أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/سيرة وتاريخ/متفرقة
عن الجرجاني
قال: كان معاوية يعد لكل عظيم حريثا ومولاه وكان يلبس سلاح معاوية متشبها به فإذا
قاتل قال الناس: ذاك معاوية وإن معاوية دعاه وقال: يا حريث إتق عليا وضع رمحك حيث
شئت. فأتاه عمرو بن العاص وقال: يا حريث إنك والله لو كنت قرشيا لاحب لك معاوية أن
تقتل عليا ولكن كره أن يكون لك حظها فإن رأيت فرصة فاقتحم. وخرج علي عليه السلام
في هذا اليوم وكان أمام الخيل فحمل عليه حريث. وفي رواية عمرو بن شمر عن جابر قال:
برز حريث مولى معاوية هذا اليوم وكان شديدا ذا بأس لا يرام فصاح يا علي هل لك في
المبارزة ؟ فأقدم أبا حسن إن شئت فأقبل علي وهو يقول:
أنا علي وابن
عبد المطلب * نحن لعمر الله أولى بالكتب
منا النبي
المصطفى غير كذب * أهل اللواء والمقام والحجب
نحن نصرناه على كل العرب
ثم خالطه فما
أمهله أن ضربه ضربة واحدة فقطعه نصفين فجزع معاوية عليه جزعا شديدا وعاب عمروا في
إغرائه بعلي. فلما قتل حريث برز عمرو بن الحصين السكسكى فنادى أبا حسن هلم إلى
المبارزة فأومى علي إلى سعيد بن قيس الهمداني فبارزه فضربه بالسيف فقتله. قال نصر:
وكان لهمدان بلاء عظيم في نصرة علي عليه السلام في صفين ومن الشعر الذي لا يشك أن
قائله علي لكثرة الرواية له:
دعوت فلباني من
القوم عصبة * فوارس من همدان غير لئام
بكل رديني وعضب
تخاله * إذا اختلف الاقوام شعل ضرام
لهمدان أخلاق
كرام يزينهم * وبأس إذا لاقوا وجد خصام
وجد وصدق في
الحروب ونجدة * وقول إذا قالوا بغير أثام
متى تأتهم في
دارهم تستضيفهم * تبت ناعما في خدمة وطعام
جزى الله همدان
الجنان فإنها * سمام العدى في كل يوم زحام
فلو كنت بوابا
على باب جنة * لقلت لهمدان: ادخلوا بسلام
- قال نصر:
وحدثنا عمرو بن شمر قال: ثم قام علي بين الصفين ونادى: يا معاوية يكررها فقال
معاوية: سلوه ما شأنه ؟ قال: أحب أن يظهر لي فأكلمه بكلمة واحدة فبرز معاوية ومعه
عمرو بن العاص فلما قارباه لم يلتفت إلى عمرو وقال لمعاوية: ويحك علام تقتل الناس
بيني وبينك ويقتل بعضهم بعضا أبرز إلي فأينا قتل فالأمر إلى صاحبه. فالتفت معاوية
إلى عمرو فقال: ما ترى يا أبا عبد الله ؟ قال: قد أنصفك الرجل فاعلم أنك إن نكلت
عنه لم تزل سبة عليك وعلى عقبك ما بقي على ظهر الارض عربي فقال معاوية: يا ابن
العاص ليس مثلي يخدع عن نفسه والله ما بارز ابن أبي طالب شجاع قط إلا وسقى الارض
بدمه ثم انصرف معاوية راجعا حتى انتهى إلى آخر الصفوف وعمرو معه فلما رأى علي عليه
السلام ذلك ضحك وعاد إلى موقفه. قال: وحقدها معاوية عل عمرو باطنا.
قال نصر: ثم
التقى الناس واقتتلوا قتالا شديدا وحاربت طي مع أمير المؤمنين عليه السلام حروبا
عظيمة وقتل منهم أبطال كثيرون وقاتلت النخع أيضا معه ذلك اليوم قتالا شديدا وقطعت
رجل علقمة بن قيس النخعي وقتل أخوه أبي بن قيس فكان علقمة يقول بعد: ما أحب أن
رجلي أصح ما كانت لما أرجو بها الثواب وقال: رأيت أخي في نومي فقلت له: ما الذي
قدمتم عليه ؟ قال: التقينا نحن وأهل الشام بين يدي الله سبحانه فاحتججنا عنده
فحججنا فسررت بذلك.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 32 / صفحة [ 476 ]
تاريخ النشر : 2025-09-04