بقلم : السيد ليث الموسوي
من يتمعن في عالمنا الواسع والذي ضيقته العولمة الحديثة حتى أصبح كزقاق دون مخرج في حي صغير، يجد الكثير من المفاهيم (الهلامية) التي أفرزتها إرهاصات الساحة السياسية والتشضيات الفكرية...
حيث تعمدت القوى العالمية على ليّ بعض تلك المفاهيم لتتناسب مع مشاربها وتوجهاتها السلطوية...
ومن أكثر المفاهيم المتداولة عالميا في عصرنا الحاضر هو مفهوم (الوسطية) الذي أخذ حيزا واسعا في التغني به حتى زعموا أنه أصبح عنوانا لتحضرهم! فجعلوا منه منصة لشعاراتهم الجوفاء.
حيث عملت عليه ماكنات إعلامية ـ منذ أمد ليس بقريب ـ حتى شوهت معناه الحقيقي؛ ليرتكز ـ أبدا ـ في أذهان المتلقين معناه في المسالمة مع كل التوجهات، حتى تلك التي تخرج عن الإطار الإنساني بذريعة الحرية الشخصية، وإباحة الرأي ومقبوليته كيف كان، بل وقبول الآخر بما فيه!
هذا التلقي ـ غير الواعي ـ لمفهوم الوسطية خلط الحابل بالنابل، وأضاع الحق بين ثناياه...
فالحق يرى الوسطية في عدم التخلي عن الثوابت والمرتكزات في نظرته الشاملة ويعتقد أنها تتجلى بالموازنة بين الآراء والميل نحو أحسنها
وهي تحث على قبول الآخر، ولكن لابسلبياته بل بدعوته إلى التخلي عنها
وسطية ـ الحق ـ تعني التحاور مع الجميع تحت قانون الحسنى، والدعوة إلى نبذ الخصومة والتطرف الأعمى...
ووسطيته تعني البحث عن الحقيقة والحصول عليها بوعي وفهم كاملين
هي تدعو إلى الرشاد، لا بالإكراه والجبر، وإنما بالإقناع والتواصل مع الغير وفق منهج ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن
الناس في وسطية الحق صنفان (إما أخ لك في الدين أو نظير لك بالخلق)
هذه هي وسطية (الحق)، ومنها بانت تلك.