التفسير بالمأثور/الموت والقبر والبرزخ/الإمام علي (عليه السلام)
عن عباد، عن عمه،
عن أبيه، عن جابر، عن إبراهيم ابن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة ذكر أن علي بن أبي طالب
(عليه السلام) وعبد الله بن عباس ذكرا أن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا، وأول
يوم من الآخرة، مثل له ماله وولده وعمله، فيلتفت إلى ماله فيقول: والله إني كنت عليك لحريصا شحيحا،
فما عندك؟ فيقول: خذ مني كفنك. فيقبل إلى ولده فيقول: والله إني كنت لكم لمحبا، فما
لي عندكم؟ فيقولون: أن نؤديك إلى حفرتك فنواريك فيها. فيقبل إلى عمله فيقول:
والله إني كنت فيك
لزاهدا، له انك كنت علي لثقيلا، فما عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك ويوم نشرك حتى
أعرض أنا وأنت على ربك.
فإن كان لله وليا
أتاه أطيب خلق الله ريحا، وأحسنه منطقا، وأحسنه رياشا، فيقول: ابشر بروح وريحان وجنة
نعيم. فيقول: من أنت؟ قال. أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة؟ فإنه ليعرف
غاسله ويناشد حامله أن يعجله، فإذا دخل قبره أتاه اثنان: يقال لأحدهما منكر، وللآخر
نكير، يجران أشعارهما، ويحكان بأنيابهما، أصواتهما كالرعد العاصف، وأبصارهما كالبرق
الخاطف، ثم يقولان: يا هذا من ربك، وما دينك، ومن نبيك؟ فيقول: الله ربي وديني الاسلام
ونبيي محمد.
فيقولان: ثبتك الله
لما تحب وترضى، فهو قول الله (تعالى): (ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة
الدنيا وفي الآخرة). ثم يقولان: نم ولي الله قرير العين نومة الآمن الشاب الناعم، فأنت
لقول الله (عز وجل): ﴿أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا﴾ .
وأما عدو الله فإنه
يأتيه أقبح خلق الله وجها، وأخبثه ثيابا، وأنتنه ريحا، فيقول له: ابشر بنزل من حميم
وتصلية جحيم قدمت شر مقدم. فيقول: من أنت؟ فيقول أنا عملك الخبيث، فإنه ليعرف غاسله
ويناشد حامله أن يحبسه، فإذا دخل في قبره أتاه ممتحنا القبر، فألقيا أكفانه في حفرته،
ثم قالا: من ربك، وما دينك، ومن نبتك؟ فيقول:
لا أدري. فيقولان:
لا دريت ولا هديت، فيضربان يأفوخه بمرزبة ضربة ما خلق الله من دابة إلا تذعر
لها ما خلا الثقلين، ثم يفتحان له بابا إلى النار ويقولان له: نم على شر الحال، فإنه
لمن الضيق لفي مثل قبة القناة من الزج ، حتى إن دماغه ليخرج من بين أظفاره ولحمه، ويسلط
الله عليه حياة الأرض وعقاربها وهوامها وشياطينها فتتناهشه حتى يبعثه الله، وإنه ليتمنى
قيام الساعة مما هو فيه من الشر.
المصدر : ص 347
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : الأمالي
تاريخ النشر : 2024-05-14