أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مختصات الامام وعلاماته والقابه/الامام الرضا عليه السلام
تميم القرشي عن
أبيه عن أحمد بن علي الانصاري عن الحسن بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون يوما
وعنده علي بن موسى الرضا عليه السلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق
المختلفة فسأله بعضهم فقال له : يابن رسول الله بأي شيء تصح الامامة لمدعيها؟ قال
: بالنص والدلائل.
قال له : فدلالة
الامام فيما هي؟ قال : في العلم واستجابة الدعوة ، قال : فما وجه إخباركم بما
يكون؟ قال : ذلك بعهد معهود إلينا من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، قال : فما
وجه إخباركم بما في قلوب الناس؟
قال عليه السلام
: أما بلغك قول الرسول (صلى الله عليه وآله) : « اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر
بنور الله »؟ قال : بلى ، قال : فما من مؤمن إلا وله فراسة ينظر بنور الله على قدر
إيمانه ومبلغ استبصاره وعلمه وقد جمع الله للائمة منا ما فرقه في جميع المؤمنين ،
وقال عزوجل في كتابه : « إن في ذلك لايات للمتوسمين ».
فأول المتوسمين
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثم أمير المؤمنين (ع) من بعده ، ثم الحسن
والحسين والائمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة ، قال : فنظر إليه المأمون فقال له
: يا أبا الحسن زدنا مما جعل الله لكم أهل
البيت.
فقال الرضا عليه
السلام : إن الله عزوجل قد أيدنا بروح منه مقدسة مطهرة ليست بملك لم تكن مع أحد
ممن مضى إلا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي مع الائمة منا تسددهم وتوفقهم
، وهو عمود من نور بيننا وبين الله عزوجل ، قال له المأمون : يا أبا الحسن بلغني
أن قوما يغلون فيكم ويتجاوزون فيكم الحد.
فقال له الرضا
عليه السلام : حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي
عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم
السلام قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « لا ترفعوني فوق حقي فإن الله
تبارك وتعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا » قال الله تبارك وتعالى : « ما كان
لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون
الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن
تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون » وقال علي
عليه السلام « يهلك في اثنان ولا ذنب لي : محب مفرط ، ومبغض مفرط ».
وإنا لنبرأ إلى
الله عزوجل ممن يغلو فينا فيرفعنا فوق حدنا كبراءة عيسى بن مريم عليه السلام من
النصارى ، قال الله عزوجل : « وإذ قال الله يا عيسى بن مريم ءأنت قلت للناس
اتخذوني وامي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن
كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسى ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ما
قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم
فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شئ شهيد ».
وقال عزوجل : «
لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون »
وقال عزوجل : «
ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وامة صديقة كانا يأكلان الطعام »
ومعناه أنهما كانا يتغوطان ، فمن ادعى للأنبياء ربوبية أو ادعى للائمة ربوبية أو
نبوة أو لغير الائمة إمامة فنحن منه براء في الدنيا والآخرة.
فقال المأمون :
يا أبا الحسن فما تقول في الرجعة؟ فقال الرضا عليه السلام : إنها الحق وقد كانت في
الامم السالفة ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « يكون
في هذه الامة كل ما كان في الامم السالفة حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة » وقال خلفه
» وقال عليه السلام : « بدأ الاسلام غريبا
وسيعود غريبا فطوبى للغرباء ، قيل : يا رسول الله ثم يكون ماذا؟ قال ثم يرجع الحق
إلى أهله ».
فقال المأمون :
يا أبا الحسن فما تقول في القائلين بالتناسخ؟ فقال الرضا عليه السلام : من قال بالتناسخ فهو كافر بالله العظيم يكذب
بالجنة والنار ، فقال المأمون : فما
تقول في المسوخ؟
قال الرضا عليه السلام : اولئك قوم غضب الله عليهم فمسخهم فعاشوا ثلاثة أيام ثم
ماتوا ولم يتناسلوا فما يوجد في الدنيا من القردة والخنازير وغير ذلك مما أوقع
عليه اسم المسوخية فهى مثلها لا يحل أكلها والانتفاع بها.
قال المأمون :
لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن ، والله ما يوجد العلم الصحيح إلا عند أهل هذا
البيت ، وإليك انتهى علوم آبائك ، فجزاك الله عن الاسلام و أهله خيرا.
قال الحسن بن
جهم : فلما قام الرضا عليه السلام تبعته فانصرف إلى منزله فدخلت عليه وقلت له :
يابن رسول الله الحمد لله الذي وهب لك من جميل رأي أميرالمؤمنين ما حمله على ما
أرى من إكرامه لك وقبوله لقولك ، فقال عليه السلام : يابن الجهم لا يغرنك ما
ألفيته عليه من إكرامي والاستماع مني فانه سيقتلني بالسم وهو ظالم لي ، أعرف ذلك
بعهد معهود إلي من آبائي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فاكتم هذا علي ما
دمت حيا. قال الحسن بن الجهم : فما حدثت أحدا بهذا الحديث إلى أن مضى الرضا عليه
السلام بطوس مقتولا بالسم ، ودفن في دار حميد بن قحطبة الطائي في القبة التي فيها
قبر هارون إلى جانبه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 25 / صفحة [ 135 ]
تاريخ النشر : 2025-03-24