
يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم: 21].
إن الزواج هو من ضروريات الحياة وحاجة طبيعية عند الإنسان، حيث يحقق له الاستقرار والطمأنينة والسعادة إذ إن الشخص المتزوج يكون محبوبا عند الله حيث يقول النبي (صلى الله عليه وآله): (ما بني بناء في الإسلام أحب إلى الله عز وجل من التزويج).
فالزواج هو سنة رسول الله، فعندما سمع النبي (صلى الله عليه وآله) أن عثمان بن مظعون يعرض عن الزواج، ولا يريد أن يتزوج، وضع يده المباركة على صدر عثمان وقال له: (لا تعرض عن سنتي؛ فمن أعرض عن سنتي فإن الملائكة تعترض سبيله يوم القيامة، وتحول بينه وبين حوض الكوثر).
إن تنفيذ هذه السنة النبوية وتحقيقها بالنسبة للأبناء هي مسؤولية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الأب؛ فهو الذي عليه أن يهيئ مقدمات الزواج ويعقد لابنه على الزوجة اللائقة. كما أن كل فرد من أفراد المجتمع يتحمل أيضا مسؤوليته في هذا المجال؛ لأن هناك بعض الشباب المحرومين من نعمة وجود الأب وقدرته على القيام بهذه المهمة وهم لوحدهم لا يستطيعون أن يخطوا خطوة واحدة على طريق الزواج، ولهذا فيجب على كل من تتوفر لديه القدرة والاستطاعة أن يسعى في مجال تزويج الشباب ويقول كلمة أو يقوم بالوساطة بين أهل الشاب وأهل الفتاة، وأن يقدم العون والمساعدة، ويجمع بين شاب وفتاة مؤمنين صالحين، ويهيئ لهما سبيل الزواج؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (من عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما زوجه الله عز و جل ألف امرأة من الحور كل امرأة في قصر من در و ياقوت و كان له بكل خطوة خطاها و كلمة تكلم بها في ذلك عمل سنة قيام ليلها و صيام نهارها) وقال (صلى الله عليه وآله): (من زوج أخاه المسلم أظله الله يوم القيامة بظل عرشه).
وعلى هذا الأساس فإن الأشخاص الخيرين والمحسنين من أصحاب الهمم والنوايا الخيرة يجب عليهم - في حدود طاقاتهم وإمكاناتهم - أن يبحثوا عن الشباب والشابات الذين هم في سن الزواج ويبادروا -في إطار الحفاظ على كرامتهم وسمعتهم وشخصيتهم- إلى مساعدتهم والقيام بدور الأب والأم بالنسبة لهؤلاء الشباب، وليكونوا على يقين بأنهم سينالون الأجر والثواب يوم القيامة على أعمال الخير هذه وهو شفاعة رسول الله (صلى الله عليه وآله).