الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
الكناية
المؤلف:
علي بن نايف الشحود
المصدر:
الخلاصة في علوم البلاغة
الجزء والصفحة:
ص52ــــــــ53
26-03-2015
8373
الكناية لغة(1): ما يتكلمُ به الإنسانُ، ويريد به غيره، وهي: مصدر كنيت، أو كنوت بكذا، عن كذا، إذا تركت التصريح به .
واصطلاحاً: لفظٌ أريد به غيرُ معناهُ الذي وضعَ له، مع جواز إرادةِ المعنى الأصليِّ، لعدم وجود قرينةٍ مانعة من إرادته، نحو : « زيدٌ طويل ُالنجادُ » تريد بهذا التركيب أنه شجاعٌ عظيم، فعدلت عن التصريح بهذه الصفة، إلى الإشارة إليها بشيءٍ تترتب عليه وتلزمه، لأنه يلزم من طول حمالةِ السيف طولُ صاحبه، ويلزم من طول الجسمِ الشجاعةُ عادةً، فإذاً: المراد طولُ قامته، وإنْ لم يكن له نجادٌ، ومع ذلك يصحُّ أن يراد المعنى الحقيقيَّ ، ومن هنا يعلَمُ أنَّ الفرقَ بين الكناية والمجاز صحةُ إرادةِ المعنى الأصليِّ في الكناية، دون المجازِ، فإنه ينافي ذلك، نعم: قد تمتنعُ إرادة ُالمعنى الأصليِّ في الكناية، لخصوصِ الموضوعِ كقوله تعالى : (وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر/67]) ،وكقوله تعالى : (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه/5]) كنايةٌ عن تمام القدرةِ، وقوةِ التمكُّنِ والاستيلاءِ (2).
وتنقسمُ الكنايةُ بحسبِ المعنى الذي تُشيرُ إليه إلى ثلاثةِ أقسامٍ:
1-كنايةٌ عن صفةٍ : كما تقول :(فلانٌ نظيفُ اليدِ) تكني عن العفةِ والأمانةِ ،وتعرف كنايةُ الصفة بذكر الموصوفِ: ملفوظاً أو ملحوظاً من سياق الكلام. وكما يقال (الصِّديقُ) تعني أبا بكر رضي الله عنه ، وكذلك الفاروق تعني عمر رضي الله عنه ، وأمين هذه الأمة ، تعني أبا عبيد بن الجراح رضي الله عنه ، وسيف الله المسلول ، تعني خالد بن الوليد رضي الله عنه ، وكما ورد في قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (46) سورة الأحزاب ، فهذه كلها صفات للنبي صلى الله عليه وسلم
وكقول المتنبيِّ (3):
فَمَسّاهُمْ وَبُسْطُهُمُ حَريرٌ وَصَبّحَهُمْ وَبُسْطُهُمُ تُرَابُ
2- كنايةٌ عن موصوفٍ :
كما تقولُ (الناطقينَ بالضادِ) تكني عن العربِ، و (دارُ السَّلام) تكني عن بغدادَ ، و(طيبةُ ) كنايةٌ عن المدينةِ المنورةِ ، وتعرفُ بذكر الصفةِ مباشرةً، أو ملازمة ،ومنها قولهم : (هو حارسٌ على مالهِ) كنوا به عن البخيلِ الذي يجمعُ ماله، ولا ينتفعُ به، ومنها قولهم : (هو فتىً رياضيٍّ) يكنونَ عن القوَّة - وهلمَّ جرّا ، وكقوله تعالى : { وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ }(13) [القمر/13] كناية عن السفينةِ ، والدسر المسامير
3-كنايةٌ عن نسبةٍ:
الكنايةُ التي يراد بها نسبة ُأمرٍ لآخرَ، إثباتاً أو نفياً فيكون المكنَّى عنه نسبةً، أسنِدتْ إلى ماله اتصالٌ به - نحو قولنا عن شخص: ( العزُّ في بيتهِ ) فإن العزَّ ينسبُ للشخصِ وليس للبيت
فالقسمُ الأولُ- وهو الكنايةُ التي يطلب بها صفةً: هي ما كان المكنَّى عنه فيها صفةً ملازمةً لموصوفٍ مذكور في الكلام.و هي نوعان:
أ - كنايةٌ قريبةٌ: وهي ما يكون الانتقال فيها إلى المطلوبِ بغير واسطة بين المعنى المنتقَل عنه، والمعنى المنتقَل إليه، كقول الخنساء في رثاء صخر(4) :
طَوِيلُ النِّجادِ، رَفِيعُ العِما ... دِ سادَ عَشِيرَتَهُ أَمْرَدَا
ب - وكنايةٌ بعيدةٌ: وهي ما يكون الانتقال فيها إلى المطلوب بواسطةِ، أو بوسائطَ، نحو: فلانٌ كثيرُ الرمادِ كنايةٌ عن المضياف، و الوسائطُ: هي الانتقالُ من كثرة الرمادِ إلى كثرة الإحراقِ، ومنها إلى كثرةِ الطبخِ والخبزِ، ومنها إلى كثرةِ الضيوفِ، ومنها إلى المطلوب وهو المِضيافُ الكريمُ.
القسم الثاني- الكنايةُ التي يكون المكنَّى عنه موصوفاً بحيث يكونُ إمَّا معنى واحداً كموطنِ الأسرارِ كنايةٌ عن القلبِ، و كما في قول الشاعر (5):
فلما شَربناها ودَبَّ دبيبُها ... إلى مَوْضعِ الأسْرارِ قلتُ لها قفي
وإما مجموعُ معانٍ: كقولكَ: جاءني حيُّ مستوي القامةِ، عريضُ الأظفارِ ، كنايةٌ عن الإنسانِ لاختصاص مجموع هذه الأوصاف الثلاثةِ به، ومنه قول الشاعر كنايةً عن القلبِ (6):
الضَّاربينَ بكلِّ أبيضَ مخذَمٍ ...والطاعنينَ مجامعَ الأضغانِ
ويشترط في هذه الكنايةِ: أن تكون الصفةُ أو الصفاتُ مختصةً بالموصوف، ولا تتعداهُ ليحصل الانتقالُ منها إليه.
القسم الثالثُ- الكنايةُ التي يرادُ بها نسبةَ أمرٍ لآخر، إثباتاً أو نفياً فيكون المكنَّى عنه نسبةً، أسندتْ إلى ماله اتصالٌ به، نحو قول الشاعر (7):
إنَّ السماحةَ والمروءةَ والنَّدى في قبةٍ ضُربتْ على ابن الحشرجِِ
فإنّ جعلَ هذه الأشياءَ الثلاثةِ في مكانه المختصِّ به يستلزم ُإثباتهُا له .
والكنايةُ المطلوبُ به نسبةٌ نوعانِ:
أ - إمَّا أن يكون ذو النسبة مذكوراً فيها، كقول الشاعر (8):
الُيمْنُ يتبعُ ظلَّهُ والمجدُ يمشي في ركابه
ب - وإمَّا أن يكونَ ذو النسبة غيرَ مذكور فيها: كقولكَ: خيرُ الناس منْ ينفعُ الناسَ، كناية عن نفي الخيرية عمن لا ينفعُهم. وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى »(9).
__________
(1) - والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 104) و جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 14) والمعجم الوسيط - (ج 2 / ص 520)
(2) - ومذهب السلف ترك التعرض لهذه الآيات ، وعدم تأوليها ، مع تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوقات لقوله تعالى : {.. لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى
(3) - شرح ديوان المتنبي - (ج 1 / ص 273) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 7 / ص 378) وصبح الأعشى - (ج 5 / ص 382) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 47 / ص 376) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 384)
أي أتاهم مساؤهم يفترشون الحرير فبيتهم وقتلهم ليلا حتى جدلوا على الأرض مقتولين مع الصباح
(4) - الحماسة البصرية - (ج 1 / ص 91) ونهاية الأرب في فنون الأدب - (ج 1 / ص 310) والكامل في اللغة والأدب - (ج 1 / ص 314) والعقد الفريد - (ج 1 / ص 356) والأغاني - (ج 4 / ص 157) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 3 / ص 438)
(5) - معاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 258)
(6) - سر الفصاحة - (ج 1 / ص 81) وتراجم شعراء موقع أدب - (ج 44 / ص 395) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 104) ومعاهد التنصيص على شواهد التلخيص - (ج 1 / ص 189)
والمخذم بالذال المعجمة السيف، والأضغان: جمع ضغن، وهو الحقد. والشاهد فيه: القسم الأول من أقسام الكناية، وهو: أن يكون المطلوب بها غير صفة ولا نسبة، وتكون لمعنى واحد كما هنا، وتكون لمجموع معان، فقوله: بمجامع الأضغان معنى واحد كناية عن القلوب.
(7) - زهر الأكم في الأمثال و الحكم - (ج 1 / ص 282) والمستطرف في كل فن مستظرف - (ج 1 / ص 168) والأغاني - (ج 3 / ص 309) والإيضاح في علوم البلاغة - (ج 1 / ص 106) ومفتاح العلوم - (ج 1 / ص 177)
(8) - جواهر البلاغة للهاشمي - (ج 1 / ص 14) وعلم البلاغة الشيرازي - (ج 1 / ص 6)
(9) - أخرجه الترمذي برقم(4269) وهو صحيح