x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

دساتير الدول

التحكيم في تحصيل أموال الدولة في القانون العراقي والتشريع المقارن

المؤلف:  صالح احمد حماد سليمان الجبوري

المصدر:  سلطة الإدارة في تحصيل أموال الدولة والرقابة عليها دراسة في التشريعات المالية

الجزء والصفحة:  ص 112-120

2024-05-06

165

خير ما نستهل به كلامنا عن التحكيم هو كتاب الله قال الله تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (1)، قال الله تعالى : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) (2).
في الكتاب الكريم اعترف الإسلام بشرعية التحكيم، وفي هذه الآية يقسم الله سبحانه وتعالى بنفسه الكريمة المقدسة على أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، وهذا هو التحكيم، فلا ولاية للحكم برضا خصم دون الأخر، بل لابد من رضا كلا الخصمين بشخص الحكم. ويحتل التحكيم في الوقت الراهن مكاناً بارزاً سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الدولي وذلك بسبب التعاملات الاقتصادية واتساع حجم التبادلات التجارية والاستثمارات، ويتجهون أكثر فأكثر بصدد حل منازعتهم إلى التحكيم لما يتميز به من بساطة في الإجراءات وسرعة الفصل في المنازعات (3). وسوف نتناول في هذا الموضوع تعريف التحكيم لغة واصطلاحاً في الفرع الأول، ومن ثم نبحث موقف التشريع الفرنسي من التحكيم في الفرع الثاني وفي الفرع الثالث ندرس موقف التشريع المصري من التحكيم وأخيراً نختم في الفرع الرابع موقف التشريع العراقي من التحكيم وكما يأتي:
الفرع الأول
تعريف التحكيم
أولاً: التحكيم لغة: مصدر حكم وأصلها حكم ، حكم حكما رجع. يقال رجع أحكمه فحكم" أي (4) أرجعه فرجع، وحكم الفرس جعل عليه حكمة ، وحكمه عن كذا: منعه ورده.
وعرف التحكيم بأنه مصدر حكم بالأمر حكما يقال : حكم له، وحكم عليه، وحكم بينهم(5). و التحكيم في اللغة مأخوذة من كلمة حكم، وهو المنع وأول المنع الحكم فهو منع من الظلم، ومعناه التفويض وحكم فلانا في كذا إذا جعل أمره إليه وفوضه بالحكم، وحكمه في أمره تحكيما أمره أن يحكم، وحكمت الرجل بالتشديد فوضت الحكم إليه، وأمرته أن يحكم فيه والمحكم الشيخ المجرب المنسوب إلى الحكمة (6). و عرف التحكيم كذلك بأنه مصدر حكم يحكم تحكيما، والمادة ( ح ك م ، وهذه المادة وما تصاغ منها تطلق على معان كثيرة ترجع إلى أصل واحد وهو المنع، قال ابن فارس: " الحاء والكاف والميم أصل واحد هو المنع من الظلم، وسميت حكمة الدابة اللجام ؛ لأنها تمنعها ، يقال : حكمت الدابة، وأحكمتها. يقال حكمت السفيه وأحكمته، إذا أخذت على يديه، والحكمة هذه قياسها، لأنها تمنع من الجهل وقال العلامة ابن منظور : حکمت بمعنى منعت ورددت ومن هذا قيل للحاكم بين الناس حاكم؛ لأنه يمنع الظلم من الظلم. قال الأصمعي: أصل الحكومة رد الرجل عن الظلم، قال: منه سميت حكمة اللجام لأنها ترد الدابة، ويقال حكمنا فلاناً فيما بيننا أي أجزنا حكمه بيننا، وحكمه في الأمر فاحتكم، ويقال حكمته في مالي إذا جعلت إليه الحكم فيه فاحتكم علي في ذلك (7).
ثانياً: التحكيم اصطلاحاً هو الاتفاق الخطي المتضمن إحالة الخلافات القائمة أو المقبلة على التحكيم سواء أكان اسم المحكم أو المحكمين مذكوراً في الاتفاق أم لم يكن (8)
وعرف بأنه : " تولية الخصمين حكما يحكم بينهما ، أي اختيار ذوي الشأن شخصا أو أكثر للحكم فيما تنازعوا فيه دون أن يكون للمحكمة ولاية القضاء بينهما، ومن ثم التحكيم شرعا يعني تولية وتقليد من طرفي الخصومة لثالث يفصل فيما تنازعوا فيه (9)
وعرف بأنه: اتفاق طرفي علاقة قانونية عقدية كانت أو غير عقدية على تسوية ما ينشأ بصدد تلك العلاقة من منازعات بالتحكيم وهذا الاتفاق يمكن أن يكون سابقاً أو تالياً للنزاع، ولا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه كما لا يجوز الاتفاق عليه في المسائل التي لا يجيز القانون الصلح فيها (10).
وعرف التحكيم بأنه: الاتفاق الذي بموجبه تعتزم أطراف معينة عدم اللجوء إلى القاضي الوطني والمثول أمام محكم واحد أو محكمين يختارونهم للفصل في المنازعات التي تطرأ أو قد تطرأ بينهم، وعبارة اتفاق التحكيم تشمل التحكيم الذي يأخذ مكانه في عقد من العقود (11).
فالتحكيم هو وسيلة من وسائل تسوية النزاع بغير طريق القضاء يتم اللجوء إليه من خلال اتفاق الأطراف المتنازعة بمحض إراداتهم وحريتهم والتحكيم يحقق مزايا عدة أهمها سرعة حسم المنازعات وسرعة اتخاذ القرار، وبساطة إجراءاته ، واختصار درجات التقاضي، ويمتاز بالطابع السري وتصدر هيئة التحكيم حكماً باتاً غير قابل للطعن فيه من حيث الموضوع وقابل للتنفيذ الفوري (12)
واتفاق التحكيم يكون في صورتين إما أن يأخذ شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم فشرط التحكيم هو اتفاق يكون ضمن نصوص العقد الأصلي ويقر بموجبه الأطراف اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات المستقبلية التي تثير بصدد تنفيذ العقد، ومن الجائز الإتفاق على شرط التحكيم في وثيقة مستقلة تكون بمثابة ملحق للعقد الأصلي (13). وشرط التحكيم سابقاً على قيام النزاع فهو يواجه نزاعاً محتملاً(14). ومستقل عن العقد الذي ورد به وهذا يعني أن بطلان العقد لا يؤدي إلى بطلان شرط التحكيم (15).
ومشارطة التحكيم هي اتفاقية لاحقة على النزاع ومنفصلة عن العقد الأصلي يتم بسببها اللجوء إلى التحكيم للفصل في نزاع قائم فعلاً بصدد هذا العقد (16). وهذا يعني أن المشارطة تأتي لاحقة على قيام النزاع بخلاف شرط التحكيم الذي يكون سابقاً على نشوئه.
وإن أشخاص القانون الخاص يستطيعون اللجوء إلى التحكيم لحسم منازعاتهم ، أما أشخاص القانون العام، إن المبدأ العام يقضي بعدم جواز لجوئهم إلى التحكيم لتسوية المنازعات التي يكونون طرفاً فيها. ولكن في زيادة الاتصالات التجارية الدولية واتساع نشاط الشركات متعددة الجنسيات وتزعمها النشاط التجاري العالمي، دفع الدول إلى اتفاق التحكيم بالنسبة للأشخاص العامة، حتى لا تكون بعيدة عن التطورات الاقتصادية العالمية.
الفرع الثاني
التحكيم في التشريع الفرنسي
في فرنسا يقضي المبدأ العام بحظر لجوء الدولة وأشخاص القانون العام إلى التحكيم لحسم المنازعات الإدارية، وأساس هذا المبدأ هو قانون المرافعات المدنية الصادر عام 1803، وخاصة في المادتين (83 ، 1004) منه وأكد القانون المدني الفرنسي على ذلك في المادة (2060) منه، ومبدأ حظر التحكيم على الأشخاص العامة في المنازعات الإدارية ، ويشمل شرط التحكيم ومشارطته وكافة المنازعات التي تكون هذه الأشخاص طرفاً فيها حتى ولو تعلق الأمر بعقد من عقود الإدارة الذي تختص به المحاكم العادية(17). وطبق مجلس الدولة الفرنسي مبدأ حظر التحكيم في التشريع الفرنسي وعده أحد المبادئ القانونية العامة.
وبالرغم من حظر التحكيم على الأشخاص العامة، إلا إن هناك استثناءات عدة أقرت هذا المبدأ بنصوص تشريعية، ومن أهمها بعض منازعات عقود الأشغال العامة، وعقود التوريد التي نص عليها قانون (17) نيسان 1906 والمعدل عام 1960 و منازعات المؤسسات العامة الإقتصادية التي نص عليها قانون (9) تموز 1975 ، وقد اشترط هذا القانون صدور مرسوم يحدد هذه المؤسسات. ومع هذا صدرت عدة قوانين أجازت لبعض المؤسسات العامة اللجوء إلى التحكيم لفض منازعاتهم، مثل قانون (30) كانون الأول 1982 ، الذي أباح التحكيم لمؤسسة الخطوط الحديدية الفرنسية ، وقانون (13) شباط 1997، الذي أباح التحكيم لشركة الخطوط الجوية الفرنسية وشركة الاتصالات الفرنسية اللجوء اليه لفض منازعاتهما (18). وأباح التحكيم في قانون (15) تموز (1982، في منازعات العقود الدولية. وصادقت فرنسا على اتفاقية جنيف للتحكيم التجاري الدولي في 21 نيسان 1961 ، التي ترخص في المادة (12) منها التحكيم بالنسبة للأشخاص المعنوية العامة (19).
في فرنسا لا يمكن اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات إلا بموجب نص قانوني أو اتفاقية دولية تجيز ذلك (20)، عكس المرافق العامة الاقتصادية الأخرى التي تستطيع اللجوء إلى التحكيم لتسوية منازعاتها.
الفرع الثالث
التحكيم في القانون المصري
المبدأ العام في مصر يمضي في إمكانية لجوء الأشخاص العامة إلى التحكيم في تسوية منازعاتهم.
وفي مصر صدر القانون رقم (27) لسنة 1994، من أجل توفير مناخ ملائم للاستثمارات الأجنبية الخاص بالتحكيم في المواد المدنية والتجارية (21) ، في المادة (1) منه على أنه ( مع عدم الإخلال بأحكام الاتفاقيات الدولية المعمول بها في جمهورية مصر العربية تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو الخاص أياً كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع إذا كان هذا التحكيم يجري في مصر، أو كان تحكيماً تجارياً دولياً يجري في الخارج واتفق أطرافه على إخضاعه لأحكام هذا القانون)(22). أن هذا القانون لم ينص بوضوح على خضوع العقود الإدارية للتحكيم، مما أثار النزاع بين الفقهاء، واتجه الرأي الغالب في الفقه إلى عدم خضوع العقود الإدارية للتحكيم (23).
مما دفع المشرع إلى التدخل في تعديل المادة (1) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم (27) لسنة 1994 إلى إصدار القانون رقم (9) لسنة 1997، الذي إضافة فقرة ثانية إليها ونصت على أنه ( وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الإعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك)(24). إن اتفاق التحكيم في مصر يعني إمكانية اللجوء إلى شرط التحكيم أو مشارطته من جهة، كما أنه يجيز التحكيم في منازعات العقود الإدارية كافة، من جهة أخرى (25).
الفرع الرابع
التحكيم في التشريع العراقي
وفي العراق نجد إن الاهتمام بموضوع التحكيم بصورة محدودة بسبب قصور الرغبة للعمل به وعدم الالتجاء إليه إلا في أوضاع خاصة كما إن فكرة التحكيم لم تكن معلومة بالصيغة الذي هو عليه الآن لدى المشرع ، فلم تكن مستلزمات العمل به متيسرة (26) . ضمن المشرع في العراق قواعد التحكيم المقررة في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل في المواد من (251، 276) فلم تكن هناك إشارة واضحة من اللجوء إلى التحكيم من عدمه في العقود الإدارية العقود الإدارية، وقد ذهب المشرع العراقي إلى جواز الاتفاق على التحكيم في جميع المسائل التي تنشأ عن العقد، حيث جاء في قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل في القول يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين (27). والأصل في التحكيم إنه تصرف إرادي جوازي، وفي صدور قانون العقود العامة من سلطة الائتلاف المؤقتة رقم (87) لسنة 2004 تبين إن المشرع قد أجاز ضمناً اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية في القسم (12) منه في القول (التسوية البديلة للنزاع - عن تسوية جميع النزاعات المماثلة - أي سواء أكانت اعتراضات على المناقصات أو شكاوى خلال ادارة العقود العامة(28)، تستعمل مبادئ التسوية البديلة للنزاع إلى أقصى حد ممكن ، شرط أن يتفق الطرفان). وجاء في المادة (69) من الشروط العامة لمقاولات أعمال الهندسة المدنية لسنة 1988 التي أصدرتها وزارة التخطيط حيث أباحث اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات الناتجة عن تفسير أو تنفيذ المقاولة التي تكون الدولة طرفاً فيها، بصفتها (رب العمل) والمقاول كطرف ثانٍ عراقياً كان أو اجنبية (29) . وقد نظمت الشروط العامة العراقية)، الكيفية التي يتم فيها حسم الخلافات على إمكانية اللجوء إلى التحكيم لتسوية النزاع بين رب العمل والمقاول في حالة عدم قبول القرار الذي يتخذه المهندس لحسم النزاع، وفي تعليمات تنفيذ العقود الحكومية رقم (2) لسنة 2014 آلية تسوية المنازعات الناشئة عن العقود في الفقرة الثانية من المادة (8) نصت على إنه في حالة عدم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يتم اللجوء إلى أحد الأساليب التي يجب أن ينص عليها في العقد وهي التحكيم إما أن يكون وطنياً أو دولياً" بحسب نوع العقد وفي حالة عدم التوصل إلى تسوية يتم احالة النزاع إلى المحكمة المختصة، وفي شأن الاتفاقيات الدولية لعب شرط التحكيم في العراق دوراً هاماً ، ومن أبرز هذه الاتفاقيات ما ورد في عقود امتيازات النفط الممنوحة من العراق إلى شركات النفط ومن ذلك ما نصت المادة (13) الفقرة ج (30) من الاتفاقية المعقودة في 3 شباط 1952 بين الحكومة العراقية وشركة النفط العراقية المحدودة ونفط الموصل المحدودة ونفط البصرة المحدودة المصدقة بالقانون رقم (4) لسنة 1952. يتضح لنا من خلال ما سبق إن المشرع العراقي أعطى الحق لأطراف العلاقة التعاقدية بالاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن العقد ونص على أن اللجوء إلى التحكيم في هذه الحالة يعد تصرف إرادي يخضع لإرادة المتعاقدين فيجوز له الاتفاق على التحكيم أو عدم الاتفاق عليه، فإن اتفقوا على اللجوء إلى التحكيم فلا أحد يستطيع اجبارهم على تركة، وهذا مما لاشك فيه تشجيع الأطراف العلاقة التعاقدية على اللجوء إلى التحكيم وفي نفس الوقت استكمالاً لمبدأ حرية الارادة التعاقدية، فالمتعاقدين أحرار في اللجوء إلى التعاقد أو عدم التعاقد لذا فمن باب أولى إنهم أحرار في اللجوء إلى التحكيم من عدمه وهذا ما دأب عليه المشرع العراقي، وبذلك لا يوجد ما يمنع من الناحية القانونية من اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لتحصيل الديون الحكومية من خلال الاتفاق بين الجهة الحكومية وبين الشخص أو الأشخاص الملزمين بدفع الديون الحكومية وبين الأشخاص المكلفين بالأداء الحكومي. ويتبين لنا إن المبدأ العام في فرنسا يحكم بعدم جواز لجوء الدولة وغيرها من الأشخاص العامة إلى التحكيم إلا بموجب نص قانوني أو اتفاقية دولية تبيح ذلك. المبدأ العام في مصر إن يقضي بجواز لجوء الدولة وغيرها من الأشخاص العامة إلى التحكيم لحسم منازعات المرافق العامة أياً كانت طبيعة هذه المنازعة.
هذا وقد اجاز المشرع العراقي لجوء الدولة والأشخاص العامة إلى التحكيم في حسم جميع منازعات المرافق العامة، وأخذ في شرط التحكيم من غير مشارطة التحكيم، الحكم التحكيمي لا ينفذ إلا إذا صادقت عليه المحكمة المتخصصة في نظر النزاع استنادا إلى طلب أحد الخصوم ويحق للمحكمة أن تصادق الحكم التحكيمي أو تبطله كلاً أو جزءً ولها أن تفصل في النزاع بنفسها إذا كانت القضية جاهزة للفصل فيها ولا يبيح في هذه الحالة الأخيرة الاعتراض على حكم المحكمة ويرخص لها الطعن بالحكم في الطرق التي حددها القانون، ومن الواضح هذا يجرد النصوص القانونية التي أجازت التحكيم من أهميتها وينتقص من هيئة المحكمين وإرادة أطراف النزاع في اللجوء إلى التحكيم، وفي هذا المقام ندعو المشرع العراقي إلى ضرورة سن تشريع عراقي ينظم أمور التحكيم الداخلي والخارجي في قانون مستقل بعيدا عن قانون المرافعات المدنية المعدل رقم (83) لسنة 1969 ويسهل الرجوع اليه ويحقق اطلاع العامة على أحكامه واعتماد التحكيم كوسيلة في تحصيل الديون الحكومية.
____________
1- سورة النساء الآية رقم (65)
وقيل في سبب نزول هذه الآية أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى للمحق على المبطل فقال المقضي عليه لا أرضى فقال صاحبه فما تريد قال : أن نذهب إلى أبي بكر الصديق فذهبا إليه فقال الذي قضي له قد اختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضي لي، فقال أبو بكر : أنتما على ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبي صاحبه أن يرضى فقال : نأتي عمر بن الخطاب، فقال المقضي له : قد اختصمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى لي عليه فأبى أن يرضى، فسأله عمر بن الخطاب فقال : كذلك، فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده قد سله فضرب به رأس الذي أبى أن يرضا فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما كنت أظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمن فأنزل الله تعالى " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك .......
ينظر: : ابن كثير : تفسير القرآن العظيم دار مصر للطباعة، جـ 1 ، دون ذكر تاريخ النشر، ص 521 .
2- سورة النساء الآية (35) .
3- وليد محمد عباس، التحكيم في المنازعات الادارية ذات الطبيعة التعاقدية اطروحة دكتوراه، جامعة عين الحقوق ، 2008، ص93
3- المنجد في اللغة والإعلام، ، ط 29 ، دار المشرق بيروت، 1988 ص 146.
4- إياس بن منصور الراجحي، مسؤولية المحكم في نظام التحكيم السعودي، بحث مقدم استكمالا للحصول على درجة العدالة الجنائية تخصص التشريع الجنائي الإسلامي، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات الماجستير في العليا، قسم العدالة الجنائية، الرياض، 2008 ص 7.
6- زهير عبد الله علي آل جابر القرني ، دور القضاء في التحكيم، بحث مقدم استكمالا للحصول على درجة الماجستير في العدالة الجنائية تخصص التشريع الجنائي الإسلامي، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، قسم العدالة الجنائية، الرياض، 2008 ص 34 .
7- ناصر بن حمد الراجحي، التحكيم في المنازعات المالية في الفقه والنظام السعودي، بحث مقدم استكمالا للحصول على درجة الماجستير 4 في العدالة الجنائية تخصص التشريع الجنائي الإسلامي، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية الدراسات العليا، قسم العدالة الجنائية، الرياض، 2008 ص 26.
8- مهند عزمي أبو مغلي أمجد حمدان الجهني، رقابة القضاء على حكم التحكيم في القانون الأردني ، " مجلة الشريعة والقانون كلية الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة ، الإمارات، ع38، 2009 ص 272.
9- آدم وهيب النداوي، المرافعات المدنية، دار الكتاب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، بغداد ، 1988 ص 274.
10- عبد العزيز خليفة، الوجيز في الأسس العامة للعقود الإدارية، دار الكتاب الحديث، القاهرة، 2008
11- مصطفى تراري ثاني استقلالية اتفاق التحكيم كمبداً من مبادئ التحكيم التجاري الدولي المعاصر" مجلة دراسات قانونية مجلة شهرية 6 متخصصة في الدراسات والبحوث القانونية، دار القبة للنشر والتوزيع، الوادي، الجزائر، ع9، 2003 ص 9
12- د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة، التحكيم في منازعات العقود الإدارية الداخلية والدولية، ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2008، ص 21 . د. صلاح الدين جمال الدين التحكيم في عقود التنمية الإقتصادية، دار الكتب القانونية، مصر المحلة الكبرى، 2005، ص 8 . نبيل زيد سليمان مقابلة، تنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية، دار النهضة العربية، القاهرة، بلا سنة طبع، ص 18.
13- د. سید أحمد محمود، نظام التحكيم، دار النهضة العربية، القاهرة، 2005، ص 56
14- د. محمد محمد عبد اللطيف الإتجاهات المعاصرة في إدارة المرافق العامة الإقتصادية، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000، ص 80
15- د. جابر جاد نصار التحكيم في العقود الإدارية دار النهضة العربية، القاهرة، 1997 ص 25.
16- د. أحمد محمد عبد البديع شتا، شرح قانون التحكيم، ط3، دار النهضة العربية القاهرة، 2005، ص. شعيب أحمد سلیمان التحكيم في منازعات تنفيذ الخطة الإقتصادية العامة، دار الرشيد للنشر، بغداد، 1981، ص135.
17- د.د. نجلاء حسن سيد أحمد خليل، التحكيم في المنازعات الإدارية، ط 2 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003 2004،ص 113 .
18- د. جابر جاد نصار التحكيم في العقود الإدارية دار النهضة العربية، القاهرة، 1997 ، ص 46.
19- د. ماجد راغب الحلو، العقود الإدارية والتحكيم العقود الإدارية والتحكيم، الدار الجامعية، بيروت، 2000، ص179.
20- يُنظر د. حسن محمد هند، التحكيم في المنازعات الإدارية، دار الكتب القانونية، مصر، المحلة الكبرى، 2008، ص 67. د. نجلاء حسن سيد أحمد خليل، التحكيم في المنازعات الإدارية، ط 2 ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2003 2004 ، ص 176.
21- هناك قوانين أخرى إدارية ومالية نظمت التحكيم، مثل القانون رقم (66) لسنة 1963، الخاص بالجمارك، والقانون رقم (11) لسنة 1991 ، الخاص بالضريبة العامة على المبيعات والقانون رقم (141) لسنة 1994 ، الخاص بتنظيم البورصة. د. ماجد راغب الحلو، المصدر السابق، ص 184.
22- أسامة أحمد شتات، قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية، دار الكتب القانونية، مصر المحلة الكبرى، 2007، ص 4
23- يُنظر د. أحمد محمد عبد البديع شتا، شرح قانون التحكيم، ط3، دار النهضة العربية القاهرة، 2005، ص 129 ، د. العزيز خليفة، الوجيز في الأسس العامة للعقود الإدارية، دار الكتاب الحديث، القاهرة، 2008 ، ص 361.
24- أسامة أحمد شتات، المصدر السابق، ص 4.
25- عرف القانون المصري التحكيم الإجباري في موضوع المنازعات التي تقع بين الهيئات العامة والمؤسسات العامة وشركات القطاع العام، وأساس فرض التحكيم الإجباري ليتعلق الأمر في منازعات بين أشخاص عامة لا تتناقض مصالحها لأن نتيجة هذه الخصومات تؤول في النهاية إلى الدولة يُنظر د نجلاء حسن سيد أحمد خليل، مصدر سابق، ص 283.
26- ينظر: د. حامد المختار التحكيم في العراق مشاكله العملية وبعض الاراء والمقترحات لمعالجتها، مجلة القضاء، ع (1، 2، 3، 4) 1981، ص 425
27- ينظر: المادة (251) من قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل.
28- تضمن القسم (12) من قانون العقود العامة الصادر بامر سلطة الائتلاف المؤقتة، رقم 87 لسنة 2004 تسوية النزاعات وهي:
الاعتراض على المناقصة لدى محكمة ادارية متخصصة مؤسسة استنادا الى سلطة هذا الأمر.
تقديم الشكاوي من المقاول الى السلطة التي تطرح المناقصة العامة.
تسوية النزاع عن طريق استعمال طرق التسوية البديلة الى اقصى حد ممكن ، شرط ان يتفق الطرفان.
29- يتعين معرفة انه في حالة عدم وجود نص لواقعة معينة في الشروط العامة باعمال الهندسة المدنية يتم الرجوع الى احكام قانون المرافعات المدنية رقم (83) لسنة 1969 المعدل بوصفها الاصل العام وان الشروط المذكورة هي الاستثناء. (2) يراجع الشروط العامة لمقاولات اعمال الهندسة المدنية، وزارة التخطيط، 2006، المادة (69)، ص 80.
30- نصت المادة (13) فقرة ج من الاتفاقية السابق ذكرها على ان اذا نشأ نزاع او اختلاف بين الحكومة والشركات حول تفسير او تنفيذ هذه الاتفاقية ا واي شيء فيها او اي امد يتعلق بها أو حول حقوق او تعهدات الحكومة او الشركات بموجب هذه الاتفاقية واذا عجزت الحكومة والشركات عن الاتفاق على اي امر من الأمور التي يقتضي تسويتها بالاتفاق فيحسم ذلك بالتحكيم على الوجه المنصوص عليه في المقاولة المعدلة المختصة) وينظر : فؤاد الراوي، المعجم المفهرس للمعاهدات والاتفاقيات من (1950 - 1955) ، مجلس التخطيط ، بغداد، 1975. ص 212.