أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/فرق وأديان/الإمام علي (عليه السلام)
روي أن أمير
المؤمنين عليه السلام أرسل عبد الله بن عباس إلى الخوارج وكان بمرأى منهم ومسمع
[ليسألهم ماذا الذي نقموا عليه ؟ فقال لهم ابن عباس: ماذا نقمتم على أمير المؤمنين
؟] قالوا له في الجواب: نقمنا يا ابن العباس على صاحبك خصالا كلها مكفرة موبقة
تدعو إلى النار.
أما أولها فإنه
محى اسمه من امرة المؤمنين ثم كتب بينه وبين معاوية فإذا لم يكن أمير المؤمنين
فنحن المؤمنون فلسنا نرضى أن يكون أميرنا.
وأما الثانية
فإنه شك في نفسه حين قال للحكمين: أنظرا فإن كان معاوية أحق بها فأثبتاه، وإن كنت
أولى بها فأثبتاني " فإذا هو شك في نفسه فلم يدر أهو المحق أم معاوية فنحن
فيه أشد شكا.
والثالثة أنه
جعل الحكم إلى غيره وقد كان عندنا أحكم الناس.
والرابعة أنه
حكم الرجال في دين الله ولم يكن ذلك إليه.
والخامسة أنه
قسم بيننا الكراع والسلاح يوم البصرة ومنعنا النساء والذرية.
والسادسة أنه
كان وصيا فضيع الوصية.
قال ابن عباس:
قد سمعت يا أمير المؤمنين مقالة القوم فأنت أحق بجوابهم فقال: نعم ثم قال: يا ابن
عباس قل لهم: ألستم ترضون بحكم الله وحكم رسوله ؟ قالوا نعم. قال أبدأ على ما
بدأتم به في بدء الامر.
ثم قال: كنت
أكتب لرسول الله صلى الله عليه وآله الوحي والقضايا والشروط والامان يوم صالح أبا
سفيان وسهيل بن عمرو فكتب: بسم الله الرحمان الرحيم هذا ما اصطلح عليه محمد رسول
الله صلى الله عليه وآله أبا سفيان وسهيل بن عمرو. فقال سهيل: انا لا نعرف الرحمان
الرحيم ولا نقر أنك رسول الله ولكنا نحسب ذلك شرفا لك أن تقدم اسمك قبل أسمائنا
وإن كنا أسن منك وأبي أسن من أبيك ! ! فأمرني رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:
أكتب مكان " بسم الله الرحمان الرحيم " باسمك اللهم فمحوت ذلك وكتبت
باسمك اللهم ومحوت " رسول الله " وكتبت " محمد بن عبد الله "
فقال لي: " إنك تدعى إلى مثلها فتجيب وأنت مكره " وهكذا كتبت بيني وبين
معاوية وعمرو بن العاص: " هذا ما اصطلح عليه أمير المؤمنين عليه السلام
ومعاوية وعمرو بن العاص " فقالا: لقد ظلمناك بأن أقررنا بأنك أمير المؤمنين وقاتلناك
ولكن اكتب علي بن أبي طالب فمحوت كما محى رسول الله صلى الله عليه وآله فإن أبيتم
ذلك فقد جحدتم. فقالوا: هذه لك خرجت منها.
فقال: "
وأما قولكم " إني شككت في نفسي حيث قلت للحكمين: أنظرا فإن كان معاوية أحق
بها مني فاثبتاه " فإن ذلك لم يكن شكا مني ولكني أنصفت في القول قال الله
تعالى: * (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) * [24 / السبأ: 34] ولم يكن
ذلك شكا وقد علم الله أن نبيه على الحق. قالوا: وهذه لك.
قال: وأما
قولكم: " إني جعلت الحكم إلى غيري وقد كنت عندكم أحكم الناس " فهذا رسول
الله صلى الله عليه وآله قد جعل الحكم إلى سعد يوم بني قريظة وقد كان أحكم الناس.
وقد قال الله تعالى: * (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) * [21 / الاحزاب: 33]
فتأسيت برسول الله صلى الله عليه وآله. قالوا: وهذه لك بحجتنا.
قال: وأما
قولكم: " اني حكمت في دين الله الرجال " فما حكمت الرجال وإنما حكمت
كلام ربي الذي جعله الله حكما بين أهله وقد حكم الله الرجال في طائر فقال: * (ومن
قتله منكم متعمدا فجزا مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم) * [95 /
المائدة: 5] فدماء المسلمين أعظم من دم طائر. قالوا: وهذه لك بحجتنا.
قال: وأما
قولكم: " إني قسمت يوم البصرة لما أظفرني الله بأصحاب الجمل الكراع والسلاح
ومنعتكم النساء والذرية " فإني مننت على أهل البصرة كما من رسول الله صلى
الله عليه وآله على أهل مكة فإن عدوا علينا أخذناهم بذنوبهم ولم نأخذ صغيرا بكبير
؟ ! وبعد فأيكم كان يأخذ عائشة في سهمه قالوا: وهذه لك بحجتنا.
قال: وأما
قولكم: " إني كنت وصيا فضيعت الوصية " فأنتم كفرتم وقدمتم علي وأزلتم
الامر عني وليس على الاوصياء الدعاء إلى أنفسهم إنما يبعث الله الانبياء صلوات
الله عليهم فيدعون إلى أنفسهم والوصي مدلول عليه مستغن عن الدعاء إلى نفسه وذلك
لمن آمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله ولقد قال الله عز ذكره: * (ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) * [79 / آل عمران: 3] فلو ترك الناس الحج لم
يكن البيت ليكفر بتركهم إياه ولكن [الناس] كانوا يكفرون بتركهم [البيت] لان الله
تعالى نصبه لهم علما وكذلك نصبني علما حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله
" يا علي أنت مني [بمنزلة هارون من موسى وأنت مني] بمنزلة الكعبة تؤتى ولا
تأتي " فقالوا: وهذه لك بحجتنا فأذعنوا فرجع بعضهم وبقي منهم أربعة آلاف لم
يرجعوا ممن كانوا قعدوا عنه فقاتلهم فقتلهم.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 33 / صفحة [ 377 ]
تاريخ النشر : 2025-10-18