أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/النبي نوح عليه السلام/الإمام الصادق (عليه السلام)
محمد بن علي بن حاتم،
عن أحمد بن عيسى الوشاء، عن أحمد بن طاهر، عن محمد بن يحيى بن سهل، عن علي بن الحارث،
عن سعد بن منصور الجواشني، عن أحمد بن علي البديلي، عن أبيه، عن سدير
الصيرفي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لما استنزل نوح عليه السلام العقوبة
على قومه بعث الله عزوجل الروح الأمين عليه السلام بسبعة نوايات فقال: يا نبي
الله إن الله تبارك وتعالى يقول لك: إن هؤلاء خلائقي وعبادي ولست ابيدهم بصاعقة من
صواعقي إلا بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فإني مثيبك
عليه واغرس هذا النوى فإن لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص،
فبشر بذلك من تبعك من المؤمنين فلما نبتت الأشجار وتأزرت وتسوقت وتغصنت وأثمرت
وزها الثمر عليها بعد زمن طويل استنجز من الله سبحانه العدة، فأمره الله تبارك
وتعالى أن يغرس من نوى تلك الأشجار ويعاود الصبر والاجتهاد ويؤكد الحجة على قومه،
وأخبر بذلك الطوائف التي آمنت به فارتد منهم ثلاث مائة رجل وقالوا: لو كان ما يدعيه
نوح حقا لما وقع في وعد ربه خلف، ثم إن الله تبارك و تعالى لم يزل يأمره عند كل
مرة أن يغرسها تارة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرات فما
زالت تلك الطوائف ترتد منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيف وسبعين رجلا
"، فأوحى الله عزوجل عند ذلك إليه وقال: الآن اسفر الصبح عن الليل لعينك حين صرح
الحق عن محضه وصفا من الكدر بارتداد من كانت طينته خبيثة، فلو أني أهلكت الكفار وأبقيت
من قد ارتد من الطوائف التي كانت آمنت بك لما كنت صدقت وعدي السابق للمؤمنين الذين
أخلصوا التوحيد من قومك واعتصوا بحبل نبوتك بأن أستخلفهم في الأرض وامكن لهم دينهم،
وابدل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم، فكيف يكون الاستخلاف
والتمكين وتبدل الخوف بالأمن مني لهم مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الذين ارتدوا
وخبث طينتهم وسوء سرائرهم التي كانت نتائج النفاق وشبوح الضلالة، فلو أنهم
تنسموا مني الملك الذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا اهلكت أعداؤهم لنشقوا روائح
صفاته، ولاستحكمت سرائر نفاقهم، وتأبد خبال ضلالة قلوبهم، وكاشفوا إخوانهم بالعداوة،
وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرد بالأمر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدين
وانتشار الأمر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلا، فاصنع الفلك بأعيننا
ووحينا.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [329]
تاريخ النشر : 2024-07-24