أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
روى أهل الحديث
أن النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط وعمرو بن العاص عمدوا إلى سلى جمل فرفعوه
بينهم ووضعوه على رأس رسول الله صلى الله عليه وآله وهو ساجد بفناء الكعبة فسال
عليه فصبر ولم يرفع رأسه وبكى في سجوده ودعا عليهم فجاءت إبنته فاطمة عليها السلام
وهي باكية فرفعته عنه فألقته وقامت على رأسه [وهي] باكية فرفع رأسه وقال: اللهم
عليك بقريش قالها ثلاثا ثم قال رافعا صوته: إني مظلوم فانتصر قالها ثلاثا ثم قام
فدخل منزله وذلك بعد وفاة عمه أبي طالب بشهرين. قال: ولشدة عداوة [عمرو بن العاص
لرسول الله صلى الله عليه وآله] أرسله أهل مكة إلى النجاشي ليطرد أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وآله عن بلاده مهاجرة حبشة وليقتل جعفر بن أبي طالب عنده إن أمكنه
فكان منه في أمر جعفر هناك ما هو مشهور في السير.
وقال ابن أبي
الحديد: ذكر الزمخشري في كتاب ربيع الابرار قال: كانت النابغة أم عمرو بن العاص
أمه لرجل من عنزة فسبيت فاشتراها عبد الله بن جذعان التيمي بمكة فكانت بغيا ثم
أعتقها فوقع عليها أبو لهب بن عبد المطلب وأمية بن خلف الجمحي وهشام بن المغيرة
المخزومي وأبو سفيان بن حرب والعاص بن وائل السهمي في طهر واحد فولدت عمرا فادعاه
كلهم فحكمت أمه فيه فقالت: هو من العاص بن وائل وذلك لان العاص بن وائل كان ينفق
عليها كثيرا. قالوا: وكان أشبه بأبي سفيان. قال: وروى أبو عبيدة معمر بن المثنى في
كتاب الانساب أن عمرا اختصم فيه يوم ولادته رجلان، أبو سفيان بن حرب والعاص بن
وائل. فقيل: لتحكم أمه. فقالت أمه: إنه من العاص بن وائل. فقال أبو سفيان: أما إني
لا أشك أني وضعته في رحم أمه فأبت إلا العاص. فقيل لها: أبو سفيان أشرف نسبا. فقالت:
إن العاص بن وائل كثير النفقة علي وأبو سفيان شحيح. ففي ذلك يقول حسان بن ثابت
لعمرو بن العاص حيث هجاه مكافئا له عن هجاء رسول الله صلى الله عليه وآله:
أبوك أبو سفيان
لا شك قد بدت * لنا فيك منه بينات الدلائل
ففاخر به إما
فخرت فلا تكن * تفاخر بالعاص الهجين بن وائل
وإن التي في ذاك
يا عمرو حكمت * فقالت رجاء عند ذاك لنائل
من العاص عمرو
تخبر الناس كلما * تجمعت الاقوام عند المحافل
وروى ابن عبد
البر في الاستيعاب عن ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفين أن بسر بن أرطاة بارز
عليا عليه السلام يوم صفين فطعنه علي عليه السلام فانكشف له فكف عنه كما عرض له
مثل ذلك مع عمرو بن العاص. قال: ولهم فيها أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب.
منها فيما ذكر ابن الكلبي والمدائني قول الحارث بن النضر السهمي:
أفي كل يوم فارس
ليس ينتهي * وعورته وسط العجاجة بادية
يكف لها عنه على
سنانه * ويضحك منه في الخلاء معاوية
بدت أمس من عمرو
فقنع رأسه * وعورة بسر مثلها حذو حاذية
فقولا لعمرو ثم
بسر ألا انظرا * سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية
ولا تحمدا إلا
الحيا وخصاكما * هما كانتا والله للنفس واقية
ولولاهما لم
تنجوا من سنانه * وتلك بما فيها عن العود ناهية
متى تلقيا الخيل
المشيخة صحبة * وفيها علي فاتركا الخيل
ناحية
وكونا بعيدا حيث
لا يبلغ القنا * نحوركما إن التجارب كافية
وروي أن معاوية
قال لبسر بعد ذلك وكان يضحك: لا عليك يا بسر ارفع طرفك ولا تستحي فلك بعمرو أسوة
وقد أراك الله منه وأراه منك. فصاح فتى من أهل الكوفة: ويلكم يا أهل الشام أما
تستحيون لقد علمكم عمرو كشف الاستار ثم أنشد الابيات. وروي أنه قال معاوية لعمرو
يوما بعد استقرار خلافته: يا أبا عبد الله لا أراك إلا ويغلبني الضحك. قال: بماذا.
قال: أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين فأزريت نفسك فرقا من شبا سنانه وكشفت
سوأتك له. فقال عمرو: أنا منك أشد ضحكا، إني لأذكر يوم دعاك إلى البراز فانتفخ
سحرك وربا لسانك في فمك وغصصت بريقك وارتعدت فرائصك وبدا منك ما أكره ! ! ! فقال
معاوية - بعدما جرى بينهما -: الجبن والفرار من علي لا عار على أحد فيهما. وكان
بسر ممن يضحك من عمرو فلما علم أنه لا محيص حذا حذوه وصار مضحكة له أيضا.
وروى ابن أبي
الحديد عن البلاذري في كتاب أنساب الاشراف قال: قام عمرو بن العاص بالموسم فأطرى
معاوية وبني أ ؟ ة وتناول بني هاشم وذكر مشاهده بصفين ويوم أبي موسى فقام إليه ابن
عباس فقال: يا عمرو إنك بعت دينك من معاوية فأعطيته ما في يدك ومناك ما في يد غيره
فكان الذي أخذ منك فوق الذي أعطاك وكان الذي أخذت منه دون الذي أعطيته وكل راض بما
أخذ وأعطى. فلما صارت مصر في يدك تتبعك بالنقض عليك والتعقب لأمرك ثم بالعزل لك
حتى لو أن نفسك في يدك لأرسلتها وذكرت يومك مع أبي موسى فلا أراك فخرت إلا بالغدر
ولا مننت إلا بالفجور والغش وذكرت مشاهدك بصفين فو الله ما ثقلت علينا وطأتك ولا
نكأت فينا جرأتك ولقد كنت فيها طويل اللسان قصير البنان آخر الحرب إذا أقبلت
وأولها إذا أدبرت لك يدان، يد لا تقبضها عن شر ويد لا تبسطها إلى خير ووجهان، وجه
مونس ووجه موحش. ولعمري من باع دينه بدنيا غيره لحري حزنه على ما باع. وأما إن لك
بيانا ولكن فيك خطل وإن لك لرأيا ولكن فيك فشل وإن أصغر عيب فيك لأعظم عيب في غيرك
! !
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 33 / صفحة [ 229 ]
تاريخ النشر : 2025-10-12