد عرفت
حلالها وحرامها وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن
نبي فرفع أبو جعفر رأسه فقال : سل عما بدا لك قال : أخبرني كم كان بين عيسى ومحمد من
سنة ؟ فقال : أخبرك بقولك أو بقولي ؟ قال : أخبرني بالقولين جميعا . قال : أما في
قولي فخمسمائة سنة وأما قولك فست مائة سنة فقال أخبرني عن قول الله : * ( واسأل من
أرسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) * [ [ 45 / الزخرف ]
من ذا الذي سأله محمد وكان بينه وبين عيسى خمسمائة ؟ قال : فتلا أبو جعفر عليه
السلام هذه الآية * ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا ) * كان من الآيات التي أراها الله محمدا
صلى الله عليه وآله حيث أسرى به إلى بيت المقدس أنه حشر الله الأولين والآخرين من
النبيين والمرسلين ثم أمر جبرائيل عليه السلام فأذن شفعا وأقام شفعا وقال في
إقامته حي على خير العمل ثم تقدم محمد صلى الله عليه وآله فصلى بالقوم فلما انصرف
قال الله له : سل يا محمد من أرسلنا من قبلك من رسلنا اجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون
؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله [ للرسل ] علام تشهدون وما كنتم تعبدون ؟
قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله أخذت على ذلك
عهودنا ومواثيقنا.
فقال نافع :
صدقت يا أبا جعفر فأخبرني عن قول الله تبارك وتعالى : * ( يوم تبدل الأرض غير
الأرض والسماوات ) * [ 41 / إبراهيم : 4 ] أي أرض تبدل ؟ فقال أبو جعفر عليه
السلام : [ تبدل أرضنا ] بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى يفرغ الله من حساب الخلائق .
فقال نافع : إنهم عن الاكل لمشغولون .
فقال أبو جعفر :
أهم حينئذ أشغل أم وهم في النار فقال نافع : بل وهم في النار قال : فقد قال الله :
" ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله
" [ 50 / الأعراف : 17 ] ما شغلهم أليم عذاب النار عن أن دعوا بالطعام
فأطعموا الزقوم ودعوا بالشراب فسقوا الحميم ! ! فقال صدقت يا ابن رسول الله وبقيت
مسألة واحدة فقال : وما هي قال .
أخبرني عن الله
متى كان ؟ قال : ويلك أخبرني متى لم يكن حتى أخبرك متى كان سبحان من لم يزل ولا
يزال فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ثم قال : يا نافع أخبرني عما أسألك عنه فقال : هات يا أبا جعفر قال : ما تقول في أصحاب النهروان فإن قلت إن أمير المؤمنين
قتلهم بحق فقد ارتددت أي رجعت إلى الحق وإن قلت : إنه قتلهم باطلا فقد كفرت .
قال : فولى عنه
وهو يقول : أنت والله أعلم الناس حقا حقا .
ثم أتى هشام بن
عبد الملك فقال له : ما صنعت ؟ قال : دعني من كلامك هو والله أعلم الناس حقا حقا
وهو ابن رسول الله حقا حقا ويحق لأصحابه أن يتخذوه نبيا.
- روي أن نافع بن الأزرق جاء إلى محمد بن علي بن الحسين عليهم
السلام فجلس بين يديه يسأله عن مسائل الحلال والحرام فقال له أبو جعفر عليه السلام
في عرض كلامه : قل لهذه المارقة بما استحللتم فراق أمير المؤمنين عليه السلام وقد
سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته والقربة إلى الله تعالى بنصرته ؟ فسيقولون لك :
إنه حكم في دين الله فقل لهم : قد حكم الله تعالى في شريعة نبيه رجلين من خلقه
فقال جل اسمه : " فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق
الله بينهما " وحكم رسول الله صلى الله عليه وآله سعد بن معاذ في بني قريظة
فحكم فيها بما أمضاه الله تعالى أو ما علمتم أن أمير المؤمنين إنما أمر الحكمين أن
يحكما بالقرآن ولا يتعدياه واشترط رد ما خالف القرآن من أحكام الرجال وقال حين
قالوا له : " حكمت على نفسك من حكم عليك " فقال : " ما حكمت مخلوقا
وإنما حكمت كتاب الله " فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن واشترط
رد ما خالفه لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان فقال نافع بن الأزرق هذا والله كلام
لم يمر بمسمعي قط ولا خطر مني ببال وهو الحق إنشاء الله .
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 33 / صفحة [ 425 ]
تاريخ النشر : 2025-10-20