الوضع الليلي
انماط الصفحة الرئيسية

النمط الأول

النمط الثاني

النمط الثالث

0
اليوم : الأحد ٢٦ ربيع الآخر ١٤٤٧هـ المصادف ۱۹ تشرين الأول۲۰۲٥م

أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر
أحاديث وروايات عامة
أحداث الظهور وآخر الزمان
الأخذ بالكتاب والسنة وترك البدع والرأي والمقايس
الأخلاق والآداب
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
التقوى والعمل والورع واليقين
التقية
التوبة والاستغفار
الجنة والنار
الحب والبغض
الحديث والرواية
الخلق والخليقة
الدنيا
الذنب والمعصية واتباع الهوى
الشيعة
العقل
العلم والعلماء
الفتنة والفقر والابتلاء والامتحان
القلب
المعاشرة والمصاحبة والمجالسة والمرافقة
الموت والقبر والبرزخ
المؤمن
الناس واصنافهم
أهل البيت (عليهم السلام)
بلدان واماكن ومقامات
سيرة وتاريخ
عفو الله تعالى وستره ونعمته ورحمته
فرق وأديان
وصايا ومواعظ
مواضيع متفرقة
الفقه وقواعده
الاسراء والمعراج
الإيمان والكفر
الأنصاف والعدل والظلم بين الناس
الاسلام والمسلمين
الاطعمة والاشربة
أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/الإمام الصادق (عليه السلام)
والله إن استرشدتني واستنصحتني وقبلت مني لأهدينك سبيل الرشاد...
تاريخ النشر : 2025-10-19
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : روى إبراهيم ابن محمد الثقفي في كتاب الغارات ووجدته في أصل الكتاب أيضا عن الحارث بن كعب الأزدي عن عمه عبد الله بن قعين قال : كان الخريت بن راشد أحد بني ناجية قد شهد مع علي عليه السلام صفين فجاء إليه عليه السلام بعد انقضاء صفين وبعد تحكيم الحكمين في ثلاثين من أصحابه يمشي بينهم حتى قام بين يديه فقال : لا والله لا أطيع أمرك ولا أصلي خلفك وإني غدا لمفارق لك .
فقال له [ علي عليه السلام ] : ثكلتك أمك إذا تنقض عهدك وتعصي ربك ولا تضر إلا نفسك أخبرني لم تفعل ذلك ؟ قال : لأنك حكمت في الكتاب وضعفت عن الحق إذ جد الجد وركنت إلى القوم الذين ظلموا أنفسهم فأنا عليك راد وعليهم ناقم ولكم جميعا مباين ! ! .
فقال له علي عليه السلام : ويحك هلم إلي أدارسك وأناظرك في السنن وأفاتحك أمورا من الحق أنا أعلم بها منك فلعلك تعرف ما أنت الآن له منكر ، وتبصر ما أنت الآن عنه غافل وبه جاهل . فقال الخريت فأنا غاد عليك غدا .
فقال عليه السلام : أغد [ إلي ] ولا يستهوينك الشيطان ولا يقتحمن بك رأي السوء ولا يستخفنك للجهلات الذين لا يعلمون فوالله إن استرشدتني واستنصحتني وقبلت مني لأهدينك سبيل الرشاد.
فخرج الخريت من عنده منصرفا إلى أهله .
قال عبد الله بن قعين : فعجلت في أثره مسرعا لأنصحه وأستعلم خبره فرأيته رجع إلى أصحابه وقال لهم : يا هؤلاء إني قد رأيت أن أفارق هذا الرجل . فنصحت ابن عمه ورجعت إلى بيتي فلما أصبحت وارتفع النهار أتيت أمير المؤمنين عليه السلام وأخبرته خبره فقال عليه السلام : دعه فإن قبل الحق ورجع عرفنا له ذلك وقبلناه منه . فقلت له : يا أمير المؤمنين فلم لا تأخذه الآن فتستوثق منه ؟ فقال : إنا لو فعلنا هذا بكل من نتهم من الناس ملانا السجون منهم ولا أراني يسعني الوثوب بالناس والحبس لهم وعقوبتهم حتى يظهروا لي الخلاف فقال لي سرا : اذهب إلى منزل الرجل فاعلم ما فعل ؟ فأتيت منزله فإذا ليس في منزله ولا منزل أصحابه داع ولا مجيب [ فأقبلت إلى أمير المؤمنين عليه السلام بقصتهم ] فلما أخبرته عليه السلام قال : أبعدهم الله كما بعدت ثمود أما والله لو قد أشرعت لهم الأسنة وصبت على هامهم السيوف لقد ندموا إن الشيطان قد استهواهم وأضلهم وهو غدا متبرئ منهم ومخل عنهم .
فقام إليه زياد بن خصفة فقال : يا أمير المؤمنين إنه لو لم يكن من مضرة هؤلاء إلا فراقهم إيانا لم يعظم فقدهم علينا ولكنا نخاف أن يفسدوا علينا جماعة كثيرة ممن يقدمون عليهم من أهل طاعتك فائذن لي في اتباعهم حتى نردهم عليك إن شاء الله .
فقال له عليه السلام فأخرج في آثارهم رشيدا ثم قال : أخرج رحمك الله حتى تنزل دير أبي موسى ثم لا تبرحه حتى يأتيك أمري وسأكتب إلى من حولي من عمالي فيهم فكتب نسخة واحدة وأخرجها إلى العمال : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرء عليه كتابي هذا من العمال أما بعد فإن رجالا لنا عندهم تبعة خرجوا هرابا نظنهم خرجوا نحو بلاد البصرة فسل عنهم أهل بلادك واجعل عليهم العيون في كل ناحية من أرضك ثم اكتب إلي بما ينتهي إليك عنهم .
فخرج زياد بن خصفة حتى أتى داره وجمع أصحابه وأخذ معه منهم مائة وثلاثين رجلا وخرج حتى أتى دير أبي موسى .
وروى بإسناده عن عبد الله بن وال التيمي قال : إني لعند أمير المؤمنين عليه السلام إذا يبج قد جاءه يسعى بكتاب من قرظة بن كعب الأنصاري وكان أحد عماله يخبره بأن خيلا مرت من قبل الكوفة متوجهة [ نحو " نفر " ] وأن رجلا من دهاقين أسفل الفرات قد أسلم وصلى يقال له زاذان فروخ فلقوه فقالوا له : أمسلم أنت ؟ قال : نعم قالوا : فما تقول في علي ؟ قال : أقول : إنه أمير المؤمنين عليه السلام وسيد البشر ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله . فقالوا : كفرت يا عدو الله ثم حملت عليه عصابة منهم فقطعوه بأسيافهم ! ! وأخذوا معه رجلا من أهل الذمة يهوديا فقالوا : خلوا سبيل هذا لا سبيل لكم عليه .
فكتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام : أما بعد فقد فهمت ما ذكرت من أمر العصابة التي مرت بعملك فقتلت البر المسلم وأمن عندهم المخالف المشرك وإن أولئك قوم استهواهم الشيطان فضلوا كالذين حسبوا أن لا تكون فتنة فعموا وصموا فأسمع بهم وأبصر يوم يحشر أعمالهم فالزم عملك وأقبل على خراجك فإنك كما ذكرت في طاعتك ونصيحتك والسلام .
وكتب عليه السلام إلى زياد بن خصفة : أما بعد فقد كنت أمرتك أن تنزل دير أبي موسى حتى يأتيك أمري وذلك أني لم أكن علمت أين توجه القوم وقد بلغني أنهم أخذوا نحو قرية من قرى السواد فاتبع آثارهم وسل عنهم فإنهم قد قتلوا رجلا من أهل السواد مسلما مصليا فإذا أنت لحقت بهم فارددهم إلي فإن أبوا فناجزهم واستعن بالله عليهم فإنهم قد فارقوا الحق وسفكوا الدم الحرام وأخافوا السبيل والسلام .
قال عبد الله بن وال : فأخذت الكتاب منه عليه السلام وأنا يومئذ شاب حدث فاستأذنته أن أذهب معه إلى العدو فإذن ودعا لي فأتيت بالكتاب إليه ثم خرجنا حتى أتينا الموضع الذي كانوا فيه [ فسألنا عنهم ؟ فقيل : أخذوا نحو المدائن ] ولحقنا بالمداين فقال زياد لرئيسهم : ما الذي نقمت على أمير المؤمنين وعلينا حتى فارقتنا ؟ قال : لم أرض بصاحبكم إماما ولم أرض بسيرتكم سيرة فرأيت أن أعتزل وأكون مع من يدعو إلى الشورى من الناس فإذا اجتمع الناس على رجل هو لجميع الأمة رضا كنت مع الناس .
فقال : زياد ويحك وهل يجتمع الناس على رجل يداني عليا عالما بالله وبكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله مع قرابته وسابقته في الاسلام ؟ فقال له الخريت : هو ما أقول لك . فقال [ زياد ] ففيم قتلتم الرجال المسلم ؟ فقال الخريت : ما أنا قتلته إنما قتلته طائفة من أصحابي . قال : فادفعهم إلينا . قال : ما إلى ذلك من سبيل . قال : أو هكذا أنت فاعل ؟ قال : هو ما تسمع .
قال : فدعونا أصحابنا ودعا الخريت أصحابه ثم اقتتلنا فوالله ما رأيت قتالا مثله منذ خلقني الله لقد تطاعنا بالرماح حتى لم يبق في أيدينا رمح ثم اضطربنا بالسيوف حتى انحنت وعقرت عامة خلينا وخيلهم وكثرت الجراح فيما بيننا وبينهم وقتل منا رجلان مولى لزياد كانت معه رايته يدعى سويدا ورجل آخر يدعى واقدا وصرع منهم خمسة نفر وحال الليل بيننا وبينهم فقد والله كرهونا وكرهناهم وهزمونا وهزمناهم وجرح زياد وجرحت ثم إنا بتنا في جانب وتنحوا فمكثوا ساعة من أول الليل ثم مضوا فذهبوا وأصبحنا فوجدناهم ق ذهبوا فوالله ما كرهنا ذلك فمضينا حتى أتينا البصرة وبلغنا أنهم أتوا الأهواز فنزلوا في جانب منها وتلاحق بهم ناس من أصحابهم نحو مائتين فأقاموا معهم .
وكتب زياد إلى علي عليه السلام أما بعد فإنا لقينا عدو الله الناجي وأصحابه بالمدائن فدعوناهم إلى الهدى والحق والكلمة السواء فتولوا عن الحق وأخذتهم العزة بالإثم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فقصدونا وصمدنا صمدهم فاقتتلنا قتالا شديدا ما بين قائم الظهر إلى أن أدركت الشمس واستشهد منا رجلان صالحان وأصيب منهم خمسة نفر وخلوا لنا المعركة وقد فشت فينا وفيهم الجراح ثم إن القوم لما أدركوا الليل خرجوا من تحته متنكرين إلى أرض الأهواز وقد بلغني أنهم نزلوا منها جانبا ونحن بالبصرة نداوي جراحنا وننتظر أمرك رحمك الله والسلام .
فلما أتاه الكتاب قرأه على الناس فقام إليه معقل بن قيس الرياحي فقال : أصلحك الله يا أمير المؤمنين إنما كان ينبغي أن يكون مكان كل رجل من هؤلاء الذين بعثتهم في طلبهم عشرة من المسلمين فإذا لحقوهم استأصلوا شافتهم وقطعوا دابرهم .
فقال عليه السلام له : تجهز يا معقل إليهم وندب معه ألفين من أهل الكوفة فيهم يزيد بن المعقل وكتب إلى عبد الله بن العباس بالبصرة . أما بعد فابعث رجلا من قبلك صليبا شجاعا معروفا بالصلاح في ألفي رجل من أهل البصرة فليتبع معقل بن قيس فإذا خرج من أرض البصرة فهو أمير أصحابه حتى يلقى معقلا فإذا لقيه فمعقل أمير الفريقين فليسمع منه وليطعه ولا يخالفه ومر زياد بن خصفة فليقبل إلينا فنعم المرء زياد ونعم القبيل قبيلته وكتب عليه السلام إلى زياد :
أما بعد فقد بلغني كتابك وفهمت ما ذكرت به الناجي وأصحابه الذين طبع الله على قلوبهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فهم حيارى عمهون يحسبون أنهم يحسنون صنعا ووصفت ما بلغ بك وبهم الامر فأما أنت وأصحابك ؟ ؟ ؟ سعيكم وعليه جزاؤكم ، وأيسر ثواب الله للمؤمن خير له من الدنيا التي يقتل الجاهلون أنفسهم عليها " فما عندكم ينفد وما عند الله باق ، ولنجزين الذين صبروا جرهم بأحسن ما كانوا يعملون " [ 96 / النحل : 16 ] .
وأما عدوكم الذين لقيتم فحسبهم خروجهم من الهدى وارتكاسهم في الضلالة وردهم الحق وجماحهم في التيه فذرهم وما يفترون ودعهم في طغيانهم يعمهون فأسمع بهم وأبصر فكأنك بهم عن قليل بين أسير وقتيل فأقبل إلينا أنت وأصحابك مأجورين فقد أطعتم وسمعتم وأحسنتم البلاء والسلام .
قال : ونزل الناجي جانبا من الأهواز واجتمع إليه علوج كثير من أهلها ممن أراد كسر الخراج وممن اللصوص وطائفة أخرى من الاعراب ترى رأيه .
قال إبراهيم وروي عن عبد الله بن قعين قال : كنت أنا وأخي كعب في ذلك الجيش مع معقل فلما أراد الخروج أتاه عليه السلام يودعه فقال له : يا معقل بن قيس اتق الله ما استطعت فإنها وصية الله للمؤمنين لا تبغ على أهل القبلة ولا تظلم أهل الذمة ولا تتكبر فإن الله لا يحب المتكبرين .
فقال معقل : الله المستعان فقال [ علي عليه السلام : هو ] خير مستعان ثم قام [ معقل ] فخرج وخرجنا معه حتى نزل الأهواز فأقمنا أياما حتى بعث ابن عباس خالد ابن معدان مع جيش البصرة فدخل على صاحبنا وسلم عليه بالإمرة واجتمعا جميعا في عسكر واحد ثم خرجنا إلى الناجي وأصحابه فأخذوا يرتفعون نحو جبال " رامهرمز " يريدون قلعة بها حصينة فلحقناهم وقد دنوا من الجبل فصففنا لهم ثم أقبلنا نحوهم فجعل معقل على ميمنته يزيد بن معقل وعلى ميسرته منجاب بن راشد .
ووقف الناجي بمن معه من العرب فكانوا ميمنة وجعل أهل البلد والعلوج ومن أراد كسر الخراج وجماعة من الأكراد ميسرة .
وسار فينا معقل يحرضنا ويقول : يا عباد الله لا تبدأوا القوم وغضوا الابصار وأقلوا الكلام ووطنوا أنفسكم على الطعن والضرب وأبشروا في قتالهم بالأجر العظيم إنما تقاتلون مارقة مرقت وعلوجا منعوا الخراج ولصوصا وأكرادا فما تنتظرون ؟ فإذا حملت فشدوا شدة رجل واحد .
قال : فمر في الصف يكلمهم يقول هذه المقالة حتى إذا مر بالناس كلهم أقبل فوقف وسط الصف في القلب .
ونظرنا إليه ما يصنع فحرك رايته تحريكتين ثم حمل في الثالثة وحملنا معه جميعا فوالله ما صبروا لنا ساعة حتى ولوا وانهزموا وقتلنا سبعين عربيا من بني ناجية ومن بعض من اتبعه من العرب ونحو ثلاثمائة من العلوج والأكراد . وخرج الخريت منهزما حتى لحق بسيف من أسياف البحر وبها جماعة من قومه كثير فما زال يسير فيهم ويدعوهم إلى خلاف علي عليه السلام ويزين لهم فراقه ويخبرهم أن الهدى في حربه ومخالفته حتى اتبعه منهم ناس كثير .
وأقام معقل بن قيس بأرض الأهواز وكتب إلى أمير المؤمنين عليه السلام بالفتح وكنت أنا الذي قدم بالكتاب عليه وكان في الكتاب : لعبد الله علي أمير المؤمنين من معقل بن قيس بأرض الأهواز وكتب إلى أمير المؤمنين لعبد الله علي أمير المؤمنين من معقل بن قيس سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإنا لقينا المارقين وقد استظهروا علينا بالمشركين فقتلنا منهم ناسا كثيرا ولم نعد فيهم سيرتك لم نقتل منهم مدبرا ولا أسيرا ولم ندفف منهم على جريح ، وقد نصرك الله والمسلمين والحمد لله رب العالمين .
قال : فلما قدمت بالكتاب على علي عليه السلام قرأه على أصحابه واستشارهم في الرأي فاجتمع رأي عامتهم على قول واحد قالوا : نرى أن تكتب إلى معقل بن قيس يتبع آثارهم ولا يزال في طلبهم حتى يقتلهم أو ينفيهم من أرض الاسلام فإنا لا نأمن أن يفسدوا عليك الناس . قال : فردني إليه وكتب معي :
أما بعد فالحمد لله على تأييده أولياء وخذله أعداءه جزاك الله والمسلمين خيرا فقد أحسنتم البلاء وقضيتم ما عليكم فاسأل عن أخي بني ناجية فإن بلغك أنه استقر في بلد من البلدان فسر إليه حتى تقتله أو تنفيه فإنه لم يزل للمسلمين عدوا وللفاسقين وليا والسلام .
قال : فسأل معقل عن مسيره والمكان الذي انتهى إليه فنبئ بمكانه بسيف البحر بفارس وأنه أفسد من قبله من عبد القيس ومن والاهم من سائر العرب وكان قومه قد منعوا الصدقة عام صفين ومنعوها في ذلك العام أيضا . فصار إليهم معقل في ذلك الجيش من أهل الكوفة والبصرة فأخذوا على أرض فارس حتى انتهوا إلى أسياف البحر .
فلما سمع الخريت بمسيره أقبل على من كان معه من أصحابه ممن يرى رأي الخوارج فأسر إليهم أني أرى رأيكم وأن عليا ما كان ينبغي له أن يحكم الرجال في دين الله وقال للآخرين من أصحابه مسرا إليهم : إن عليا قد حكم حكما ورضي به فخالف حكمه الذي ارتضاه لنفسه وهذا الرأي الذي خرج عليه من الكوفة وقال : لمن يرى رأي عثمان وأصحابه : أنا على رأيكم وإن عثمان قتل مظلوما وقال لمن منع الصدقة شدوا أيديكم على صدقاتكم ثم صلوا بها أرحامكم وعودوا إن شئتم على فقرائكم فأرضي كل طائفة بضرب من القول .
وكان فيهم نصارى كثير أسلموا فلما رأوا ذلك الاختلاف قالوا : والله لديننا الذي خرجنا منه خير وأهدى من دين هؤلاء الذين لا ينهاهم دينهم عن سفك الدماء وإخافة السبل فرجعوا إلى دينهم فلقي الخريت أولئك فقال : ويحكم إنه لا ينجيكم من القتل إلا الصبر لهؤلاء القوم ولقتالهم أتدرون ما حكم علي فيمن أسلم من النصارى ثم رجع إلى النصرانية لا والله لا يسمع له قولا ولا يرى له عذرا ولا دعوة ولا يقبل منه توبة ولا يدعوه إليها وإن حكمه فيه أن يضرب عنقه ساعة يستمكن منه ؟ ! . فما زال حتى خدعهم فاجتمع إليه ناس كثير وكان منكرا داهيا . فلما رجع معقل قرأ على أصحابه كتابا من علي عليه السلام فيه : بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى من قرئ عليه كتابي هذا من المسلمين والمؤمنين والمارقين والنصارى والمرتدين سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وكتابه والبعث بعد الموت وافيا بعهد الله ولم يكن من الخائنين أما بعد فإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وأن أعمل فيكم بالحق وبما أمر الله تعالى به في كتابه فمن رجع منكم إلى رحله وكف يده واعتزل هذا المارق الهالك المحارب الذي حارب الله ورسوله والمسلمين وسعى في الأرض فسادا فله الأمان على ماله ودمه ، ومن تابعه على حربنا والخروج من طاعتنا استعنا بالله عليه وجعلناه بيننا وبينه وكفى بالله وليا والسلام .
قال : فأخرج معقل راية أمان فنصبها وقال : من أتاها من الناس فهو آمن إلا الخريت وأصحابه الذين نابذوا أول مرة .
فتفرق عن الخريت كل من كان معه من غير قومه .
وعبأ معقل أصحابه ثم زحف بهم نحوه وقد حضر مع الخريت جميع قومه مسلمهم ونصرانيهم ومانعوا الصدقة منهم فجعل مسلميهم ميمنة والنصارى ومانعي الصدقة ميسرة .
وسار معقل يحرض أصحابه فيما بين الميمنة والميسرة ويقول : أيها الناس ما تدرون ما سيق إليكم في هذا الموقف من الاجر العظيم إن الله ساقكم إلى قوم منعوا الصدقة وارتدوا عن الاسلام ونكثوا البيعة ظلما وعدوانا إني شهيد لمن قتل منكم بالجنة ومن عاش بأن الله يقر عينه بالفتح والغنيمة .
ففعل ذلك حتى مر بالناس أجمعين ثم وقف بالقلب برايته فحملت الميمنة عليهم ثم الميسرة وثبتوا لهم وقاتلوا قتالا شديدا ثم حمل هو وأصحابه عليهم فصبروا لهم ساعة .
ثم إن النعمان بن صهبان بصر بالخريت فحمل عليه فضربه فصرعه عن فرسه ثم نزل إليه وقد جرحه فاختلفا بينهما ضربتين فقتله النعمان وقتل معه في المعركة سبعون ومائة وذهب الباقون في الأرض يمينا وشمالا .
وبعث معقل الخيل إلى رحالهم فسبا من أدرك فيها رجالا ونساء وصبيانا ثم نظر فيهم فمن كان مسلما خلاه وأخذ بيعته وخلى سبيل عياله ومن كان ارتد عن الاسلام عرض عليه الرجوع إلى الاسلام أو القتل فأسلموا فخلى سبيلهم وسبيل عيالاتهم إلا شيخا منهم نصرانيا أبى فقتله .
وجمع الناس فقال : أدوا ما عليكم في هذه السنين من الصدقة فأخذ من المسلمين عقالين وعمد إلى النصارى وعيالاتهم فاحتملهم معه وأقبل المسلمون الذين كانوا معهم يشيعونهم فأمر معقل بردهم فلما ذهبوا لينصرفوا تصايحوا ودعا الرجال والنساء بعضهم إلى بعض قال : فلقد رحمتهم رحمة ما رحمتها أحدا قبلهم ولا بعدهم .
وكتب معقل إلى علي عليه السلام : أما بعد فإني أخبر أمير المؤمنين عن جنده وعن عدوهم أنا دفعنا إلى عدونا بأسياف البحر فوجدنا بها قبائل ذات حد وعدد وقد جمعوا لنا فدعوناهم إلى الجماعة والطاعة وإلى حكم الكتاب والسنة وقرأنا عليهم كتاب أمير المؤمنين ورفعنا لهم راية أمان فمالت طائفة منهم إلينا وثبتت طائفة أخرى فقبلنا أمر التي أقبلت وصمدنا إلى التي أدبرت فضرب الله وجوههم ونصرنا عليهم فأما من كان مسلما فإنا مننا عليه وأخذنا بيعته لأمير المؤمنين وأخذنا منهم الصدقة التي كانت عليهم وأما من ارتد فعرضنا عليهم الرجوع إلى الاسلام وإلا قتلناهم فرجعوا إلى الاسلام غير رجل واحد فقتلناه .
وأما النصارى فإنا سبيناهم وأقبلنا بهم ليكونوا نكالا لمن بعدهم من أهل الذمة كيلا يمنعوا الجزية ولا يجترؤا على قتال أهل القبلة وهم للصغار والذلة أهل ، رحمك الله يا أمير المؤمنين وأوجب لك جنات النعيم والسلام .
قال : ثم أقبل بالأسارى حتى مر على مصقلة بن هبيرة الشيباني وهو عامل لعلي عليه السلام على أردشير خرة وهم خمس مائة انسان فبكى إليه النساء والصبيان وتصايح الرجال يا أبا الفضل يا حامل الثقل يا مأوي الضعيف وفكاك العناة امنن علينا فاشترنا وأعتقنا .
فقال مصقلة : أقسم بالله لأتصدقن عليهم إن الله يجزي المتصدقين فبلغ قوله معقلا فقال : والله لو أعلمه قالها توجعا لهم ووجدا عليهم ازراء علي لضربت عنقه وإن كان في ذلك فناء بني تميم وبكر بن وائل .
ثم إن مصقلة بعث ذهل بن الحارث إلى معقل فقال : بعني نصارى بني ناجية فقال : أبيعكم بألف ألف درهم فأبى عليه فلم يزل يراوضه حتى باعه إياهم بخمسمائة ألف درهم ودفعهم إليه وقال : عجل بالمال إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال مصقلة : أنا باعث الآن بصدر منه ثم كذلك حتى لا يبقى منه شيء.
وأقبل معقل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأخبره بما كان من الامر فقال : أحسنت وأصبت ووفقت .
وانتظر علي عليه السلام مصقلة أن يبعث بالمال فأبطأ به وبلغ عليا عليه السلام أن مصقلة خلى الأسارى ولم يسألهم أن يعينوه في فكاك أنفسهم بشيء فقال : ما أرى مصقلة إلا قد حمل حمالة ولا أراكم إلا وسترونه عن قريب مبلدحا ثم كتب إليه أما بعد فإن من أعظم الخيانة خيانة الأمة وأعظم الغش على أهل المصر غش الامام وعندك من حق المسلمين خمسمائة ألف درهم فابعث بها إلي حين يأتيك رسولي وإلا فاقبل إلي حين تنظر في كتابي فإني قد تقدمت إلى رسولي أن لا يدعك ساعة واحدة تقيم بعد قدومه عليك إلا أن تبعث بالمال والسلام .
فلما قرأ كتابه أتاه عليه السلام بالكوفة فأقره أياما لم يذكر له شيئا ثم سأله المال فأدى إليه مائتي ألف درهم وعجز عن الباقي ففر ولحق بمعاوية فلما بلغ ذلك عليا عليه السلام قال : ماله ترحه الله فعل فعل السيد وفر فرار العبد وخان خيانة الفاجر فلو عجز ما زدنا على حبسه فإن وجدنا له شيئا أخذناه وإن لم نجد له مالا تركناه .
ثم سار علي عليه السلام إلى داره فهدمها وكان أخوه نعيم بن هبيرة شيعة لعلي عليه السلام مناصحا فكتب إليه مصقلة من الشام مع رجل من نصارى تغلب يقال له حلوان : أما بعد فإني كلمت معاوية فيك فوعدك الكرامة ومناك الامارة فأقبل ساعة تلقى رسولي والسلام .
فأخذه مالك بن كعب الأرحبي فسرح به إلى علي عليه السلام فأخذ كتابه فقرأه ثم قدمه فقطع يده فمات وكتب نعيم إلى مصقلة شعرا يتضمن امتناعه وتعييره .
وحدثني ابن أبي سيف عن عبد الرحمان بن جندب عن أبيه قال : قيل لعلي عليه السلام حين هرب مصقلة : أردد الذين سبوا ولم يستوف أثمانهم في الرق فقال : ليس ذلك في القضاء بحق قد عتقوا إذ أعتقهم الذي اشتراهم وصار مالي دينا على الذي اشتراهم .
قال إبراهيم : وروى عبد الرحمن بن جندب عن أبيه أنه لما بلغ عليا عليه السلام مصاب بني ناجية وقتل صاحبهم قال : هوت أمه ما كان أنقص عقله وأجرأه ! إنه جائني مرة فقال : إن في أصحابك رجالا قد خشيت أن يفارقوك فما ترى فيهم ؟ فقلت : إني لا آخذ على التهمة ولا أعاقب على الظن ولا أقاتل إلا من خالفني وناصبني وأظهر العداوة لي ثم لست مقاتله حتى أدعوه وأعذر إليه فإن تاب ورجع قبلنا منه وإن أبى إلا الاعتزام على حربنا استعنا بالله عليه وناجزناه فكف عني ما شاء الله حتى جاءني مرة أخرى فقال لي : إني خشيت أن يفسد عليك عبد الله بن وهب وزيد بن حصين الطائي إني سمعتهما يذكرانك بأشياء لو سمعتهما لم تفارقهما حتى تقتلهما أو توثقهما فلا يزالان بمحبسك ابدا فقلت له : إني مستشيرك فيهما فماذا تأمرني به ؟ قال : إني آمرك أن تدعوهما فتضرب رقابهما ؟ فعلمت أنه لا ورع له ولا عقل فقلت له : والله ما أظن لك ورعا ولا عقلا لقد كان ينبغي لك أن تعلم أني لا أقتل من لم يقاتلني ولم يظاهر لي عداوته بالذي كنت أعلمتكه من رأيي حيث جئتني في المرة الأولى ولقد كان ينبغي لك لو أردت قتلهم أن تقول لي اتق الله بهم تستحل قتلهم ولم يقتلوا أحدا ولم ينابذوك ولم يخرجوا من طاعتك .
المصدر :  بحار الأنوار
المؤلف :  العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي  
الجزء والصفحة : جزء 33 / صفحة [ 405 ]
تاريخ النشر : 2025-10-19


Untitled Document
دعاء يوم الأحد
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ الله الَّذِي لا أَرجو إِلّا فَضْلَهُ، وَلا أَخْشى إِلّا عَدْلَهُ، وَلا أَعْتَمِدُ إِلّا قَوْلَهُ، وَلا أُمْسِكُ إِلّا بِحَبْلِهِ. بِكَ أَسْتَجِيرُ يا ذا العَفْوِ وَالرِّضْوانِ مِنَ الظُّلْمِ وَالعُدْوانِ، وَمِنْ غِيَرِ الزَّمانِ، وَتَوَاتُرُ الأَحْزانِ، وَطوارِقِ الحَدَثانِ، وَمِنَ اِنْقضاء المُدَّةِ قَبْلَ التَّأَهُّبِ وَالعُدَّةِ. وَإِيّاكَ أَسْتَرْشِدُ لِما فِيهِ الصَّلاحُ وَالإِصْلاحُ، وَبِكَ أَسْتَعِينُ فِيما يَقْتَرِنُ بِهِ النَّجاحُ وَالإِنْجاحُ، وَإِيّاكَ أَرْغَبُ فِي لِباسِ العافِيَةِ وَتَمامِها وَشُمُولِ السَّلامَةِ وَدَوَامِها، وأَعُوذُ بِكَ يا رَبِّ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ، وَأَحْتَرِزُ بِسُلْطانِكَ مِنْ جَوْرِ السَّلاطِينِ. فَتَقَبَّلْ ما كانَ مِنْ صَلاتِي وَصَوْمِي، وَاجْعَلْ غَدِي وَما بَعْدَهُ أَفْضَلَ مِنْ ساعَتِي وَيَوْمِي، وَأَعِزَّنِي فِي عَشِيرَتِي وَقَوْمِي، وَاحْفَظْنِي فِي يَقْظَتِي وَنَوْمِي، فَأَنْتَ الله خَيْرٌ حافِظاً وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ. اللّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيكَ فِي يَوْمِي هذا وَما بَعْدَهُ مِنَ الآحادِ مِنَ الشِّرْكِ وَالإِلْحادِ، وَأُخْلِصُ لَكَ دُعائِي تَعَرُّضاً لِلإِجابَةِ، وَأُقِيمُ عَلى طاعَتِكَ رَجاءً لِلإِثابَةِ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ خَيْرِ خَلْقِكَ الدَّاعِي إِلى حَقِّكَ، وَأَعِزَّنِي بِعِزِّكَ الَّذِي لا يُضامُ، وَاحْفَظْنِي بِعَيْنِكَ الَّتِي لا تَنامُ، وَاخْتِمْ بِالاِنْقِطاعِ إِلَيْكَ أَمْرِي وَبِالمَغْفِرَةِ عُمْرِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

زيارات الأيام
زيارة أمير المؤمنين والزهراء (عليهما السلام) في يوم الأحد
زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام): اَلسَّلامُ عَلَى الشَّجَرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَالدَّوْحَةِ الْهاشِمِيَّةِ المُضيئَةِ المُثْمِرَةِ بِالنَّبُوَّةِ الْمُونِقَةِ بِالْاِمامَةِ وَعَلى ضَجيعَيْكَ آدَمَ وَنُوح عَلَيْهِمَا السَّلامُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَعَلى اَهْلِ بَيْتِكَ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكَ وَ عَلَى الْمَلائِكَةِ الْمُحْدِقينَ بِكَ وَالْحافّينَ بِقَبْرِكَ. يا مَوْلايَ يا اَميرَ الْمُوْمِنينَ هذا يَوْمُ الْاَحَدِ وَهُوَ يَوْمُكَ وَبِاسْمِكَ وَاَنَا ضَيْفُكَ فيهِ وَجارُكَ فَاَضِفْنى يا مَوْلايَ وَاَجِرْني فَاِنَّكَ كَريمٌ تُحِبُّ الضِّيافَةَ وَمَأْمُورٌ بِالْاِجارَةِ فَافْعَلْ ما رَغِبْتُ اِلَيْكَ فيهِ وَرَجَوْتُهُ مِنْكَ بِمَنْزِلَتِكَ وَ آلِ بَيْتِكَ عِنْدَ اللهِ وَمَنْزِلَتِهِ عِنْدَكُمْ وَبِحَقِّ ابْنِ عَمِّكَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ. زيارة الزهراء (سلام الله عليها) : اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الَّذي خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً اَنَا لَكِ مُصَدِّقٌ صابِرٌ عَلى ما اَتى بِهِ اَبُوكِ وَوَصِيُّهُ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِما وَاَنَا أَسْأَلُكِ اِنْ كُنْتُ صَدَّقْتُكِ إلاّ اَلْحَقْتِني بِتَصْديقي لَهُما لِتُسَرَّ نَفْسي فَاشْهَدي اَنّي ظاهِرٌ بِوَلايَتِكِ وَوَلايَةِ آلِ بَيْتِكِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ.