أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/إمامة الائمة الاثني عشر عليهم السلام/إمامة أمير المؤمنين علي عليه السلام/الامام علي عليه السلام
فيما ذكر أمير
المؤمنين عليه السلام في جواب الذي سأل عما فيه من خصال الاوصياء قال عليه السلام
: وأما الثانية يا أخا اليهود فان رسول الله (ص) أمّرني في حياته على جميع امته
وأخذ على جميع من حضره منهم البيعة والسمع والطاعة لأمري وأمرهم أن يبلغ الشاهد
الغايب ذلك ، فكنت المؤدي إليهم عن رسول الله صلى الله عليه وآله أمره إذا
حضرته ، والامير على من حضرني منهم إذا فارقته ، لا تختلج في نفسي منازعة أحد من
الخلق لي في شيء من الامر في حياة النبي صلى الله عليه وآله ولا بعد وفاته.
ثم أمر رسول
الله صلى الله عليه وآله بتوجيه الجيش الذي وجهه مع اسامة بن زيد عند الذي أحدث
الله به من المرض الذي توفاه فيه ، فلم يدع النبي صلى الله عليه وآله أحدا من
أفناء العرب ولا من الاوس والخزرج وغيرهم من ساير الناس ممن يخاف على نقضه
ومنازعته ولا أحدا ممن يراني بعين البغضاء ممن قد وترته بقتل أبيه أو أخيه أو
حميمه إلا وجهه في ذلك الجيش ، ولا من المهاجرين والانصار والمسلمين وغيرهم
والمؤلفة قلوبهم والمنافقين ، لتصفو قلوب من يبقى معي بحضرته ولئلا يقول قائل شيئا
مما أكرهه ولا يدفعني دافع عن الولاية ، والقيام بأمر رعيته من بعده ، ثم كان آخر
ما تكلم به في شيء من أمر امته أن يمضي جيش اسامة ولا يتخلف عنه أحد ممن انهض معه
، وتقدم في ذلك أشد التقدم ، وأوعز فيه أبلغ الايعاز ، وأكد فيه أكثر التأكيد.
فلم أشعر بعد أن
قبض النبي صلى الله عليه وآله إلا برجال من بعث اسامة بن زيد وأهل عسكره قد
تركوا مراكزهم ، وأخلوا بمواضعهم ، وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وآله
فيما أنهضهم له ، وأمرهم به ، وتقدم إليهم من ملازمة أميرهم ، والسير معه تحت
لوائه حتى ينفذ لوجهه الذي أنفذه إليه ، فخلفوا أميرهم مقيما في عسكره ، وأقبلوا
يتبادرون على الخيل ركضا إلى حل عقدة عقدها الله عزوجل ورسوله لي في أعناقهم ، فحلوها
، وعهد عاهدوا الله ورسوله فنكثوه ، وعقدوا لأنفسهم عقدا ضجت به أصواتهم، واختصت
به آراؤهم ، من غير مناظرة لاحد منا بني عبد المطلب ، أو مشاركة في رأي ، أو
استقالة لما في أعناقهم من بيعتي.
فعلوا ذلك وأنا
برسول الله مشغول ، وبتجهيزه عن ساير الاشياء مصدود ، فانه كان أهمها وأحق ما بُديء
به منها ، فكان هذا يا أخا اليهود أقرح ما ورد على قلبي مع الذي أنا فيه من عظيم
الرزية ، وفاجع المصيبة ، وفقد من لا خلف منه إلا الله تبارك وتعالى، فصبرت عليها
إذ أتت بعد اختها على تقاربها ، وسرعة اتصالها.
ثم التفت عليه السلام
إلى اصحابه فقال : أليس كذلك؟ قالوا : بلى يا أمير المؤمنين عليه السلام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 28 / صفحة [ 226 ]
تاريخ النشر : 2025-07-22