1

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
مهدويات... الاستعداد الذهني والروحي للقواعد الشعبية (12)
عدد المقالات : 342
حسن الهاشمي
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ.
هكذا يحث الشاعر المتنبي الخطى في الانسان على ضرورة تذليل العقبات لكي يصل الى مراده وأهدافه العليا، وأصحاب الهمة هم الذين يخوضون الصعاب للوصول الى مبتغاهم، أما الصغار فانهم يبقون دائما في المستنقعات ربما لا يكلفون أنفسهم حتى لدفع الضرر المحتم الذي قد يداهمهم على حين غرة، وانما بنيت الحضارات بهمم الرجال وتخطي الدواهي والمخاطر والملمات، وكلما كان الهدف كبيرا وعظيما كلما كان السعي لتحقيقه والعزم على الوصول اليه أكبر وأعظم، وكيف تتصور ان تكون الهمم عندما يكون الهدف اصلاح العالم وتحقيق العدالة في أوساط البشرية جمعاء
لكي تكون رجلا صالحا في المجتمع، ولكي تكون صادقا في قولك وفعلك، ولكي تكون ملتزما بمكارم الأخلاق وحسن السيرة والسلوك، ولكي تتدرج في مدارج الكمال والرفعة والفلاح، ما عليك الا اتباع الحق وهو مبثوث في رسالة السماء، ومن لطف الله بعباده ومقتضيات عدله ان لا يترك البشرية دون نبي أو رسول أو وصي من لدنه يوجه هذه الامة ويرشدها الى وحدانية الله والوهيته ونبذ الشرك والانحراف عن جادة الحق بكل صورة، ولهذا قال الله تعالى في كتابه الحكيم (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا ۚ وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) فاطر:24. فما انزل الله تعالى الى الارض ابو البشر سيدنا ادم وجعله رسولا يدعو اليه لئلا يكون للناس على الله حجة، واستمر الدعم الالهي بسلسلة طاهرة من انبياء ورسل واوصياء انبياء لتكون كلمة الله هي العليا.
وانطلاقاً من هذه الرحمة الالهية واللطف الرباني كان لابد ان يواصل اوصياء الرسول (ص) حمل اعباء الرسالة وايصالها لنا جيلاً بعد جيل كما نزلت على الرسول (ص) دون ان يشوبها فكر مضل ولا فساد في الدين الى ان وصل الامر لأمامنا المهدي (ع) الامام الثاني عشر في سلسلة الاوصياء المعصومين لنبي الرحمة والذي غيّبه الله عن اعيننا وسيظهره اخر الزمان ليملأ الارض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، وقد بشّر الرسول الخاتم بظهور المصلح الموعود في مئات الاحاديث الشريفة كلها تشير الى عصر الخلاص من الجور والظلم والفساد، ولا يتم الخلاص الا بعد تصفية النفوس وتشذيب السلوك من كل غش وخديعة وتضليل؛ لعل الانسان ومن خلال عمليتي التحلي بمكارم الأخلاق والتربية الصالحة والتخلي عن المفاسد والمظالم والتربية الطالحة يقوم بتزكية نفسه، تمهيدا للالتحاق بركب الاصلاح المتمثل في اقامة صرح دولة العدل الالهي على وجه البسيطة.
انطلاقا من مقولة "شبيه الشيء منجذب اليه" فان الانسان الذي يتوخى الاصلاح لابد له من البدء بنفسه للتشبه ولو بنسب معينة بالمصلح الأكبر، ولولا تلك الموائمة لا يمكن التحدث عن انتظار المصلح وإن كان المنتظِر ـ بكسر الظاء ـ مستضعفا مظلوما مبتورا، حيث ان عملية اعداد النفس تربويا واخلاقيا وسلوكيا مطلوبة في زمن غيبة المصلح الموعود، وكل انسان حر غيور من المفترض ان يوطّن نفسه وأهله ومن يلوذ به على التربية الصالحة، ويزيل عنها ترهات الغل والحسد والظلم والفساد، حينئذ يكون لا محالة تحت انظار المصلح حين خروجه، بل يكون ضمن أمة الاصلاح التي تساند المصلح في عملية التغيير الشاملة، غاية الأمر ان الحركة الجوهرية في مسيرة الانسان الدنيوية تتطلب ترك العاهات الأخلاقية والنفسية والسلوكية لتكون مقدمة ضرورية في إعانة الانسان للوصول الى التكامل المادي والمعنوي، وهو غاية الغايات ومنتهى الطموح والأمنيات.
ولا يزال ترميم الدين والبدن ضرورة ملحة في ضمان عصمة المعتقد وتأمين الحياة الحرة الكريمة التي تعد من الأمور المهمة الداخلة في عملية الاصلاح، وبدون هذه المقومات الجوهرية فان الكلام عن الاصلاح لا يعدو كونه لقلقة لسان، وهكذا فان انتظار المصلح الأكبر يتطلب منا المزيد من التربية الهادفة لكافة شرائح المجتمع كل حسب موقعه وكل حسب مستواه الذهني وما يمر به من ظروف وعادات وتقاليد، المهم توطين النفس على التربية الصالحة والابتعاد عن التربية الطالحة؛ من خلال الدخول في عمليتي التحلي بمكارم الأخلاق والتخلي عن مفاسدها لكي يكون العالم العامل قد هيأ نفسه واستعد للتعرض لشآبيب الرحمة الإلهية؛ تمهيدا للالتحاق بركب المصلح الأعظم والمساهمة في بناء حكومة العدل الإلهي التي يطمح اليها جميع الأحرار في عالمنا المعاصر، التهيؤ للالتحاق بركب المصلح بحاجة الى رجال أقوياء أصحاء في الدين والبدن، هذا ما نراه جليا في قول الامام علي بن الحسين (ع): (اذا قام قائمنا اذهب الله عز وجل عن شيعتنا العاهة، وجعل قلوبهم كزبر الحديد وجعل قوة الرجل منهم قوة اربعين رجلاً ويكونون من حكام الارض وسنامها) مشكاة الأنوار للطبرسي: ٧٩.
يا لها من مهمة شاقة وعظيمة في نفس الوقت، ان تكون مساهما في تحقيق حلم الأنبياء في الإصلاح الشامل، وان تكون خير معين للمصلح الموعود في تحقيق حاكمية وعبودية الله تعالى في انتشار العدل وادحاض الباطل تجسيدا للهدف الذي يخرج من أجله وهو أن "يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلماً وجورا" نقول أنها مهمة شاقة وعظيمة ولكن نتائجها مثمرة وجميلة؛ لأن الأنبياء لم يوفّقوا في الوصول إلى أهدافهم في الاصلاح الشامل، وسيرسل الله سبحانه وتعالى في آخر الزَّمان من يتابع طريق الأنبياء ويحقّق أهدافهم المنشودة بشكل كامل، لا نزعم بأنّ المصلح سيتمّم الشريعة، وانما هو خادماً للإسلام وتابعاً لرسول الإسلام، وسيجري كلّ ما أمر به الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في تثبيت عملية الاصلاح التام الذي أرسى أسسه الأنبياء والأوصياء طيلة فترة دعواتهم الرسالية، وثمة فرق بين التأسيس والاعمام وما بينهما من مواقف وعبر تتجلى ازاءها عملية التمحيص والاختبار في اية جبهة يقف الانسان، إما في جبهة العدل والاصلاح أو في جبهة الظلم والافساد، إما شاكرا وإما كفورا.
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/10/17م
مأساة العقل: عندما نجيب عن أسئلة لم تُطرح الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 16/10/2025 كم مرة أجابنا بسرعة، ظنًّا أننا نفهم، لنكتشف بعد ذلك أن السؤال لم يكن كما تصوّرنا هذه هي مأساة العقل، الذي يسبق الفهم بالعجلة، ويختزل الحقيقة في صورة الإجابة الأولى. في مسيرتي الأكاديمية الطويلة، التي تشعّبت بين... المزيد
عدد المقالات : 81
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 5 ايام
2025/10/14م
كثيرًا ما تحسم مصائر الشعوب والدول سياسيًا من خلال المعارك العسكرية الفاصلة التي تكون بداية توجه سياسي جديد يختلف عن النمط السابق. ولعل أهم معركة سياسية في تاريخ إنجلترا كانت معركة هيستينغز الشهيرة عام 1066، التي غيرت مجرى التاريخ الإنجليزي تمامًا على جميع الأوجه سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، بل... المزيد
عدد المقالات : 53
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/10/12م
يمر العراق اليوم بأزمة سياسية خانقة تمثل حصيلة مباشرة لتراكمات اثنين وعشرين عاما من سوء إدارة الحكم وتغول الأحزاب السياسية في بنية الدولة والمجتمع. لقد أفضت تلك الحقبة إلى انهيار شبه شامل في مستويات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، بحيث غدا المواطن العراقي يشعر بالاغتراب عن دولته، تماما... المزيد
عدد المقالات : 6
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/10/01م
بحر آرال كان في منتصف القرن العشرين رابع أكبر بحيرة داخلية في العالم، يقع بين كازاخستان وأوزبكستان. غير أن المشاريع السوفيتية في الستينيات، التي حولت مجاري الأنهار المغذية له لريّ القطن، تسببت في انكماشه بشكل كارثي. خلال عقود قليلة فقد البحر أكثر من 90 من مساحته، وانقسم إلى أجزاء صغيرة مع تدهور بيئته... المزيد
عدد المقالات : 53
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 60
عدد الاعجابات بالمقال :1
عدد التعليقات : 0
منذ شهرين
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء التاسع والستون: الوجود خارج المكان والزمان: تأملات في طبيعة الدالة الموجية الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 16/10/2025 نحن كائنات واعية، قادرة على استقبال المعلومات من خلال حواسنا عن الواقع الذي نعيش فيه والذي... المزيد
التواصل البكتيري هو عملية معقدة تمكن الكائنات الدقيقة من التنسيق والتفاعل مع بعضها البعض من خلال إرسال واستقبال إشارات كيميائية. تعتمد البكتيريا على هذه العملية للبقاء في بيئاتها المتغيرة ولتنظيم سلوكها الجماعي وهي تعتبر آلية حيوية تساعدها في... المزيد
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء الثامن والستون: ما لا يُحاط بموضع: تأملات في وجود لا يعرف المكان والزمان الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 15/10/2025 ليست للدالة الموجية موضع محدد، وليس من المنطقي أن نسأل عن مقدار وجودها في منطقة معينة من... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
علماء السنة يقولون ما أخذنا العطاء حتى...
عبد العباس الجياشي
2024/12/20م     
دور الجغرافية في حماية الغلاف الجوي من...
علي الفتلاوي
2025/08/12م     
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/09/29
صدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتاباً توثيقياً حمل عنوان: (تاريخ السدانة في العتبة العباسية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
2025/09/29
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com