جاءَ في كتابِ (عقائدِ الإماميةِ) للعلامّةِ الشيخ مُحمّد رضا المُظفَّر
قالَ اللهُ تعالى: (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)
نعتَقِدُ أنَّهُ زيادةً على وجوبِ التَّمَسُّكِ بآلِ البيتِ، يجِبُ على كُلِّ مُسلِمٍ أَنْ يَدينَ بِحُبِّهِم ومَودَّتِهِم؛ لأنَّهُ تعالى في هذهِ الآيةِ المذكورَةِ حَصَرَ المسؤولَ عليهِ الناسُ في المَوَدَّةِ في القُربى.
وقد تواترَ عَنِ النَّبيِّ ـ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ ـ أنَّ حُبَّهُم علامةُ الإيمانِ، وأنَّ بُغضَهُم علامةُ النِّفاقِ، وأنَّ مَن أحبَّهُم أحبَّ اللهَ ورسولَهُ، ومَن أبغضَهُم أبغضَ اللهَ ورسولَهُ.
بَل حُبُّهُم فرضٌ مِن ضرورياتِ الدينِ الإسلاميِّ، الّتي لا تقبَلُ الجدَلَ والشَّكَّ. وقد اتَّفَقَ عليهِ جميعُ المسلمينَ على اختلافِ نِحَلِهِم وآرائهِم عدا فئةً قليلةً اعتُبِروا مِن أعداءِ آلِ مُحمَّدٍ فنُبِزُوا باسمِ «النَّواصِبِ» أي مَن نَصَبُوا العداوةَ لآلِ بيتِ مُحمَّدٍ ـ صلّى اللُه عليهِ وآلهِ ـ. وبهذا يُعَدُّونَ مِنَ المُنكِرينَ لضرورةٍ إسلاميّةٍ ثابتةٍ بالقَطعِ، والمُنكِرُ للضّرورةِ الإسلاميّةِ، كوجوبِ الصّلاةِ والزّكاةِ، يُعَدُّ في حُكمِ المُنكِرِ لأصلِ الرسالةِ، بَل هُوَ على التّحقيقِ مُنكِرٌ للرّسالةِ، وإنْ أقَرَّ في ظاهرِ الحالِ بالشّهادتينِ، ولأجلِ هذا كانَ بُغضُ آلِ مُحمَّدٍ ـ عليهِمُ السَّلامُ ـ مِن علاماتِ النِّفاقِ وحُبُّهُم مِن علاماتِ الإيمانِ، ولأجلِهِ أيضاً كانَ بُغضُهُم بُغضاً للهِ ولرسولهِ.
* * *
ولا شَكَّ أنَّهُ تعالى لم يفرضْ حُبَّهُم ومَودَّتَهُم إلّا لأنَّهُم أهلٌ للحُبِّ والوَلاءِ مِن ناحيةِ قُربِهِم إليهِ سُبحانَهُ، ومنزلتِهِم عندَهُ، وطهارتِهِم مِنَ الشِّركِ والمعاصي، ومِن كُلِّ ما يُبعِدُ عَن دارِ كرامتِهِ وساحَةِ رِضاهُ. ولا يُمكِنُ أنْ نتَصوَّرَ أنَّهُ تعالى يفرِضُ حُبَّ مَن يرتكِبُ المعاصي، أو لا يُطيعُهُ حقَّ طاعَتِهِ، فإنَّهُ ليسَ لَهُ قرابةٌ معَ أَحَدٍ أو صَداقةٌ، وليسَ عندَهُ الناسُ بالنسبةِ إليهِ إلّا عبيداً مخلوقينَ على حَدٍّ سَواء، وإنَّما أكرَمَهُم عندَ اللهِ أتقاهُم، فمَن أوجَبَ حُبَّهُ على النّاسِ كُلِّهِم لا بُدَّ أنْ يكونَ أتقاهُم وأفضَلَهُم جميعاً، وإلّا كانَ غيرُهُ أولى بذلكَ الحُبِّ، أو كانَ اللهُ يُفَضِّلُ بعضاً على بعضٍ في وجوبِ الحُبِّ والوِلايةِ عبثاً أو لهواً بلِا جِهَةِ استحقاقٍ وكرامَةٍ.