التفسير بالمأثور/تأويل الآيات والروايات/الإمام الرضا (عليه السلام)
الهمداني، عن علي، عن أبيه، عن الهروي قال:
قلت لعلي بن موسى الرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث
الذي يرويه أهل الحديث: إن المؤمنين يزورون
ربهم من منازلهم في الجنة ؟ فقال عليه السلام: يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى
فضل نبيه محمدا صلى الله عليه واله على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل
طاعته طاعته، و مبايعته مبايعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عز وجل:
" من يطع الرسول فقد أطاع الله " وقال: " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون
الله يد الله فوق أيديهم " وقال النبي صلى
الله عليه واله: من زارني في حياتي أو بعد موتي
فقد زار الله. ودرجة النبي صلى الله عليه واله في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره
إلي درجته في الجنة من منزلته فقد زار الله تبارك وتعالى: قال: فقلت له: يا ابن
رسول الله فما معنى الخبر الذي رووه أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله
؟ فقال عليه السلام: يا أبا الصلت من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله
أنبياؤه ورسله وحججه صلوات الله عليهم، هم الذين بهم يتوجه إلي الله عزوجل، وإلى
دينه ومعرفته، وقال الله عزوجل: " كل من عليها فان ويبقى وجه ربك " وقال
عز وجل " كل شئ هالك إلا وجهه "
فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه عليهم السلام في درجاتهم
ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة، وقد قال النبي صلى الله عليه واله: من أبغض
أهل بيتي وعترتي لم يرني ولم أره يوم القيامة، وقال صلى
الله عليه واله: إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني،
يا أبا الصلت إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان ولا يدرك بالأبصار والاوهام.
قال: فقلت له: يا ابن رسول الله فأخبرني عن الجنة والنار أهما اليوم مخلوقتان
؟ فقال: نعم، وإن رسول الله صلى الله عليه واله قد دخل الجنة ورأى النار لما
عرج به إلى السماء. قال: فقلت له: إن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقتين.
فقال عليه السلام: ما اولئك منا ولا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة والنار فقد
كذب النبي صلى الله عليه واله وكذبنا، وليس من ولايتنا على شئ ويخلد في نار جهنم،
قال الله عزوجل: " هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن
" وقال النبي صلى الله عليه واله: لما عرج بي إلي السماء أخذ بيدي جبرئيل فأدخلني
الجنة فناولني من رطبها فأكلته فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الارض
واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت
رائحة ابنتي فاطمة.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 4 / صفحة [ 3 ]
تاريخ النشر : 2024-06-07