أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
خرج من عسكر
معاوية المخراق بن عبد الرحمان وطلب البراز فخرج إليه من عسكر علي عليه السلام
المؤمل بن عبيد الله المرادي فقتله الشامي فنزل فجز رأسه وحك وجهه بالأرض وكبه على
وجهه فخر إليه فتى من الازد اسمه مسلم بن عبد ربه فقتله الشامي وفعل به كما فعل
فلما رأى علي عليه السلام ذلك تنكر والشامي واقف يطلب البراز فخرج إليه وهو لا
يعرفه فطلبه فبدره علي عليه السلام بضربة على عاتقه فرمى بشقه فنزل فاجتز رأسه
وقلب وجهه إلى السماء وركب ونادى هل من مبارز فخرج إليه فارس فقتله وفعل به كما
فعل وركب ونادى هل من مبارز فخرج إليه فارس فقتله وفعل كما فعل كذا إلى أن قتل
سبعة فأحجم عنه الناس ولم يعرفوه.
وكان لمعاوية
عبد يسمى حربا وكان شجاعا فقال له معاوية: ويلك يا حرب اخرج إلى هذ الفارس فاكفني
أمره فقد قتل من أصحابي ما قد رأيت فقال له حرب: إني والله أرى مقام فارس لو نزل
إليه أهل عسكرك لأفناهم عن آخرهم فإن شئت برزت إليه واعلم أنه قاتلي وإن شئت
فاستبقني لغيره فقال: معاوية لا والله ما أحب أن تقتل فقف مكانك حتى يخرج إليه
غيرك.
وجعل علي عليه
السلام يناديهم ولا يخرج إليه أحد فرفع المغفر عن رأسه ورجع إلى عسكره.
فخرج رجل من
أبطال الشام اسمه كريب بن الصباح فطلب البراز فخرج إليه المبرقع الخولاني فقتله
الشامي وخرج إليه آخر فقتله أيضا فرأى علي عليه السلام فارسا بطلا فخرج إليه علي
عليه السلام بنفسه فوقف قبالته وقال له: من أنت قال: أنا كريب بن الصباح الحميري
فقال له علي عليه السلام: ويحك يا كريب إني أحذرك الله في نفسك وأدعوك إلى كتابه
وسنة نبيه فقال كريب: من أنت ؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب فالله الله في نفسك فإني
أراك فارسا بطلا فيكون لك ما لنا وعليك ما علينا وتصون نفسك من عذاب الله ولا
يدخلنك معاوية نار جهنم.
فقال كريب: ادن
مني إن شئت وجعل يلوح بسيفه فمشى إليه علي عليه السلام والتقيا بضربتين فبدره علي
عليه السلام فقتله فخرج إليه الحرث بن الحميري فقتله وآخر فقتله حتى قتل أربعة وهو
يقول: * (الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه
بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين) * ثم صاح علي عليه
السلام يا معاوية هلم إلى مبارزتي ولا تفنين العرب بيننا.
فقال معاوية: لا
حاجة لي في ذلك فقد قتلت أربعة من سباع العرب فحسبك. فصاح شخص من أصحاب معاوية
اسمه عروة بن داود يا علي إن كان معاوية قد كره مبارزتك فهلم إلى مبارزتي فذهب علي
عليه السلام نحوه فبدره عروة بضربة فلم يعمل شيئا وضربه علي فأسقطه قتيلا ثم قال:
انطلق إلى النار وكبر على أهل الشام قتل عروة وجاء الليل.
وخرج علي عليه
السلام في يوم آخر متنكرا فطلب البراز فخرج إليه عمرو بن العاص وهو لا يعرف أنه
علي وعرفه علي عليه السلام فاطرد بين يديه ليبعده عن عسكره فتبعه عمرو مرتجزا:
يا قادة الكوفة
يا أهل الفتن * أضربكم ولا أرى أبا الحسن
فرجع إليه علي
عليه السلام وهو يقول:
أبو الحسين
فاعلمن والحسن * جاءك يقتاد العنان والرسن
فعرفه عمرو فولى
ركضا ولحقه علي فطعنه طعنة وقع الرمح في فضول درعه فسقط إلى الارض وخشي أن يقتله
فرفع رجليه فبدت سوءته فصرف علي عليه السلام وجهه وانصرف إلى عسكره.
وجاء عمرو
ومعاوية يضحك منه فقال: مم تضحك والله لو بدا لعلي من صفحتك ما بدا له من صفحتي
إذا لأوجع قذالك وأيتم عيالك وأنهب مالك فقال معاوية: لو كنت تحتمل مزاحا لمازحتك
فقال عمرو: وما أحملني للمزاح ولكن إذا لقي الرجل رجلا فصد عنه ولم يقتله أتقطر
السماء دما ؟ فقال معاوية: لا ولكنها تعقب فضيحة الابد حينا وحينا أما والله لو
عرفته لما أقدمت عليه. وكان في أصحاب معاوية فارس مشهور بالشجاعة اسمه بسر بن
أرطأة فلما سمع بسر عليا عليه السلام يدعو معاوية إلى البراز ومعاوية يمتنع قال:
قد عزمت على مبارزة علي فلعلي أقتله فأذهب بشهرته في العرب وشاور غلاما يقال له
لاحق فقال: إن كنت واثقا من نفسك وإلا فلا تبارز إليه فإنه والله الشجاع المطرق.
[وأنشد]:
فأنت له يا بسر
إن كنت مثله * وإلا فإن الليث للضبع آكل
متى تلقه فالموت
في رأس رمحه * وفي سيفه ضغل لنفسك شاغل
فقال: ويحك هل
هي إلا الموت ولابد من لقاء الله على كل حال اما بموت أو قتل.
ثم خرج بسر إلى
علي عليه السلام وهو ساكت بحيث لا يعرفه علي عليه السلام لحالة كانت صدرت منه.
فلما نظر إليه علي عليه السلام حمل عليه فسقط بسر عن فرسه على قفاه ورفع رجليه
وانكشفت سوأته فصرف علي عليه السلام وجهه عنه، ووثب بسر قائما وسقط المغفر عن رأسه
فصاح أصحاب علي عليه السلام: يا أمير المؤمنين إنه بسر بن أرطأة فقال علي عليه
السلام ذروه عليه لعنة الله. فضحك معاوية من بسر وقال: لا عليك فقد نزل بعمرو
مثلها ! ! !.
وصاح فتى من أهل
الكوفة ويلكم يا أهل الشام أما تستحيون لقد علمكم ابن عاص كشف الاستاه في الحروب ؟
! وأنشد:
أفي كل يوم فارس
ذو كريهة * له عورة وسط العجاجة بادية
يكف بها عنه علي
سنانه * ويضحك منه في الخلاء معاوية
فقولا لعمرو
وابن أرطأة أبصرا * سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية
فلا تحمدا إلا
الحيا وخصاكما * هما كانتا والله للنفس واقية
فلولاهما لم
تنجوا من سنانه * وتلك بما فيها من العود ثانية
وكان بسر يضحك
من عمرو فعاد عمرو يضحك منه ! ! وتحامى أهل الشام عليا فخافوه خوفا شديدا. وكان
لعثمان مولى اسمه أحمر فخرج يطلب البراز فخرج إليه كيسان مولى علي عليه السلام
فحمل عليه فقتله فقال علي عليه السلام: قتلني الله إن لم أقتلك ثم حمل عليه
فاستقبله بالسيف فاتقى علي عليه السلام ضربته بالحجفة ثم قبض ثوبه واقتلعه من سرجه
وضرب به الارض فكسر منكبيه وعضديه ودنا منه أهل الشام فما زاده قربهم إسراعا فقال
له ابنه الحسن عليه السلام: ما ضرك لو سعيت حتى تنتهي إلى أصحابك فقال: يا بني إن
لأبيك يوما لم يعدوه ولا به تبطئ عنه السعي ولا يعجل به إليه المشي وإن أباك والله
لا يبالي أوقع على الموت أم وقع الموت عليه وكان لمعاوية عبد اسمه حريث وكان فارسا
بطلا فحذره معاوية من التعرض لعلي فخرج وتنكر له فقال عمرو بن العاص لحريث: لا
يفوتك هذا الفارس وعرف عمرو أنه علي عليه السلام فحمل حريث فداخله علي وضربه ضربة
أطار بها قحف رأسه فسقط قتيلا واغتم معاوية عليه غما شديدا وقال لعمرو: أنت قتلت
حريثا وغررته.
وخرج العباس بن
ربيعة بن الحارث الهاشمي فأبلى.
وخرج [إليه]
فارس من أصحاب معاوية فتنازلا وتضاربا ونظر العباس إلى وهن في درع الشامي فضربه
العباس على ذلك الوهن فقده باثنتين فكبر جيش علي عليه السلام وركب العباس فرسه
فقال معاوية: من خرج إلى هذا فقتله فله كذا وكذا.
فوثب رجلان من
لخم من اليمن فقالا: نحن نخرج إليه فقال: اخرجا فأيكما سبق إلى قتله فله من المال
ما ذكرت وللآخر مثل ذلك فخرجا إلى مقر المبارزة وصاحا بالعباس ودعواه إلى القتال
فقال: استأذن صاحبي وأعود إليكما وجاء إلى علي عليه السلام ليستأذنه فقال له:
أعطني ثيابك وسلاحك وفرسك ولبسها وركب الفرس وخرج إليهما [فظنا] أنه على العباس
فقالا: استأذنت صاحبك ؟ فتحرج من الكذب فقرأ * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن
الله على نصرهم لقدير) * فتقدم إليه أحد الرجلين فالتقيا ضربتين ضربه علي عليه
السلام على مراق بطنه قطعه باثنتين فظن أنه أخطأه فلما تحرك الفرس سقط قطعتين وغار
فرسه وصار إلى عسكر علي عليه السلام وتقدم الآخر فضربه علي عليه السلام فألحقه
بصاحبه ثم جال عليهم جولة ورجع إلى موضعه.
وعلم معاوية أنه
علي فقال: قبح الله اللجاج إنه لقعود ما ركبته إلا خذلت. فقال عمرو بن العاص:
المخذول والله اللخميان لا أنت. فقال له معاوية: اسكت أيها الانسان ليس هذه الساعة
من ساعتك. فقال عمرو: فإن لم تكن من ساعاتي فرحم الله اللخميين ولا أظنه يفعل.
وقال في وصف
ليلة الهرير: فما لقي عليه السلام شجاعا إلا أراق دمه ولا بطلا إلا زلزل قدمه ولا
مريدا إلا أعدمه ولا قاسطا إلا قصر عمره وأطال ندمه ولا جمع نفاق إلا فرقه ولا
بناء ضلال إلا هدمه وكان كلما قتل فارسا أعلن بالتكبير فأحصيت تكبيراته ليلة
الهرير فكانت خمسمائة وثلاثا وعشرين تكبيرة بخمسمائة وثلاثة وعشرين قتيلا من أصحاب
السعير.
وقيل: إنه في
تلك الليلة فتق نيفق درعه لثقل ما كان يسيل من الدم على ذراعه وقيل: إن قتلاه
عرفوا في النهار فإن ضرباته كانت على وتيرة واحدة إن ضرب طولا قد أو عرضا قط وكانت
كأنها مكواة بالنار.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 596 ]
تاريخ النشر : 2025-09-09