أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/الإمام علي (عليه السلام)
في حديث مالك بن
أعين قال: حرض أمير المؤمنين عليه السلام الناس بصفين فقال: إن الله عز وجل قد
دلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم وتشفي بكم على الخير والايمان بالله والجهاد
في سبيل الله وجعل ثوابه مغفرة للذنب ومساكن طيبة في جنات عدن وقال جل وعز: * (إن
الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) * [4 / الصف: 61] فسووا
صفوفكم كالبنيان المرصوص فقدموا الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على النواجذ فإنه أنبأ
للسيوف عن الهام والتووا على أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة وغضوا الابصار فإنه
أربط للجأش وأسكن للقلوب وأميتوا الاصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار ولا
تميلوا براياتكم ولا تزيلوها ولا تجعلوها إلا مع شجعانكم فإن المانع للذمار
والصابر عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ ولا تمثلوا بقتيل. وإذا وصلتم إلى رحال
القوم فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا، ولا تأخذوا شيئا من أموالهم إلا ما وجدتم
في عسكرهم ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم وصلحاءكم فإنهن
ضعاف القوى والانفس والعقول وقد كنا نؤمر بالكف عنهن وهن مشركات وإن كان الرجل
ليتناول المرأة فيعير بها وعقبه من بعده.
واعلموا أن أهل
الحفاظ هم الذين يحفون براياتكم ويكتنفونها ويصبرون حفافيها وورائها وأمامها ولا
يضيعونها لا يتأخرون عنها فيسلموها ولا يتقدمون عليها فيفردوها.
رحم الله امرءا
واسى أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجتمع عليه قرنه وقرن أخيه فيكتسب بذلك
اللائمة ويأتي بدناءة وكيف لا يكون كذلك وهو يقاتل الاثنين وهذا ممسك يده قد خلى
قرنه على أخيه هاربا ينظر إليه وهذا فمن يفعله يمقته الله فلا تعرضوا لمقت الله
عزوجل فإنما ممركم إلى الله وقد قال الله عزوجل * (لن ينفعكم الفرار إن فررتم من
الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا) * [16 / الاحزاب: 33] وأيم الله لئن
فررتم من سيوف العاجلة لا تسلمون من سيوف الآجلة فاستعينوا بالصبر والصدق فإنما
ينزل النصر بعد الصبر فجاهدوا في الله حق جهاده ولا قوة إلا بالله.
- وفي كلام آخر
له [قال عليه السلام:] وإذا لقيتم هؤلاء القوم غدا فلا تقاتلوهم حتى يقاتلوكم فإذا
بدأوا بكم فانهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار وعضوا على الاضراس فإنه أنبا
للسيوف عن الهام وغضوا الابصار ومدوا جباه الخيول ووجوه الرجال وأقلوا الكلام فإنه
أطرد للفشل وأذهب بالوهل ووطنوا أنفسكم على المبارزة والمنازلة والمجادلة واثبتوا
واذكروا الله عزوجل كثيرا فإن المانع للذمار عند نزول الحقائق هم أهل الحفاظ الذين
يحفون براياتهم ويضربون حافتيها وأمامها وإذا حملتم فافعلوا فعل رجل واحد وعليكم
بالتحامي فإن الحرب سجال لا يشتدن عليكم كرة بعد فرة ولا حملة بعد جولة ومن ألقى
إليكم السلام فاقبلوا منه واستعينوا بالصبر فإن بعد الصبر النصر من الله عزوجل إن
الارض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
- [و] من كلامه
عليه السلام في تحضيضه على القتال يوم صفين بعد حمد الله والثناء عليه: عباد الله
اتقوا الله وغضوا الابصار واخفضوا الاصوات وأقلوا الكلام ووطنوا أنفسكم على
المنازلة والمجادلة والمبارزة والمبالطة والمبالدة والمعانقة والمكادمة واثبتوا *
(واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب
ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) * [45 - 46 / الانفال: 8] اللهم الهمهم الصبر
وأنزل عليهم النصر وأعظم لهم الاجر.
- [و] من كلامه
عليه السلام أيضا في هذا المعنى: معشر الناس إن الله قد دلكم على تجارة تنجيكم من
عذاب أليم وتشفي بكم على الخير العظيم الايمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وآله
والجهاد في سبيله وجعل ثوابه مغفرة الذنوب ومساكن طيبة في جنات عدن ثم أخبركم أنه
* (يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص) * [4 / الصف: 61] فقدموا
الدارع وأخروا الحاسر وعضوا على الاضراس فإنه أنبا للسيوف عن الهام، والتووا في
أطراف الرماح فإنه أمور للأسنة، وغضوا الابصار فإنه أربط للجأش وأسكن للقلوب
وأميتوا الاصوات فإنه أطرد للفشل وأولى بالوقار ورأيتكم فلا تميلوها ولا تخلوها
ولا تجعلوها إلا في أيدي شجعانكم فإن المانعين للذمار الصابرين على نزول الحقائق
[هم] أهل الحفاظ الذين يحفون براياتهم و يكتنفونها.
رحم الله امرءا
منكم آسا أخاه بنفسه ولم يكل قرنه إلى أخيه فيجمع عليه قرنه وقرن أخيه فتكتسب بذلك
لائمة ويأتي به دناءة فلا تعرضوا لمقت الله ولا تفروا من الموت فإن الله تعالى
يقول: * (قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا
قليلا) * [86 / الاحزاب: 33] وأيم الله لئن فررتم من سيف العاجلة لا تسلمون من سيف
الآجلة، فاستعينوا بالصبر والصلاة والصدق في النية فإن الله تعالى بعد الصبر ينزل
النصر.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 562 ]
تاريخ النشر : 2025-09-08