أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
" ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل
" إلى قوله: " بعد أن تولوا مدبرين " قال: فلما
نهاهم إبراهيم عليه السلام واحتج عليهم في عبادتهم الاصنام فلم ينتهوا حضر عيد لهم
وخرج نمرود وجميع أهل مملكته إلى عيد لهم، وكره أن يخرج إبراهيم معه، فوكله ببيت
الاصنام، فلما ذهبوا عمد إبراهيم إلى طعام فأدخله بيت أصنامهم، فكان يدنو من صنم
صنم فيقول له: كل وتكلم، فإذا لم يجبه أخذ القدوم فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع
الاصنام، ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر، فلما رجع الملك
ومن معه من العيد نظروا إلى الاصنام مكسرة، فقالوا: " من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن
الظالمين " فقالوا: ههنا " فتى يذكرهم يقال له إبراهيم " وهو ابن آزر
فجاؤوا به إلى نمرود فقال نمرود لأزر: خنتني
وكتمت هذا الولد عني، فقال: أيها الملك هذا عمل امه
وذكرت أنها تقوم بحجته، فدعا نمرود ام إبراهم فقال لها: ما حملك على أن كتمتني أمر
هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل ؟ فقالت أيها الملك: نظرا مني لرعيتك، قال: وكيف
ذلك ؟ قالت: رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت: إن كان هذا الذي يطلبه
دفعته إليه ليقتله ويكف عن قتل أولاد الناس، وإن لم يكن ذلك فبقي لنا ولدنا، وقد
ظفرت به فشأنك، فكف عن أولاد الناس فصوب رأيها، ثم قال لإبراهيم: " من فعل
هذا بآلهتنا يا إبراهيم " قال
إبراهيم: " فعله كبيرهم هذا فسألوهم إن كانوا ينطقون " فقال
الصادق عليه السلام: والله ما فعله كبيرهم وما كذب إبراهيم، فقيل: فكيف ذلك ؟ فقال:
إنما قال: فعله كبيرهم هذا إن نطق، وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا، فاستشار
نمرود قومه في إبراهيم فقالوا له: " حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين
" فقال الصادق عليه السلام: كان فرعون
إبراهيم وأصحابه لغير رشدة، فإنهم قالوا لنمرود:
" حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين " وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدة
فإنه لما استشار أصحابه في موسى قالوا: " أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين *
يأتوك بكل سحار عليم " فحبس إبراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي
ألقى فيه نمرود إبراهيم في النار برز نمرود
وجنوده، وقد كان بني لنمرود بناء ينظر منه إلى
إبراهيم كيف تأخذه النار، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب
من النار، وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق، فوضع إبراهيم عليه السلام
في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له: ارجع عما أنت عليه، وأنزل الرب إلى
السماء الدنيا، ولم يبق شئ إلا طلب إلى ربه، وقالت الارض: يا رب ليس على
ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق، وقالت الملائكة: يا
رب خليلك إبراهيم يحرق، فقال الله عزوجل: أما إنه إن دعاني كفيته، وقال جبرئيل: يا
رب خليلك إبراهيم ليس في الارض أحد يعبدك غيره، سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار،
فقال: اسكت إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت، هو عبدي آخذه إذا شئت، فإن دعاني
أجبته، فدعا إبراهيم عليه السلام ربه بسورة الاخلاص: " يا الله يا واحد يا أحد
يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك "
قال: فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع
في المنجنيق فقال: يا إبراهيم هل لك إلي من حاجة
؟ فقال إبراهيم: أما إليك فلا، وأما إلى رب العالمين فنعم، فدفع إليه خاتما عليه
مكتوب: " لا إله إلا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري إلى الله وأسندت أمري
إلى الله وفوضت أمري إلى الله " فأوحى
الله إلى النار: " كوني بردا " فاضطربت أسنان
إبراهيم من البرد حتى قال: " وسلاما على إبراهيم " وانحط جبرئيل وجلس
معه يحدثه في النار ونظر إليه نمرود فقال:
من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم، فقال
عظيم من عظماء أصحاب نمرود: إني عزمت على النار أن لا تحرقه، فخرج عمود من النار
نحو الرجل فأحرقه، ونظر نمرود إلى إبراهيم في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه،
فقال لأزر: يا آزر ما أكرم ابنك على ربه ! قال: وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم
وكان الضفدع يذهب بالماء ليطفئ به النار، قال: ولما قال الله تبارك وتعالى للنار:
" كوني بردا وسلاما " لم تعمل النار في الدنيا ثالثة أيام "
ونجيناه ولوط إلى الارض التي باركنا فيها
للعالمين " إلى الشام وسواد الكوفة.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 12 / صفحة [31]
تاريخ النشر : 2024-08-06