المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5816 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الحث على المشاورة والتواضع
2024-04-24
معنى ضرب في الأرض
2024-04-24
معنى الاصعاد
2024-04-24
معنى سلطان
2024-04-24
معنى ربيون
2024-04-24
الإمام علي (علي السلام) وحديث المنزلة
2024-04-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


التاريخ والسيرة النبوية واثر المستشرقين  
  
2376   06:13 مساءً   التاريخ: 2-5-2017
المؤلف : صباح علي البياتي
الكتاب أو المصدر : الصحوة
الجزء والصفحة : ص320- 332
القسم : التاريخ / التاريخ والحضارة / التاريخ /

الزهري والسيرة النبوية

بدأت حركة التدوين في العصر الاُموي بشكل نشط، وعلى الرغم من أن البعض يؤرخون لبدء التدوين للحديث النبوي والسيرة، ببداية عهد الخليفة عمر بن عبدالعزيز المتوفى سنة (101 هـ)، إلاّ أن ذلك لا يمنع أن كثيراً من التابعين كانوا يدوّنون ما يسمعونه من الصحابة، بل كان بعض الصحابة يدونون ما يسمعونه من النبي (صلى الله عليه وآله)، كعبد الله بن عمرو بن العاص وصحيفته التي سميت (الصادقة). وكان ابن شهاب الزهري، محمد بن مسلم من أوائل المصنفين في الحديث والسيرة، فقد روى عبدالرحمان بن أبي الزناد عن أبيه قال:

كنت أطوف أنا وابن شهاب الزهري، ومع ابن شهاب الألواح والصحف.

قال: وكنّا نضحك به.

وفي رواية قال: كنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه، علمت أنه أعلم الناس.

وقال معمّر، عن صالح بن كيسان:

كنت أطلب العلم أنا والزهري. قال: فقال: نكتب السنن. قال: فكتبنا ما جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: تعال نكتب ما جاء عن الصحابة. قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيّعتُ (1).

وقال الدراوردي: أول من دوّن العلم وكتبه، ابن شهاب.

قدم الزهري على عبدالملك بن مروان سنة (82 هـ)، ولزمه حتى توفي، فلزم ابنه الوليد، ثم سليمان، ثم عمر بن العزيز، ثم يزيد الذي ولاّه القضاء، ثم لزم هشام بن عبدالملك وصار معلماً لأولاده، وكان في البداية يكره أن يكتب عنه أحد، فلما ألزمه هشام بن عبدالملك أن يملي على بنيه، أذن للناس أن يكتبوا وقال: كنا نكره الكتاب حتى أكرهنا عليه الاُمراء، فرأيت أن لا أمنعه مسلماً.

قال الذهبي: كان رحمه الله محتشماً جليلا بزيّ الأجناد، له صورة كبيرة في دولة بني اُمية.

وقال مكحول: أي رجل هو، لولا أنه أفسد نفسه بصحبة الملوك(2).

وقد تناولتُ ابن شهاب الزهري كمثال يبرز اتجاه حركة الاعلام الرسمي للدولة الاُموية نحو تحريف الحقائق وتزييف التاريخ الإسلامي.

لقد كان عمل الزهري لبني اُمية يفرض عليه أحياناً الانصياع لرغبات اُولئك الحكام، حتى لو تطلب ذلك منه إخفاء الحقائق على الأقل إن لم يكن تزييفها. وعلى الرغم من أن الزهري قد وقف بعض المواقف الشجاعة تجاه السلطة الاُموية، إلاّ أنه كان لا يجد بداً من الخضوع لهذه السلطة في معظم الأحيان، ويتضح ذلك من سياق بعض الحوادث التي تكشف عن إتجاه السياسة الاُموية الاعلامية، فقد دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبدالملك، فقال: يا سليمان، من الذي تولّى كبره منهم؟ قال: عبدالله بن اُبي ابن سلول، قال: كذبت! هو علي! فدخل ابن شهاب، فسأله هشام، فقال: هو عبدالله ابن اُبي. قال: كذبت! هو علي! فقال: أنا لا أكذب لا أبا لك، فوالله لو نادى مناد من السماء أن الله أحلّ الكذب ما كذبت، حدثني سعيد وعروة وعبيد وعلقمة ابن وقاص عن عائشة: أن الذي تولى كبره عبدالله بن اُبي.

قال: فلم يزل القوم يُغرون به، فقال هشام: ارحل، فوالله ما كان ينبغي لنا أن نحمل على مثلك...!(3).

فالخليفة الاُموي يضغط على سليمان بن يسار والزهري من أجل تحريف واقعة الإفك المعروفة والادعاء بأن علي بن أبي طالب هو الذي تولى كبره، وليس عبدالله بن اُبي بن سلول رأس المنافقين!

وعلى الرغم من هذا الموقف الجريء للزهري، إلاّ أنه قد خضع أحياناً لرغبات الحكام. فقد ذكر المدائني عن الزهري قوله: قال لي خالد بن عبدالله القسري: اكتب لي النَّسب; فبدأت بنسب مضر، فمكثت فيه أياماً ثم أتيته،

 فقال: ما صنعت؟

 فقلت: بدأت بنسب مضر وما أتممته،

 فقال: اقطعه قطعه الله مع اُصولهم، واكتب لي السيرة.

فقلت له: فإنه يمرّ بي الشيء من سير علي بن أبي طالب، فأذكره؟ فقال: لا، إلاّ أن تراه في قعر الجحيم!!(4).

وقد امتثل الزهري لهذا الأمر، فكتب السيرة بعد أن أخلاها من ذكر علي ابن أبي طالب إلاّ لماماً، ولم يثبت له أي منقبة أو فضيلة، ولو أن المسلمين اعتمدوا على السيرة التي كتبها الزهري دون غيره، لما عرفت أجيال المسلمين لعلي بن أبي طالب فضلا ولا سبقاً.

وقد نبّه لذلك المحدّث عبدالرزاق الصنعاني -الذي نقل السيرة النبوية- فأورد إلى جانب روايات الزهري، روايات اُخرى عن غيره.

ولم يكتف الزهري بذلك، بل إنه أنكر أمراً لا يكاد يختلف عليه اثنان من المسلمين، وهو سبق علي بن أبي طالب الى الإسلام، فقال: ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة!(5).

فالزهري كان مدفوعاً دون شك من السلطة الاُموية لتزييف الحقائق التاريخية وطمس فضائل علي بن أبي طالب، إلاّ أنه كان في قرارة نفسه يعترف بالحقيقة، ويصرّح بها أحياناً لخواصه، فقد قال معمر: سألت الزهري عن كاتب الكتاب يوم الحديبية، فضحك وقال: هو علي بن أبي طالب، ولو سألت هؤلاء، لقالوا عثمان -يعني بني اُمية(6).

المستشرقون والتزييف:

إذا كان الزهري وأمثاله قد كتبوا ما يرضي الاُمويين خوفاً أو طمعاً، فإن هناك من قد تبرّع للكتابة لهم والاشادة بهم والحط من خصومهم بدون هذه الدوافع، اللهم إلاّ رغبة في الحط من الإسلام بتزييف حقائق تاريخه. فمن القدامى:

1 - القديس يوحنا الدمشقي:

وهو في طليعة من ألّف في الرد على المسلمين.

ولد حوالي سنة (675م)، وتوفي سنة 749م وهو من اُسرة كانت في أيامها شهيرة معروفة، فكان أبوه في خدمة الخلفاء الاُمويين، وله منزلة وحظوة عندهم، وكان هو نفسه من المقربين اليهم والمتصلين بهم، ومن الذين يستشيرونهم في مهمات الاُمور...!

وقد نسب يوحنا الإسلام الى الهرطقة(7)، وادعى أن الرسول أخذ علمه من رجل من أهل الكتاب، أو من رجل من الهراطقة الأريوسيين... وزعم أيضاً أن الرسول كان قد نظر في التوراة والانجيل، وأنه تعلم منها وتنبأ...! ويعد يوحنا الدمشقي ممهّد الجادة للمستشرقين المعروفين بتحاملهم على الإسلام، فأكثر ما يزعمونه ويذكرونه عنه هو مما كان قد قاله ودوّنه قبلهم بما يزيد على ألف عام(8).

2 - يوحنا بن بنكاية:

وقد تعرض لنزاع علي ومعاوية، وأثنى على معاوية كثيراً، وذكر أنه كان عادلا قديراً، انتشر الأمن في زمانه، وعامل النصارى معاملة طيبة!(9).

أما من المستشرقين المحدثين فأهمهم:

الأب لامنس:

قال عبدالرحمان بدوي: "مستشرق بلجيكي وراهب يسوعي شديد التعصب ضد الاسلام، يفتقر افتقاراً تاماً الى النزاهة في البحث والأمانة في نقل النصوص وفهمها. ويعد نموذجاً سيئاً جداً للباحثين في الإسلام من بين المستشرقين.

ولد في بلجيكا سنة (1862م)، وجاء الى بيروت في صباه، وتعلم في الكلية اليسوعية في بيروت، وبدأ حياة الرهبنة في سنة (1878م)، فأمضى المرحلة الاولى في دير لليسوعيين في قرية غزير في جبل لبنان طوال عامين، ثم قضى خمسة أعوام في دراسة الخطابة واللغات. وفي سنة (1886م) صار معلماً في الكلية اليسوعية ببيروت. وسافر الى إنجلترا والى لوفان، ووصل الى فيينا في (1896م)، وعاد الى بيروت سنة (1897م)، حيث عيّن معلماً للتاريخ والجغرافيا في كلية اليسوعيين. ولما أسس (معهد الدروس الشرقية) ضمن كلية اليسوعيين في (1907م)، صار فيه اُستاذاً للتاريخ الإسلامي، ولما توفي لويس شيخو في سنة (1927م)، خلفه لامنس على إدارة مجلة المشرق، وهي مجلة فصلية تصدر عن اليسوعيين في بيروت، ولهم مجلة دينية شعبية تبشيرية اُخرى تدعى (البشير)، وقد تولى لامنس إدارتها مرتين قبل ذلك بزمن طويل، مرة في سنة (1894م)، ومرة اُخرى من سنة (1900م) إلى (1903م).

وكان لامنس يكتب في هاتين المجلتين مقالات كثيرة، يكتبها بالفرنسية، ثم يتولى غيره ترجمتها الى العربية، وتنشر باللغة العربية، وتوفي لامنس في 23 أبريل (1937م).

وإنتاج لامنس يدور حول موضوعين:

ألف - السيرة النبوية.

ب - بداية الخلافة الاُموية.

لكن له إلى جانب ذلك كتب ودراسات حول موضوعات متفرقة في العقيدة الإسلامية، وتاريخ سوريا وآثارها، وفيما يلي ثبت بكتبه:

ألف - مصنفاته ومقالاته في السيرة النبوية:

1 ـ مهد الاسلام، 1914 م.

2 ـ مكة عشية الهجرة، بيروت 1923 - 1924م.

3 ـ مدينة الطائف العربية عشية الهجرة، بيروت 1922 م.

4 ـ غربي الجزيرة العربية قبل الهجرة، بيروت 1928 م، وهو مجموع من ست دراسات عن اليهود والنصارى قبيل الهجرة النبوية، وعن ديانات العرب قبل الإسلام، ويقع في 344 صفحة.

5 ـ المعابد قبل الإسلام في غربي الجزيرة العربية.

وهو في هذه الكتب الخمسة، إنّما يلخص أبحاث المستشرقين وعلماء الآثار والجغرافيا في هذه الموضوعات، وليس له أي إسهام أصيل، وفي ظل التمهيد بهذه الكتب التي تبيّن الوضع الجغرافي والديني والاقتصادي والاجتماعي للحجاز عامة، وللقريتين: مكة والطائف خاصة، كتب دراساته المتعلقة بالنبي (صلى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السلام) وتأريخ السيرة، وهي:

6 ـ القرآن والسنّة: كيف ألفت حياة محمد، بحيث ظهر في أبحاث في علوم الدين: ج 1 باريس 1910 م.

7 ـ هل كان محمد أميناً: أبحاث في علوم الدين: ج2 باريس 1911 م.

8 ـ عصر محمد وتاريخ السيرة: في المجلة الآسيوية 1911 م.

9 ـ فاطمة وبنات محمد: تعليقات نقدية لدراسة السيرة، روما (1912 م) ثم تناول مسألة خلافة النبي بعد وفاته، وذلك في كتاب بعنوان:

أ - الحكومة الثلاثية من أبي بكر وعمر وأبي عبيدة.

وفي هذه الكتب الأربعة، تحامل لامنس على السيرة النبوية تحاملا شديداً، زاعماً أن القرآن وحده هو المصدر الذي يعتمد عليه في بيان سيرة النبي، وأن كتب الحديث كلها موضوعة من أجل تحقق غايات معينة هي تمجيد حياة النبي (صلى الله عليه وآله).

وقد نهج في هذا نهج ليوني كايتاني، فلم يُقم لكتب الحديث وكتب السيرة أي وزن، وهو في هذا لا يسوق أي دليل نقلي أو عقلي، ولا يرجع الى مصادر اُخرى عن السيرة، بل هو يلقي الكلام جزافاً ويعتمد على تحكمات ذهنية استقرت حسب معان ذهنية سابقة، ولم يكن لديه اطّلاع باحث مثل جولدتسيهر، يحاول أن يستمد دعواه من مصادر اُخرى تلمودية أو هيلينية...الخ، بل راح يخبط دون أدنى سند أو برهان عقلي، وأبشع ما فعله، خصوصاً في كتابه (فاطمة وبنات محمد) هو أنه كان يشير في الهوامش الى مراجع بصفحاتها، وقد راجعت معظم هذه الإشارات في الكتب التي أحال إليها، فوجدت أنه إما أن يشير الى مواضع غير موجودة إطلاقاً في هذه الكتب، أو يفهم النص فهماً ملتوياً خبيثاً، أو يستخرج إلزامات بتعسف شديد يدل على فساد الذهن وخبث النية، ولهذا ينبغي ألاّ يعتمد القارئ على إشاراته الى مراجع، فإن معظمها تمويه وكذب وتعسف في فهم النصوص، ولا أعرف باحثاً بين المستشرقين المحدثين قد بلغ هذه المرتبة من التضليل وفساد النية.

ب - في تاريخ بداية الخلافة الاُموية: وعلى نحو مشابه درس لامنس أولوية الخلافة الاُموية، فصنف الكتب والدراسات التالية:

1 - دراسات عن حكم الخليفة الاُموي معاوية الأول، بيروت 1907 م.

2 - خلافة يزيد الأول، بيروت 1912 م.

3 - زياد بن أبيه والي العراق ونائب معاوية الأول 1912 م.

4 - معاوية الثاني أو آخر السفيانيين.

5 - دراسات عن عصر الاُمويين، بيروت 1930 م.

6 - مجيء المروانيين وخلافة مروان الأول.

وفي هذه الدراسات بالغ لامنس في تمجيد الاُمويين بدافع من الحقد الشديد على الإسلام، وفارق هائل بين ما قام به يوليوس فلهوزن في كتابه (الدولة العربية وسقوطها) من انصاف لمعاوية ولبعض الاُمويين من تحامل اقترفه المؤرخون المسلمون الذين كتبوا في العصر العباسي، وكانوا تبعاً لذلك متأثرين بكراهية العباسيين للاُمويين ومشايعين لرواية أهل العراق، وبين الاندفاع الأهوج عند لامنس في تبرير أبشع جرائم يزيد والاُمويين عامة...(10)

وهكذا نجد التطابق بين أهداف المستشرقين والزنادقة من أعداء الاسلام، وكذلك في أساليبهم، فكل طعن في الاسلام يقابله أيضاً تمجيد للاُمويين بشكل يدل على أن هذا التمجيد لبني اُمية إنما يستهدف في حقيقته هدم الاسلام، وإظهار الاُمويين وكأنهم هم الذين يمثلون وجهة نظر الاسلام، وصارت جهود هؤلاء تصب في المجرى الذي رسمه الاُمويون وفي مقدمتهم معاوية لتزييف الحقائق عن تاريخ الاسلام.

موقف الجمهور:

من الاُمور التي تبعث على الاستغراب حقاً، هو تمسّك جمهور المؤلفين المسلمين بالروايات الكاذبة التي دسّها الزنادقة في التاريخ الإسلامي، ورفض ما عداها بإصرار غريب، والادعاء بأن تلك الروايات هي (صحاح الاخبار) كما عبّر عنها القاضي ابن العربي!

ولا شك أن السياسة الاُموية كانت على درجة من الدهاء بحيث استطاعت طيلة ما يقرب من قرن من الزمان أن تبث إعلامها وتفرضه على المسلمين، حتى استقرت هذه المعلومات في أذهان العامة، وصارت تشكل المصدر الرئيس لمعارفه.

ولعل الأمر الذي يبعث على التساؤل هو: لماذا استمر هذا الخط الاُموي بعد انقراض دولتهم، والاطاحة بهم من قبل خصومهم العباسيين، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن أكثر المؤرخين الكبار قد دوّنوا موسوعاتهم التاريخية في العصر العباسي، وكيف سمحت السلطة العباسية بذلك؟

أن المؤرخين ـ أمثال الطبري - إنما اعتمدوا على ما وصلهم من مؤلفات ترجع اُصولها الى العصر الاُموي الذي بدأ فيه تدوين هذه الاُمور، فقاموا بنقلها كما هي عن مصادرها الاولى تلك. وهناك أمران آخران على جانب من الأهمية:

1 - إن المصالح السياسية العليا للدولة العباسية: وكل الدول التي جاءت بعدها- كانت تتفق تماماً مع مثيلاتها للدولة الاُموية، وإن استمرار هذا المنهج التاريخي كفيل بخدمة الدولة العباسية كما خدم الدولة الاُموية.

2 - إن الرأي العام الإسلامي الذي تشكل بفعل الاعلام الموجّه للدولة الاُموية طيلة ما يقرب من قرن من الزمان، قد ترسخ في الأذهان، وصار من الصعب تغييره، وقد تبنى هذا المنهج بعض المواضيع التي تدخل في صلب عقيدة المسلم، والتي تشكلت هي الاُخرى في بعض جوانبها نتيجة لهذه السياسة الإعلامية، ولعل أهم ما فيها هو: تقديس السلف الذي كان مقدمة لظهور مصطلح (عدالة الصحابة المطلقة.

ويمكننا ملاحظة عقيدة الجمهور من خلال أخذهم الأخبار من المصادر التي تتوافق -ولو ظاهرياً- مع هذه النظرة الاعلامية، ورفضهم لكل ما يخالف ذلك القصور. فنقرأ في ترجمة أبي مخنف لوط بن يحيى قولهم: شيعي محترق، صاحب أخبارهم!(11).

وبملاحظة عبارة (صاحب أخبارهم) تبين لنا أن المصدر الرئيس الذي يعتمده الجمهور ويأخذ منه الأخبار، هو الذي قد جاء عن طريق وسائل الاعلام الرسمية التي أسستها الدولة الاُموية، ودعمها رجال اللاهوت النصارى والمستشرقون المعاصرون والزنادقة الحاقدون على الإسلام، فأصحبت هي الأخبار المعتمدة عند الجمهور، وما عدا ذلك فهو ليس ممّا يعتمده الجمهور كمصدر لتناول الأخبار، بل هو من مصادر أهل البدع والأهواء. وقد لخّص بعض المؤلفين من القدامى والمحدثين هذه النظرية، وعبّروا عن رأيهم ذلك بكل صراحة ووضوح، فبعد أن يورد ابن كثير الدمشقي روايات الطبري عن طريق سيف، حول أحداث معركة الجمل، نجده يقول معلقاً:

هذا ملخص ما ذكره أبو جعفر بن جرير رحمه الله عن أئمة هذا الشأن، وليس فيما ذكره أهل الأهواء من الشيعة وغيرهم من الأحاديث المختلقة على الصحابة والأخبار الموضوعة التي ينقلونها بما فيها، وإذا دُعوا الى الحق الواضح أعرضوا عنه وقالوا: لنا أخبارنا ولكم أخباركم، فنحن حينئذ نقول لهم: سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين!!(12).

ولم يسلم من ربقة هذا الاتجاه الفكري حتى المؤلفين المعاصرين الذين يُفترض فيهم التعمق الأكثر في التراث لتوفر أدوات البحث بشكل أفضل في هذا العصر، ولكننا نراهم لا يتبعون إلاّ سبيلا واحداً، وهو مجاملة الرأي العام الذي تشكل منذ أربعة عشر قرناً وبقيت قناعاته مستمرة الى يومنا هذا.

يقول محمد قطب في معرض حديثه عن المناهج التاريخية الإسلامية:

هناك عيب رئيسي في تلك المناهج بصفة عامة، هو التركيز على التاريخ السياسي للمسلمين على حساب بقية مجالات الحياة الإسلامية: العقدية، الفكرية، والحضارية، والعلمية، والاجتماعية...الخ. ومما لا شك فيه أن التاريخ السياسي للمسلمين هو أسوأ ما في تاريخهم كله، فبصرف النظر عن المبالغات التي نشأت من الخلافات المذهبية وتلوينها لوقائع التاريخ، ككتابات الشيعة عن تاريخ أهل السنّة مثلا... فمما لا شك فيه أنه قد وقعت انحرافات كثيرة في المجال السياسي عن الخط الإسلامي الأصيل، وأن هذه الانحرافات قد وقعت في وقت مبكر من تاريخ الإسلام لم يكن ينبغي أن تقع فيه.

فمع اعترافه بوجود انحرافات خطيرة في تاريخ الإسلام في وقت مبكر، إلاّ أنه يحاول الايماء بأن المبالغات التي وقعت في هذا التاريخ قد جاءت من الشيعة، ولكنه لا يلتفت الى التشويه الذي تولاه الزنادقة لتخريب هذا التاريخ وإفساد عقائد المسلمين بتلك المعلومات المدسوسة.

وإنك لتجد معظم الباحثين المحدثين، ومن ذوي المستويات العلمية العالية، يتناولون أحداث التاريخ الإسلامي بحذر شديد، فيحومون حول القضية الجوهرية حتى يكاد بعضهم ينطق بالحقيقة! إلاّ أنه سرعان ما ينكص على عقبيه، معتذراً للجمهور بافتعال أعذار واهية لا تسمن ولا تغني من جوع، وما ذلك إلاّ لأن بعض المؤسسات الدينية التي ورثت هذه العقائد من قرون متطاولة، ترفض أي مناقشة لهذه المواضيع، وويل لمن يتجرأ على خرق هذا الحظر المفروض على الحقيقة. إن النظر دائماً الى التاريخ السياسي للمسلمين على أنه أسوأ ما في تاريخهم، خطأ جسيم، فالتاريخ السياسي للمسلمين هو جزء من عقيدتهم، ولكن المشكلة تكمن في كيفية تناول هذا التاريخ...!

____________

(1) تهذيب الكمال 17: 220.

(2) سير أعلام النبلاء 5: 326.

(3) سير أعلام النبلاء 5: 326.

(4) الأغاني 22: 21 أخبار خالد القسري.

(5)مصنف عبد الرزاق 5: 325.

(6) مصنف عبدالرزاق 5: 343 الفضائل لأحمد بن حنبل.

(7) الهرطقة عند النصارى: البدعة في الدين. المنجد في اللغة: 863.

(8) جواد علي: 25.

(9) جواد علي: 25.

(10) عبد الرحمان بدوي. موسوعة المستشرقين: 503.

(11) ميزان الاعتدال 3: 42، لسان الميزان 4: 492.

(12) البداية والنهاية 7: 175.

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





جامعة الكفيل تكرم الفائزين بأبحاث طلبة كلية الصيدلة وطب الأسنان
مشروع التكليف الشرعي بنسخته السادسة الورود الفاطمية... أضخم حفل لفتيات كربلاء
ضمن جناح جمعيّة العميد العلميّة والفكريّة المجمع العلمي يعرض إصداراته في معرض تونس الدولي للكتاب
جامعة الكفيل تعقد مؤتمرها الطلابي العلمي الرابع