بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفى وسلام على محمد واله النجبا، اما بعد ان مدلول المعاني في القرآن الكريم يدرس بعلم خاص (علم الاشباه والنظائر) الذي أشار اليه السيد المرتضى في رسالة المحكم والمتشابه التي نقلها أبو زينب النعماني، ان الرياح في كتاب الله على خمسة أنواع لورود النص، وتقسم الى رياح الرحمة ورياح العذاب كما أشار ترجمان القران (عليهم السلام).
في العلل: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا تسبوا الرياح فإنها مأمورة، ولا تسبوا الجبال ولا الساعات ولا الأيام ولا الليالي فتأثموا وترجع عليكم.
فقال : إنّ للَّه عز وجل جنوداً من رياح يعذّب بها من يشاء ممّن عصاه، ولكلِّ ريح منها ملك موكّل بها، فإذا أراد اللَّه عز وجل أن يعذِّب قوماً بنوع من العذاب أوحى إلى الملك الموّكل بذلك النوع من الريح الّتي يريد أن يعذّبهم بها .
وهذا تفسير قول النبي لا تسبوا الرياح أي لا تسبوا الملائكة انهم موكلين بها.
عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ (عَلَيْهِ السَّلاَمُ) عَنِ اَلرِّيَاحِ اَلْأَرْبَعِ اَلشَّمَالِ وَ اَلْجَنُوبِ وَ اَلدَّبُورِ وَ اَلصَّبَا وَ قُلْتُ لَهُ إِنَّ اَلنَّاسَ يَذْكُرُونَ أَنَّ اَلشَّمَالَ مِنَ اَلْجَنَّةِ وَ اَلْجَنُوبَ مِنَ اَلنَّارِ فَقَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ جُنُوداً مِنْ رِيَاحٍ يُعَذِّبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ عَصَاهُ وَ لِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ اَللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ أَنْ يُعَذِّبَ قَوْماً بِنَوْعٍ مِنَ اَلْعَذَابِ أَوْحَى إِلَى اَلْمَلَكِ اَلْمُوَكَّلَ بِذَلِكَ اَلنَّوْعِ مِنَ اَلرِّيحِ اَلَّتِي يُرِيدُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا قَالَ فَأَمَرَهَا اَلْمَلَكُ فَتَهِيجُ كَمَا يَهِيجُ اَلْأَسَدُ اَلْمُغْضَبُ.
وَلِكُلِّ رِيحٍ مِنْهَا اِسْمٌ أَ مَا تَسْمَعُ قَوْلَهُ عَزَّ وَ جَلَّ {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} وقال {الرِّيحَ الْعَقِيمَ} وقال {ريحُ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
قال (عليه السلام) الرياح خمسة منها العقيم نعوذ بالله من شرها
وهي على قسمين رياح الرحمة ورياح عذاب
اما رياح رحمة وهي الأولى من الخمسة
لله عزَّ ذكره رياح رحمة لواقح وغير ذلك ينشرها بين يدي رحمته
{وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [الحجر: 22]
ومنه: }وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ{ قال: التي تلقح الأشجار .
{وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ} [الأعراف: 57]
فأخبر أنّها بشرى المطر
{وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48]
{أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل: 63]
فمنها ما يهيّج السحاب للمطر، ومنها رياح تحبس السحاب بين السماء والأرض، ورياح تعصر السحاب فتمطره بإذن اللَّه.
اما رياح العذاب
الثانية (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحا صَرَصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسِ مُسْتَرٍ)
(في تفسير علي بن إبراهيم) أن عاداً كانت بلادهم في البادية وكان لهم زرع ونخل كثير ولهم أعمار طويلة وأجسام طويلة فعبدوا الأصنام فبعث الله إليهم هوداً يدعوهم إلى الإسلام فأبوا ولم يؤمنوا بهود وآذوه فكفت السماء عنهم سبع سنين حتى قحطوا وكان هود زارعاً وكان يسقي الزرع، فجاء قوم إلى بابه يريدونه، فخرجت عليهم امرأته شمطاء عوراء، فقالت ومن أنتم فقالوا نحن من بلاد كذا وكذا أجدبت بلادنا فجئنا إلى هود نسأله أن يدعو حتى تمطر وتخصب بلادنا، فقالت لو استجيب لهود لدعا لنفسه فقد احترق زرعه لقلة الماء، قالوا: فأين هو قالت هو في موضع كذا وكذا فجاؤوا إليه فقالوا: يا نبي الله قد أجدبت بلادنا فاسأل الله أن يمطر بلادنا، فصلى ودعا لهم فقال: ارجعوا فقد أمطرتم، فقالوا يا نبي الله لقد رأينا في بيتك عجباً، امرأة شمطاء، عوراء، وحكى له كلامها فقال هود تلك امرأتي، وأنا أدعو الله لها بطول البقاء فقالوا : وكيف ذلك قال: لأنه ما خلق الله مؤمناً إلا وله عدو يؤذيه وهي عدوتي فلأن يكون عدوي ممن أملكه خير من أن يكون عدوي ممن يملكني، فبقي هود في قومه يدعوهم إلى الله وينهاهم عن عبادة الأصنام حتى تخصب بلادهم وهو قوله عز وجل : }وَيَقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوتِكُمْ وَلَا نَتَوَلَّوا مُجْرِمِينَ قَالُوا يَهُودُ مَا تَنَا بِبَيْنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي الهَيْنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ{ فلما لم يؤمنوا أرسل الله عليهم الريح الصرصر، يعني الباردة، وهو قوله في سورة القمر : }كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذْرِ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍ{.
الثالثة (الرِّيحَ الْعَقِيمَ ) ، هي نفسها الريح الصرصر لورود النص عن الباقر
معنى العقيم: اَلشَّدِيدُ اَلَّتِي لاَ تُلْقِحُ اَلشَّجَرَ وَ لاَ تُثِيرُ اَلسَّحَابَ وَ لاَ بَرَكَةَ فِيهَا وَ لاَ مَنْفَعَةَ وَ لاَ يَنْزِلُ مِنْهَا غَيْثٌ وَ لاَ يُلْقَحُ بِهَا شَجَرٌ.
عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ قَالَ: اَلرِّيحُ اَلْعَقِيمُ تَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ اَلْأَرَضِينَ اَلسَّبْعِ، وَ مَا خَرَجَ مِنْهَا شَيْءٌ قَطُّ إِلاَّ عَلَى قَوْمِ عَادٍ حِينَ غَضِبَ اَللَّهُ عَلَيْهِمْ فَأَمَرَ اَلْخُزَّانَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْهَا بِقَدْرِ مِثْلِ سَعَةِ اَلْخَاتَمِ، فَغَضِبَ عَلَى اَلْخَزَنَةِ فَخَرَجَ مِنْهَا مِثْلُ مِقْدَارِ مَنْخِرِ اَلثَّوْرِ تَغَيُّظاً مِنْهَا عَلَى قَوْمِ عَادٍ ، فَضَجَّ اَلْخَزَنَةُ إِلَى اَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَ قَالُوا يَا رَبَّنَا إِنَّهَا عَتَتْ عَلَيْنَا وَ نَحْنُ نَخَافُ أَنْ تَهْلِكَ مَنْ لَمْ يَعْصِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَ عُمَّارِ بِلاَدِكَ، فَبَعَثَ اَللَّهُ جَبْرَئِيلَ فَرَدَّهَا بِجَنَاحِهِ وَ قَالَ لَهَا: أَخْرِجِي عَلَى مَا أُمِرْتَ بِهِ، فَأَهْلَكَتْ قَوْمَ عَادٍ وَ مَنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِمْ.
الرابعة (ريحُ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)
فَأَوْحَى اَللَّهُ إِلَى هُودٍ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اَلْعَذَابُ فِي وَقْتِ كَذَا وَ كَذَا رِيحٌ فِيهٰا عَذٰابٌ أَلِيمٌ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ اَلْوَقْتُ نَظَرُوا إِلَى سَحَابٍ قَدْ أَقْبَلَتْ فَفَرِحُوا بِالْمَطَرِ فَقَالَ هُودٌ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَلْ هُوَ عَذَابٌ اِسْتَعْجَلْتُمْ بِطَلَبِهِ رِيحٌ فِيهٰا عَذٰابٌ أَلِيمٌ ... فَأَصْبَحُوا لاٰ يُرىٰ إِلاّٰ مَسٰاكِنُهُمْ وَ كُلُّ هَذِهِ اَلْأَخْبَارِ مِنْ هَلاَكِ اَلْأُمَمِ تَخْوِيفٌ وَ تَحْذِيرٌ لِأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ .
الخامسة (فَأَصَابَهَا إعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ)
وَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اَللَّهِ عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ : وَ اَللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ مِمَّنْ أَنْفَقَ مَالَهُ اِبْتِغَاءَ مَرَضَاتِ اَللَّهِ، قَالَ فَمَنْ أَنْفَقَ مَالَهُ اِبْتِغَاءَ مَرَضَاتِ اَللَّهِ ثُمَّ اِمْتَنَّ عَلَى مَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ كَانَ كَمَا قَالَ اَللَّهُ أَ يَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ أَعْنٰابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا اَلْأَنْهٰارُ لَهُ فِيهٰا مِنْ كُلِّ اَلثَّمَرٰاتِ وَ أَصٰابَهُ اَلْكِبَرُ وَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفٰاءُ فَأَصٰابَهٰا إِعْصٰارٌ فِيهِ نٰارٌ فَاحْتَرَقَتْ قَالَ: اَلْإِعْصَارُ اَلرِّيَاحُ، فَمَنِ اِمْتَنَّ عَلَى مَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ كَانَتْ كَمَنْ كَانَ لَهُ جَنَّةٌ كَثِيرَةُ اَلثِّمَارِ. وَ هُوَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ لَهُ أَوْلاَدٌ ضُعَفَاءُ فَتَجِيءُ رِيحٌ أَوْ نَارٌ فَتُحْرِقُ مَالَهُ كُلَّهُ.







وائل الوائلي
منذ 14 ساعة
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN