أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
كتاب الغارات
لابراهيم بن محمد الثقفي رفعه قال: إن النجاشي الشاعر شرب الخمر في شهر رمضان فحده
أمير المؤمنين أقامه في سراويل فضربه ثمانين ثم زاده عشرين سوطا وقال: هذا لجرأتك
على ربك وإفطارك في شهر رمضان فغضب ولحق بمعاوية. فدخل طارق بن عبد الله على أمير
المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين ما كنا نرى أن أهل المعصية والطاعة
وأهل الفرقة والجماعة عند ولاة العدل ومعادن الفضل سيان في الجزاء حتى رأيت ما كان
من صنيعك بأخي الحارث فأوغرت صدورنا وشتت أمورنا وحملتنا على الجادة التي كنا نرى
أن سبيل من ركبها النار فقال علي عليه السلام * (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) *
[45 / البقرة: 2].
يا أخا بني نهد
فهل هو إلا رجل من المسلمين انتهك حرمة من حرم الله فأقمنا عليه حدا كان كفارته إن
الله تعالى يقول في كتابه: * (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو
أقرب للتقوى) * [8 / المائدة: 5]. فخرج طارق ولقيه الاشتر فقال له: أنت القائل
لأمير المؤمنين أوغرت صدورنا وشتت أمورنا ؟ قال طارق: أنا قائلها. قال الاشتر:
والله ما ذلك كما قلت وإن صدورنا له لسامعة وإن أمورنا له لجامعة قال فغضب طارق
وقال: ستعلم يا أشتر أنه غير ما قلت. فلما جنه الليل همس هو والنجاشي وذهبا إلى
معاوية فلما دخلا عليه نظر معاوية إلى طارق وقال: مرحبا بالمورق غصنه [والمعرق
أصله، المسود غير المسود] من رجل كانت منه هفوة ونبوة باتباعه صاحب الفتنة ورأس
الضلالة إلى آخر ما قال لعنه الله.
فقال طارق: يا
معاوية إن المحمود على كل حال رب علا فوق عباده فهم بمنظر ومسمع منه بعث فيهم
رسولا منهم لم يكن يتلو من قبله كتابا ولا يخطه بيمينه إذا لارتاب المبطلون فعليه
السلام من رسول كان بالمؤمنين رحيما، أما بعد فإنا كنا نوضع في رجال من أصحاب
النبي صلى الله عليه وآله مرشدين منارا للهدى ومعلما للدين سلفا لخلف مهتدين وخلفا
لسلف مهتدين أهل دين لا دنيا وأهل الآخرة كل الخير فيهم أهل بيوتات وشرف ليسوا
بناكثين ولا قاسطين فلم تك رغبة من رغب عنهم وعن صحبتهم إلا لمرارة الحق حيث
جرعوها ولو عورته حيث سلكوها غلبت عليهم دنيا مؤثرة وهوى متبع وكان أمر الله قدرا
مقدورا. [وقد فارق الاسلام قبلنا جبلة بن الايهم فرارا من الضيم وأنفا من الذلة]
فلا تفخر يا معاوية أن قد شددنا إليك الرحال وأوضعنا نحوك الركاب فتعلم وتنكر. ثم
أجلسه معاوية على سريره ودعا له بمقطعات وبرود يضعها عليه ثم أقبل عليه بوجهه
يحدثه حتى قام فلما قام خرج طارق فأقبل عليه عمرو بن مرة وعمرو بن صيفي يلومانه في
خطبته إياه وفيما عرض لمعاوية فقال طارق لهما: والله ما قمت حتى كان بطن الارض أحب
إلي من ظهرها عند إظهار ما أظهر من البغي والعيب والنقص لأصحاب محمد صلى الله عليه
وآله ولمن هو خير منه في العاجلة والآجلة ولقد قمت مقاما عنده أوجب الله علي فيه
أن لا أقول إلا حقا فبلغ عليا مقالة طارق فقال: لو قتل أخو بني نهد لقتل شهيدا.
وزعم بعض الناس أن طارق بن عبد الله رجع إلى علي عليه السلام ومعه النجاشي.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 33 / صفحة [ 272 ]
تاريخ النشر : 2025-10-13