البراء بن عازب
، قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالسا في أصحابه إذ أتاه وفد من بني
تميم ، منهم مالك بن نويرة ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله! علمني
الإيمان؟. فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله
، وتصلي الخمس ، وتصوم شهر رمضان ، وتؤدي الزكاة ، وتحج البيت ، وتوالي وصيي هذا
من بعدي ـ وأشار إلى علي (عليه السلام) بيده ـ ولا تسفك دما ، ولا تسرق ، ولا تخون ، ولا
تأكل مال اليتيم ، ولا تشرب الخمر ، وتوفي بشرائعي ، وتحلل حلالي وتحرم حرامي ،
وتعطي الحق من نفسك للضعيف والقوي والكبير والصغير .. حتى عد عليه شرائع الإسلام.
فقال : يا رسول
الله صلى الله عليه وآله! أعد علي فإني رجل نساء ، فأعادها عليه فعقدها بيده ،
وقام وهو يجر إزاره وهو يقول : تعلمت الإيمان ورب الكعبة ، فلما بعد عن رسول الله
صلى الله عليه وآله قال صلى الله عليه وآله : من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل
الجنة فلينظر إلى هذا الرجل.
فقال أبو بكر
وعمر : إلى من تشير يا رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!. فأطرق إلى الأرض فاتخذا في السير
فلحقاه ، فقالا له : البشارة من الله ورسوله بالجنة ، فقال : أحسن الله تعالى
بشارتكما إن كنتما ممن يشهد بما شهدت به ، فقد علمتما ما علمني النبي صلى الله عليه
وآله ، وإن لم تكونا كذلك فلا أحسن الله بشارتكما.
فقال أبو بكر :
لا تقل ذلك فأنا أبو عائشة زوجة النبي صلى الله عليه وآله.
قال : قلت : ذلك
فما حاجتكما؟.
قالا : إنك من
أصحاب الجنة فاستغفر لنا.
فقال : لا غفر
الله لكما ، أنتما نديمان لرسول الله صلى الله عليه وآله صاحب الشفاعة وتسألاني
أستغفر لكما؟! فرجعا والكآبة لائحة في وجهيهما ، فلما رآهما رسول الله صلى الله عليه
وآله تبسم ، وقال : في الحق مغضبة؟!.
فلما توفي رسول
الله صلى الله عليه وآله ورجع بنو تميم إلى المدينة ومعهم مالك بن نويرة ، فخرج
لينظر من قام مقام رسول الله صلى الله عليه وآله ، فدخل يوم الجمعة ـ وأبو بكر
على المنبر يخطب الناس ـ فنظر إليه وقالوا : أخو تيم؟. قالوا : نعم. قال : ما فعل
وصي رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أمرني بموالاته؟. قالوا : يا أعرابي!
الأمر يحدث بعد الأمر الآخر.
قال : تالله ما
حدث شيء وإنكم لخنتم الله ورسوله ، ثم تقدم إلى أبي بكر وقال له : من أرقاك هذا
المنبر ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله جالس؟!. فقال أبو بكر : أخرجوا
الأعرابي البوال على عقبيه من مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله!.
فقام إليه قنفذ
بن عمير وخالد بن الوليد فلم يزالا يكذان [ يلكزان ] عنقه حتى أخرجاه ، فركب
راحلته وأنشأ يقول شعرا :
أطعنا رسول الله
ما كان بيننا
فيا
قوم ما شأني وشأن أبي بكر
إذا مات بكر قام
عمرو أمامه
فتلك
ـ وبيت الله ـ قاصمة الظهر
يذب ويغشاه
العشار كأنما
يجاهد
جما أو يقوم على قبر
فلو طاف فينا من
قريش عصابة
أقمنا
ولو كان القيام على جمر
قال : فلما
استتم الأمر لأبي بكر وجه خالد بن الوليد وقال له : قد علمت ما قال على رءوس
الأشهاد ، لست آمن أن يفتق علينا فتقا لا يلتام ، فاقتله ، فحين أتاه خالد ركب
جواده وكان فارسا يعد بألف فارس ، فخاف خالد منه فآمنه وأعطاه المواثيق ثم غدر به
بعد أن ألقى سلاحه فقتله ، وعرس بامرأته في ليلته وجعل رأسه في قدر فيها لحم جزور
لوليمة عرسه لامرأته ينزو عليها نزو الحمار ..
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 30 / صفحة [ 344 ]
تاريخ النشر : 2025-08-19