المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 7456 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الحث على المشاورة والتواضع
2024-04-24
معنى ضرب في الأرض
2024-04-24
معنى الاصعاد
2024-04-24
معنى سلطان
2024-04-24
معنى ربيون
2024-04-24
الإمام علي (علي السلام) وحديث المنزلة
2024-04-24

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حجية العام بعد التخصيص وعدمها  
  
2529   12:52 مساءاً   التاريخ: 8-8-2016
المؤلف : محمد تقي البروجردي النجفي
الكتاب أو المصدر : نهاية الأفكار
الجزء والصفحة : ج1. ص.513
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث اللفظية /

قد اختلف كلماتهم في حجية العام المخصص في الزائد عن المقدار المعلوم من التخصيص وعدم حجيته، وتوضيح المقال يستدعى بيان اقسام صور التخصيص لكى يعلم ما هو محل الكلام وانه في أي قسم من اقسام فنقول: اعلم ان صور التخصيص على انحاء، من جهة ان المخصص اما ان يكون متصلا أو منفصلا، وعلى التقديرين تارة يكون مبينا بحسب المفهوم والمصداق كليهما، واخرى مجملا بحسب المفهوم، وثالثة يكون مبينا بحسب المفهوم دون المصداق، ورابعة بعكس ذلك.

ثم انه على تقدير الاجمال تارة يكون اجماله وتردده بين الاقل والاكثر، واخرى بين المتبائنين، ثم المخصص ايضا تارة يكون لفظيا واخرى لبيا، فهذه اقسام صور التخصيص وانحائه. وبعد ذلك نقول: اما إذا كان المخصص متصلا وكان مبينا بحسب المفهوم والمصداق ايضا كقوله: اكرم جميع العلماء أو كل عالم الا زيدا، فلا ينبغي الاشكال في حجية العام وجواز التمسك به في البقية، وذلك اما على القول بوضع هذه الاسامي لاستيعاب افراد ما يراد من المدخول فظاهر، فانه عليه لا يلزم المجازية ايضا في العموم بمقتضي التخصيص، حتى يقال بتردد الامر في المجازين بقية المراتب ولا تعين لمرتبة خاصة منها واما على القول الآخر من وضعها لاستيعاب المدخول لجميع ما يصلح للانطباق عليه من الافراد فكذلك ايضا، من جهة ان قضية التخصيص بالمتصل حينئذ وان كان هو الكاسرية لظهوره في الاستيعاب في جميع المراتب، فلا يكون له ظهور معه مع الاستيعاب لجميع ما ينطبق عليه المدخول من الافراد، ولكن نقول ببقاء ظهوره حينئذ على حاله بالنسبة إلى بقية المراتب الاخر، من جهة ان الخاص انما يمنع عن ظهور العام حينئذ بمقدار اقتضائه، وهو لا يكون الا المرتبة العالية، واما غيرها من بقية المراتب فتبقى على حالها من الظهور الذي يقتضيه العام. ولا نعنى بذلك ان هناك ظهورات متعددة بحسب المراتب، حتى يشكل بانه كيف ذلك مع انه لا يكون للفظ واحد الا ظهور واحد وارائة واحدة، ومع ارتفاعه بمقتضي احتفافه بالقرينة لا يبقى له ظهور آخر في بقية المراتب، بل وانما المقصود هو ان هذه الدلالة والظهور في استيعاب الافراد له مراتب عديدة وحدود كثيرة حسب التحليل العقلي ومن دون مدخلية لجهة الانضمام فيها، وان القدر الذي يقتضيه القرينة المتصلة من الكاسرية لظهوره انما هو كسر صولة ظهوره بالنسبة إلى تلك المرتبة العالية لا مطلقا حتى بالنسبة إلى بقية المراتب الاخر المندكة في ضمنه.

ومن المعلوم حينئذ انه بعد عدم مدخلية حيثية الانضمام في ارائته عن المراتب الاخر يتعين بقية المراتب الاخر بمقتضي ظهوره الوضعي أو الاطلاقي، فهو نظير الخط الطويل الذي قطع منه قطعة من حيث بقاء البقية بعد على حالها، على ما كانت عليها قبل قطع تلك القطعة، وان كان قد تبدل حده بحد آخر اقصر من الحد الاول، ونظيره المرآة التي وضعت لإرائة جماعة فوجد حائل في البين يمنع عن ارائتها لبعض منها، من حيث بقاء ارائتها على حالها بالنسبة إلى البقية، ففي المقام ايضا كذلك، حيث ان لفظ الكل مثل بمقتضي وضعه كان له الظهور في الاستيعاب بالنسبة إلى كل مرتبة مرتبة ولو في ضمن المرتبة العالية، وبعد انعدام ظهوره في المرتبة العالية بمقتضي القرينة المتصلة يتحدد ظهوره بمرتبة اخرى دون تلك المرتبة، لا انه ينعدم ظهوره من رأس حتى بالنسبة إلى بقية المراتب ايضا، وعليه فبعد بقاء ظهوره في بقية المراتب فلا مانع من التمسك بأصالة العموم في البقية فيما شك فيه في الخروج زائدا عن المقدار المتيقن، من دون احتياج حينئذ إلى اثبات تعين الباقي من باب اقرب المجازات، حتى يشكل بان المدار في الأقربية إلى المعنى الحقيقي ليس هو الأقربية بحسب الكم والمقدار وانما هو بحسب زيادة الانس، والا إلى اثباته ايضا من جهة اقتضاء عقد الاستثناء لذلك كما ادعى من دعوى ان الاستثناء، كما تكون قرينة صارفة عن ارادة المعنى الحقيقي، كذلك تكون قرينة معينة لتعين ما دون المرتبة العالية من بين المراتب، فان ذلك ايضا مبني على الالتزام بانعدام اصل الظهور بمجرد قيام القرينة المتصلة على العدم بالنسبة إلى المرتبة العالية، وهو كما ترى مما لا وجه له. ثم انه بعد ما عرفت من ظهور العام،  بعد التخصيص بالمتصل، في البقية فلا يهمنا البحث في ان استعمال العام حينئذ هل كان من معناه الحقيقي وهو الشمول لتمام افراد المدخول ام لا ؟ وان امكن ايضا دعوى كونه على نحو الحقيقة، بالفرق بين الارادة الجدية والارادة الاستعمالية، بتقريب كونه مستعملا ايضا حينئذ في معناه الحقيقي، وهو الشمول لتمام افراد المدخول، ولكنه في مقام الجد اريد منه ما عدا الفرد الخارج، ولكن الذي يسهل الخطب هو عدم الطريق  لإثبات هذه الجهة، كعدم الطريق ايضا  لإثبات المجازية.

واما اصالة الحقيقة فهي ايضا غير جارية، لعدم ترتب اثر عملي عليها بعد العلم بعدم كون المراد الجدي هو المعنى، كما هو واضح.

 هذا كله فيما لو كان المخصص متصلا وكان مبينا بحسب المفهوم والمصداق كليهما. واما لو كان مجملا بحسب المفهوم أو المصداق كقوله: اكرم العلماء الا الفساق منهم، وتردد الفاسق من جهة الشبهة في المفهوم بين المرتكب للكبائر أو عمومه لمرتكب الصغائر ايضا، أو من جهة الشبهة في المصداق بان تردد مصاديق الفاسق المبين المفهوم مثلا بين الخمسة والعشرة، فلا ينبغي الاشكال فيه ايضا في سقوط العام عن الحجية وعدم جواز التمسك به في المشتبه مفهوما أو مصداقا، من دون فرق في ذلك بين ان يكون التردد والاجمال بين الاقل والاكثر كما في المثال المزبور، أو بين المتبائنين كما في قوله: اكرم كل عالم الا زيدا، مع تردد الخارج من جهة الشبهة في المفهوم بين زيد بن عمرو بين زيد بن بكر، أو من جهة الشبهة في المصداق بين كونه هذا الشخص أو ذاك الشخص الآخر ولو مع تبين المفهوم فيه، كما لو علم بان الخارج هو زيد بن عمرو ولكنه تردد بين كونه هذا الشخص أو ذاك الآخر، حيث انه في جميع هذه الصور لا مجال للتمسك بالعام في المشتبه. وعمدة الوجه في ذلك انما هو من جهة سراية اجمال المخصص حينئذ إلى عموم العام، حيث انه باتصاله به يوجب كسر صولة ظهوره في العموم وتحديد دائرته بمقدار اقتضائه، وحينئذ فإذا فرض اجماله وتردده بين الاقل والاكثر أو المتبائنين فقهرا يسري اجماله إلى العام ايضا من جهة كونه من قبيل اتصاله بما يصلح للقرينية عليه، ومعه فلا يبقى له ظهور حتى يتمسك به فيما يشك كونه من افراد المخصص.

 نعم لا بأس بالتمسك به بالنسبة إلى ما يعلم خروجه عن دائرة الخاص من الافراد الاخر، فإذا شك في خروجها من جهة مخصص آخر يؤخذ بعموم العام بالنسبة إليها، هذا كله فيما لو كان الخاص متصلا بالعام. واما لو كان منفصلا عن العام ففيه ايضا يتأتى الصور المزبورة : فإذا كان الخاص مبينا بحسب المفهوم والمصداق كليهما فالحكم فيه كما في الخاص المتصل المبين بحسب المفهوم والمصداق، من حجية العام وجواز التمسك به في الباقي، بل الحكم فيه اوضح من فرض اتصال المخصص، وذلك من جهة استقرار الظهور حينئذ للعام وعدم انثلامه بقيام القرينة المنفصلة على الخلاف كما في الخاص المتصل، حيث ان غاية ما يقتضيه التخصيص بالمنفصل انما هو المانعية عن حجية ظهوره المستقر في العموم لاعن اصل ظهوره، وذلك بملاك اقوى الحجتين، ومن ذلك ربما يقدم ظهور العام على ظهوره فيما لو كان العام اقوى ظهور منه. وعلى ذلك فكان اللازم هو اتباع ظهوره في العموم في غير مورد قيام الحجة على الخلاف، وهو واضح. واما لو كان الخاص حينئذ مجملا بحسب المفهوم، فان كان الاجمال والتردد بين الاقل والاكثر، كما لو ورد انه يجب اكرام كل عالم، وورد بدليل منفصل انه لا يجب اكرام الفساق من العلماء ويحرم اكرامهم، وتردد الفاسق من جهة اجمال المفهوم بين المرتكب للكبائر أو الصغائر ايضا، ففي مثله يقتصر في الخروج عن العموم على المتيقن وهو المرتكب للكبائر، واما بالنسبة إلى المرتكب للصغائر فيؤخذ بالعموم،  والسر فيه، واضح، حيث انه بعد استقرار ظهور العام وعدم انثلامه بقيام القرينة المنفصلة على الخلاف لابد من الاخذ بظهور العام في المقدار الزائد عن المتيقن من التخصيص، من جهة رجوع الشك فيه حينئذ إلى الشك في اصل التخصيص، فان رفع اليد عن اصالة العموم حينئذ مع فرض اجمال المخصص طرح للحجة المعتبرة بلا وجه، هذا إذا كان الشك في خروج المشكوك وهو المرتكب للصغائر عن حكم العام ممحضا من جهة الشك في اندراجه تحت عنوان المخصص وهو الفاسق واقعا بحيث على تقدير عدم اندراجه تحته وفرض وضعه لخصوص المرتكب للكبائر يقطع بمشموليته لحكم العام. واما لو لم يكن الشك فيه ممحضا بذلك بل كان مما يشك فيه في مشموليته لحكم العام ولو على تقدير خروجه عن تحت عنوان المخصص واقعا، بحيث كان الشك في وجوب اكرامه من جهتين: تارة من جهة الشبهة الحكمية وانه على تقدير عدم كون المرتكب للصغائر مندرجا تحت عنوان الفاسق هل يشمله حكم العام ام لا بل كان خارجا ايضا عن حكمه، واخرى من جهة الشبهة المصداقية (1) وانه هل المرتكب للصغيرة فاسق ام لا بل الفاسق بحسب وضعه موضوع لخصوص مرتكب الكبيرة؟ ففي مثله بالنسبة إلى الشبهة الحكمية وهى الشبهة من الجهة الاولى لا اشكال في الاخذ بالعموم، نعم انما الكلام في جواز الاخذ به بالنسبة إلى الشبهة المصداقية، وهى الشبهة من الجهة الثانية، حيث انه قد يشكل في جواز التمسك بالعام من هذه الجهة، بتقريب ان الشبهة من تلك الجهة لم كانت في طول الشبهة من الجهة الاولى، فمع تطبيق اصالة العموم من الجهة الاولى ورفع الشك به من جهة الكبرى لا مجال لتطبيقها ثانيا من الجهة الثانية لرفع الشك به من جهة الصغرى، نظرا إلى ان الظهور الواحد لا يتحمل لتطبيقين طوليين، وحينئذ فمع فرض تطبيقه على اصل الكبرى يستحيل تطبيقه ثانيا على الصغرى. وهذا بخلافه في فرض تمحض الشك بالجهة الثانية وفرض العلم باندراجه في العام على تقدير كون الفاسق هو خصوص المرتكب للكبيرة فانه حينئذ كان لتطبيقه على تلك الجهة كمال مجال لأنه حينئذ لا يحتاج إلى تطبيقه في كبرى المسألة حتى يتوجه الاشكال المزبور، هذا، ولكن يمكن دفع الاشكال المزبور بما دفعناه به الاشكال المعروف في حجية الاخبار مع الواسطة، حيث انا لأشكال في المقامين واحد، والجواب عنه ايضا واحد، فراجع تلك المسألة وعليه فلا مجال للأشكال فيه من هذه الجهة فكان المتبع حينئذ هو اصالة العموم في غير مورد قيام الحجة الاقوى على الخلاف.

هذا كله إذا كان اجمال المفهوم من جهة تردده بين الاقل والاكثر.

واما لو كان اجماله من جهة تردده بين المتبائنين، ففي مثله يسقط العام عن الحجية بالنسبة إلى كل واحد من الخصوصيتين فلا يكون بحجة في واحدة منهما، وذلك فان العام حينئذ وان كان على ظهوره من دون سراية الاجمال إليه من الخاص المنفصل، لا انه لما كان يساوى ظهوره بالنسبة إلى كل واحد من زيدين اللذين يعلم بخروج احدهما عن تحته بمقتضي دليل المخصص، لا يكون بحجة فعلية في واحد منهما، فيصير بحكم المجمل من حيث السقوط عن الحجية نعم لا بأس بالأخذ بالعموم بالنسبة إلى ما عدا الفرد الخارج،  وهو الفرد الآخر المعين في الواقع، لكن بشرط ان يكون مما يحتمل دخوله في العام وخروجه عنه من جهة احتمال مخصص آخر لا نعلمه، والا فمع العلم بدخوله تحت العام وعدم مخصص آخر لا مجال لأصالة العموم بالنسبة إليه، من جهة انتفاء الشك الذي به قوام جريان دليل التعبد بالظهور، واما ثمرة ذلك فإنما هي دخول تلك الفرد الآخر بإجراء اصالة العموم فيه في العلم الاجمالي، فيحكم عليه بقواعده المقررة في محله. نعم قد يتوهم جواز التمسك بأصالة العموم حينئذ بالنسبة إلى كل واحد من الفردين المعلوم خروج احدهما بمقتضي الخاص المجمل، في مورد كان مفاد دليل الخاص هو نفى الالزام، كما لو كان مفاد العام هو وجوب الاكرام لكل واحد من العلماء وكان مفاد الخاص هو عدم وجوب الاكرام بالنسبة إلى زيد المردد بين زيد بن عمرو وزيد بن بكر،  نظير جريان الاصلين المثبتين في الطرفين في مورد العلم الاجمالي بنفي الالزام في احدهما، بتقريب ان مانعية العلم الاجمالي عن جريان الاصول في الطرفين انما هو من جهة استلزامها المخالفة العلمية للتكليف الفعلي المعلوم، والا فالعلم الاجمالي بنفسه لا يكاد يمنع عن جريان الاصول في الاطراف، من جهة ما تقرر في محله من اختلاف المتعلق فيهما، وكون المتعلق للعلم الاجمالي هو العنوان الاجمالي المعبر عنه بأحد الفردين واحد بالخصوصيتين، ومتعلق الشك هو كل واحد من العناوين التفصيلية، وحينئذ فبعد ان فرض عدم استلزامه لمحذور العلمية في المقام فلا جرم يجري اصالة العموم بالنسبة إلى كل واحد من زيدين وبمقتضاها يحكم بوجوب اكرام كل واحد منهما، كما كان هو الشأن ايضا في الاصلين المثبتين في مورد العلم الاجمالي بنفي التكليف. ولكنه توهم فاسد نظرا إلى الفرق الواضح بين المقامين حيث ان الامارات باعتبار حجيتها في مداليلها الالتزامية يمنع عن جريانها في اطراف العلم الاجمالي، بملاحظة انتهاء الامر فيها بهذه الجهة إلى التعارض كما في الخبرين القائمين احدهما على وجوب صلاة الجمعة يوم الجمعة والاخر على وجوب صلاة الظهر فيه، مع العلم بعدم وجوب الصلاتين على المكلف. وهذا بخلافه في الاصول فانها من جهة عدم حجية مثبتاتها لا يكاد انتهاء الامر فيها من نفس جريانها في اطراف العلم الاجمالي إلى التعارض كما في الامارات،  فمن ذلك لا بأس بجريانها والتعبد بها في كل واحد من اطراف العلم الاجمالي عند عدم استلزامه للمخالفة العملية للتكليف المعلوم. هذا مما افاده الاستاد في ابداء الفرق بين المقامين. ولكن اقول: بانه لا يحتاج في المنع عن جريان اصالة العموم في الطرفين إلى التشبث بمسألة المدلول الإلتزامي في الامارات، إذ مع الغض عن ذلك كان المجال ايضا للمنع عن جريان اصالة العموم في الطرفين، وذلك انما هو بدعوى ان عدم جريان اصالة العموم في الطرفين انما هو من جهة منافاة العلم الاجمالي عقلا مع قضية طريقية الامارات وكاشفيتها عن الواقع، من جهة انه مع العلم الاجمالي المزبور يقطع بمخالفة احد الطريقين للواقع، ومع هذا القطع يستحيل التعبد بهما في الطرفين للاستطراق إلى الواقع. وهذا بخلافه في الاصول فان حجيتها لما لم تكن من باب الطريقية والكاشفية عن الواقع، بل من باب التعبد المحض في ظرف الجهل واستتار الواقع، فامكن حينئذ التعبد بها في الطرفين في مورد العلم الاجمالي بالخلاف ما لم يلزم من جريانها المخالفة العملية للتكليف المعلوم في البين ، فتدبر.

 هذا كله فيما لو كان الخاص مجملا بحسب المفهوم واما لو كان اجماله بحسب المصداق مع تردده بين الاقل والاكثر ففي جواز التمسك بالعام فيما يحتمل كونه من افراد الخاص وعدم جوازه خلاف بين الاعلام، والاول وهو الجواز هو المنسوب إلى المشهور من قدماء الاصحاب، وربما فصل بين المخصص اللفظي واللبي بالجواز في الثاني دون الاول ولعله هو المشهور بين المتأخرين.

ولكن التحقيق كما ستعرف هو عدم الجواز مطلقا.

ثم ان غاية ما قيل في تقريب القول بالجواز هو دعوى وجود المقتضي وعدم المانع عنه.

 اما الاول فمن جهة شمول العام وانطباقه على المشكوك نظرا إلى استقراره ظهوره وعدم انثلامه بالتخصيص بالمنفصل.

واما الثاني فمن جهة ان ما نعيه الخاص ومزاحمته للعام انما كانت بمقدار حجيته، وحينئذ فإذا فرض عدم حجيته الا بالنسبة إلى ما علم كونه من افراده ومصاديقه دونه بالنسبة إلى ما شك كونه من افراده، فقهرا فيما اشتبه كونه من افراده يرجع إلى العموم فيحكم عليه بحكمه لعدم قيام حجة فيه على خلافه. وقد اورد عليه بان العام وان لم يرتفع ظهوره في العموم بواسطة الخاص المنفصل، ولا كان الخاص ايضا حجة فيما اشتبه كونه من افراده، فلا يكون خطاب لا تكرم الفساق دليلا على حرمة اكرام من شك في فسقه من العلماء من جهة الشك في اصل تطبيقه على المشكوك الا ان عدم جواز الاخذ بالعام حينئذ انما كان من جهة اقتضاء قضية التخصيص حتى في المنفصل لإحداث عنوان ايجابي أو سلبي في ناحية الافراد الباقية تحت العام الموجب لانقلاب العنوان المأخوذ في العام وهو العالم مثلا في قوله: اكرم كل عالم، عن كونه تمام الموضوع لوجوب الاكرام إلى كونه جزء الموضوع، من جهة صيرورة الموضوع حينئذ بعد ورود الدليل على حرمة اكرام الفساق من العلماء عبارة عن العالم المقيد بكونه عادلا أو غير فاسق، ومن الواضح على ذلك عدم جواز التمسك بالعموم في المشتبه كونه من افراد الخاص، لان الشك في كونه من افراد الفساق يلازم الشك في ذلك العنوان الايجابي أو السلبي المأخوذ في موضوع حكم العام، ومع هذا الشك فلا يكاد يصح التمسك فيه بالعام، من جهة كونه من التمسك بالعام مع الشك في اصل تطبيق عنوان العام على المورد هذا. ولكن فيه منع اقتضاء التخصيص كالتقييد لأحداث عنوان سلبي أو ايجابي في ناحية الافراد الباقية تحت العام، وقياسه بباب التقييد والاشتراط الموجب لتعنون الموضوع بوصوف وجودي ام عدمي مع الفارق جدا، فان شأن التخصيص سواء في المتصل أو المنفصل في قوله: اكرم العلماء الا زيدا أو عمرا، مثلا انما هو مجرد اخراج بعض الافراد أو الاصناف عن تحت حكم العام وتخصيصه بالأفراد الباقية، من دون اقتضائه لأحداث عنوان ايجابي أو سلبي في ناحية الافراد الباقية في مقام موضوعيتها للحكم، بل هذه الافراد الباقية بعد التخصيص كانت على ما كانت عليها قبل التخصيص في الموضوعية للحكم العام بخصوصياتها الذاتية، فهو أي التخصيص في الحقيقة بمنزلة انعدام بعض الافراد أو الاصناف بموت ونحوه، فكما ان خروج من مات منها لا يوجب تعنون الافراد الباقية بعنوان وجودي أو سلبي بل كانت الافراد الباقية على ما هي عليها قبل خروج من خرج بالموت من كونها تمام الموضوع للحكم، كذلك ايضا في التخصيص فلا يوجب ذلك ايضا احداث عنوان سلبي أو ايجابي في الافراد الباقية ولا تغيرا فيها في موضوعيتها للحكم بالانقلاب عن كونها تمام الموضوع إلى جزئه، ومجرد اختصاص حكم العام حينئذ في قوله: اكرم العلماء، بعد التخصيص، بغير دائرة الخاص من بقية الافراد أو الاصناف لا يكون من جهة تعنوان الافراد الباقية بعنوان خاص في مقام موضوعيتها للحكم، بل وانما ذلك من جهة ما في نفس الحكم من القصور الناشئ من جهة تضيق دائرة الغرض والمصلحة عن الشمول ثبوتا لغير الافراد الباقية، وهذا بخلافه في باب التقييد والاشتراط، حيث ان قضية التقييد بشيء تعنون موضوع الحكم بوصف وجودي ام عدمي غير حاصل قبل توصيفه به،  كما في قوله: اكرم العالم وقوله اعتق الرقبة، حيث انه بورود دليل التقييد بكونها مؤمنة ينقلب الذات عن كونها تمام الموضوع إلى جزء الموضوع، فيصير الموضوع عبارة عن الرقبة المقيدة بالأيمان، بنحو خروج القيد ودخول التقيد. وبالجملة فرق واضح بين باب التخصيص والتقييد حيث انه في الاول لا يكاد يكون قضية التخصيص الا مجرد اخراج بعض الافراد أو الاصناف عن دائرة موضوع العام الموجب لحصر حكم العام ببقية الافراد أو الاصناف من دون اقتضائه لتغيير في ناحية الافراد الباقية في مقام موضوعيتها للحكم، بخلاف الثاني حيث ان شأن دليل التقييد والاشتراط انما هو توصيف الموضوع بوصف خاص وجودي ام عدمي، وبذلك يوجب اخراجه عما عليه قبل التقييد من التمامية في الموضوع إلى جزئه، وعليه فنقول بانه لا مجال بعد هذا الفرق لمقايسة احد البابين بالآخر بوجه اصلا.

ثم انه مما يشهد لما ذكرنا من الفرق بين البابين اطباقهم على عدم التمسك بدليل المطلق في موارد الشك في مصداق القيد، كالشك في طهارة الماء واطلاقه، حيث لم يتوهم احد جواز التمسك حينئذ بإطلاق ما دل على جواز التوضي بالماء  لإثبات جواز الوضوء بما شك في طهارته أو اطلاقه، بخلاف موارد الشك في مصداق المخصص في العام، حيث ان فيها خلافا بين الاعلام بل المشهور من القدماء كما قيل على جواز التمسك بالعام.

ومن المعلوم انه لا يكون الوجه في ذلك الا ما اشرنا إليه من الفرق بين البابين، والا فلو كان مرجع التخصيص ايضا كالتقييد إلى احداث عنوان سلبي أو ايجابي في ناحية الافراد الباقية تحت العام لما كان وجه لاختلافهم في جواز الرجوع إلى العام في المقام مع اطباقهم على عدم جواز الرجوع إلى دليل المطلق عند الشك في مصداق القيد، كما لا يخفى.

 ثم ان هذا كله في بيان الفرق بين كبرى البابين بحسب مقام الثبوت.

واما بحسب مقام ا لإثبات واستظهار انه أي مورد من باب التخصيص واي مورد من باب التقييد والاشتراط فلابد في استفادة احد الامرين من المراجعة إلى كيفية السنة الادلة.

 وفي مثله نقول: بان ما كان منها بلسان الاستثناء كقوله: اكرم العلماء الا زيدا، فلا اشكال في انه من باب التخصيص حيث انه لا يستفاد من نحو هذا اللسان ازيد من تكفله لإخراج زيد عن العموم المزبور وحصر حكم العام بما عدا زيد من الافراد الاخر، كما ان ما كان منها بلسان الاشتراط كقوله: يشترط ان يكون كذا وان لا يكون كذا، أو بلسان نفى الحقيقة عند فقدان امر كذائي كقوله: لا صلاة الا بطهور ولا رهن الا مبغوضا، فلا اشكال ايضا في كونها من باب التقييد، واما ما كان منها بلسان لا تكرم الفساق من العلماء أو لا يجب اكرام الفساق منهم كما هو الغالب في التخصيصات بالمنفصل فهو قابل لكل الامرين حيث يصلح لان يكون من باب التقييد، فيقيد به العنوان المأخوذ في العام في قوله: اكرم العلماء، بكونهم عادلين أو غير فاسقين، كصلاحيته ايضا لان يكون من باب التخصيص الغير الواجب الا لحصر الحكم في قوله: اكرم العلماء بما عدا الفساق من الافراد الاخر، من دون اقتضائه لتعنون الافراد الباقية بكونهم عادلين أو غير فاسقين، وان كانوا في الواقع ملازمين مع العدالة قهرا، وحينئذ فقد يقال في مثله بدوران الامر بين رفع اليد عن احد الظهورين اما ظهور عنوان الموضوع في الاطلاق وام ظهور العام في العموم، وان المتعين في مثله هو رفع اليد عن ظهوره في الاطلاق مع الاخذ بظهوره في العموم بالنسبة إلى كل فرد من افراد العالم، ولا اقل من تصادم الظهورين، فتكون النتيجة حينئذ كالتقييد في عدم جواز التمسك بالعام عند الشك في مصداق المخصص. ولكنه مدفوع بمنع الدوران بينهما، فانه بعد القطع بخروج افراد الفساق عن دائرة حكم العام، وهو وجوب الاكرام، اما رأسا على التخصيص واما من جهة انتفاء القيد على التقييد، فلا جرم لا يترتب اثر عملي على اصالة العموم بالنسبة إليهم، حتى يجري العموم بلحاظه، ومعه فلا مجرى لأصالة العموم بالنسبة إلى كل فرد من العلماء حتى الفساق منهم، وحينئذ فمع عدم جريان اصالة العموم وسقوطها عن الحجية فقهرا تبقى اصالة الاطلاق فيه بلا معارض، ونتيجة ذلك قهرا هو التخصيص لا غير، كما هو واضح.

 وعلى كل حال فبعد ما اتضح وجه الفرق بين باب التخصيص وبين باب التقييد والاشتراط بحسب الكبرى، وكون التخصيص من قبيل انعدام بعض الافراد أو الاصناف بموت ونحوه في عدم اقتضائه لأحداث عنوان سلبي أو ايجابي في ناحية الافراد الباقية لكى ينقلب عن كونه تمام الموضوع للحكم إلى جزئه، ظهر لك عدم صحة ما افيد من التقريب المزبور في وجه عدم جواز التمسك بالعام في المشتبه كونه من افراد المخصص ومصاديقه، من دعوى عدم الجزم بانطباق عنوان الموضوع بعد تقييده على المورد، نظرا إلى الشك الوجداني حينئذ في جزئه الآخر وعدم صلاحية اصالة العموم لإحراز ذلك الجزء المشكوك، إذ نقول بان هذا التقريب يتم في فرض ان يكون التخصيص ايضا كالتقييد موجبا لتعنون عنوان العام بأمر وجودي أو عدمي، والا فعلى ما عرفت من الفرق بين البابين لا يكاد مجال لهذا الاشكال اصلا، حيث انه بعد عدم انقلاب عنوان العام عن كونه تمام الموضوع للحكم إلى جزء الموضوع فلا جرم اصل تطبيق العنوان على المورد عند الشك جزميا، وفي مثله يتجه الاستدلال المزبور للقول بالجواز، بتقريب انه بعد الجزم بانطباق عنوان العام على المورد واحتمال مطابقة ظهوره للواقع في الزائد عن الافراد المعلومة الفسق، ولو من جهة احتمال كونهم عدولا، يشمله دليل التعبد بالظهور الآمر بإلغاء احتمال الخلاف، فان المدار في التعبد بالظهور انما هو على مجرد احتمال مطابقة الظهور للواقع، وحينئذ فكما انه عند احتمال مطابقة الظهور للواقع في زيد العالم المشكوك فسقه وعدالته من جهة الشبهة الحكمية واحتمال خروج الفساق الداخل فيهم زيد على تقدير فسقه عن تحت حكم العام لأجل مخصص خارجي لا يعلمه المكلف تجري اصالة الظهور، وبمقتضاها يحكم بوجوب اكرام زيد المشكوك فسقه وعدالته، كذلك الامر فيما لو كان احتمال مطابقة الظهور للواقع من جهة الشبهة المصداقية واحتمال كون المشتبه عادلا في الواقع، فانه في مثله ايضا يشمله دليل التعبد بالظهور الآمر بإلغاء احتمال الخلاف. نعم في المقام بالنسبة إلى الشبهة الحكمية لما قام حجة اقوى على الخلاف يرفع اليد عن حجية ظهوره، واما بالنسبة إلى الشبهة المصداقية فحيث انه لم يعلم بمخالفة ظهوره للواقع من جهة احتمال كون المشتبه عدلا ولم تقم حجة ايضا على الخلاف من جهة فرض الشك في انطباق دليل الخاص على المورد فيؤخذ بظهوره ويحكم عليه بحكمه. واما توهم اختصاص حجية الظهور بما لو كان الشك في مخالفة الظهور للواقع من جهة الشبهة الحكمية دون الشبهة الموضوعية، بدعوى ان الرجوع إلى اصالة الظهور انما هو في الشبهات التي كان رفعها وازالتها من شأن المتكلم دون غيرها مما ليس من شأن المتكلم ازالتها، وبذلك ينحصر حجية الظهور في موارد الشبهات الحكمية، لأنها هي التي كان ازالة الشبهة فيها من وظائف المتكلم، ولا تعم الشبهات المصداقية، نظرا إلى عدم كون مثل هذه الشكوك مما ازالتها من شأن المتكلم حتى يصح الرجوع إلى الظهور في رفع الشبهة فيها، فمدفوع بانه وان كان الامر كذلك بالنسبة إلى كل شبهة شخصية على التفصيل،  ولكنه لا مانع من جعل امارة كلية لتميز الموارد وتشخيص حكم الصغريات، فان ذلك ايضا من شأن الشارع ووظائفه، كما في موارد اليد والبينة والسوق وغيرها. وبالجملة نقول بان ما افيد من عدم كون ازالة الشبهة في الصغريات من شأن الشارع ووظائفه، ان اريد ذلك بالنسبة إلى كل شبهة شخصية بنحو التفصيل فهو مسلم، ولكنه لا ينتج المطلوب من سقوط اصالة الظهور عن الحجية في الشبهات المصداقية،  من جهة عدم كون اصالة الظهور من هذا القبيل، وانما هي من قبيل جعل امارة كلية لتشخيص الصغريات وان اريد به خروج الشبهات الموضوعية كلية على الاطلاق عن موارد التمسك بالظهور، بدعوى عدم كون ازالة الاشتباه فيها من شأن الشارع ووظائفه على الاطلاق،  ولو بنصب امارة كلية عليها للمكلف لكى يرجع إليها عند جهله وتحيره فهو ممنوع جد بشهادة جعل البينة واليد والسوق ونحوها حجة عند اشتباه الموارد في الموضوعات، وعليه نقول: بان من الامارات الكلية ايضا لتميز الوارد وتشخيص حكم الصغريات عند الجهل والاشتباه اصالة العموم، فمتى تحتمل مطابقتها للواقع ولو من جهة الشبهة في المصداق،  ولم تقم حجة اقوى على خلافها يجب التعبد بظهوره والغاء احتمال الخلاف، هذا. ولكن مع ذلك فالتحقيق في المقام هو عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، إذ نقول: بان ما ذكر من التقريب المزبور للجواز مبنى على ان يكون مدار الحجية في الظهورات على الدلالة التصورية المحضة التي هي عبارة عن مجرد تبادر المعنى وانسباقه إلى الذهن من اللفظ عند سماعه الناشئ من جهة العلم بالوضع المجامعة مع القطع بعدم كون المتكلم في مقام الافادة والجد بالمراد ايضا، كما في الالفاظ الصادرة عن الساهي والنائم، حيث انه مع القطع بعدم كون الالفاظ في مقام الافادة والجد بالمراد يتبادر المعنى وينسبق إلى الذهن بمجرد سماع اللفظ، فعلى هذا المسلك يتجه التقريب المزبور للجواز من جهة تحقق موضوع الحجية وهو الظهور التصوري مع احتمال المطابقة للواقع،  والا فعلى ما هو التحقيق من كون مدارا الحجية في اصالة الظهور على الدلالة التصديقية والكشف النوعي عن المراد فلا يكون مجال لدعوى حجية اصالة العموم والظهور الا في موارد الشبهات الحكمية الناشئة من جهة احتمال مخالفة الظهور للواقع من جهة الشك في اصل التخصيص واصل القرينية، والوجه فيه واضح بعد معلومية تبعية حصول التصديق بالمراد من اللفظ قطعا أو ظنا لإحراز كون المتكلم بكلامه في مقام الافادة ومقام الجد بالمرام المتوقف ذلك على التفاته بجهات مرامه وخصوصياته، إذ حينئذ يختص حصول التصديق النوعي بالمراد من اللفظ بما إذا كان هناك غلبة نوعية على التفات المتكلم بجهات مرامه وخصوصياته، فيختص ذلك حينئذ بخصوص ما كان الشك في مخالفة الظهور للواقع من جهة الشبهة في الحكم الراجعة إلى الشك في التوسعة وتضييق دائرة مراد المتكلم. واما فيما عدا ذلك من موارد كون الشك في المخالفة من جهة الشك في مصداق المخصص فحيثما لا يكون هناك غلبة نوعية فيها على التفات المتكلم، بل ربما كان الامر بالعكس من حيث كون الغالب هو غفلة المتكلم وجهله بالحال، بشهادة ما نرى من وقوع التردد والاشتباه كثيرا للمتكلم في تطبيق مرامه على الصغريات، فلا يكاد حصول التصديق النوعي بالمراد حتى يكون مشمولا لدليل التعبد، فتكون نتيجته جواز الرجوع إلى العام في الشبهات المصداقية للمخصص، بل ولو قلنا بان مدار الحجية في الظهورات على الظهور الفعلي والدلالة التصديقية الفعلية كان الامر في عدم جواز التمسك بأصالة العموم عند الشك في مصداق المخصص اظهر، من جهة وضوح انتفاء الدلالة والتصديق الفعلي بالمراد مع تلك الغلبة النوعية على غفلة المتكلم وعدم التفاته في مقام التطبيق على الصغريات، وان كان اصل المبني مما يبعد الالتزام به، من جهة ما يلزمه من عدم حجية الظهورات في موارد قيام الظن الفعلي الغير المعتبر على الخلاف، وهو مما لا يمكن الالتزام به.

 وحينئذ فلابد من تنقيح هذه الجهة بان حجية اصالة العموم ونحوها هل هي من باب الظهور التصوري المساوق لتبادر المعنى من اللفظ وانسباقه إلى الذهن المجامع ولو مع الجزم بعدم كون المتكلم في مقام الافادة ومقام الجد بالمراد الواقعي، أو انه من باب الظهور التصديقي المفيد للظن بالمراد ولو نوعا وان لم يفده فعلا لمانع خارجي؟ وذلك بعد القطع بعدم كونه من جهة التعبد المحض، بشهادة بنائهم على عدم حجية الظهورات مع الاتصال بما يصلح للقرينية، بل ولا من باب الظن الفعلي بالمراد كم عليه بعضهم، بشهادة ما عرفت من بنائهم على عدم اضرار قيام الظن الغير المعتبر على الخلاف. فعلى الاول من كون مدار الحجية على الظهور التصوري المساوق لانسباق المعنى إلى الذهن، فلا محيص كما عرفت من القول بجواز التمسك بالعام فيما شك كونه من افراد المخصص ومصاديقه، نظرا إلى وجود المقتضي حينئذ للحجية وعدم المانع عنها، حيث انه بعد انطباق عنوان العام على المورد وعدم قيام حجة على الخلاف، نظرا إلى فرض عدم حجية الخاص بالنسبة إليه بلحاظ الشك في انطباق عنوانه عليه، فلا جرم يشمله دليل التعبد بالظهور الآمر بإلغاء احتمال الخلاف، من غير فرق في ذلك بين كون المخصص لفظيا أو لبيا. واما على الثاني: فلازمه كما عرفت هو المصير إلى عدم الجواز من جهة ما عرفت من اختصاص هذا المعنى أي افادة الظهور للتصديق النوعي بالمراد بما إذا كان هناك غلبة نوعية على التفات المتكلم وعدم غفلته عن جهات مرامه الملازم ذلك للاختصاص بما إذا كان الشك في مخالفة الظهور للواقع من جهة الشبهة الحكمية الراجع إلى الشك في التوسعة والتضييق في دائرة المراد الواقعي في كبرى الحكم، دون ما لو كان الشك في المخالفة والمطابقة من جهة الشبهة الموضوعية الراجعة إلى الشك في تطبيق الكبرى وما هو المراد الواقعي على المصاديق والصغريات، وذلك من جهة انتفاء تلك الغلبة النوعية فيهذا المقام، لوضوح انه لا غلبة نوعية على التفات المتكلم بتطبيق مرامه على المصاديق والصغريات لو لا دعوى كون الغلبة بالعكس، على ما نرى ونشاهد بالوجدان من غفلة المتكلم وجهله وتردده كثيرا في تطبيق ما هو المرام على المصاديق والصغريات، إذ حينئذ لا يكون مجال لدعوى جواز الاخذ بأصالة العموم فيما شك كونه من افراد المخصص ومصاديقه، حيث انه لا يكون اللفظ ظهور تصديقي ودلالة تصديقية ولو نوعية بالنسبة إلى الصغريات ومقام التطبيق على المصاديق، حتى يشمله دليل التعبد من هذه الجهة، ففي الحقيقة عدم حجية اصالة العموم فيما شك كونه من افراد المخصص كان من جهة عدم المقتضي للتعبد، وهو الظهور التصديقي، لا من جهة وجود المانع، حتى يدفع بان دليل المخصص لما كان تطبيقه على المورد مشكوكا لا يكون له صلاحية للمانعية عن التمسك بالعموم، ولئن شئت قلت بان عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية انما هو من جهة الشك في انطباق عنوان العام بما هو حجة على المورد، حيث انه بعد اقتضاء الدليل المخرج لقصر حكم العام في قوله: اكرم العلماء على ما عدا الفساق مثلا، فقهرا عند الشك في كون المورد من مصاديق الفساق الخارج عن دائرة موضوع حكم العام يشك في انطباق ما هو المراد الواقعي على المورد، وفي مثله لا يبقى مجال لتوهم جواز الرجوع إلى العام في المشتبه كما هو واضح، وحيث ان التحقيق في المسألة كما حقق في محله هو الثاني من كون مدار الحجية في الظهورات على الدلالة التصديقية لا الدلالة التصورية المساوقة لانسباق المعنى إلى الذهن، فلا جرم كان الاقوى هو عدم جواز التمسك بالعام فيما شك في كونه من افراد المخصص ومصاديقه، بل وكذلك الامر فيما لو شك في ذلك ولم يحرز من طريقة العقلاء ان مدار الحجية على الظهور التصوري أو الظهور التصديقي، حيث انه بعد ما لم يكن في البين اطلاق لفظي، نظرا إلى كون الدليل عليه هو السيرة وبناء العقلاء، فلابد من الاخذ بما هو الاخص وهو الدلالة التصديقية المعبر عنها بالظهور النوعي، من جهة كونه هو القدر المتيقن من بناء العقلاء على الاخذ بالظهورات، ومقتضاه كما عرفت هو لزوم المصير إلى عدم جواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، من غير فرق في ذلك بين كون المخصص لفظيا ام لبيا، لان مناط عدم الجواز انما هو انتفاء الدلالة التصديقية،  وعليه لا يفرق بين كون الخاص لفظيا ام لبيا، كما انه على المسلك الاول في حجية اصالة الظهور ايضا لا يفرق بين لفظية المخصص ولبيته، من جهة ما عرفت من جواز التمسك بالعام على هذا المسلك ولو مع كون المخصص لفظيا.

وحينئذ فالتفصيل بين فرض كون المخصص لفظيا وبين كونه لبيا كما عن بعض ساقط على كل حال. بل اللازم على المسلك الاول في حجية اصالة الظهور هو المصير إلى الجواز مطلقا حتى في المخصص اللفظي، كم ان اللازم على المسلك الثاني هو المصير إلى عدم الجواز كذلك حتى في المخصص اللبي. ثم انه مما ذكرنا ظهر ايضا عدم صحة التشبث بقاعدة المقتضي والمانع  لإثبات حكم العام في المشكوك، بتقريب ان العام المنفصل عنه المخصص من جهة ظهوره واستقرار دلالته النوعية على المراد كان فيه اقتضاء الحجية وان الخاص المنفصل انما كان يزاحم حجيته في مقدار دلالته لا اصل ظهوره وحينئذ فعند الشك في فرد في كونه من مصاديق الخاص وعدمه يؤل إلى الشك في جود المزاحم وعدمه مع القطع بوجود المقتضي للحجية، وهو الظهور، وفي مثله لابد بحكم العقل من الجري على طبق المقتضي إلى ان يظهر الخلاف، كما كان هو الشأن ايضا في كل واجب احتمل مزاحمته مع اهم منه كالصلاة والازالة مثلا، فكما انه هناك لا يعتنى باحتمال وجود المزاحم بل يجري على طبق المهم ويحكم بوجوب الاتيان به كذلك في المقام ايضا، ففي المقام ايضا كان المقتضي للحجية وهو الظهور والدلالة النوعية متحققا وانما الشك في وجود المزاحم بالنسبة إلى المشكوك، فلابد من الجري على طبق المقتضي والحكم على المشكوك بحكم العام إلى ان ينكشف الخلاف، حيث لا فرق بين المقامين، غير ان المزاحمة هناك كانت في الحكم الفرعي وفى المقام في الحكم الاصولي وفي مرحلة الحجية. وجه الفساد يظهر مما عرفت من المسلكين في وجه حجية اصالة الظهور، إذ نقول: بانه على المسلك الاول من كفاية مجرد الظهور التصوري في التعبد والحجية فان المقتضي للحجية وهو الظهور وان كان متحققا، ولكنه بعد عدم حجية الخاص في المشكوك من جهة الشك في انطباق عنوانه عليه يقطع بعدم المزاحم له، ومع القطع بعدم المزاحم لا يكاد ينتهى النوبة إلى القاعدة المزبورة بوجه اصلا، كما لا يخفى.

واما على المسلك الثاني من عدم كفاية مجرد الظهور التصوري في التعبد والحجية واحتياجها إلى الظهور التصديقي ولو نوعا فلا تحقق للمقتضي حينئذ حتى ينتهى الامر إلى القاعدة، من جهة ما عرفت من انه لا يكون حينئذ للعام ظهور ودلالة تصديقية بالنسبة إلى مقام التطبيق على المصاديق والصغريات حتى يشملها دليل التعبد والحجية، فعلى كل من المسلكين لا مجال للقاعدة المزبورة بوجه اصلا، كما لا يخفى.

تنبيه لا يخفى عليك ان المرجع بعد سقوط العام عن الحجية فيما شك كونه من مصاديق الخاص لفظيا أو لبيا انما هو الاصول العملية وحينئذ لو كان هناك اصل حكمي من استصحاب وجوب أو حرمة ونحوه فلا اشكال، واما الاصل الموضوعي فيبتنى جريانه على ما تقدم من المسلكين في التخصيصات من ان قضية التخصيص هل هي كالتقييد في اقتضائه لأحداث عنوان ايجابي أو سلبي في الافراد الباقية بعد التخصيص الموجب لتقيد موضوع الحكم في نحو قوله: اكرم كل عالم، بالعالم العادل أو العالم الغير الفاسق، ام لا ؟ بل وان قضيته مجرد اخراج بعض الافراد أو الاصناف عن تحت حكم العام الموجب لقصر حكم العام ببقية الافراد أو الاصناف من دون اقتضائه لإحداث عنوان ايجابي أو سلبي في موضوع حكم العام في الافراد أو الاصناف الباقية، وان فرض ملازمة تلك الافراد الباقية بعد خروج الفساق مثلا من باب الاتفاق مع العدالة أو عدم الفسق. فعلى المسلك الاول لا بأس بجريان الاصل الموضوعي في المشتبه حيث يجرز به كونه من افراد العام، فيحكم عليه بحكمه بعد احراز جزئه الآخر وهو العالمية بالوجدان، نظير سائر الموضوعات المركبة التي يحرز بعضها بالأصل وبعضها بالوجدان، ففي المقام ايضا إذا جرى استصحاب العدالة أو عدم الفسق في الفرد المشكوك فبانضمام الاحراز الوجداني للجزء الآخر وهو العالمية يحرز ما هو موضوع حكم العام وهو العالم العادل أو العالم الذي لم يكن فاسقا فيحكم عليه بحكمه.

 واما على المسلك الثاني الذي هو المختار فلا مجال لجريان الاصل الموضوعي المزبور من جهة عدم ترتب اثر شرعي عليه حينئذ فانه على هذا المسلك لا يكون لمثل هذه العناوين دخل في موضوع الحكم والاثر ولو على نحو القيدية حتى يجري فيها استصحابها، بل وانما موضوع الاثر حينئذ عبارة عن ذوات تلك الافراد الباقية بخصوصياتها الذاتية من دون طرو لون عليها من قبل دليل المخصص، غاية الامر هو اقتضاء خروج افراد الفساق مثلا لملازمة الافراد الباقية بعد التخصيص عقل مع العدالة أو عدم الفسق، ومن المعلوم في مثله حينئذ عدم اجداء قضية استصحاب العدالة أو عدم الفسق للمشكوك  لإثبات كونه من الافراد الباقية الملازمة مع عدم الفسق، الا على القول بالمثبت، وحينئذ فعلى هذا المسلك لابد من الرجوع في المشكوك إلى الاصول الحكمية الجارية فيه من استصحاب وجوب أو حرمة أو غيرهما، والا فلا مجال للتشبث بالأصول الموضوعية لاندراج المشكوك فيه من موضوع العام والحكم عليه بحكمه نعم لو كان مفاد الدليل الخاص نقيضا لحكم العام كما لو كان مفاد العام وجوب اكرام العلماء وكان مفاد الخاص عدم وجوب اكرام الفساق من العلماء ففي مثله امكن اثبات وجوب الاكرام الذي هو حكم العام بمقتضي استصحاب عدم الفسق، من جهة انه باستصحابه يترتب عليه نقيض اللاوجوب الذي هو عبارة عن وجوب الاكرام. وهذا بخلافه في فرض كون مفاد الخاص عبارة عن حرمة الاكرام التي هي ضد لحكم العام، حيث انه في مثله لا يكاد يمكن اثبات وجوب الاكرام باستصحاب العدالة أو عدم الفسق لان غاية ما يقتضيه الاصل المزبور حينئذ انما هو عدم حرمة اكرام الفرد المشكوك لا وجوب اكرامه الا على النحو المثبت كما هو واضح.

 بقى الكلام جواز التمسك بعموم العام لإخراج ما شك في كونه من مصاديق العام عن تحت العام مع القطع بخروجه عن حكمه وعدم جوازه واختصاصه بما لو كان الشك في خروج فرد عن حكم العام بعد القطع بفرديته له، حيث ان فيه خلافا بين الاعلام، ولكن التحقيق هو عدم الجواز، نظرا إلى انه لا يكون لنا دليل لفظي على الحجية حتى يصح الاخذ بأطلاقه في مثل المقام، حيث ان العمدة في الباب انما هي السيرة وبناء العقلاء، وبعد عدم العلم باستقرار بنائهم على حجية اصالة العموم في مثل المقام لابد من الاقتصار على ما هو المتيقن منها، وهو لا يكون الا في موارد الشك في خروج ما هو من افراد العام ومصاديقه قطعا عن حكم العام، ومن العجب ان صاحب الكفاية (قدس سره) مع اشكاله في المقام (2) ومنعه عن جواز التمسك بالعام فيما شك في كونه من افراد العام بمنع قيام السيرة على التمسك بأصالة العموم مطلقا تمسك به في مسألة الصحيح والاعم (3) حيث استدل  لإثبات الوضع لخصوص الصحيح بعموم الدلالة المثبتة للآثار من نحو قوله (عليه السلام ) : الصلاة معراج المؤمن، وانها قربان كل تقي، وانها تنهى عن الفحشاء والمنكر، بتقريب دلالتها بعكس النقيض على ان كل ما لا يكون معراج المؤمن وناهيا عن الفحشاء والمنكر فليس بصلاة ، فراجع. وعلى كل حال فالتحقيق في المسألة كم عرفت هو ما افاده (قدس سره) في المقام من عدم الحجية الا في موارد الشك في الخروج عن العام حكما مع اليقين بدخوله فيه موضوعا.

___________

1 ـ مراده : بحسب الظاهر من الشبهة المصداقية هي الشبهة المفهومية في المخصص ـ كما يشهد به تفسيره لها بقوله وانه هل المرتكب للصغيرة فاسق أم آه وحيث كان مرجع هذه الشبهة أن يشك في مصداقية المرتكب للصغيرة لعنوان الفاسق عبر عنه بالشبهة المصداقية وكيف كان فهو على خلاف الاصطلاح الشايع [ المصحح عفى عنه ].

2 ـ ج 1 ص 350.

3 ـ ج 1 ص 45.

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.


جامعة الكفيل تكرم الفائزين بأبحاث طلبة كلية الصيدلة وطب الأسنان
مشروع التكليف الشرعي بنسخته السادسة الورود الفاطمية... أضخم حفل لفتيات كربلاء
ضمن جناح جمعيّة العميد العلميّة والفكريّة المجمع العلمي يعرض إصداراته في معرض تونس الدولي للكتاب
جامعة الكفيل تعقد مؤتمرها الطلابي العلمي الرابع