أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/الامامة/مواضيع متفرقة
روي...عن أبي
جعفر عليه السلام أنه قال : يا معشر الشيعة خاصموا بسورة إنا أنزلناه في ليلة
القدر تفلجوا، فوالله إنها لحجة الله تبارك وتعالى على الخلق بعد رسول الله صلى الله
عليه وآله ، وإنه لسيدة دينكم ، وإنها لغاية علمنا ، يا معشر الشيعة خاصموا « بحم
والكتاب المبين» فإنها لولاة الامر خاصة بعد رسول الله.
يا معشر الشيعة
إن الله تبارك وتعالى يقول : « وإن من امة إلا خلا فيها نذير» فقيل : يا أبا جعفر
نذير هذه الامة محمد صلى الله عليه وآله قال : صدقت ، فهل كان نذير وهو حي من
البعثة في أقطار الارض؟ فقال السائل : لا فقال أبو جعفر عليه السلام : أرأيت أن بعيثه ليس نذيره كما أن رسول الله صلى
الله عليه وآله في بعثته من الله تعالى نذير؟ فقال : بلى ، قال : فكذلك لم يمت
محمد (صلى الله عليه وآله) إلا وله بعيث نذير ، فإن قلت : لا ، فقد ضيع رسول الله
صلى الله عليه وآله من في أصلاب الرجال من امته.
فقال السائل :
أولم يكفهم القرآن؟ قال : بلى إن وجدوا له مفسرا ، قال : أو ما فسره رسول الله
(صلى الله عليه وآله)؟ قال : بلى ، ولكن فسره لرجل واحد ، وفسر للامة شأن ذلك
الرجل وهو علي بن أبي طالب عليه السلام.
قال السائل : يا
أبا جعفر كأن هذا الامر خاص لا يحتمله العامة؟ قال : نعم أبي الله أن يعبد إلا سرا
حتى يأتي إبان أجله الذي يظهر فيه دينه ، كما أنه كان رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم مع خديجة عليها السلام مستترا حتى امر بالإعلان ، قال السائل : أينبغي
لصاحب هذا الدين أن يكتم؟ قال : أوما كتم علي بن أبي طالب عليه السلام يوم أسلم مع
رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أظهر أمره؟ قال : بلى ، قال : فكذلك
أمرنا حتى يبلغ الكتاب أجله.
ـ وروى أيضا
بهذا الاسناد عنه عليه السلام أنه قال : لقد خلق تعالى ليلة القدر أول ما خلق
الدنيا ، ولقد خلق فيها أول نبي يكون ، وأول وصي يكون ، ولقد قضى أن يكون في كل
سنة ليلة يهبط فيها بتفسير الامور إلى مثلها من السنة المقبلة فمن جحد ذلك فقد رد
على الله تعالى علمه لانه لا يقوم الانبيآء والرسل والمحدثون إلا أن يكون عليهم
حجة بما يأتيهم في تلك الليلة مع الحجة التي يأتيهم مع جبرئيل عليه السلام.
قال : قلت :
والمحدثون أيضا يأتيهم جبرئيل أو غيره من الملائكة؟ قال : أما الانبيآء والرسل فلا
شك في ذلك ، ولابد لمن سواهم من أول يوم خلقت فيه الأرض إلى آخر فناء الدنيا من أن
يكون على أهل الارض حجة ينزل ذلك الامر في تلك الليلة إلى من أحب من عباده وهو
الحجة وأيم الله لقد نزل الملائكة والروح بالامر في ليلة القدر على آدم عليه
السلام.
وأيم الله ما
مات آدم إلا وله وصي ، وكل من بعد آدم من الانبياء قد أتاه الامر فيها ووصفه لوصيه
من بعده ، وأيم الله إنه كان ليؤمر النبي فيما يأتيه من الامر في تلك الليلة من
آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله أن أوص إلى فلان ، ولقد قال الله تعالى في
كتابه لولاة الامر من بعد محمد صلى الله عليه وآله خاصية : وعد الله الذين
آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم « إلى
قوله : « هم الفاسقون» يقول : أستخلفكم لعلمي وديني وعبادتي بعد نبيكم كما استخلفت
وصاة آدم من بعده حتى يبعث النبي الذي يليه « يعبدونني لا يشركون بي شيئا » يقول : يعبدونني بإيمان أن لا نبي بعد محمد صلى الله
عليه وآله ، فمن قال غير ذلك فاولئك هم الفاسقون فقد مكن ولاة الامر بعد محمد
بالعلم ونحن هم ، فاسألونا فإن صدقناكم فأقر واوما أنتم بفاعلين.
أما علمنا فظاهر
، وأما إبان أجلنا الذي يظهر فيه الدين منا حتى لا يكون بين الناس اختلاف فإن له
أجلا من ممر الليالي والايام إذا أتى ظهر الدين وكان الامر واحدا ، وأيم الله لقد
قضي الامر أن لا يكون بين المؤمنين اختلاف ، ولذلك جعلهم الله شهداء على الناس ،
ليشهد محمد (صلى الله عليه وآله) علينا ، ولنشهد نحن على شيعتنا ، ولتشهد شيعتنا
على الناس ، أبى الله أن يكون في حكمه اختلاف ، أو بين أهل علمه تناقض. ثم قال أبو
جعفر عليه السلام : ففضل إيمان المؤمن بحمله إنا أنزلناه وبتفسيرها ، على من ليس
مثله في الايمان بها كفضل الانسان على البهائم ، وإن الله تعالى ليدفع بالمؤمنين
بها عن الجاحدين لها في الدنيا لكمال عذاب الاخرة لمن علم أنه لا يتوب منهم ما
يدفع بالمجاهدين عن القاعدين ، ولا أعلم في هذا الزمان جهادا إلا الحج والعمرة
والجوار.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 25 / صفحة [ 71 ]
تاريخ النشر : 2025-03-20