أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
" وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ
الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ
تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ
لَا تَأْتِيهِمْ " فإنها قرية كانت لبني إسرائيل قريبة من البحر،
وكان الماء يجري عليها في المد والجزر، فيدخل أنهارهم
وزروعهم ويخرج السمك من البحر حتى يبلغ آخر زروعهم، وقد كان الله حرم عليهم الصيد
يوم السبت فكانوا يضعون الشباك في الانهار ليلة الاحد، ويصيدون بها السمك،
وكان السمك يخرج يوم السبت ويوم الاحد لا يخرج وهو قوله: " إذ تأتيهم حيتانهم
يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم " فنهاهم علماؤهم عن ذلك فلم ينتهوا
فمسخوا قردة وخنازير، وكان العلة في تحريم الصيد عليهم يوم السبت أن عيد
جميع المسلمين وغيرهم كان يوم الجمعة، فخالف اليهود
وقالوا: عيدنا السبت، فحرم الله عليهم الصيد يوم السبت، ومسخوا قردة وخنازير.
حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي جعفر عليه
السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام أن قوما من أهل أبلة من قوم ثمود،
وأن الحيتان كانت سبقت إليهم يوم السبت ليختبر الله طاعتهم في ذلك، فشرعت إليهم
يوم سبتهم في ناديهم وقدام أبوابهم في أنهارهم وسواقيهم، فبادروا إليها فأخذوا
يصطادونها ولبثوا في ذلك ما شاء الله، لا ينهاهم عنها الاحبار ولا يمنعهم العلماء
من صيدها، ثم إن الشيطان أوحى إلى طائفة منهم أنما نهيتم عن أكلها يوم السبت
ولم تنهوا عن صيدها، فاصطادوا يوم السبت وكلوها فيما سوى ذلك من الايام، فقالت
طائفة منهم: الآن نصطادها، فعتت وانحازت طائفة أخرى منهم ذات اليمين، فقالوا:
ننهاهم عن عقوبة الله أن تتعرضوا بخلاف أمره، واعتزلت طائفة منهم ذات اليسار فتنكبت
فلم تعظهم، فقالت للطائفة التي وعظتهم: " لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم
عذابا شديدا " فقالت الطائفة التي وعظتهم: " معذرة إلى ربكم ولعلهم
يتقون " قال: فقال الله عزوجل: " فلما
نسوا ما ذكروا به " يعني لما تركوا ما وعظوا به ومضوا على
الخطيئة، فقالت الطائفة التي وعظتهم: لا والله لا نجامعكم ولا نبايتكم الليلة في
مدينتكم هذه التي عصيتم الله فيها مخافة أن ينزل بكم البلاء فيعمنا معكم، قال: فخرجوا
عنهم من المدينة مخافة أن يصيبهم البلاء فنزلوا قريبا من المدينة فباتوا تحت السماء،
فلما أصبح أولياء الله المطيعون لأمر الله غدوا لينظروا ما حال أهل المعصية فأتوا
باب المدينة فإذا هو مصمت فدقوه فلم يجابوا ولم يسمعوا منها حس أحد، فوضعوا سلما
على سور المدينة ثم أصعدوا رجلا منهم فأشرف على المدينة فنظر فإذا هو بالقوم قردة
يتعاوون، فقال الرجل لأصحابه: يا قوم أرى والله عجبا، قالوا: وما ترى ؟ قال: أرى
القوم قد صاروا قردة يتعاوون، لها أذناب، فكسروا الباب، قال: فعرفت القردة أنسابها
من الانس، ولم تعرف الانس أنسابها من القردة، فقال القوم للقردة: ألم ننهكم
؟ فقال علي عليه السلام: والله الذي فلق الحبة و برأ النسمة إني لأعرف أنسابها
من هذه الامة لا ينكرون ولا يغيرون بل تركوا ما أمروا به فتفرقوا، وقد
قال الله تعالى: " فبعدا للقوم الظالمين " فقال الله: " أنجينا
الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس
بما كانوا يفسقون".
- إن أصحاب السبت قد كان أملى الله لهم حتى أثروا وقالوا: إن السبت لنا حلال، وإنما كان حرم على أولينا، وكانوا يعاقبون على استحلالهم السبت، فأما نحن فليس علينا حرام، ومازلنا بخير منذ استحللنا، وقد كثرت أموالنا وصحت أبداننا، ثم أخذهم الله ليلا وهم غافلون.
- في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر عليه
السلام في قوله: " إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه " الآية، وذلك
أن موسى أمر قومه أن يتفرغوا لله في كل
سبعة أيام يوما يجعله الله عليهم، وهم الذين اختلفوا
فيه.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [50]
تاريخ النشر : 2024-08-07