أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير مجمع البيان
" إذ قربا قربانا " " قال
الطبرسي رحمه الله: أي فعلا فعلا يتقرب به إلى الله
" فتقبل من أحدهما " قالوا: كانت علامة القبول
في ذلك الزمان نارا تأتي فتأكل المتقبل ولا تأكل المردود، وقيل: تأكل المردود،
والأول أظهر " قال " أي الذي لم يتقبل منه للذي تقبل منه: "
لأقتلنك " فقال له: لم تقتلني ؟ قال: لأنه تقبل
قربانك ولم يتقبل قرباني " قال " الآخر: وما ذنبي
؟ " إنما يتقبل الله من المتقين " قالوا: إن حواء كانت تلد في كل بطن غلاما
" وجارية، فولدت أول بطن قابيل بن آدم، وقيل: قابين وتوأمته إقليما، والبطن الثاني
هابيل وتوأمته لبوذا، فلما أدركوا جميعا " أمر الله آدم أن ينكح قابيل اخت
هابيل، وهابيل اخت قابيل، فرضي هابيل وأبى قابيل لأن اخته كانت أحسنهما، وقال: ما
أمر الله بهذا ولكن هذا من رأيك، فأمرهما آدم أن يقربا قربانا " فرضيا
بذلك، فغدا هابيل وكان صاحب ماشية فأخذ من خير غنمه زبدا " ولبنا "،
وكان قابيل صاحب زرع فأخذ من شر زرعه، ثم
صعدا فوضعا القربان على الجبل، فأتت نار فأكلت قربان
هابيل، وتجنبت قربان قابيل، وكان آدم غائبا " عنهم بمكة خرج إليها ليزور البيت
بأمر ربه، فقال قابيل: لا عشت يا هابيل في الدنيا وقد تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني،
وتريد أن يأخذ اختي الحسناء وآخذ اختك القبيحة، فقال له هابيل ما حكاه الله،
فشدخه بحجر فقتله، روي ذلك عن أبي جعفر عليه السلام وغيره من المفسرين
" فطوعت له نفسه " أي شجعته نفسه على قتل أخيه، أو زينت له، أو ساعدته نفسه
وطاوعته على قتله أخاه. قال مجاهد: لم يدر كيف يقتله حتى ظهر له إبليس في صورة طير
فأخذ طيرا " آخر وترك رأسه بين حجرين فشدخه ففعل قابيل مثله " فبعث الله
غرابا " " روت العامة عن جعفر
الصادق عليه السلام أنه قال: قتل قابيل هابيل وتركه بالعراء لا يدري ما يصنع به،
فقصده السباع فحمله في جراب على ظهره حتى أروح وعكفت عليه الطير
والسباع تنتظر متى يرمى به فتأكله، فبعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه،
ثم حفر له بمنقاره وبرجله ثم ألقاه في الحفيرة وواراه وقابيل ينظر إليه فدفن أخاه.
وعن ابن عباس قال: لما قتل قابيل هابيل
أشاك الشجر وتغيرت الأطعمة وحمضت الفواكه وأمر الماء واغبرت الأرض، فقال
آدم: قد حدث في الأرض حدث، فأتى الهند فإذا قابيل
قد قتل هابيل فأنشأ يقول: تغيرت البلاد ومن عليها * فوجه الأرض مغبر قبيح تغير
كل ذي لون وطعم * وقل بشاشة الوجه الصبيح. وقال سالم بن أبي الجعد: لما قتل هابيل
عليه السلام مكث آدم سنة حزينا " لا يضحك ثم اتي
فقيل: حياك الله وبياك، أي أضحكك، قالوا: ولما مضى من عمر آدم مائة وثلاثون سنة
وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين ولدت له حواء شيثا " وتفسيره هبة الله، يعني
أنه خلف من هابيل، وكان وصي آدم وولي عهده،
وأما قابيل فقيل له: اذهب طريدا " شريدا " فزعا
" مذعورا " لا يأمن من يراه، وذهب إلى عدن من اليمن فأتاه إبليس فقال:
إنما أكلت النار قربان هابيل لأنه كان
يعبدها، فانصب أنت أيضا نارا " تكون لك ولعقبك، فبنى
بيت نار وهو أول من نصب النار وعبدها، واتخذ أولاده آلات اللهو من اليراع والطنبور
والمزامير والعيدان، وانهمكوا في اللهو وشرب الخمر وعبادة النار والزنا
والفواحش حتى غرقهم الله أيام نوح بالطوفان وبقي نسل شيث. " سوأة أخيه "
أي عورته أو جيفته " فأصبح من
النادمين " على قتله، ولكن لم يندم على الوجه الذي يكون توبة،
وقيل: من النادمين على حمله لا على قتله، وقيل: على موت أخيه لا على ارتكاب الذنب.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [218]
تاريخ النشر : 2024-08-13