أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
ابن المتوكل عن
السعد آبادي عن البرقي عن أبيه عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن أبيه قال : سأل
ضرار هشام ابن الحكم عن الدليل على الامام بعد النبي (صلى الله عليه وآله) فقال
هشام : الدلالة عليه ثمان دلالات ، أربعة منها في نعت نسبه وأربعة في نعت نفسه ،
أما الاربعة التي في نعت نسبه فأن يكون معروف القبيلة ، معروف الجنس ، معروف النسب
، معروف البيت.
وذلك أنه إذا لم
يكن معروف القبيلة معروف الجنس معروف النسب معروف البيت جاز أن يكون في أطراف
الارض وفي كل جنس من الناس ، فلما لم يجز أن يكون إلا هكذا ولم نجد جنسا في العالم
أشهر من جنس محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو جنس العرب الذي منه صاحب الملة
والدعوة الذي ينادى باسمه في كل يوم وليلة خمس مرات على الصوامع في المساجد في
جميع الاماكن : « أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله » ووصل دعوته إلى كل بر وفاجر من عالم وجاهل
معروف غير منكر في كل يوم وليلة فلم يجز أن يكون الدليل إلا في أشهر الاجناس.
ولما لم يجز أن
يكون إلا في هذا الجنس لشهرته لم يجز إلا أن يكون في هذه القبيلة التي منها صاحب
الملة دون سائر القبائل من العرب ، ولما لم يجز إلا أن يكون في هذه القبيلة التي
منها صاحب الدعوة لاتصالها بالملة لم يجز إلا أن يكون في هذا البيت الذي هو بيت
النبي (صلى الله عليه وآله) لقرب نسبه من النبي صلى الله عليه وآله إشارة إليه
دون غيره من أهل بيته.
ثم إن لم يكن
إشارة إليه اشترك أهل هذا البيت وادعيت فيه ، فإذا وقعت الدعوة فيه وقع الاختلاف
والفساد بينهم ، ولا يجوز إلا أن يكون من النبي صلى الله عليه وآله إشارة إلى
رجل من أهل بيته دون غيره لئلا يختلف فيه أهل هذا البيت أنه أفضلهم وأعلمهم
وأصلحهم لذلك الامر.
وأما الاربعة
التي في نعت نفسه فأن يكون أعلم الخلق ، وأسخى الخلق وأشجع الخلق ، وأعف الخلق
وأعصمهم من الذنوب صغيرها وكبيرها لم تصبه فترة ولا جاهلية ، ولابد من أن يكون في
كل زمان قائم بهذه الصفة إلى أن تقوم الساعة.
فقال عبد الله
بن يزيد الاباضي وكان حاضرا : من أين زعمت ياهشام أنه لابد أن يكون أعلم الخلق؟
قال : إن لم يكن عالما يؤمن أن ينقلب شرائعه وأحكامه فيقطع من يجب عليه الحد ،
ويحد من يجب عليه القطع ، وتصديق ذلك قول الله عزوجل : « أفمن يهدي إلى الحق أحق
أن يتبع أم من لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون ».
قال : فمن أين
زعمت أنه لابد أن يكون معصوما من جميع الذنوب؟ قال : إن لم يكن معصوما لم يؤمن أن
يدخل فيما دخل فيه غيره من الذنوب فيحتاج إلى من يقيم عليه الحد كما يقيمه على
غيره ، وإذا دخل في الذنوب لم يؤمن أن يكتم على جاره وحبيبه وقريبه وصديقه ،
وتصديق ذلك قول الله عزوجل : «إني جاعلك للناس إماما قال : ومن ذريتي قال لا ينال
عهدي الظالمين».
قال : فمن أين
زعمت أنه أشجع الخلق؟ قال : لانه قيمهم الذي يرجعون إليه في الحرب، فإن هرب فقد
باء بغضب من الله ، ولا يجوز أن يبوء الامام بغضب من الله وذلك قوله عزوجل : « إذا
لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الادبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال
أو متحيرا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ».
قال : فمن أين
زعمت أنه لابد أن يكون أسخى الخلق؟ قال : لأنه إن لم يكن سخيا لم يصلح للإمامة
لحاجة الناس إلى نواله وفضله ، والقسمة بينهم بالسوية ليجعل الحق في موضعه ، لأنه
إذا كان سخيا لم تتق نفسه إلى أخذ شئ من حقوق الناس والمسلمين ، ولا يفضل نصيبه في
القسمة على أحد من رعيته وقد قلنا : إنه معصوم فإذا لم يكن أشجع الخلق وأعلم الخلق
وأسخى الخلق وأعف الخلق لم يجز أن يكون إماما.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 25 / صفحة [ 143 ]
تاريخ النشر : 2025-03-24