أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
" فإنا قد فتنا قومك " قال:
اختبرناهم من بعدك " وأضلهم السامري " قال: بالعجل
الذي عبدوه، وكان سبب ذلك أن موسى عليه السلام لما وعده الله أن ينزل عليه التوراة
والالواح إلى ثلاثين يوما أخبر بني إسرائيل بذلك، وذهب إلى الميقات وخلف هارون
على قومه، فلما جاءت الثلاثون يوما ولم يرجع موسى إليهم عصوا وأرادوا أن يقتلوا
هارون قالوا: إن موسى كذبنا وهرب منا، فجاءهم إبليس في صورة رجل فقال لهم: إن
موسى قد هرب منكم ولا يرجع إليكم أبدا، فاجمعوا إلي حليكم حتى أتخذ لكم إلها تعبدونه،
وكان السامري على مقدمة موسى يوم أغرق الله فرعون وأصحابه، فنظر إلى جبرئيل
وكان على حيوان في صورة رمكة، وكانت كلما وضعت حافرها على موضع من الأرض يتحرك
ذلك الموضع، فنظر إليه السامري وكان من خيار أصحاب موسى فأخذ التراب من حافر رمكة
جبرئيل، وكان يتحرك فصره في صرة، وكان عنده يفتخر به على بني إسرائيل، فلما
جاءهم إبليس واتخذوا العجل قال للسامري: هات التراب الذي معك، فجاء به السامري فألقاء
إبليس في جوف العجل، فلما وقع التراب في جوفه تحرك وخار ونبت عليه الوبر والشعر،
فسجد له بنو إسرائيل، فكان عدد الذين سجدوا سبعين ألفا من بني إسرائيل، فقال
لهم هارون كما حكى الله: " يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا
أمري * قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى " فهموا بهارون حتى هرب
من بينهم وبقوا في ذلك حتى تم ميقات موسى أربعين ليلة، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة
أنزل الله عليه الالواح فيه التوراة وما يحتاجون إليه من
أحكام السير والقصص. ثم أوحى الله إلى موسى " إنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم
السامري " وعبدوا العجل وله خوار، فقال موسى عليه السلام: يا رب ! العجل من السامري
فالخوار ممن ؟ قال: مني يا موسى، أنا لما رأيتهم قد ولوا عني إلى العجل أحببت
أن أزيدهم فتنة، فرجع موسى كما حكى الله إلى قومه غضبان أسفا قال: " يا قوم ألم
يعدكم ربكم وعدا حسنا أفطال عليكم العهد أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم فأخلفتم
موعدي " ثم رمى بالألواح وأخذ بلحية أخيه هارون ورأسه يجره إليه فقال له:
" ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن
أفعصيت أمري " فقال هارون كما حكى الله: " يبنؤم لا
تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي
" فقال له بنو إسرائيل: " ما أخلفنا
موعدك بملكنا " قال: ما خالفناك " ولكنا حملنا أوزارا
من زينة القوم " يعني من حليهم " فقذفناها " قال: التراب الذي جاء
به السامري طرحناه في جوفه، ثم أخرج
السامري العجل وله خوار فقال له موسى: " ما خطبك يا
سامري " قال السامري " بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول
" يعني من تحت حافر رمكة جبرئيل في البحر
" فنبذتها " أي أمسكتها " وكذلك سولت لي نفسي "
أي زينت، فأخرج موسى العجل فأحرقه بالنار وألقاه في البحر، ثم قال موسى للسامري: "
اذهب فإن لك في الحيوة أن تقول لا مساس " يعني ما دمت حيا وعقبك هذه العلامة
فيكم قائمة أن تقول: لا مساس حتى تعرفوا
أنكم سامرية فلا يغتروا بكم الناس، فهم إلى الساعة
بمصر والشام معروفين بلا مساس، ثم هم موسى بقتل السامري فأوحى الله إليه: لا تقتله
يا موسى فإنه سخي، فقال له موسى: " انظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه
ثم لننسفنه في اليم نسفا * إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علما
".
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 13 / صفحة [209]
تاريخ النشر : 2024-08-11