الوضع الليلي
انماط الصفحة الرئيسية

النمط الأول

النمط الثاني

النمط الثالث

0
اليوم : السبت ١٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ المصادف ۰٦ أيلول۲۰۲٥م

أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر
أحاديث وروايات عامة
أحداث الظهور وآخر الزمان
الأخذ بالكتاب والسنة وترك البدع والرأي والمقايس
الأخلاق والآداب
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
التقوى والعمل والورع واليقين
التقية
التوبة والاستغفار
الجنة والنار
الحب والبغض
الحديث والرواية
الخلق والخليقة
الدنيا
الذنب والمعصية واتباع الهوى
الشيعة
العقل
العلم والعلماء
الفتنة والفقر والابتلاء والامتحان
القلب
المعاشرة والمصاحبة والمجالسة والمرافقة
الموت والقبر والبرزخ
المؤمن
الناس واصنافهم
أهل البيت (عليهم السلام)
بلدان واماكن ومقامات
سيرة وتاريخ
عفو الله تعالى وستره ونعمته ورحمته
فرق وأديان
وصايا ومواعظ
مواضيع متفرقة
الفقه وقواعده
الاسراء والمعراج
الإيمان والكفر
الأنصاف والعدل والظلم بين الناس
الاسلام والمسلمين
الاطعمة والاشربة
أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
والله لآخرتنا خير من دنياهم ولعراقنا خير من شامهم ولإمامنا خير من إمامهم...
تاريخ النشر : 2025-09-06
عن محمد بن إسحاق عن عبد الله ابن أبي يحيى عن عبد الرحمن بن حاطب قال: خرجت ألتمس أخي في القتلى بصفين سويدا فإذا رجل قد أخذ بثوبي صريع في القتلى فالتفت فإذا بعبد الرحمن بن كلدة فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون هل لك في الماء ؟ قال: لا حاجة لي في الماء قد أنفذ في السلاح وخرقني ولست أقدر على الشرب هل أنت مبلغ عني أمير المؤمنين عليه السلام رسالة ؟ قلت: نعم. قال: إذا رأيته فاقرأه مني السلام وقل يا أمير المؤمنين احمل جرحاك إلى عسكرك حتى تجعلهم من وراء القتلى فإن الغلبة لمن فعل ذلك ثم لم أبرح حتى مات فخرجت حتى أتيت عليا عليه السلام فقلت له إن عبد الرحمن بن كلدة يقرأ عليك السلام قال: وعليه أين هو ؟ قلت: قد والله يا أمير المؤمنين أنفذه السلاح وخرقه فلم أبرح حتى توفي فاسترجع قلت: قد أرسلني إليك برسالة [قال: فما هي ؟] فلما أبلغته الرسالة قال: صدق والذي نفسي بيده. فنادى منادي العسكر أن احملوا جرحاكم إلى عسكركم ففعلوا.
فلما أصبح نظر أهل الشام وقد ملوا من الحرب وأصبح علي قد رحل الناس وهو يريد أن ينزل على أهل الشام في عسكرهم فقال معاوية: فأخذت معرفة فرسي ووضعت رجلي في الركاب حتى ذكرت أبيات ابن الاطنابة:
         أبت لي عفتي وأبي بلائي   *   وأخذي الحمد بالثمن الربيح
إلى آخر الابيات فعدت إلى مقعدي فأصبت خير الدنيا.
وكان علي عليه السلام إذا أراد القتال هلل وكبر ثم قال:
         من أي يومي من الموت أفر   *   يوم لم يقدر أم يوم قدر
وأقبل عبد الرحمان بن خالد بن الوليد ومعه لواء معاوية الاعظم مرتجزا فاستقبله جارية بن قدامة وأطعنا مليا ومضى عبد الرحمن وانصرف جارية وعبد الرحمن لا يأتي على شيء إلا أهمده فغم ذلك عليا عليه السلام.
وأقبل عمرو بن العاص في خيل من بعده فقال: أقحم يا ابن سيف الله فإنه الظفر.
وأقبل الناس على الاشتر فقالوا: يوم من أيامك الاول وقد بلغ لواء معاوية حيث ترى فأخذ الاشتر لواءه ثم حمل فضارب القوم حتى ردهم على أعقابهم فرجعت خيل عمرو.
وذكروا أنه لما رد لواء معاوية ورجعت خيل عمرو انتدب لعلي عليه السلام همام بن قبيصة وكان من أشتم الناس لعلي عليه السلام وكان معه لواء هوازن فقصد المذحج فقال عدي بن حاتم لصاحب لوائه: ادن مني فأخذه فحمل وطعن ساعة ثم رجع ثم حمل جندب بن زهير مرتجزا. فلما رأى ابن العاص الشر استقبل فقال له معاوية: ائت ببني أبيك فقاتل بهم. فأتى جماعة أهل اليمن فقال: أنتم اليوم الناس وغدا لكم الشأن هذا يوم له ما بعده من الامر احملوا معى على هذا الجمع قالوا نعم فحملوا وحمل عمرو.
فقال عمرو بن الحمق: دعوني والرجل فان القوم قومي فقال له ابن بديل: دع القوم يلقى بعضهم بعضا فأبى عليه وحمل ثم طعنه في صدره فقتله وولت الخيل وأزال القوم عن مراكزهم. ثم إن حوشبا ذا ظليم أقبل في جمعه وصاحب لوائه يرتجز فحمل عليه سليمان بن صرد الخزاعي فطعنه فقتله واستدار القوم وقتل حوشب وابن بديل وصبر بعضهم لبعض وفرح أهل الشام بقتل هاشم واختلط أمرهم حتى ترك أهل الرايات مراكزهم وأقحم أهل الشام من آخر النهار وتفرق الناس عن علي عليه السلام فأتى ربيعة وكان فيهم وتعاظم الامر.
وأقبل عدي بن حاتم يطلب عليا عليه السلام في موضعه الذي تركه فيه فلم يجده فأصابه في مصاف ربيعة فقال: يا أمير المؤمنين أما إذا كنت حيا فالأمر أمم ما مشيت إليك إلا على قتيل وما أبقت هذه الواقعة لنا ولهم عميدا فقاتل حتى يفتح الله عليك فإن في الناس بقية بعد.
وأقبل الاشعث يلهث جزعا فلما رأى عليا عليه السلام هلل وكبر وقال: يا أمير المؤمنين خيل كخيل ورجال كرجال ولنا الفضل إلى ساعتنا هذه فعد إلى مقامك الذي كنت فيه فإن الناس يظنونك حيث تركوك. وأرسل سعيد بن قيس [إلى أمير المؤمنين عليه السلام] إنا مشتغلون بأمرنا مع القوم وفينا فضل فإن أردت أن نمد أحدا أمددناه.
وأقبل علي عليه السلام على ربيعة فقال أنتم درعي ورمحي فقال عدي بن حاتم إن قوما أنست بهم وكنت فيهم في هذه الجولة لعظيم حقهم علينا والله إنهم لصبر عند الموت أشداء عند القتال. وركب على فرسه الذي كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وكان يقال له: المرتجز ثم قدم علي بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله الشهباء فركبها ثم تعصب بعمامة رسول الله صلى الله عليه وآله السوداء ثم نادى أيها الناس من يشرى نفسه لله يربح هذه يوم له ما بعده إن عدوكم قد قرح كما قرحتم. فانتدب له من بين العشرة آلاف إلى إثني عشر ألفا وضعوا سيوفهم على عواتقهم وتقدمهم علي عليه السلام على بغلة رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يقول:
       دبوا دبيب النمل لا تفوتوا   *   وأصبحوا بحربكم وبيتوا
       حتى تنالوا الثأر أو تموتوا  *   أو لا فإني طال ما عصيت
       قد قلتم لو جئتنا فجئت   *   ليس لكم ما شئتم وشئت
                          بل ما يريد المحيي المميت
وتبعه ابن عدي بن حاتم مرتجزا وتقدم الاشتر مرتجزا وحمل الناس حملة واحدة فلم يبق لأهل الشام صف إلا انتفض وأهمدوا ما أتوا عليه حتى أفضى الامر إلى مضرب معاوية وعلي عليه السلام يضربهم بسيفه ويقول:
     أضربهم ولا أرى معاوية   *   الاخرز العين العظيم الحاوية
                        هوت به في النار أم هاوية
فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه فوضع رجله في الركاب ثم ندم وتمثل بأبيات وقال: يا ابن العاص اليوم صبر وغدا فخر. فقال عمرو: صدقت وانصرفوا وقد غلبوا وقهروا وكل قد كره صاحبه.
ثم إن معاوية لما أسرع أهل العراق في أهل الشام قال: إن هذا يوم تمحيص إن القوم قد أسرع فيهم ما أسرع فيكم اصبروا يومكم هذا وخلاكم ذم. وحض علي عليه السلام أصحابه فقام إليه الاصبغ بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين إنك جعلتني على شرطة الخميس وقدمتني في الثقة دون الناس وإنك اليوم لا تفقد لي صبرا ولا نصرا أما أهل الشام فقد هدهم ما أصبنا منهم وأما نحن ففينا بعض البقية فاطلب بنا أمرك وأذن لي في التقدم فقال له علي عليه السلام تقدم بسم الله. وأقبل الاحنف بن قيس السعدي فقال: يا أهل العراق والله لا تصيبون هذا الامر أذل عنقا منه اليوم قد كشف القوم عنكم قناع الحياء وما يقاتلون على دين وما يصبرون إلا حياء فتقدموا فقالوا: إنا إن تقدمنا اليوم فقد تقدمنا أمس فما تقول يا أمير المؤمنين ؟ قال: تقدموا في موضع التقدم وتأخروا في موضع التأخر تقدموا من قبل أن يتقدموا إليكم.
وحمل أهل العراق وتلقاهم أهل الشام فاجتلدوا وحمل عمرو بن العاص معلما مرتجزا فاعترضه علي عليه السلام وهو يقول:
     قد علمت ذات القرون الميل   *   والخصر والانامل الطفول
     أني بنصل السيف خنشليل   *   أحمي وأرمي أول الرعيل
                            بصارم ليس بذي فلول
ثم طعنه فصرعه واتقاه عمرو برجله فبدت عورته فصرف علي وجهه عنه وارتث فقال القوم: أفلت الرجل يا أمير المؤمنين قال: وهل تدرون من هو إنه عمرو بن العاص تلقاني بعورته فصرفت وجهي عنه. فلما رجع [عمرو إلى صفه] قال له معاوية: احمد الله وعورتك. ثم ذكر نصر سعي معاوية في افتتان الاشعث بن قيس وعبد الله بن العباس والمراسلة والمكاتبة إليهما وإجابتهما بما لم يرض به وندم.
[ثم] قال: ولما تعاظمت الامور على معاوية دعا عمروا وبسرا وعبيد الله بن عمر وعبد الرحمان بن خالد فقال لهم: قد غمني رجال من أصحاب علي منهم سعيد بن قيس في همدان والاشتر في قومه والمرقال وعدي بن حاتم وقيس بن سعد في الانصار وقد وقتكم بما نيتكم بأنفسها أياما كثيرة حتى لقد استحييت لكم وأنتم عدتهم من قريش وقد عبأت لكل رجل منهم رجلا منكم فاجعلوا ذلك إلي فقالوا: ذلك إليك قال: فأنا أكفيكم سعيد بن قيس وقومه غدا وأنت يا عمرو لأعور بني زهرة المرقال وأنت يا بسر لقيس بن سعد وأنت يا عبيد الله للاشتر وأنت يا عبد الرحمان لعدي بن حاتم ثم ليرد كل رجل منكم من حماة الخيل فجعلها نوائب في خمسة أيام لكل رجل منهم يوما. فأصبح معاوية في غده فلم يدع فارسا إلا دعاه ثم قصد لهمدان بنفسه وتقدم الخيل فطعن في أعراض الخيل مليا ثم إن همدان نادت بشعارها وأقحم سعيد بن قيس على فرسه على معاوية واشتد القتال وحجز بينهم الليل وذكرت. همدان أن معاوية فاته ركضا فانصرف معاوية ولم يعمل شيئا.
وإن عمرو بن العاص غدا في اليوم الثاني في حماة الخيل نحو المرقال ومع المرقال لواء علي الاعظم في حماة الناس وكان عمرو من فرسان قريش فتقدم وارتجز وطعن في أعراض الخيل مزبدا فحمل هاشم مرتجزا وطعن عمروا حتى رجع واشتد القتال وانصرف الفريقان ولم يسر معاوية ذلك. وإن بسرا غدا في اليوم الثالث في حماة الخيل فلقي قيس بن سعد في كماة الانصار كأنه فنيق مقرم فطعن في خيل بسر وبرز له بسر بعد ملئ وطعن بسر قيسا فضربه قيس بالسيف فرده على عقبه ورجع القوم جميعا ولقيس الفضل. وإن عبيد الله بن عمر تقدم في اليوم الرابع ولم يترك شيئا وجمع من استطاع فقال له معاوية إنك تلقى أفاعي أهل العراق فارفق واتئد فلقيه الاشتر أمام الخيل مزبدا وكان الاشتر إذا أراد القتال أزبد فرد الخيل فاستحيى عبيد الله فبرز أمام الخيل وكان فارسا فحمل عليه الاشتر فطعنه واشتد الامر وانصرف القوم وللأشتر الفضل فغم ذلك معاوية.
وإن عبد الرحمن غدا في اليوم الخامس وكان أرجأهم عند معاوية فقواه بالخيل والسلاح وكان يعده ولدا فلقيه عدي بن حاتم في حماة مذحج وقضاعة فبرز عبد الرحمان أمام الخيل ثم حمل فطعن الناس وقصده عدي بن حاتم وحمل في حماة الناس حتى تواروا في العجاج وفضح القوم ورجع عبد الرحمان إلى معاوية وانكسر معاوية وان القرشيين استحيوا مما صنعوا وشمتت بهم اليمانية وعيرهم معاوية وأنبهم فانقطعوا عنه أياما ثم اعتذر [إليهم] معاوية في أبيات فأتوه واعتذروا إليه واستقاموا له على ما يحب.
ثم إن معاوية ضاعف الفرائض والعطايا لعك والاشعريين وهم بذلوا جهدهم في القتال ووفا لهم بذلك فلم يبق من أهل العراق أحد في قلبه مرض إلا طمع في معاوية وشخص بصره إليه حتى فشا ذلك في الناس. وبلغ عليا عليه السلام فساءه [ذلك] فقال المنذر بن أبي حميصة وكان فارس همدان وشاعرهم: يا أمير المؤمنين إن عكا والاشعريين طلبوا إلى معاوية الفرائض والعطاء فأعطاهم فباعوا الدين بالدنيا وإنا قد رضينا بالآخرة من الدنيا وبالعراق من الشام وبك من معاوية والله لآخرتنا خير من دنياهم ولعراقنا خير من شامهم ولإمامنا أهدى من إمامهم فامتحنا بالصبر واحملنا على الموت. فقال علي عليه السلام حسبك رحمك الله وأثنى عليه وعلى قومه خيرا. ولما أصبح الناس غدوا على مصافهم ونادى معاوية في أحياء اليمن فقال علي عليه السلام يا آل همدان فأجابه سعيد بن قيس فقال له: احمل فحمل حتى خلط الخيل بالخيل واشتد القتال وحطمتهم همدان حتى ألحقوهم معاوية وأسرع في فرسان أهل الشام القتل وأثنى علي عليه السلام على همدان وقال: أنتم درعي ورمحي يا همدان ما نصرتم إلا الله ولا أجبتم غيره. فقال سعيد: أجبنا الله وإياك ونصرنا نبي الله صلى الله عليه وآله في قبره وقاتلنا معك من ليس مثلك فارم بنا حيث أحببت.
فدعا معاوية مروان وأمره أن يخرج فأبى ثم دعا عمرو بن العاص وأمره بالخروج فلما خرج لقيه الاشتر أمام الخيل فلما غشيه الاشتر بالرمح راوغه عمرو فطعنه الاشتر في وجهه فلم يصنع شيئا ولوى عمرو عنان فرسه وجعل يده على وجهه ورجع إلى العسكر. فجاء ذو الكلاع إلى معاوية وقال: تولي علينا من لا يقاتل معنا ؟ ول رجلا منا وإلا فلا حاجة لنا بك. فقال لهم معاوية: لا أولي عليكم بعد يومي هذا إلا رجلا منكم.
قال: وحرض علي عليه السلام أصحابه فقام إليه الاصبغ بن نباتة فقال: يا أمير المؤمنين قدمني في البقية من الناس فإنك لا تفقد لي اليوم صبرا ولا نصرا قال عليه السلام تقدم باسم الله والبركة فتقدم وأخذ رايته فمضى بالراية مرتجزا فرجع وقد خضب سيفه ورمحه دما وكان شيخا ناسكا عابدا وكان إذا لقي القوم لا يغمد سيفه وكان من ذخائر علي عليه السلام ممن قد بايعه على الموت وكان من فرسان أهل العراق وكانوا قد ثقلوا عن البراز حين عضتهم الحرب.
فقال الاشتر: يا أهل العراق أما من رجل يشري نفسه لله ؟ فخرج آثال بن حجل فنادى بين العسكرين هل من مبارز ؟ فدعى معاوية حجلا فقال: دونك الرجل وكانا مستبصرين في رأيهما. فبرز كل منهما إلى صاحبه فبدره الشيخ بطعنة فطعنه الغلام فانتسبا فإذا هو ابنه فنزلا واعتنق كل منهما صاحبه وبكيا فقال له الاب: أي اثال هلم إلى الدنيا.
فقال له الغلام: يا أباه هلم إلى الآخرة والله يا أبت لو كان من رأيي الانصراف إلى أهل الشام لكان من رأيك لي أن تنهاني واسوأتاه فما يقول لي علي ؟ كن على ما أنت عليه وأنا أكون على ما أنا عليه وانصرف كل منهما إلى أصحابهما. ثم إن معاوية دعا النعمان بن بشير ومسلمة بن مخلد فقال: يا هذان ما لقيت من الاوس والخزرج ؟ صاروا واضعي سيوفهم على عواتقهم يدعون إلى النزال حتى والله جبنوا أصحابي الشجاع منهم والجبان حتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قالوا قتلته الانصار أما والله لاعبين لكل فارس منهم فارسا ينشب في حلقه ثم لألقينهم بأعدادهم من قريش رجال لم يغذهم التمر والطفيشل يقولون نحن الانصار قد والله آووا ونصروا ولكن أفسدوا حقهم بباطلهم.
فغضب النعمان وقال: يا معاوية، لا تلومن الانصار بسرعتهم في الحرب فإنهم كذلك كانوا في الجاهلية. وأما دعاؤهم إلى النزال فقد رأيتهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله. وأما لقاؤك إياهم في أعدادهم من قريش فإن لها وفاء به. وأما التمر والطفيشل فإن التمر كان لنا فلما أن ذقتموه شاركتمونا فيه. وأما الطفيشل فكان لليهود فلما أكلناهم غلبناهم عليه كما غلبت قريش على السخينة.
ثم تكلم مسلمة بنحو من ذلك ولم يكن مع معاوية غير هذين الرجلين من الانصار. وانتهى الكلام إلى الأنصار، فجمع قيس بن سعد الانصار وقام خطيبا فيهم وقال: إن معاوية قد قال ما بلغكم وأجاب عنكم صاحباكم فلعمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه أمس وإن وترتموه في الاسلام لقد وترتموه في الشرك وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الذي أنتم عليه فجدوا اليوم جدا تنسونه ما كان أمس وجدوا غدا فتنسونه ما كان اليوم وأنتم مع هذا اللواء الذي كان يقاتل عن يمينه جبرئيل وعن يساره ميكائيل والقوم مع لواء أبي جهل والاحزاب. وأما التمر فإنا لم نغرسه ولكن غلبنا عليه من غرسه. وأما الطفيشل فلو كان طعامنا سميناه اسما كما سميت قريش السخينة.
وتحركت الخيل غدوة فظن قيس أن فيها معاوية فحمل على رجل يشبهه فقنعه بالسيف فإذا غير معاوية وحمل الثانية [على آخر يشبهه أيضا] فضربه ثم انصرف.
ثم إن النعمان خرج حتى وقف بين الصفين فقال: يا قيس أنا النعمان بن بشير. قال قيس: ما حاجتك. قال: يا قيس إنه قد أنصفكم من دعاكم إلى ما رضي لنفسه ألستم معشر الانصار تعلمون أنكم أخطأتم في خذل عثمان يوم المدينة وقتلتم أنصاره يوم الجمل واقحامكم على خيولكم أهل الشام بصفين فلو كنتم إذ خذلتم عثمان خذلتم عليا ولكنكم خذلتم حقا ونصرتم باطلا ثم لم ترضوا أن تكونوا كالناس حتى أعلمتم في الحرب ودعوتم إلى البراز ثم لم ينزل بعلي أمر قط إلا وهونتم عليه المصيبة ووعدتموه الظفر وقد أخذت الحرب منا ومنكم ما قد رأيتم فاتقوا الله في البقية. قال: فضحك قيس ثم قال: ما كنت أراك يا نعمان تجترئ على هذه المقالة، إنه لا ينصح أخاه من غش نفسه وأنت والله الغاش الضال المضل.
وأما ذكرك عثمان فإن كانت الاخبار تكفيك فخذها مني واحدة قتل عثمان من لست خيرا منه وخذله من هو خير منك. وأما أصحاب الجمل فقاتلناهم على النكث. وأما معاوية فو الله لئن اجتمعت عليه العرب لقاتلته الانصار. وأما قولك إنا لسنا كالناس فنحن في هذه الحروب كما كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله نتقي السيوف بوجوهنا والرماح بنحورنا حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون ولكن انظر يا نعمان هل ترى مع معاوية إلا طليقا أو اعرابيا أو يمانيا مستدرجا بغرور.
انظر أين المهاجرون والانصار والتابعون لهم بإحسان الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه. ثم انظر هل ترى مع معاوية أنصاريا غيرك وغير صويحبك ولستما والله ببدريين ولا عقبيين ولا أحديين ولا لكما سابقة في الاسلام ولا آية في القرآن ولعمري لئن شغبت علينا لقد شغب علينا أبوك.
- وذكروا أنه كان فارس أهل كوفة الذي لا ينازع رجلا يقال له العكبر بن جدير الاسدي وكان فارس أهل الشام الذي لا ينازع عوف بن مجزأة المرادي وكان العكبر له عبارة ولسان لا يطاق فلما خرج الناس إلى مصافهم خرج المرادي نادرا من الناس وكذلك كان يصنع وقد كان قتل قبل ذلك نفرا [من أهل العراق] مبارزة فنادى يا أهل العراق هل من رجل عصاه سيفه يبارزني ولا أغركم من نفسي فأنا عوف بن مجزأة فارس زوف فصاح الناس بالعكبر فخرج إليه منقطعا من أصحابه والناس وقوف ووقف المرادي مرتجزا فبرز إليه العكبر وارتجز فاطعنا فصرعه العكبر فقتله ومعاوية على التل في أناس من قريش وأناس من الناس قليل فوجه العكبر فرسه فملا فروجه ركضا ويضربه بالسوط [مسرعا] نحو التل فنظر إليه معاوية فقال: إن هذا الرجل مغلوب على عقله أو مستأمن فاسألوه فأتاه رجل فناداه فلم يجبه فمضى حتى انتهى إلى معاوية وجعل يطعن في أعراض الخيل ورجا العكبر أن يفردوا له معاوية فقتل رجلا وقام القوم دون معاوية بالسيوف والرماح فلما لم يصل إلى معاوية نادى أولى لك يا ابن هند أنا الغلام الاسدي ورجع إلى علي عليه السلام فقال [له علي] عليه السلام: ماذا دعاك إلى ما صنعت يا عكبر لا تلق نفسك إلى الهلكة قال: أردت غرة ابن هند فحيل بيني وبينه. وانكسر أهل الشام لقتل المرادي ونذر معاوية دم العكبر فقال العكبر: يد الله فوق يد معاوية فأين دفاع الله عن المؤمنين.
ثم إن عليا عليه السلام دعا قيس بن سعد فأثنى عليه خيرا وسوده على الانصار وكان طلائع أهل الشام وأهل العراق يلتقون فيما بين ذلك ويتناشدون الاشعار ويفخر بعضهم على بعض ويحدث بعضهم بعضا على أمان.
المصدر :  بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 508 ]
تاريخ النشر : 2025-09-06


Untitled Document
دعاء يوم السبت
بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ، بِسْمِ اللهِ كَلِمَةُ الْمُعْتَصِمينَ وَمَقالَةُ الْمُتَحَرِّزينَ، وَاَعُوذُ بِاللهِ تَعالى مِنْ جَوْرِ الْجائِرينَ، وَكَيْدِ الْحاسِدينَ وَبَغْيِ الظّالِمينَ، وَاَحْمَدُهُ فَوْقَ حَمْدِ الْحامِدينَ. اَللّـهُمَّ اَنْتَ الْواحِدُ بِلا شَريكِ، وَالْمَلِكُ بِلا تَمْليك، لا تُضادُّ فى حُكْمِكَ وَلا تُنازَعُ فى مُلْكِكَ. أَسْأَلُكَ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ، وَاَنْ تُوزِعَنى مِنْ شُكْرِ نُعْماكَ ما تَبْلُغُ بي غايَةَ رِضاكَ، وَاَنْ تُعينَني عَلى طاعَتِكَ وَلُزُومِ عِبادَتِكَ، وَاسْتِحْقاقِ مَثُوبَتِكَ بِلُطْفِ عِنايَتِكَ، وَتَرْحَمَني بِصَدّي عَنْ مَعاصيكَ ما اَحْيَيْتَني، وَتُوَفِّقَني لِما يَنْفَعُني ما اَبْقَيْتَني، وَاَنْ تَشْرَحَ بِكِتابِكَ صَدْري، وَتَحُطَّ بِتِلاوَتِهِ وِزْري، وَتَمْنَحَنِيَ السَّلامَةَ في ديني وَنَفْسي، وَلا تُوحِشَ بي اَهْلَ اُنْسي وَتُتِمَّ اِحْسانَكَ فيما بَقِيَ مِنْ عُمْرى كَما اَحْسَنْتَ فيما مَضى مِنْهُ، يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.

زيارات الأيام
زيارةِ النّبيِّ صلى الله عليه وآله في يَومِه وهو يوم السبت
اَشْهَدُ اَنْ لا اِلـهَ إلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ رَسُولُهُ وَاَنَّكَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ رِسالاتِ رَبِّكَ وَنَصَحْتَ لِاُمَّتِكَ وَجاهَدْتَ فى سَبيلِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَاَدَّيْتَ الَّذى عَلَيْكَ مِنَ الْحَقِّ وَاَنَّكَ قَدْ رَؤُفْتَ بِالْمُؤْمِنينَ وَغَلَظْتَ عَلَى الْكافِرينَ وَعَبَدْتَ اللهَ مُخْلِصاً حَتّى أتاكَ اليَقينُ فَبَلَغَ اللهُ بِكَ اشَرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمينَ اَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي اسْتَنْقَذَنا بِكَ مِنَ الشِّرْكِ وَالضَّلالِ. اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَاجْعَلْ صَلَواتِكَ وَصَلَواتِ مَلائِكَتِكَ الْمُقَرَّبينَ وَاَنْبِيائِكَ الْمـُرْسَلينَ وَعِبادِكَ الصّالِحينَ وَاَهْلِ السَّماواتِ وَالْاَرَضينَ وَمَنْ سَبَّحَ لَكَ يا رَبَّ الْعالَمينَ مِنَ الْاَوَّلينَ وَالاخِرينَ عَلى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُوِلِكَ وَنَبِيِّكَ وَاَمينِكَ وَنَجِيبِكَ وَحَبيبِكَ وَصَفِيِّكَ وَ صَفْوَتِكَ وَخاصَّتِكَ وَخالِصَتِكَ وَخِيَرَتِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَاَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضيلَةَ وَالْوَسيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقاماً مَحَمْوُداً يَغْبِطُهُ بِهِ الْاَوَّلُونَ وَالاخِرُونَ. اَللّـهُمَّ اِنَّكَ قُلْتَ وَلَوْ اَنَّهُمْ اِذْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ جاؤوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوّاباً رَحيماً اِلـهى فَقَدْ اَتَيْتُ نَبِيَّكَ مُسْتَغْفِراً تائِباً مِنْ ذُنُوبى فَصَلِّ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ وَ اْغِفْرها لي، يا سَيِّدَنا اَتَوَجَّهُ بِكَ وَبِاَهْلِ بَيْتِكَ اِلَى اللهِ تَعالى رَبِّكَ وَرَبّى لِيَغْفِرَ لى. ثمّ قل ثلاثاً: اِنّا للهِ وَاِنّا اِلَيْهِ راجِعُونَ ثمّ قل: اُصِبْنا بِكَ يا حَبيبَ قُلُوبِنا فَما اَعْظَمَ الْمُصيبَةَ بِكَ حَيْثُ انْقَطَعَ عَنّا الْوَحْيُ وَحَيْثُ فَقَدْناكَ فَاِنّا للهِ وَاِنّا اِلَيْهِ راجِعُونَ يا سَيِّدَنا يا رَسُولَ اللهِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ بَيْتِكَ الطّاهِرينَ هذا يَوْمُ السَّبْتِ وَهُوَ يَوْمُكَ وَاَنَا فيهِ ضَيْفُكَ وَجارُكَ فَاَضِفْنى وَاجِرْنى فَاِنَّكَ كَريمٌ تُحِبُّ الضِّيافَةَ وَمَأْمُورٌ بِالْاِجارَةِ فَاَضِفْني وَأحْسِنْ ضِيافَتى وَاَجِرْنا وَاَحْسِنْ اِجارَتَنا بِمَنْزِلَةِ اللهِ عِنْدَكَ وَعِنْدَ آلِ بَيْتِكَ وَبِمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَهُ وَبِما اسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ عِلْمِهِ فَاِنَّهُ اَكْرَمُ الْاَكْرَمينَ. كيف يُصلّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : يقول مؤلّف كتاب مفاتيح الجنان عبّاس القُمّي عُفى عَنْه: انّي كلّما زرته (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الزّيارة بَدَأت بزيارته عَلى نحو ما علّمه الامام الرّضا (عليه السلام) البزنطي ثمّ قرأت هذِهِ الزّيارة، فَقَدْ رُوي بسند صحيح إنّ ابن أبي بصير سأل الرّضا (عليه السلام) كيف يُصلّى على النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ويسلّم عليه بَعد الصلاة فأجابَ (عليه السلام) بقوله: اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا مُحَمَّدُ بْنَ عَبْدِ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا خِيَرَةَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا حَبيبَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا صِفْوَهَ اللهِ اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا اَمينَ اللهِ اَشْهَدُ اَنَّكَ رَسُولُ اللهِ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ مُحمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ وَاَشْهَدُ اَنَّكَ قَدْ نَصَحْتَ لِاُمَّتِكَ وَجاهَدْتَ فى سَبيلِ رَبِّكِ وَعَبَدْتَهُ حَتّى أتاكَ الْيَقينُ فَجَزاكَ اللهُ يا رَسُولَ اللهِ اَفْضَلَ ما جَزى نَبِيّاً عَنْ اُمَّتِهِ اَللّـهُمَّ صَلِّ عَلى مَحَمِّد وآلِ مُحَمِّد اَفْضَلَ ما صَلَّيْتَ عَلى اِبْرهِيمَ وَآلِ إبراهيمَ اِنَّكَ حَميدٌ مَجيدٌ.

 شعار المرجع الالكتروني للمعلوماتية




البريد الألكتروني :
info@almerja.com
الدعم الفني :
9647733339172+