أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
العجلي عن ابن
زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن محمد بن سنان عن المفضل قال :
قال أبو عبد الله عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى خلق الارواح قبل الاجساد
بألفي عام ، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي و فاطمة والحسن والحسين والائمة
بعدهم صلوات الله عليهم , فعرضها على السماوات والارض والجبال فغشها نورهم.
فقال الله تبارك
وتعالى للسماوات والارض والجبال : هؤلاء أحبائي وأوليائي وحججي على خلقي وأئمة
بريتي ، ما خلقت خلقا هو أحب إلي منهم ، ولهم ولمن تولاهم خلقت جنتي ، ولمن خالفهم
وعاداهم خلقت ناري.
فمن ادعى
منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا لا اعذبه أحدا من العالمين ، وجعلته مع
المشركين في أسفل درك من ناري.
ومن أقر
بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات جناتي ، وكان
لهم فيها ما يشاؤن عندي ، وأبحتهم كرامتي وأحللتهم جواري وشفعتهم في المذنبين من
عبادى وإمائى ، فولايتهم أمانة عند خلقي ، فأيكم يحملها بأثقالها ويدعيها لنفسه
دون خيرتي.
فأبت السماوات
والارض والجبال أن يحملنها وأشفقن من ادعاء منزلتها وتمني محلها من عظمة ربها.
فلما أسكن الله
عزوجل آدم وزوجته الجنة قال لهما : « كلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه
الشجرة » يعني شجرة الحنطة « فتكونا من الظالمين » فنظر إلى منزلة محمد وعلي
وفاطمة والحسن والحسين والائمة من بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا : يا
ربنا لمن هذه المنزلة؟
فقال الله جل
جلاله : ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي ، فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم محمد وعلي وفاطمة
والحسن والحسين والائمة بعدهم صلوات الله عليهم مكتوبة على ساق العرش بنور من نور
الجبار جل جلاله.
فقالا : : يا
ربنا ما أكرم أهل هذه المنزلة عليك وما أحبهم إليك وما أشرفهم لديك؟! فقال الله جل
جلاله : لولاهم ما خلقتكما ، هؤلاء خزنة علمي وامنائي على سري ، إياكما أن تنظرا
إليهم بعين الحسد وتتمنيا منزلتهم عندي ومحلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي
وعصياني فتكونا من الظالمين.
قالا ربنا ومن
الظالمون؟ قال : المدعون لمنزلتهم بغير حق ، قالا : ربنا فأرنا منازل ظالميهم في
نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك ، فأمر الله تبارك وتعالى النار فأبرزت
جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب ، وقال الله عزوجل : مكان الظالمين لهم
المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها ، كلما أرادوا أن يخرجوا منها اعيدوا فيها ،
وكلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب.
يا آدم ويا حوا
لا تنظرا إلى أنواري وحججي بعين الحسد فاهبطكما عن جواري ، وأحل بكما هواني.
فوسوس لهما
الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال : ما نهاكما ربكما عن هذه
الشجرة إلا أن تكون ملكين أو تكونا من الخالدين ، وقاسمهما إني لكما من الناصحين ،
فدلاهما بغرور ، وحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا
من شجرة الحنطة فعاد بمكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه ، وأصل
الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه.
فلما أكلا من
الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهما وبقيا عريانين وطفقا يخصفان عليهما من ورق
الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو
مبين ، فقالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
قال : اهبطا من
جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني ، فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش.
فلما أراد الله
عزوجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما : انكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة
من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل إلى أرضه ،
فاسألا ربكما بحق الاسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما.
فقالا : اللهم
إنا نسألك بحق الاكرمين عليك محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة إلا تبت
علينا ورحمتنا ، فتاب الله عليهما إنه هو التواب الرحيم. فلم تزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه
الامانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من اممهم فيأبون حملها ويشفقون من ادعائها
وحملها الانسان الذي قد عرف ، فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة ، وذلك قول الله
عزوجل : « إنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن
منها وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا ».
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 26 / صفحة [ 321 ]
تاريخ النشر : 2025-05-24